أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - الذكاء الاصطناعي سلاح الوعي الكوردي














المزيد.....

الذكاء الاصطناعي سلاح الوعي الكوردي


محمود عباس

الحوار المتمدن-العدد: 8495 - 2025 / 10 / 14 - 07:59
المحور: القضية الكردية
    


من الحبر إلى الخوارزمية، ومن الجبل إلى الفكرة، معركة الكورد اليوم ليست بالسيف، بل بالعقل.
حين كتب أحد الحاقدين عليّ متسائلًا بسخريةٍ: «أتستخدم الذكاء الاصطناعي؟» ابتسمت، لأنّ ما اعتبره سُبّةً أراه شرفًا فكريًا، ووسامًا على صدر كل من يسعى إلى النهوض من ركام الجهل. نعم، أستخدم الذكاء الاصطناعي، وأفخر بذلك، لأنه أعظم اختراعٍ أنتجه العقل الإنساني منذ اكتشاف الكتابة، ولأنه اليوم السلاح الأكثر نبلاً في مواجهة أدوات التزوير والتضليل التي استُخدمت لعقود ضد الشعوب الحرة، وفي مقدمتها الشعب الكوردي.
فالذكاء الاصطناعي لم يُخلق ليكون لعبة الترف، بل ليكون مرآة للوعي؛ يعري المتربصين، ويفضح المُزيّفين الذين اعتاشوا على تشويه التاريخ الكوردي. بفضله أصبح من الممكن أن تُكشف الأكاذيب التي كانت تتوارى خلف جدران الإعلام، وأن تُفكك لغة الحقد بمفرداتها ومنطقها. وما من أداةٍ اليوم قادرةٍ على إظهار التناقضات الفكرية للمستشرقين الجدد والعروبيين المأجورين كما يفعل هذا الإنجاز العلمي الفذّ.
لقد كتبت في الشهور الأولى لانتشار الذكاء الاصطناعي أنّ علينا، نحن الكورد، أن نُسارع إلى احتضانه، لأنه ثمرة التطور العقلي الإنساني، ومفتاح الدخول إلى العصر الجديد. فالتاريخ لا ينتظر المترددين. وإذا لم نلحق بركب الحضارة الرقمية، فسنبقى خارج ذاكرة الأمم التي تُعيد صياغة العالم بخوارزمياتها. إنّ العالم اليوم تحكمه شبكات لا جيوش، ومعادلات لا شعارات، وبيانات لا خطب، ومن يجهل هذه الحقيقة يجهل قوانين العصر.
لقد كانت الإمبراطوريات القديمة تُحكم بالسيوف، أما اليوم فيُعاد تقسيم الجغرافيا بالعقول والخوارزميات. وكوردستان التي تمزقت ذات يوم على موائد الدول العظمى، ما زالت تدفع ثمن غياب حضورها العلمي والتقني في مراكز القرار. فمن لم يمتلك أدوات المعرفة، سيظلّ موضوعًا في خرائط الآخرين، لا فاعلًا فيها.
من هنا، أدعو الكتّاب والمثقفين والسياسيين الكورد إلى أن يجعلوا من التكنولوجيا الحديثة، ومن الذكاء الاصطناعي خصوصًا، ركيزةً لنضالهم الثقافي والسياسي. فهي ليست مجرّد وسيلة، بل فضاءٌ جديد للوجود الإنساني، فيه تتشكل العقول وتُبنى السمعة وتُوجّه السياسات. إنّها ميدان حربٍ من نوعٍ آخر، حربٌ على الوعي والمعلومة، ومن لا يشارك فيها يُهزم بصمته.
علينا أن نتعلم كيف نحمل علم الخوارزميات كما نحمل القلم والفكر، لأنّ بها يمكننا اختراق الأروقة الدبلوماسية، والتأثير في الرأي العام العالمي، وتعريّة الحثالة التي تتربص بالشعب الكوردي، وتستعمل أدوات الدعاية لتشويه تاريخه وحراكه. فالمعركة لم تعد بالسلاح، بل بالمعرفة؛ ولم تعد في الجبال فقط، بل في فضاءات البيانات والمنصات الإعلامية.
نعم، أستخدم الذكاء الاصطناعي، لا لأُجامل به الواقع، بل لأفضح به النفاق، أستخدمه لكشف أولئك الذين يدّعون مساندة الكورد بينما يطعنون حراكهم القومي، والذين يتحدثون عن المواطنة وهم يعيدون إنتاج خطاب البعث القديم بأقنعة جديدة. أستخدمه لأفكك الخطاب المزدوج الذي يقول، "لسنا ضد الكورد، لكن ضد جماعة قنديل"، أو الذي يزعم أن كورد غربي كوردستان "مهاجرون" لا أصحاب أرضٍ وتاريخ. تلك اللغة الماكرة التي تُعيد إحياء منطق الأنظمة الشمولية في ثوبٍ مدني.
إنّ الذكاء الاصطناعي ليس أداةً لمحاكاة البشر، بل لتوسيع قدرتهم على التحليل والفهم والمساءلة، إنه امتداد للعقل في زمنٍ لم تعد فيه الحقيقة مِلكًا لأحد. فكما كان المطبعة يومًا ثورةً ضد الظلام، فإن الذكاء الاصطناعي اليوم هو المطبعة الجديدة للعقل البشري، ومن لا يستخدمه سيُمحى صوته في صخب الخوارزميات التي تصنع الوعي العالمي.
إخوتي الكتّاب والمفكرين الكورد، لا تخشوا أدوات التطور، بل خذوها بأيديكم، اكتبوا بكل اللغات، وعبّروا في كل المنصات، لأن من يحتكر التكنولوجيا يحتكر الوعي، ومن يحتكر الوعي يملك السلطة. لا تتركوا هذه الثورة المعرفية تُستخدم ضدكم كما استُخدمت مصالح الدول الكبرى يومًا لتقسيم كوردستان وتهميش قضيتها. فالذكاء الاصطناعي سيصبح إمّا حليفنا أو خصمنا، وفق قدرتنا على التعامل معه.
لقد دخل العالم عصرًا جديدًا، عصر الدول العميقة الرقمية، حيث تُصنع الحقيقة في غرف البرمجة، وتُخاض الحروب بالبيانات، وتُرسم الحدود على شاشاتٍ لا خرائط. ومن لا يملك لغته في هذا الفضاء سيتحول إلى هامشٍ في نصّ الآخرين. لذلك، فإنّ استخدام الذكاء الاصطناعي ليس خيارًا، بل ضرورة وجودية لمن يريد أن يحيا في المستقبل لا في ظلال الماضي.
نعم، أستخدم الذكاء الاصطناعي، وأزداد إيمانًا بأنه ليس آلةً صمّاء، بل رفيق العقل في معركته الأخيرة ضد الجهل والتعصب. به نستطيع أن نعيد صياغة الخطاب، ونفضح الباطل بالحجة، ونمنح كوردستان صوتًا رقميًا يعلو فوق كل محاولات الطمس والإقصاء. ومن لا يفهم ذلك، فمشكلته ليست في الآلة، بل في خوفه من العقل نفسه.
إنّ الذكاء الاصطناعي لا يهدد الإنسان، بل يوقظه، إنه مرآته في لحظة الحقيقة، حين يرى كم كان صغيرًا أمام قدرته، وكم يمكنه أن يسمو حين يتحد عقله بالمعرفة، إنّ الآلة بلا إنسانٍ ضائعة، والإنسان بلا وعيٍ آلة، وبينهما، تقف كوردستان كفكرةٍ ناهضة، تمسك بزمام المستقبل، وتقول للعالم، لسنا صفحة من الماضي، بل معادلة في قادم الحضارة.

د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
13/10/2025م



#محمود_عباس (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشرق الأوسط في لحظة الحساب الكبرى
- الحكومة السورية الانتقالية تُقصي الكورد وتستدعي الاحتلال
- قسد تفجّر الصراع التركي–الأمريكي على سوريا
- رعب أنقرة من الوعي الكوردي
- بيان التحالف الأمريكي من أجل سوريا الديمقراطية
- إلغاء عيد نوروز تكفير مقنّع وإنكار صريح للقومية الكوردية
- لو أصاب القناص ترامب هل كانت أمريكا ستغزو العالم بالذكاء وال ...
- الشرق الأوسط الجديد بين أوهام سايكس–بيكو وحقائق الكورد المؤج ...
- لو أصاب القناص ترامب هل كانت أمريكا ستغزو العالم بالذكاء وال ...
- من غربي كوردستان إلى البيت الأبيض تجارة ترامب وأوهام أردوغان ...
- فضيحة الألف عام والألفي عام، ترامب يقرأ من كتاب أردوغان
- لو أصاب القناص ترامب هل كانت أمريكا ستغزو العالم بالذكاء وال ...
- من العشيرة إلى الأمة وليس العكس
- الكورد أصل الأرض وأكذوبة الهجرة سلاح البعث والجولاني
- ثلاثة محاور أساسية
- مسرحية القمة العربية والإسلامية وخطاب الجولاني الفارغ
- الجولاني وسط الحوار المرئي، الحقائق تُكشف
- الكتلة الوطنية لماذا تتنكرون للفيدرالية وتعيدون إنتاج خوف ال ...
- قمة قادة العرب في قطر لحظة إعلان نهاية حماس
- لو أصاب القناص ترامب هل كانت أمريكا ستغزو العالم بالذكاء وال ...


المزيد.....




- الإغاثة الطبية بغزة: 90% من البنية التحتية مدمرة.. والاحتياج ...
- الأمم المتحدة تقدر تكلفة إعادة إعمار غزة بـ 70 مليار دولار
- برنامج الأغذية العالمي: جهزنا موادا تكفي لإطعام مليوني شخص ف ...
- فيديو منسوب إلى لحظة -اعتقال حماس لياسر أبو شباب-.. ما حقيقت ...
- الاتحاد الأوروبي يؤجل إصدار تقرير يدعم إعادة توطين المهاجرين ...
- الأمم المتحدة تقدر تكلفة إعادة إعمار غزة بـ 70 مليار دولار
- الوزير العامور يدعو ألمانيا إلى الاعتراف بدولة فلسطين ودعم خ ...
- إعادة إعمار غزة.. الأمم المتحدة تتحدث عن -مؤشرات واعدة-
- الجامعة العربية: ندعم جهود الأونروا في تقديم الخدمات الأساسي ...
- الاحتلال يمنع في الضفة الغربية أي مظاهر للاحتفال بالإفراج عن ...


المزيد.....

- “رحلة الكورد: من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر”. / أزاد فتحي خليل
- رحلة الكورد : من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر / أزاد خليل
- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - الذكاء الاصطناعي سلاح الوعي الكوردي