أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حكمت الحاج - حينما يفكر المعلم في لحن شارد: مرثية إلى زياد














المزيد.....

حينما يفكر المعلم في لحن شارد: مرثية إلى زياد


حكمت الحاج

الحوار المتمدن-العدد: 8508 - 2025 / 10 / 27 - 16:47
المحور: الادب والفن
    


حينما يفكّر المعلم في لحن شارد..
زياد في مرثية شاعر عراقي
بقلم: حكمت الحاج* _
برحيل زياد الرحباني، لا يغيب فنان عظيم فحسب، بل يغيب وجهٌ من وجوه الوعي العربي الحديث. زياد، ذلك العازف والموسيقار والمغني اللبناني الذي ابتكر مزاجًا موسيقيًا فريدًا سمّاه «الجاز الأورينتال»، فجمع فيه بين نبض الجاز الغربي وروح المشرق العربي، بين السخرية اللامبالية والوجدان العميق. ابن فيروز وعاصي الرحباني، لكنه في الوقت نفسه ابن الشارع البيروتي، ابن المقهى والرصيف والمسرح والإذاعة، الذي جعل من الموسيقى لغة يومية للناس، ومن الفن مساحةً للتفكير في معنى أن نعيش وسط الفوضى.
القصيدة التي بين أيدينا لا ترثي زياد مباشرة، بل تضعه في مشهد رمزيّ هادئ: “المعلم” يجلس قرب باب بيته القديم، الحمار خلف العربة، الطنبور نائم منذ أسبوع، والبندقية باردة تنتظر لحنًا شاردًا. كل شيء ساكن، لكن خلف هذا السكون يشتغل صدى العالم كما لو أنّ الموسيقى نفسها توقفت لتفكر في مصيرها. من خلال هذه التفاصيل الصغيرة، يعيد الشاعر حسين علي يونس تشكيل صورة زياد الرحباني بوصفه أيقونةً ثقافية أكثر من كونه موسيقيًا، رمزًا للزمن الذي كان الفن فيه طريقةً في التفكير، والحنين نوعًا من النقد، والموسيقى شكلًا من أشكال المقاومة.
لم أقرأ أبدا وداعا لعظيم بهذا الشكل، رغم كثرة من كتب، وكثرة ما كتب عن رحيل زياد. أنت تحتار أمام قصيد مثل هذا، هل أنت تقرأ نعيا لراحل، أم مدحا لمقيم، أم وداعا دافئا، أم ذكريات حنين لا ينضب؟ لقد استطاع الشاعر العراقي حسين علي يونس أن يوجز حضور زياد الرحباني كله في هذه القصيدة القصيرة. "المعلم زياد"! ياااه، ما أقوى هذه العبارة! يمر أحدهم قائلا: كيف حالك يا معلم؟ بينما المعلم زياد يفكر في فيروز والبندقية المعلقة على الحائط، والطنبور النائم منذ أسبوع. لطالما استبعد المعلم، مثل أبيه عاصي الرحباني، العود من التخت الشرقي، واستبدله بالطنبور، رمز الشعب وآلته الأثيرة، فيأتي الشاعر بجرة قلم ليعيد الاعتبار للجميع.
في بساطة لغتها وهدوء نبرتها، تحمل هذه القصيدة طابعًا تأمليًا عميقًا. فهي لا تبكي زياد، بل تُنصت معه، إلى العالم بعد غيابه. إلى تلك اللحظة التي يصبح فيها الفن صمتًا متفكرًا، واللحن طائرًا نادرًا لا يُصطاد إلاّ في الحلم. بهذه الروح يقدّم الشاعر تحيةً خفيّة لمعنى “المعلم” الذي لم يتوقف عن تعليمنا أن الموسيقى ليست ترفًا، بل طريقة في العيش، وأنّ الصمت ـ أحيانًا ـ أصدق ألحان الوداع.


* إلى زياد الرحباني ..
قصيدة الشاعر العراقي: حسين علي يونس _

عندما تضعُ الحمارَ خلف العربة،
لا تطلبْ منه أن يجرَّها.
يقول "المعلم زياد" لصاحب العربة
الذي يجلس قرب باب بيته القديم.
يترك العربةَ والحصانَ الذي غيّرَ وظيفتَه،
ويفكّر بفيروز،
وبطنبوره الذي ينام منذ أسبوعٍ
كالحمامة في العشّ.
يمرّ أحدهم قائلًا: - "كيفك يا معلم"؟
المعلم يضع بندقيته،
ويفكّر في الأيام التي تمطر،
يتأمل بندقيته،
وينتظر أن يصيد لحنًا شاردًا.



#حكمت_الحاج (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النص اليتيم وتداعياته
- قسطنطين كافافي في قصيدتين لهُ نُشرتا بعد وفاته
- دعاء الطلسم
- أروندهاتي روي وزيرة للسعادة القصوى والحداثة الفائقة
- في انتظار جائزة نوبل للآداب لهذا العام 2025..
- ما هو الله؟ خمس ترجمات لقصيدة واحدة
- ثلاثية الجنوب
- قبل موعد القتل بقليل
- مولع بفتغنشتاين
- داس كابيتال
- أنا نقطة في بحرك
- يناير 1904 قصيدة لقسطنطين كافافي نشرت بعد وفاته
- سبتمبر: قصيدة مترجمة لكافافي
- أربع أغنيات
- ما هو الله: قصيدة لفريدريتش هولدرلين
- سأريك الأمل في حفنة طين
- الأمل طائر الروح
- السر الأعظم أو سِرِّ الأَسرار الرواية المنتظرة من دان براون
- ست قصائد للشاعرة دوروثي باركر مع تقديم
- لماذا يجب عليك قراءة المزيد من الشعر 1-3


المزيد.....




- -في حديقة الشاي- لبدوي خليفة.. رواية تحاكي واقعا تاريخيا مأز ...
- -أوبن إيه آي- تدرس طرح أداة توليد موسيقى
- محمد بن راشد يفتح -كتاب تاريخ دبي-.. إطلاق -دار آل مكتوم للو ...
- حبيب الزيودي.. شاعر الهوية والوجدان الأردني
- -ذهب أسوان-..هكذا تحوّل فنانة واجهات المباني إلى متحف مفتوح ...
- الشاعرة الفلسطينية بتول أبو عقلين تكشف عن أسرار تجربتها الشع ...
- المفكر اللبناني خالد زيادة: لم تعد أوروبا مصدرا للأفكار الكب ...
- الهيئة الاتهامية في لبنان تُسقط تهمتين بارزتين ضد الفنان فضل ...
- القضاء اللبناني يتجه لإسقاط تهم بارزة في قضية الفنان فضل شاك ...
- مكتبة حدودية تترجِم سياسات ترامب بعدما جسّدت الوحدة الأميركي ...


المزيد.....

- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور
- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حكمت الحاج - حينما يفكر المعلم في لحن شارد: مرثية إلى زياد