أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض سعد - المسرحية السياسية في العراق: وجوه تتبدل... والمأساة واحدة














المزيد.....

المسرحية السياسية في العراق: وجوه تتبدل... والمأساة واحدة


رياض سعد

الحوار المتمدن-العدد: 8506 - 2025 / 10 / 25 - 09:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


*مقدمة : بين خديعة الساسة وسذاجة الجمهور
لم يشهد التاريخ الحديث مشهداً سياسياً أكثر غرابة وتعقيداً من المشهد العراقي، حيث تتجسد المفارقة الموجعة بين شعب أنهكته الأحلام والآمال والتطلعات والخذلان والانكسار والانتكاسات ، وطبقة سياسية أتقنت فنون الخداع والمكر والتلون كالحرباء في زمن العواصف والتقلبات السياسية .
في العراق، تتكرر المأساة ذاتها منذ عقود - مذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة - ، ولكن بأسماء وشعارات جديدة، حتى غدت السياسة مسرحاً هزلياً يتبدل فيه الممثلون، فيما يبقى النص هو ذاته : الدم والفساد والتبعية والخذلان والعمالة .
*أنظمة واحزاب سياسية هجينة... بلا طعم ولا لون ولا رائحة
فقد كانت ولا زالت السياسة العراقية عبارة عن بنية هجينة مشوهة لا طعم لها ولا لون ولا رائحة سوى رائحة الخيانة والفساد التي أزكمت أنوف الناس.
فهي ليست ديمقراطية حقيقية تُحاسب فيها السلطة، ولا ديكتاتورية واضحة يمكن محاسبتها، ولا ملكية دستورية عادلة , ولا جمهورية وطنية مستقلة ؛ بل مزيج غريب من الولاءات الطائفية والعرقية، ومن التبعية للخارج في مقابل الانقسام في الداخل.
النتيجة دولة تترنح فوق ركام الفوضى، وشعب غارق في دوامة من الأوهام والانتظار.
*السياسي العراقي: ممثل بارع في مسرح الخداع
يتعامل السياسي العراقي، في الغالب، مع الشعب ككتلة من الأصوات الموسمية، يستدعيها عند الحاجة وينساها بعد الانتخابات... ؛ ويتعامل مع المواطنين بفوقية وحقارة منقطعة النظير ... ؛ اذ يتقن فنون الوعود كما يتقن الممثل أداءه ... ؛ يعرف متى يرفع الشعارات، ومتى يذرف الدموع، ومتى يلوّح بعصا الطائفية والعنصرية والتحزب لإعادة الناس إلى مربعات الخوف والانقسام.
إنها سياسة تعتمد على إعادة إنتاج الفشل وتجميله بطلاء وطني زائف، لتبدو الخيانة مشروعاً، والفساد دهاءً سياسياً، والولاء للأجنبي براغماتية سياسية ... !
*الشعب العراقي: الضحية التي صارت متفرجاً
أما الشعب العراقي، فهو الضحية الدائمة والمتفرج القسري في هذه المسرحية الطويلة.
شعب عظيم في تاريخه وصبره، لكنه سُجن في دائرة التكرار والتجريب العقيم... ؛ فبعد كل تغيير سياسي وتحول حكومي وبعد كل دورة انتخابية تتبدل الوجوه ولا يتبدل الواقع، لأن أصل الداء لم يُمسّ.
لقد بُنيت البنية السياسية على أساس معطوب يقوم على المحاصصة والولاءات والارتباطات الخارجية والاجندات الدولية ، لا على الكفاءة والمواطنة والمصلحة الوطنية ، فأنتجت حكومات متعاقبة تشبه بعضها في الفشل والفساد والعجز والانبطاح .
*تبادل الأدوار... والمخرج واحد
إن مأساة العراق ليست في سقوط نظام وقيام آخر، بل في أن كل الأنظمة جاءت من رحم الأزمة ذاتها، وكل الطبقات السياسية تشربت من نهر واحد ملوث هو نهر المصالح الضيقة والفساد المنهجي والاستعمار والمخابرات الخارجية .
ولهذا لا معنى للعجلة في استبدال نظام بآخر، طالما أن "المخرج واحد" والسيناريو ذاته يعاد إخراجه بأسماء جديدة وديكور مختلف.
الوجوه تتبدل، لكن النتيجة واحدة: وطن مصلوب على جدار الصراع والفساد والتبعية والعمالة والارتباط بالقوى الاستعمارية والاستكبارية الكبرى .
*الحاجة إلى ثورة وعي... لا ثورة وجوه
إن الحاجة اليوم ليست إلى ثورة وجوه، بل إلى ثورة وعيٍ وضمير شعبي.
إدراك عميق بأن الخلاص لا يأتي من أولئك الذين سرقوا الأوطان بالأمس أو يتلاعبون بمصائر الناس اليوم، بل من إرادة جماعية تعيد بناء الدولة على أسس العدالة والمواطنة والكرامة.
فالشعوب لا تُستعبد إلا حين تصدّق الأكاذيب، ولا تتحرر إلا حين تعي أنها شريكة في اللعبة، لا ضحية لها فقط.
*خاتمة: لحظة الوعي أو لحظة السقوط
العراق اليوم يقف على مفترق طرق تاريخي :إما أن يستمر في مشاهدة المسرحية السياسية ذاتها حتى النهاية، أو أن يكتب فصلاً جديداً من تاريخه بوعي شعبي يرفض أن يكون المتفرج الدائم على مأساته... ؛ عندها فقط، سيتوقف الدم عن أن يكون لغة السياسة، وسينطفئ دخان الخيانة ليعود للوطن طعمه ورائحته وهويته الحقيقية.



#رياض_سعد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين يتكرر المشهد: تكالب الأقليات السياسية على الأغلبية العرا ...
- حين تُغتال الحقيقة: اغتيال صفاء المشهداني وفضيحة الخطاب الطا ...
- حين يتنفس الحزن من رئة الوجود
- الشاب العراقي… أحلامٌ تذبل في سوق العمل الموحش
- مراجعات ضرورية حول الضربة الإسرائيلية المرتقبة ضد العراق
- الخونة الذين يشبهوننا ولا ينتمون إلينا
- السذاجة السياسية وخطر الحاشية الجاهلة
- الشخصية العراقية بين التمرد والاستكانة: قراءة في جدلية السلط ...
- حركة الإسلام السياسي الشيعي في العراق من المقاومة إلى السلطة ...
- براغماتية الإيراني ومثالية العراقي – قضية أمير الموسوي أنموذ ...
- الخائن الدوني : جرح الأمة النازف وطعنة الظهر التي لا تندمل
- الصلاة كفعل حب… قراءة فلسفية في نص زوربا واستلهامه لبناء عال ...
- ظاهرة الوقاحة في العراق: جذور نفسية وتموجات اجتماعية
- ايام الزمن الاغبر / الحلقة السادسة / الفلافل بين حقيقة الجوع ...
- العوائل المعروفة والاسر المشهورة بين شرف الانتساب وأرث الماض ...
- الشيعة وإيران: بين الاستقواء السياسي والتحول الاجتماعي بعد ا ...
- بين العراق وتجارب الأمم الأخرى – لماذا انتصرت بعض الشعوب وفش ...
- الهند والعراق: تشابه ظاهري وتباين جوهري في إدارة التعددية وا ...
- قضية الصبي علي: دموع تهز الرأي العام وتكشف خلل النظام الإصلا ...
- التيه الوجودي: مقاربة نفسية واجتماعية لاستعادة البوصلة


المزيد.....




- ترامب يمهل حماس 48 ساعة لإعادة جثث الرهائن في غزة
- واشنطن تدرس تفويضًا أمميًا لقوة دولية في غزة وترامب يقول -ست ...
- -شريحة ستانفورد- تعيد البصر لمصابي الضمور البقعي
- ترامب يجري محادثات مع الشيخ تميم في الدوحة بشأن اتفاق غزة
- مفتي القاعدة السابق يحكي عن سنواته الـ5 الأولى في سجون إيران ...
- كاتب إيطالي: صاروخ لدى فنزويلا يضع أميركا تحت ضغط مستمر
- -محكمة غزة- تستمع لشهادات صحفيين وناشطين حول جرائم إسرائيل
- ترامب ينطلق في جولة آسيوية يلتقي أثناءها الرئيس الصيني
- منتدى تانا للأمن الأفريقي يعود بعد عامين وهذا أبرز ما ناقشه ...
- إسرائيل تستهدف ناشطا من الجهاد وسط قطاع غزة


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض سعد - المسرحية السياسية في العراق: وجوه تتبدل... والمأساة واحدة