أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - محسن عزالدين البكري - الماسونية ونظريات المؤامرة














المزيد.....

الماسونية ونظريات المؤامرة


محسن عزالدين البكري

الحوار المتمدن-العدد: 8506 - 2025 / 10 / 25 - 00:14
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


كنتُ أتغدّى في مطعمٍ شعبيٍّ في سوقٍ متواضع، وكنتُ أحيانًا أدخل إلى جانب المطبخ لأتناول طعامي هناك، بحكم علاقتي بصاحب المطعم.
في أحد الأيام دخلت كعادتي، فالتفتُّ ورأيت معه فقط دستًا صغيرًا جدًا يطبخ فيه، فقلت له: ما هذا؟
فأجابني: ما في زبائن...
في الواقع، كان هناك من افتتح مطاعم جديدة بأسلوبٍ مرتبٍ وحديث، بينما هو بقي على طريقته الشعبية القديمة، رغم أنه كان سابقًا يشتغل بقوة ويزدحم زبائنه يوميًا.
الغرض من هذه القصة شيئين:
أولًا: أن نظرية التطور والبقاء للأصلح لا تقتصر على علم الأحياء فقط، بل تمتد إلى الاقتصاد، وعلم الاجتماع، وحتى الفيزياء، بل إلى كل المجالات تقريبًا — إلى تاريخ الأديان والطوائف والشعوب والفلك أيضًا — فهي نظرية عظيمة تشرح حركة الحياة والتحول في كل شيء. من لا يتأقلم ويتكيف مع التغيير يندثر.

ثانيًا: الحديث عن نظريات المؤامرة، وبالذات تضخيم دور "الماسونية" والقول إنها تسيطر على العالم.
أي حدث في العالم يجري يقول لك البعض فورًا: بتوجيه الماسونية!
وأي شخص يعبّر عن فكرة جديدة أو يتحدث بأسلوب مختلف يقولون عنه: مدعوم من الماسونية!
صاروا يفسّرون كل شيء بها، حتى فشل المجتمعات والدول وتأخرها في التطور أو النجاح، وكل نجاح سياسي، أو فشل سياسي، أو تقلب في الأوضاع، وكل نجاح، وكل حروب، وكل نزاعات يُفسّرونها أيضًا بأنها بتوجيه الماسونية.
كل فشل عند البعض يُعلّق على الماسونية: "هم السبب، هم الذين يمنعون النجاح، هم الذين يتحكمون بالدول والأسواق..." حتى صار كل حدث، وكل نجاح، وكل ثراء، يُفسّر بالماسونية. أي شركة كبرى، أي دولة قوية، أي ابتكار جديد، يقولون عنه ماسوني!

يا ولد، اهدأ... الأمور في العالم تسير بطريقة تشبه قصة المطعم التي ذكرتها لك. في كل مرة يظهر شيء جديد، قوة جديدة، ابتكار جديد، والبقاء ليس لمن يملك المؤامرة، بل لمن يتطور ويتكيف. لا أحد يستطيع أن يتحكم في العالم كله، ولقرونٍ كما ترددون عن تاريخ وبقاء "هيمنة الماسونية"، حتى وإن وُجد فعلًا شيءٌ اسمه ماسونية.

خذ مثلًا: شركة نوكيا، كانت في فترة من الفترات تغرق العالم بهواتفها، ثم جاءت الهواتف الذكية فأطاحت بسيطرتها.
التجار والأثرياء في معظمهم مخترعون ومبتكرون، يقدمون فكرة أو منتجًا جديدًا، فينجحون ويصبحون قوى اقتصادية.
أما الدول، فالصين مثلًا كانت قبل نصف قرن دولة فقيرة، والآن أصبحت قوة اقتصادية عظمى.
حتى طرق اللبس والعادات تتأثر بالقوة والنجاح: الناس غالبًا يقلدون الأقوى والأكثر تأثيرًا.
عندما لبست ملكة بريطانيا ثوبًا أبيض في زفافها، أصبحت كل النساء يلبسن الأبيض في الأعراس.
واليوم ترى الكثيرين يقلدون المظاهر الأمريكية والهندية بتأثير هوليوود وبوليوود، ومؤخرًا الكورية والتركية، بسبب انتشار متابعة المسلسلات والأفلام الكورية والتركية والدعاية الإعلامية المرتبطة معها، خصوصًا في مناطق الشرق حيث مدى تأثيرها يتسع يومًا بعد يوم، ومن يدري؟ ربما تنجح وتصبح ذات تأثيرٍ عالميٍّ قريبًا.
اللهجة المصرية مثلًا أصبحت أقوى اللهجات العربية بسبب تأثير السينما المصرية، وبعدها جاءت اللهجة السورية، والآن بدأ تأثير اللهجة الخليجية ينتشر في البلدان المجاورة.
حتى في اليمن، سيطرت العمامة الإماراتية على المشهد، لأن تلك الدول أصبحت أكثر نجاحًا وتأثيرًا. حسب كل فترة من الزمن
قبل ذلك كان هناك تأثير تركيًا وهنديًا في الأزياء والمصطلحات، كالطربوش وبعض الأسماء ذات الأصل التركي أو الهندي.
كذلك الثقافة العلمانية والديمقراطية أصبحت اليوم حلم معظم الشعوب، بعدما كانت الشيوعية والاشتراكية تغطي نصف العالم.
تمر بعض المجتمعات بفترات من الانفتاح وأخرى من التشدد، لكنها تتغير باستمرار.
في القوة العسكرية مثلًا: تعاقبت الروم، ثم فارس، ثم العرب، ثم المغول، ثم في القرون الأخيرة برزت إسبانيا والبرتغال وبريطانيا وأمريكا واليابان والصين. في فترات متناوبة في المراكز يتقدم مركز قوى ويتأخر مركز قوى أخرى .
حتى ألمانيا، صعدت ثم هبطت ثم عادت قوة اقتصادية كبرى.
وأيضا ظهرت قوى اقتصادية جديدة في دول كانت فقيرة جدا إما بسبب أنها وجدت ثروات طبيعية في أراضيها أو إدارة بشرية كفؤة، مثل دول النفط في الخليج.
ومن الدول التي نجحت بفضل الإدارة الجيدة: سنغافورة، هونغ كونغ، ماليزيا.
العالم في تقلبٍ مستمر... لذا أين هو هراؤك هذا الذي تسميه "الهيمنة الماسونية"؟
......
تحياتي :
أ/ محسن عزالدين البكري



#محسن_عزالدين_البكري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاستنساخ: الحقيقة العلمية
- فرضية شخصية: الطاقة المنتهية للانفجار العظيم والانتقاء الكون ...
- فرضية شخصية: الطاقة المنتهية للانفجار العظيم والانتقاء الكون ...
- ما الحرارة
- أدلة التطور .. من تشريح الدماغ
- كيف نرى الألوان
- فرضية خاصة بي : مضاد الزمكان.. محاولة جديدة لفهم البنية الكم ...
- الانحياز التأكيدي: بين ما نؤمن به وما نثبته — قصة قصيرة في ا ...
- رأيي الخاص في ترجيح منشأ العائلة الأفروآسيوية في منطقة الهلا ...
- اللغة العربية عبر التاريخ .. وهيمنتها الممتده من الخليج إلى ...
- لماذا تختلف ألوان البشرة عند الإنسان
- تعريف بمشروع كتاب (بطاقة سفر ) من تأليفي
- لماذا نصدق العلم
- بيان ملكية فكرية لمشروع كتاب ولادة جديدة أول كتاب يؤلف بواسط ...
- سلسلة ملاحظات 13
- سلسلة ملاحظات 12
- سلسلة ملاحظات 11
- سلسلة ملاحظات 9
- سلسلة ملاحظات (10)
- مغيرة المناخ ،،،،


المزيد.....




- السعودية.. فيديو تأثر صالح الفوزان خلال فتاوى وأحاديث له تثي ...
- الأردن.. جملة قالها شخص لولي العهد لحظة مروره بجانبه تثير تف ...
- ماذا تعرف عن مشروع سموتريتش لدفن ما تبقى من فلسطين؟
- وفاة ملكة تايلاند الأم سيريكيت عن عمر 93 عاما
- -سم في الشوكولاتة والمربى-.. رئيس الإكوادور يكشف لـCNN عن تع ...
- مادورو يتهم الولايات المتحدة بـ-فبركة حرب- بعد تحريك أكبر حا ...
- مبعوث بوتين: أميركا وروسيا وأوكرانيا تقترب من حل دبلوماسي
- توتر الكاريبي.. واشنطن تنشر حاملة طائرات قرب فنزويلا
- تقرير.. البيت الأبيض يضغط لإلغاء عقوبات سوريا -الأشد قسوة-
- بريطانيا.. سجن شبان بتهمة إحراق معدات مخصصة لأوكرانيا


المزيد.....

- النظام الإقليمي العربي المعاصر أمام تحديات الانكشاف والسقوط / محمد مراد
- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ... / حاتم الجوهرى
- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - محسن عزالدين البكري - الماسونية ونظريات المؤامرة