أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد بسام العمري - إلى التي كانت نُورَ النصفِ قرن














المزيد.....

إلى التي كانت نُورَ النصفِ قرن


محمد بسام العمري

الحوار المتمدن-العدد: 8511 - 2025 / 10 / 30 - 01:31
المحور: الادب والفن
    


هذي أنا، يا ظلَّها العابقَ في المدى،
شيخٌ من دموعٍ يكتبُ على ترابِ المساءِ أسماءَ الراحلين.
منذُ ثلاثَ عشرةَ سنةٍ وأنا أوقِدُ قلبي في سراديبِ الغياب،
أتلو على رمادِها سورةَ الوصلِ الأولى،
فلا ينزلُ المطرُ، ولا يزهرُ النسيانُ على ضفّتي.
يمرُّ الزمانُ عليّ متثاقلًا،
كشيخٍ ضريرٍ يتحسّسُ طريقَهُ بعصا الندم.
كم مرَّ عامٌ، وأعوامٌ ناحلةٌ تمشي على عكّازِ الذكرى،
وأنا أرى وجهَها في المرايا يفيضُ،
ثم يختفي كأنَّه صلاةُ الفجرِ عند حدودِ الغيم.
يا الله،
كيف يمضي النصفُ قرنٍ من البهاء،
ويظلُّ قلبي في أولِ الدرسِ،
يتلعثمُ باسمِها كما يتلعثمُ طفلٌ بنورِ الأبجديّة؟
كانت السماءُ إذا ابتسمت، تشبهُ عينيها،
وكان المساءُ إذا ذكَرَها، يتورّدُ كأنَّه خجلان.
كانت النورَ في أيّامي، والندى في نبضي،
وكانت الرّوحُ إذا ناداها الوجدُ، طارتْ إليها كحمامةٍ بلا جناح.
فيا نصفَ قرني الضائعَ في ضوءِها،
يا حديقةَ العمرِ التي ذبُلَتْ ولم تمت،
إنّي ما نسيتكِ،
وإنّي منذُ ثلاثَ عشرةَ سنةٍ أزرعُ الوداعَ في كلِّ فجرٍ،
وأرميه على قبرِ الأملِ كزهرةٍ لا تعرفُ الذبول.
يا روحَها،
سنلتقي — هناك، حيثُ لا يُتعبُنا الفراق،
ولا تُؤذي الأرواحَ خطايا الجسد.
سنلتقي، وحين نلتقي، سأعانقُكِ بقلبي الذي لم يبرد،
وأقولُ كما قلتُ في صمتي الطويل:
بخٍ لكِ يا النورُ القديم،
لقد كانَ البكاءُ لي وطنًا،
وكانَ رحيلُكِ صلاةً لم تكتمل.
فارقدي الآنَ في نعيمِ غيابِك،
واتركي لي هذا العذابَ الجميل،
أحملهُ إلى آخرِ أنفاسي،
حتى إذا جئتُكِ —
عرفتِ أنّي ما خنتُ وعدَ الضوء،
ولا ضيّعتُكِ في الزمان،
بل كنتِ أنفاسي التي أتنفّسُها،
في كلِّ ليلٍ من حنينٍ لا ينتهي.

وهأنذا يا الله،
أقفُ على عتبةِ الرحيلِ الأخيرة،
أحملُ قلبي بين كفَّيَّ كطفلٍ نائمٍ في حضنِ الغياب.
لم أعد أطلبُ سوى أن أعودَ إليك بها،
كما خُلِقَتْ — طاهرةً من شوائبِ الأرض،
مضيئةً من وهجِ العشق،
تسعى إليك كما تسعى القطرةُ إلى بحرها الأول.
يا من جمعتَ الأرواحَ في مقامِ النور،
إنْ كانَ لها في الخلودِ مكان،
فاجعلني ظلَّها هناك،
أطوفُ حولَ وجهِها كما تطوفُ الملائكةُ حولَ السرِّ،
وأقولُ:
يا من أحببتُ بها، عرّفني عليكَ بها.



#محمد_بسام_العمري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -من رحم الشدائد تولد العظمة-
- حينَ تاهَ العُشّاقُ بينَ الزمانِ والحنين
- تاريخ النقد الأدبي والفلسفي في الثقافات العربية والغربية
- أدب الأطفال كوسيلة للتكيف مع التحديات المستقبلية
- -التجريب والاستكشاف: مفتاح الإبداع لدى الأطفال-
- تأثير الجمال على السلوك الأخلاقي بين الأديان والفلسفة
- الشهداء يصرخون ....... إننا قادمون
- -تأملات فلسفية في تجربة العشق والإنسانية-
- المرأة: الكينونة التي تلد المعنى — قراءة فلسفية وجمالية عبر ...
- -حين تبدأ العقارب من جديد: ولادة تحت الأنقاض-.
- -أجزاء من الدجاج تهدد صحتك-
- إسهامات رواد القصة القصيرة
- مقامة الكتابة بين السراج والسراب
- حين تزهر الروح في ضوء الفجر
- نشأة القصة القصيرة وتطورها التاريخي
- كيف ينظر الحمير إلى انحدار الأخلاق البشرية؟-
- الثوم بين الفائدة والضرر: مراجعة علمية لأبرز أضراره وتأثيرات ...
- تفكك القيم الأخلاقية في العصر الحديث: مقاربة تحليلية بين الد ...
- الحلم العربي
- -وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ-


المزيد.....




- كلاكيت: الذكاء الاصطناعي في السينما
- صدر حديثا. رواية للقطط نصيب معلوم
- أمستردام.. أكبر مهرجان وثائقي يتبنى المقاطعة ويرفض اعتماد صن ...
- كاتب نيجيري حائز نوبل للآداب يؤكد أن الولايات المتحدة ألغت ت ...
- إقبال كبير من الشباب الأتراك على تعلم اللغة الألمانية
- حي الأمين.. نغمة الوفاء في سيمفونية دمشق
- أحمد الفيشاوي يعلن مشاركته بفيلم جديد بعد -سفاح التجمع-
- لماذا لا يفوز أدباء العرب بعد نجيب محفوظ بجائزة نوبل؟
- رئيسة مجلس أمناء متاحف قطر تحتفي بإرث ثقافي يخاطب العالم
- رئيسة مجلس أمناء متاحف قطر تحتفي بإرث ثقافي يخاطب العالم


المزيد.....

- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور
- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد بسام العمري - إلى التي كانت نُورَ النصفِ قرن