أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جمال الهنداوي - التطبيع الثقافي .. حقاً؟؟














المزيد.....

التطبيع الثقافي .. حقاً؟؟


جمال الهنداوي

الحوار المتمدن-العدد: 8495 - 2025 / 10 / 14 - 00:11
المحور: القضية الفلسطينية
    


كثير من الأسئلة قد تدور في مخيلة المراقب العادي للجدل المحتدم على وسائل التواصل الاجتماعي حول هل ان كون ساسون حسقيل كان موظفا في الحكومة العراقية مبررا كافيا لتقبل كل جرائم وفظائع الاحتلال الصهيوني للأرض العربية ، وهل ان استحساننا وترديدنا لبعض الالحان التي وضعها صالح الكويتي وأخوه في لحظة تجل،أو طربنا على صوت سليمة باشا سبب يجعلنا نتغاضى عن الخارطة التي تستقطع ثلث أراضي العراق وتعلق في الكنيست مذكرة بوعد تلمودي غامض يأتي من بطون الكتب العتيقة، أو عن دعمها المعلن والزاعق لتقسيم العراق وتدمير قواه وسرقة مقدراته وتمزيق بنيته الاجتماعية..
أقرب الى الهمهمة منها الى الهمس.. تتصاعد في الأيام الأخيرة على استحياء – او قد يكون على وجل- بعض الاصوات من هنا وهناك تتحدث عن امكانية التطبيع مع الكيان الصهيوني، على المستوى الثقافي في طروحات أريد لها ان تكون غامضة في البداية، ولكنها بدأت تتكشف رويدا رويدا, تزامنا مع فورة التطبيع الخليجي وما رافقه من ترويج اعلامي مكثف، وان كانت الدعوات لحد الآن تمر من تحت مظلة عبارات مبهمة مثل " التطبيع الثقافي" و" معرفة الآخر "..خاصة مع تعسر – حد اليأس – الحديث عن تطبيع سياسي في ظل الموقف المبدئي والحاسم للمؤسسة الدينية في العراق الممثلة بمرجعية آية الله العظمى السيد علي السيستاني..
ولو تجاوزنا قليلا اعورار هذا الطرح من حيث تقزيمه للثقافي أمام السياسي واعتباره عاملا ثانويا في تشكيل الوعي المعرفي الجمعي للمجتمع، فنرى ان بعضهم يداهن بان التطبيع الثقافي قد يحقق " اختراقا للوعي الاسرائيلي" يضيء للمثقف الاسرائيلي المخدوع ما ترتكبه ادارته بحق الفلسطينيين منذ سبعة عقود، ويحقق السلام المنشود ، متناسين ان مثل هذا التطبيع سيكون مقايضة ضيزى بين الدم والشهداء والجرحى والعاهات الدائمة والأرض المسروقة ، بتسوية مجانية مذلة مغطاة بمصطلحات تمويهية ملفقة تتحدث عن سلام ما في ممكن يتعثر به العرب هنا أو هناك في هذا التيه السياسي والمعرفي العضال..وهو أمر قد يتجاوز التطبيع الى تبرير ممارسات المحتل الثقافية واعادة تدوير العقل العربي ليتحول الامر الى تسليم كامل بخطاب ومتبنيات الطرف الآخر ، وترسيخ الوجود الصهيوني في وعي الأجيال الجديدة كحقيقة قائمة، وتقديمها كنموذج عالي المستوى في التقدم..
دعاة التطبيع ينطلقون من فكرة واحدة لا غير، هو انه لا سبيل أمامنا الا الانخراط ضمن جوق التطبيع كمسار أوحد نحو الدخول الى عالم التحضر والمدنية والديمقراطية والتطور.. وهذا المسار مقنن تماما بما يؤدي الى قبول اسرائيل وشروطها، تحت قناعة بانها أقوى منا الآن, وربما الى الأبد مما يكون معه كل لحظة رفض لهذا التطبيع محض اضاعة للوقت.. وأن جميع المآزق التي نعاني منها هي بسبب معلولات في الذات العربية المنغلقة تنتهي بانفتاحنا على الآخر الحضاري المتنور.. وان المسار الطبيعي للأشياء هو في الالتحاق بالركب الذي بدأته بعض دول الخليج في تدشين مسيرة السلام مقابل ما لا أحد يعرف ما يكون.
وهنا يرتكب دعاة التطبيع الخطيئة الأعظم بمحاولة ضبط النسخة العراقية من التطبيع الثقافي على اشتراطات التطبيع الخليجي، بل قد يكون هذا العنصر الخليجي هو السبب الحقيقي لتلك الحماسة المفرطة التي يبديها بعضهم تجاه مسألة التطبيع، كضامن للتموضع على خارطة الجوائز والمسابقات الخليجية التي لا قيمة لها سوى مردودها المادي والتي غالبا ما تتجمل بأسماء المبدعين العراقيين أكثر مما تقدمه من اضافة للمثقف العراقي.. فالعراق رغم المشاكل العضال الذي يعاني منها لا تمكن مقارنته بأي شكل من الأشكال بكيانات ملفقة متورمة عبارة عن مصارف وأبراج ارسال تلفزيوني مرمية كالدمامل على الخارطة.. وكما أن الحديث يدور عن دولة عميقة فهناك شعب عميق وثقافة عميقة في العراق، شعب - وان كان في خصاصة-يستضيف ملايين الزوار من جهة ، وفي أشد أيامه حلكة استطاع ان يشكل جيشا في غضون يومين أذل أعتى هجمة يمكن أن يتعرض لها شعب .. والعراق, وكذلك غيره من الدول العربية المتنورة تتجذر القضية الفلسطينية في أعماق ضميرها وتشكل عقبة كأداء امام أي محاولة لفرض أمر ثقافي واقع وتقاوم أي سياقات تتنكب المصالح الوطنية العليا للشعب والمجتمع...
ومن يعترض على هذا القول فهذه مصر..فبعد كل الجهود التي بذلها الغرب والصهيونية, وتشجيع السلطات الحاكمة، ولفترات تتجاوز نصف عمر الدولة العبرية ما زالت اسرائيل غير قادرة على تحقيق أي اختراق للمجتمع المصري ونخبه الثقافية تجاه التطبيع الثقافي..ثم هناك مسألة أساسية يتجاهلها دائما دعاة التطبيع، الا وهي افتقار الكيان الصهيوني للعمق الحضاري المعادل، وعدم توفره على خلفية ثقافية يمكن أن يستند عليها في تحقيق التأثير المطلوب ضمن مسيرة التطبيع والتواصل مع الشعوب الأخرى التي تعيش في المنطقة على الخصوص. فاسرائيل ليست سوى اداة بايدي القوى السياسية الكبرى التي يفترض بنا ان نطبع معها أفضل من ان نسير في ركب ادواتها..
والأهم من كل هذا هو ان القضية الفلسطينية تعد جزءاً من مشروع استعادة الحياة والوجود والهويّة لأمة بأجمعها، وباعتبارها جزءا لا يتجزأ من التحدي الثقافي الذي يجب أن تواجهه الأمة بكل إيمان من أجل استئناف مسيرتها الحضارية. وهذا ما يجعل أي حديث عن التطبيع, حتى وان كان ثقافيا , محض خيانة لا غير.



#جمال_الهنداوي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العطر
- ما بعد (غزة).. ليس كما قبلها
- كلام في الحداثة
- موسم الرياض لأهل الرياض.. ما الخطأ في ذلك؟
- اختبار الضمير
- أنتخاب.. أم تزكية
- المال والثقافة
- أمريكا وأيران.. والعرب بينهما
- (سيلفي) خلف النعش
- حديث الدراما
- معاوية..درامياً
- الإعلام العربي.. بين الفشل والتواطؤ
- صراع السرديات.. معركة وجود
- كتب بلا صور
- الديكتاتورية الخوارزمية
- مقدمات جديدة..لتاريخ قديم
- الخلاف والاختلاف
- موقعة ( الأم بي سي)
- مثقفو القصاع
- التاريخ المحكي..والتاريخ المكتوب


المزيد.....




- دموع واحتضانات.. شاهد لحظات لمّ الشمل العاطفية للفلسطينيين ا ...
- تحليل لـCNN.. ترامب يغادر الشرق الأوسط دون إجابات على أسئلة ...
- اتفاقية هداساه.. توقيع جرد جبل المشارف بالقدس من السلاح
- أحمد عارف الحسيني.. عالم ومناضل مقدسي أعدمته -الاتحاد والترق ...
- القارة السمراء.. شابة يحكمها عجزة
- جمعية غراس اللبنانية تقود الأسر من العوز إلى التمكين
- كيف تطورت علاقة طهران بالمقاومة الفلسطينية؟
- شركات الهواتف الصينية تبدأ في تقليد واجهة -آبل- الجديدة
- الجنون المختلق.. إستراتيجية للتلاعب بالخصوم وتحقيق تنازلات ف ...
- هل يستطيع ترامب الإبقاء على التزام نتنياهو باتفاق غزة؟


المزيد.....

- بصدد دولة إسرائيل الكبرى / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى أسطورة توراتية -2 / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى من جملة الأساطير المتعلقة بإسرائيل / سعيد مضيه
- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- رد الاعتبار للتاريخ الفلسطيني / سعيد مضيه


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جمال الهنداوي - التطبيع الثقافي .. حقاً؟؟