أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حكمت الحاج - قسطنطين كافافي في قصيدتين لهُ نُشرتا بعد وفاته














المزيد.....

قسطنطين كافافي في قصيدتين لهُ نُشرتا بعد وفاته


حكمت الحاج

الحوار المتمدن-العدد: 8500 - 2025 / 10 / 19 - 04:47
المحور: الادب والفن
    


قسطنطين كافافي في قصيدتين لهُ نُشرتا بعد وفاته..
بقلم: حكمت الحاج *

القصيدة الأولى:/
* سپتمبر 1903 (1904)

قصيدة: قسطنطين كافافي
ترجمة: حكمت الحاج

دعني الآن أخدع بالأوهام،
لكي لا أشعر بفراغ حياتي.
كم كنت قريبًا جدًا لمرات عديدة
كم تجمدت وكم خفت وكم سكت
وأبقيت شفاهي مطبقة بإحكام،
بينما داخلي كان يبكي حياتي الفارغة،
وأشواقي ترتدي ثياب الحداد.
ذاك هو،
أن أكون لمرات كثيرة، قريبًا جدًا
من العيون، ومن الشفاه الشهوانية،
من الجسد الحبيب، الجسد المحلوم به.
أن أكون، مرات كثيرة، قريبًا جدًا..
دعني الآن أخدع بالأوهام
لكي لا أشعر بفراغ حياتي.

القصيدة الثانية:/
* يناير 1904 (1904)

قصيدة: قسطنطين كافافي
ترجمة: حكمت الحاج

آه، انه يناير،
وإنها ليالي يناير،
عندما أجلس وأعيد صياغة أفكاري
وأربطها بتلك اللحظات، لكي أجدك أمامي،
أحاول أن أتذكر ما قلناه أخيرا، وما قلناه أولا.
نعم، إنه يناير،
بلياليه الموحلة باليأس،
حينما يتلاشى الطيف
ويتركني عارياً في وحدتي
- وما أسرع ما يغادر ويذوب -
تسقط الأشجار،
تضمحل الشوارع،
تنهار البيوت،
تنطفئ الأضواء،
ويُمحى في العتمة
جسدك الشبقي المتوهج.

# تعليق وتحشية:/
* بخصوص الإيروسية والشعر الإيروتيكي عند كافافي، عامة، وفي قصيدتيه آنفتي الذكر أعلاه، خاصة:
القصيدتان متكاملتان في توجههما الشعري، وفي إيروسيتهما الواضحة، أو هكذا بدا لي الأمر من وجهة نظري في الأقل كمترجم، إن لم أقل كقاريء، إذ:
يسجّل الشاعر في قصيدة "سبتمبر 1903" لحظة القرب المجهض: "كنت قريبًا جدًا، لكن خوفي كبّلني".
ويسجّل في قصيدته الثانية "يناير 1904" لحظة الغياب النهائي: "حتى الطيف الذي كان يزورني يذوب ويختفي" .
الشاعر السكندري قسطنطين كافافي يرسم هنا متتالية عاطفية على أجنحة الشعر: من القرب المحبط (سبتمبر) إلى الفقد المطلق (يناير). وما بينهما يتحوّل الإيروس من جسد يُراد امتلاكه إلى ذكرى تتبخر مع انطفاء الضوء.
في هاتين القصيدتين بالذات، الإيروس ليس فعلًا مباشرًا، بل هو مجرد طيف رغبة.
كيف ذلك؟
لو أعدنا قراءة النصين بإمعان فلربما سنلحظ أنه:
في قصيدة "سبتمبر 1903" نلمس الإيروسية في "الشفاه الشهوانية" و"الجسد الحبيب"، لكن هذه الصور محاطة بالندم والخوف. الجسد هنا قريب، ملموس، لكنه يظل محجوبًا خلف التردّد. وسنرى أيضا أنه في "يناير 1904" تتحوّل الإيروسية إلى "شكل إيروسي" يتلاشى ويذوب. أي أنه ليس جسدًا واقعيًا، بل صورة متخيلة تنهار مع الليل والغياب.
صحيحٌ الذي عُرف عن كافافي أنه شاعر إيروسي صريح، لكنه دائمًا كان يكتب بوعي مزدوج، كما يرى بعض النقاد، ومنهم مترجمه إلى الإنكليزية دانيال ميندلسون. فمن جهة، هو يستعيد المشهد الإيروسي بحسية صادقة. ومن جهة أخرى، تراه يُلقي عليه، أي المشهد، ضباب الذكرى، أو يضعه في إطار زمني متداعٍ، بحيث يبدو كأنه حلم أكثر منه حدثًا واقعيًا. وهذا ما جعل إيروس كافافي مختلفًا عن الإيروس الكلاسيكي (الاحتفاء بالجسد) أو الإيروس البورنوغرافي (العرض المباشر لفعل جنسي).
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو كيف سندقق الفرق بين الإيروسي والبورنوغرافي عند كافافي الشاعر؟
الأمر بسيط.
الإيروسي عند كافافي هو انفعال الذاكرة. هو الرغبة التي تتجدد بوصفها ذكرى، أو حسرة، أو اقترابًا لم يكتمل. إنه "شعر القرب المفقود".
أما البورنوغرافي فيقوم على إلغاء المسافة، على تقديم الجسد عاريًا بلا سياق، وجعل اللذة غاية قائمة بذاتها. وكافافي، حتى في أكثر قصائده مكشوفية وصراحة، لا يجرّد الجسد من بعده العاطفي أو الزمني. الجسد عنده ليس صورة صادمة، بل علامة على الفقدان. بهذا المعنى، تكون إيروتيكية كافافي تظل بعيدًة عن البورنوغرافيا، لأنها تقوم على "الندم" و"الذكرى" أكثر مما تقوم على "المتعة" و"التمثيل المباشر" للَّذة.

# مصدر القصيدتين:/
القصيدتان اللتان قمت بترجمتهما وتقديمهما إليكم اليوم مأخوذتان من:
=قسطنطين كافافي، الأعمال الكاملة، ترجمة وتحرير وتعليق: دانيال ميندلسون، منشورات دار "كنوبف" (2009). وهي أول ترجمة إنكليزية كاملة لأعمال كافافي، حيث يضم المجلد: القصائد المعتمدة والقصائد غير المعتمدة والقصائد غير المكتملة، مترجمة لأول مرة إلى اللغة الإنكليزية من اليونانية مباشرة.



#حكمت_الحاج (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دعاء الطلسم
- أروندهاتي روي وزيرة للسعادة القصوى والحداثة الفائقة
- في انتظار جائزة نوبل للآداب لهذا العام 2025..
- ما هو الله؟ خمس ترجمات لقصيدة واحدة
- ثلاثية الجنوب
- قبل موعد القتل بقليل
- مولع بفتغنشتاين
- داس كابيتال
- أنا نقطة في بحرك
- يناير 1904 قصيدة لقسطنطين كافافي نشرت بعد وفاته
- سبتمبر: قصيدة مترجمة لكافافي
- أربع أغنيات
- ما هو الله: قصيدة لفريدريتش هولدرلين
- سأريك الأمل في حفنة طين
- الأمل طائر الروح
- السر الأعظم أو سِرِّ الأَسرار الرواية المنتظرة من دان براون
- ست قصائد للشاعرة دوروثي باركر مع تقديم
- لماذا يجب عليك قراءة المزيد من الشعر 1-3
- يا تونس ويكأنك
- الفلسفة والشعر: أية علاقة (2)


المزيد.....




- منى زكي تعلّق على الآراء المتباينة حول الإعلان الترويجي لفيل ...
- ما المشاكل الفنية التي تواجهها شركة إيرباص؟
- المغرب : مهرجان مراكش الدولي للسينما يستهل فعالياته في نسخته ...
- تكريم مستحق لراوية المغربية في خامس أيام مهرجان مراكش
- -فاطنة.. امرأة اسمها رشيد- في عرضه الأول بمهرجان الفيلم في م ...
- النجمات يتألقن في حفل جوائز -جوثام- السينمائية بنيويورك
- الأدب الإريتري المكتوب بالعربية.. صوت منفي لاستعادة الوطن إب ...
- شذى سالم: المسرح العراقي اثبت جدارة في ايام قرطاج
- الفنان سامح حسين يوضح حقيقة انضمامه لهيئة التدريس بجامعة مصر ...
- الغناء ليس للمتعة فقط… تعرف على فوائده الصحية الفريدة


المزيد.....

- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حكمت الحاج - قسطنطين كافافي في قصيدتين لهُ نُشرتا بعد وفاته