أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - جمال الهنداوي - موسم الرياض لأهل الرياض.. ما الخطأ في ذلك؟














المزيد.....

موسم الرياض لأهل الرياض.. ما الخطأ في ذلك؟


جمال الهنداوي

الحوار المتمدن-العدد: 8432 - 2025 / 8 / 12 - 00:15
المحور: قضايا ثقافية
    


لا نملك، بدايةً، إلا أن نقرّ بأنَّ ما نسب إلى المستشار تركي آل الشيخ، رئيس الهيئة العامة للترفيه في السعودية، أنَّ موسم الرياض القادم سيعتمد بشكل شبه كامل على الكوادر الموسيقية والمسرحية السعودية والخليجية، مع مشاركة محدودة لأعمال سورية وعالمية، هو أمر يخص المملكة العربية السعودية وما تراه في تنظيم فعالياتها الثقافية والفنية، ولها أن تدعو أو تستبعد من تشاء من فنانين ومشاركين، هو أمر سياديّ لا نقاش فيه، ولا مسوّغ للاعتراض عليه. ولا يندرج ضمن اهتمامات هذا المقال أو غاياته.. إذ من حق أي دولة أن تمارس حقها في رسم سياساتها الثقافية وفق ما تراه ملائماً لمصالحها ورؤيتها، ويظل ذلك ضمن حدودها المشروعة.
ولو كان لنا أن ندلي برأي حول الموضوع، فقد يكون السداد في تأييد مثل هذه الخطوة بوصفها تقدم فرصاً واعدةِ لدعم وتمكين المواهب المحلية السعودية والخليجية، وتطوير الإنتاج الفني المحلي في المملكة مما يعزز هويتها الثقافية المستقلة، في ظل سعيها لبناء صناعة ترفيهية قائمة على الطاقات الوطنية.
وقد يكون هذا الحق – بل الواجب - بالذات وراء الكثير من علامات الاستفهام- بل الاستغراب- عن حجم الارتباك، بل وربما الهلع، الذي أصاب بعض الأوساط الفنية والإعلامية في مصر إثر هذا التوجه السعودي ، حد عده يمثل نوعاً من الإقصاء غير المعلن للفن المصري، وكذلك حملة التذكير المستمر بالثقل الثقافي للقاهرة في الفعاليات الفنية في المواسم السابقة..وأنها لطالما كانت حاضرةً بقوة في المشهد الفني العربي. وكأنَّ غياب فرصة المشاركة في موسم ترفيهي خارجي هو خسارة وطنية فادحة.
إنَّ ما جرى كشف – دون قصد – هشاشة البنية الثقافية العربية، لا من حيث الإمكانيات أو التاريخ أو الكفاءات، بل من حيث الثقة بالنفس والاعتماد على الذات.. فأن تتلقى دولة كمصر، بكل ما تمثّله من إرث حضاري وفني، صدمة بهذا الحجم لمجرد استبعاد بعض فنانيها من موسم خارجي، فذاك ما يشي بعمق التحول في طبيعة العلاقة بين الثقافة والتمويل، وبين الفن والسيادة.
مصر – ولنسجّل هذا للتاريخ – ليست بحاجة إلى دعوة أو موافقة من الخارج كي تُبدع أو تحتفي بإبداعها. فالمسارح ممتدة من الأسكندرية إلى أسوان، والشاشات والمواهب والكوادر والبنى التحتية قادرة – متى ما توافرت الإرادة – على إنتاج مواسم لا تقل بريقاً ولا جماهيرية عن أي موسم في أي من بقاع الارض..
فمصر، وهي التي أنجبت وجوهاً صنعت الوجدان العربي، ليست بحاجة إلى دعوات خارجية لتؤكد مكانتها أو لتعبّر عن نفسها.. فالبنية التحتية الثقافية حاضرة، والكوادر متوفرة، والتجربة التاريخية تؤهلها لإطلاق مواسم فنية تفوق في زخمها وأصالتها معظم ما يُعرض اليوم على الشاشات والمهرجانات. لكن يبدو أنَّ الذي غاب – للأسف – هو الإيمان الذاتي، والسياسات الداعمة، والأذرع القادرة على تحويل هذه الإمكانيات إلى مشروعات فعالة ومؤثرة.
ولكي لا يبدو أننا في محضر النقد لموقف بعض الفنانين المصريين ، فأن ما يهمنا في هذا المقال أن ما يصحّ على مصر، يصح كذلك على العراق، وسائر البلدان التي كانت – إلى عهد قريب – تمثل مراكز ثقافية مشعة في المنطقة. لكن مع تحوّل رأس المال الثقافي إلى "مكرمة" أو "استثمار سياسي"، بدأنا نرى تهافتاً ملحوظاً من بعض الأدباء والفنانين على المنصات الخليجية، ليس بوصفها مجالاً للتبادل الثقافي، بل بوصفها المورد الوحيد الممكن للتمويل والانتشار.
فالأخطر في المشهد لا يكمن في الاستبعاد، بل في ذلك اللهاث والحرص المحموم من بعض الفنانين والأدباء على الانخراط في مشاريع تمويلية لا تنسجم بالضرورة مع ثقافتهم الأصلية، ولا مع سيادة بلدانهم، ولا حتى مع سردياتهم الوطنية. هذا التهافت أفرز نوعاً من التنازلات الفكرية، تمثّل في إنتاج نصوص وأعمال تتماهى بوعي كامل مع خطاب الجهة المانحة، حتى وإن تضمّنت إساءةً ضمنية أو مباشرةً لبلدان الكُتّاب أنفسهم. ولا يخلو المشهد العراقي من نماذج أدبية باتت تحرص على تضمين نتاجها نقداً للذات يصل إلى حد التحقير والتقزيم ، وتبخيس التجربة الوطنية كشرط غير معلن للقبول أو الفوز بجائزة.
المفارقة أنَّ حجم الأموال التي تُغدَق على هذه الجوائز – بكل سخائها – لا تشكّل شيئاً يُذكر أمام الميزانيات المهولة التي تذهب في بلداننا إلى مشاريع لا تتقاطع مع الثقافة لا من قريب ولا من بعيد. فبينما يُترك الأديب العراقي يتنقّل بين السفارات باحثاً عن "فرصة"، تُصرف ملايين الدولارات على مؤتمرات عقيمة واحتفالات شكلية لا تخلق مثقفاً ولا تُخرّج فناناً.
إنَّ استعادة الكرامة الثقافية لا تتم عبر الشكوى، ولا بتوجيه اللوم للخارج، بل بإعادة الاعتبار إلى الداخل. بنزاهة السياسات الثقافية، وبإيمان الدولة بأن الإبداع ليس ترفاً بل ضرورة وجودية، وبأنَّ المبدع لا يحتاج إلى تذكرة طائرة أو خطاب دعوة – ومصرف جيب على الاصح-، بل إلى من يؤمن به، ويفتح له منابر بلاده أولاً .
المطلوب اليوم ليس مقاومة التمويل الخارجي بحد ذاته، بل كسر وهم الحاجة إليه. فالثقافة لا تحتاج لمن يتفضّل بها، بل تحتاج إلى بيئة حاضنة تؤمن بأهمية المبدع، وتوفر له ما يحفظ كرامته واستقلاله، دون أن يضطر إلى مساومة أو تنازل.
نحن بحاجة إلى سياسات ثقافية نزيهة، تعيد الاعتبار إلى المشاريع المحلية، وتمنح الثقة للمبدعين في بلدانهم، وتحرّر النص العربي من وهم الجوائز ومراكز النفوذ.
فنحن لا نرفض الانفتاح، ولا نغلق الباب أمام التفاعل، لكننا نرفض أن تتحوّل الثقافة إلى وظيفة في دائرة العلاقات العامة، أو أن يُعاد تشكيل وعي المبدع العربي بناءً على ميزانية المهرجان أو ذوق الجهة الداعية.
وهنا نرى أن الواجب هو دعم توجه السلطات الثقافية في الرياض في مشاريع سعودة النشاط الثقافي وتوطينه، لا الولولة على فرص شخصية – بحت- ضائعة لبعض التهريج مسبق الدفع، ففي النهاية، الكرامة الثقافية لا تُمنح، بل تُبنى، وتُنتج على أرض الواقع.. ومن أرض الواقع.. وتنبع من آمال وتطلعات وضميرالشعوب.. لا من دفتر الشيكات.. وكل التوفيق للأهل في السعوديه توجههم الجديد.



#جمال_الهنداوي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اختبار الضمير
- أنتخاب.. أم تزكية
- المال والثقافة
- أمريكا وأيران.. والعرب بينهما
- (سيلفي) خلف النعش
- حديث الدراما
- معاوية..درامياً
- الإعلام العربي.. بين الفشل والتواطؤ
- صراع السرديات.. معركة وجود
- كتب بلا صور
- الديكتاتورية الخوارزمية
- مقدمات جديدة..لتاريخ قديم
- الخلاف والاختلاف
- موقعة ( الأم بي سي)
- مثقفو القصاع
- التاريخ المحكي..والتاريخ المكتوب
- السيرة.. بين التوثيق والتلفيق
- الثقافة العربية.. والآخر
- فقه التكسب
- ثقافة تلامس الروح


المزيد.....




- ترامب عن قمته مع بوتين: ربما خلال دقيقتين سأعرف ما إذا كان س ...
- بقيمة 7.7 مليار دولار.. -باراماونت- تبرم عقداً لبث -يو إف س ...
- جورجينا تستعرض خاتما.. هل تتزوج رونالدو أخيرا؟
- ليبيا: خليفة حفتر يعين نجله نائبا له - فما هي مهامه؟
- دوجاريك: إسرائيل تقتل الصحفيين لمنعهم من نقل ما يحدث بغزة
- كيف حاولت إسرائيل تبرير جريمة استهداف صحفيي غزة؟
- القوات السودانية تصد هجوما واسعا للدعم السريع على الفاشر
- مقترح إسرائيلي أميركي بإنهاء أو تمديد محدود لليونيفيل في لبن ...
- إسرائيل تعلن تسريع خطة احتلال غزة وسط تحذيرات وانقسام داخلي ...
- ألبانيزي: إسرائيل تقتل الصحفيين بوقاحة والحكومات تساعدها على ...


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - جمال الهنداوي - موسم الرياض لأهل الرياض.. ما الخطأ في ذلك؟