أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - حين يُقصى الكورد تموت فكرة سوريا














المزيد.....

حين يُقصى الكورد تموت فكرة سوريا


محمود عباس

الحوار المتمدن-العدد: 8501 - 2025 / 10 / 20 - 06:55
المحور: القضية الكردية
    


إنّ التبرير الذي قدّمه (أسعد الشيباني) وزير خارجية الحكومة السورية المؤقتة، بشأن عدم إدراج عيد نوروز ضمن قائمة الأعياد الرسمية، جاء ساذجًا في مظهره، مخادعًا في جوهره. فقد حاول أن يقدّمه على أنه دعوة للحوار والمشاركة في الحكم، بينما كان في عمقه رسالة مبطّنة تُحمّل الكورد مسؤولية “التناسي” المزعوم بسبب ابتعادهم عن الحوار، وهي ذريعةٌ تُخفي أكثر مما تُظهر، إذ تُمهّد لتكرار التجاهل ذاته في المستقبل، وكأنّ الاعتراف بحقوق الشعب الكوردي مشروطٌ بالولاء السياسي لا بالمواطنة والحقّ التاريخي.
والسؤال السياسي هنا، هل عدم الاتفاق على شكل سوريا القادمة يُبرّر تهميش القضية الكوردية؟ وهل يُعقل أن يُكتب دستورٌ بلغةٍ أحاديةٍ، تُقصي ثاني أكبر قومية في البلاد، بحجّة غيابها أو تغييبها؟ إنّ هذا المنطق يُعيدنا إلى جوهر المشكلة السورية، إلغاء الآخر وتبرير التهميش باسم اللحظة السياسية.
أليس من السذاجة السياسية أن يُنسى الشعب الكوردي، وهو الذي أشعل ضمير العالم بنضاله لعقود، في لحظةٍ يُعاد فيها رسم ملامح الوطن؟ كيف يُمكن تجاهل عيدٍ قوميٍّ عريق كعيد نوروز، الذي تحوّل طوال نصف قرن إلى رمزٍ للمقاومة والكرامة في وجه النظام المجرم البائد، ودُفع في سبيله ثمنٌ من الدم والتضحيات؟
فهل يمكن أن تُبنى سوريا جديدة مشوّهة، بينما الخلاف قائم بين الحكومة الانتقالية والشعب الكوردي، بل ومع باقي المكوّنات الوطنية، حول شكل الدولة القادمة؟ إنّ ما يجري اليوم يعيد للأذهان منهج النظام البعثي نفسه، مع فارقٍ وحيد، أنّ الرفض القديم كان صريحًا فظًّا، بينما الإنكار الجديد مغلّف بالخطاب الدبلوماسي المراوغ.
كان النظام الأسدي البائد لا يخجل من التصريح علنًا بأنّه لا يعترف بالشعب الكوردي، وتعامل معه كعدوٍّ قوميٍّ لا كشريكٍ وطني، فكان الصراع مع النظام صراع وجودٍ لا صراع معارضةٍ سياسية، واليوم يبدو أنّنا أمام الذهنية نفسها، وإن تغيّر الأسلوب وتبدّل الخطاب؛ فالمضمون واحد، والغاية واحدة، الإلغاء بثوبٍ جديد.
إذا كانت نوايا الحكومة الانتقالية صادقة ووطنية حقًّا، فعليها أن تُظهر ذلك بوضوح أمام الشعب الكوردي، لا بخطابات التبرير، بل بخطواتٍ عملية تُعيد الثقة المفقودة، وتردم هوّة الشكّ التي تتسع يومًا بعد آخر. فالتصعيد الإعلامي المتزايد ضد الكورد، الذي تقوده مجموعات مموّلة ومرتزقة فكرية، بعضها مرتبط بالحكومة ذاتها، وأخرى منضوية تحت جناح هيئة تحرير الشام أو تدور في فلكها، لا يمكن تفسيره إلا كمخططٍ لشيطنة الكورد وتوسيع الشرخ بينهم وبين المكوّنات السورية الأخرى.
على أسعد الشيباني أن يدرك أن المصداقية هي أقصر الطرق نحو المصالحة الوطنية، وأنّ الاعتراف بحقوق الشعب الكوردي لا يمكن أن يكون مشروطًا بالخلافات السياسية أو الإدارية. وهو الذي نشأ في قامشلو والحسكة، ووالدته من عائلة كوردية مناضلة معروفة، لا يُعقل أن يجهل رمزية نوروز في الذاكرة الكوردية، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الرئيس (أحمد الشرع) والوزير الكوردي من عفرين الجريحة، الذين يعرفون نوروز تمامًا ويدركون معنى أن يُمحى عيدٌ قوميٌّ بهذه البساطة من الوعي الرسمي، مثلما يعرفون الشعب الكوردي وقضيته التي تم تغييبها من الدستور، والان يقترحون أن يعاد كتابته ثانية، كعامل ضغط.
إنّ ذرائعهم واهية، ومصداقيتهم غائبة، والاستمرار في هذا النهج لن يؤدي سوى إلى تعقيد الحوار الوطني وزيادة انعدام الثقة. فمقولة الشيباني بأنّ من يطالب بالكلّ في الحوار سيخسر الكلّ، تنطبق عليهم قبل غيرهم، لأنهم يريدون احتكار القرار والتمثيل وفرض الشروط بدلًا من فتح الأبواب أمام حوارٍ وطنيٍّ حقيقيٍّ مع قسد والحراك الكوردي المستقل.
وإن استمرّ هذا المسار، سواء كان نابعًا من قناعة أيديولوجية متطرفة أو إملاءات خارجية، فلن يُنقذ سوريا من دمارها، بل سيُقصر عمر الحكومة الانتقالية نفسها، ويعيد البلاد إلى دوّامة الصراعات والاقتتال والشكّ.
إنّ سوريا لا تُبنى بالإقصاء ولا بالتبرير، بل بالمصارحة والمواطنة والمصداقية، أي بالاعتراف الصريح والشفاف، وبقناعةٍ وطنيةٍ راسخة، بغربي كوردستان، وضمنها عفرين، كإقليمٍ فيدراليٍ ضمن سوريا اللامركزية، التي ستكون الركيزة المتينة لبناء وطنٍ عادلٍ ومتوازنٍ يحتضن جميع مكوّناته دون استثناء.
فـنوروز ليس عيدًا كوردياً فحسب، بل رمزًا لسوريا الممكنة،
سوريا الحرية والتعدد والكرامة،
سوريا التي يعرفها دستورها قبل أن تعرف نفسها،
سوريا التي لا تُقصي أحدًا من دستورها، ولا تُبنى على النسيان،
بل تُقام على الاعتراف بالآخر، والعدالة، والمشاركة الحقيقية في صنع المستقبل.

د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
19/10/2025م



#محمود_عباس (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أيّ سوريا نريد؟
- الدولة الكوردية من الحلم الثوري إلى الوعي المؤسسي
- الذكاء الاصطناعي سلاح الوعي الكوردي
- الشرق الأوسط في لحظة الحساب الكبرى
- الحكومة السورية الانتقالية تُقصي الكورد وتستدعي الاحتلال
- قسد تفجّر الصراع التركي–الأمريكي على سوريا
- رعب أنقرة من الوعي الكوردي
- بيان التحالف الأمريكي من أجل سوريا الديمقراطية
- إلغاء عيد نوروز تكفير مقنّع وإنكار صريح للقومية الكوردية
- لو أصاب القناص ترامب هل كانت أمريكا ستغزو العالم بالذكاء وال ...
- الشرق الأوسط الجديد بين أوهام سايكس–بيكو وحقائق الكورد المؤج ...
- لو أصاب القناص ترامب هل كانت أمريكا ستغزو العالم بالذكاء وال ...
- من غربي كوردستان إلى البيت الأبيض تجارة ترامب وأوهام أردوغان ...
- فضيحة الألف عام والألفي عام، ترامب يقرأ من كتاب أردوغان
- لو أصاب القناص ترامب هل كانت أمريكا ستغزو العالم بالذكاء وال ...
- من العشيرة إلى الأمة وليس العكس
- الكورد أصل الأرض وأكذوبة الهجرة سلاح البعث والجولاني
- ثلاثة محاور أساسية
- مسرحية القمة العربية والإسلامية وخطاب الجولاني الفارغ
- الجولاني وسط الحوار المرئي، الحقائق تُكشف


المزيد.....




- مركز المعلومات بالكنيست: عدد المهاجرين من إسرائيل يفوق عدد ا ...
- البرتغال: اعتقال رجل بعد رفعه علم فلسطين على قمة جسر 25 أبري ...
- محكمة المثنى تصدر حكم الإعدام لإرهابي نفذ تفجيري الرميثة عام ...
- هل خسرت الجزائر انتخابات مجلس حقوق الإنسان دون الحصول على أي ...
- السعودية.. الداخلية تعلن إعدام مواطن في المنطقة الشرقية ارتك ...
- تقرير للأمم المتحدة يوثق أثر الحرب على نساء وفتيات غزة
- تقرير عبري يكشف عن ارتفاع حاد في الإسرائيليين المهاجرين من د ...
- ممثل -اليونيسف- في اليمن بين 20 موظفا أمميا يحتجزهم الحوثي ف ...
- اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.. استئناف إيصال المساعدات للقطا ...
- سفير فلسطين في ليبيا ينفي شائعات التوطين ويؤكد تمسك الفلسطين ...


المزيد.....

- “رحلة الكورد: من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر”. / أزاد فتحي خليل
- رحلة الكورد : من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر / أزاد خليل
- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - حين يُقصى الكورد تموت فكرة سوريا