مثنى إبراهيم الطالقاني
الحوار المتمدن-العدد: 8496 - 2025 / 10 / 15 - 16:14
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في مشهدٍ بدا وكأنه مسرح سياسي متقن الإخراج تصدر دونالد ترامب المشهد في قمة شرم الشيخ التي عقدت يوم امس 14 تشرين الأول 2025 ليتحول من ضيف إلى قائد مُسيطر على المخرجات والرسائل.
فترامب لم يكتفِ بإلقاء الكلمات بل تولى بمهارة إدارة الجلسات وتوزيع الأدوار وتنسيق المداخلات وكأنه الأب الروحي للمؤتمر! … أو العراب الذي يملك مفاتيح اللعبة وسط تزعزع قادة دول عربية واسلامية.
كرر ترامب في أكثر من موضع الإشارة إلى ما سماه “الإبراهيمية”، مقدماً إياها كجسر عبور نحو شرق أوسط جديد هو من رسم ابعاده، ويعاد تشكيله تحت لافتة التسامح الديني والانفتاح الاجتماعي المزعرم.
غير أن ما بين السطور كان أوضح من الكلمات المعلنة، إذ صور الهدف الحقيقي هو تمرير تصور دمجي جديد للمنطقة تكون فيه اسرائيل جزءاً طبيعياً من المشهد السياسي والديني، لا عبئاً أو طرفاً معزولاً بعد الجرائم التي ارتكبها هذا الكيان ضد شعوب المنطقة.
أما غزة فقد حضرت في الخطابات باعتبارها مدخلاً إنسانياً وسياسياً لتسويق هذا المشروع، تحدث ترامب بثقة عن “إعادة إعمار غزة” بمشاركة المجتمعين من أكثر من 20 دولة غير أن الحاضرين كما يرى مراقبون سيجدون أنفسهم لاحقاً أمام “فاتورة مالية” ضخمة بينما تتصدر الولايات المتحدة كالعادة البطولة وتقطف ثمار النفوذ.
لقد لعب ترامب الدور بذكاء وقدم نفسه كعراب حتى أمام الدول الأوروبية مستنداً إلى خطاب ديني سياسي محسوب لا ينطوي على أحد لكن سطوته بسياسة التهديد الخبيثة تجاه من لا يجاري سياسته وهو واقع مفروض يجمعه بين الاحتواء والتأثير وفرض القوة الناعمة.
وهنا تكمن براعة “العلاقات العامة” بمفهومها الأمريكي العميق: صناعة الصورة، توجيه الرأي، وتحويل مسار الأحداث لمصلحة اللاعب الأقوى.
يبقى السؤال الأهم: هل يتعظ القادة العرب من هذا المشهد؟ الوقائع تشير إلى العكس، فبينما كانت غزة تُستخدم عنواناً للإنسانية كان الهدف الحقيقي يُرسم في الكواليس، على شكل شرق أوسط “إبراهيمي” مدمج… يراد له أن يعبر كل الممنوعات الإسلامية والتاريخية في لحظة واحدة.
#مثنى_إبراهيم_الطالقاني (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟