أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ازهر عبدالله طوالبه - غزة من قضية محليّة إلى معركة عالمية.














المزيد.....

غزة من قضية محليّة إلى معركة عالمية.


ازهر عبدالله طوالبه

الحوار المتمدن-العدد: 8483 - 2025 / 10 / 2 - 16:12
المحور: القضية الفلسطينية
    


لم تكن عملية طوفان الأقصى، على ضخامتها وصداها الاستراتيجي، سوى إحدى حلقات المقاومة الفلسطينية في مواجهة الاحتلال. كان يمكن لهذه العمليّة أن تأخذ مسارًا مشابهًا لعملياتٍ سابقة مثل: سيف القدس. حيثُ يستعر الاشتباك لأسابيع أو أشهر، ثم تنطفئ النيران مؤقتًا من دون أن يغيّر ذلك قواعد اللُّعبة الكبرى. لكنّ، ما حدث هذه المرة أخرج المشهد من إطار "العملية العسكريّة" إلى ما هو أبعد: إلى صراعٍ دوليٍّ على شكل النظام العالميّ المُقبل.

فما جرى بعد السابع من تشرين الأوّل، لا يُمكن عزله عن الاستراتيجية الأميركية في المنطقة. فإرسال حاملات الطائرات والأساطيل البحرية إلى شرقِ المتوسِّط لم يكن خطوة دفاعية لحماية إسرائيل فحسب، بل رسالة موجّهة إلى إيران ومحور المقاومة بأكمَله. واشنطن قرأت العمليّة باعتبارها فُرصةً سانحة لإشعال مواجهةٍ أوسع، يُمكن أن تفتح الطريق إلى ضرب إيران أو على الأقل إنهاكها، بما يضمن إعادة ترسيم ميزان القوى في الإقليم، وبالفعِل، هذا ما حدَث.

بهذا المعنى، لم تتعامل الولايات المتحدة مع غزة كجغرافيا مُحاصرة أو كملفٍ فلسطينيٍّ داخليّ، بل كمسرحٍ مُتقدّم لصراعها على الهيمنةِ الدوليّة. فالتّصعيد لم يكن خيارًا إسرائيليًّا خالصًا، بل جزءًا من وظيفة إسرائيل في المشروع الأميركي: أداة لتنفيذ حرب وكالة تستهدف خصوم واشنطن.


إسرائيل، التي حصلت على تعهّداتٍ أميركية بدعمٍ غير مسبوق، لم تعُد ترى في المواجهة مع الفلسطينيين مجرّد صراعٍ محليّ، بل مدخلًا لتحقيق مشروعها الأوسع " إسرائيل الكُبرى"، المُتمثِّل بالسيطرة على كامل المِنطقة. في المقابل، واشنطن منحتها الغطاء السياسي والعسكري والاقتصادي، مقابل أن تتحمّل إسرائيل مهمة إشعال الجبهة مع إيران، أو على الأقل استدراجها إلى مواجهةٍ مفتوحة تُعيد المنطقة إلى حالة "حرب حزيران" جديدة. لكن، في ظروفٍ أكثر تعقيدًا وتشابكًا.


وفي ذات السّياق، فإنَّ ما يدور في غزة لا يمكن فصله عن ما يجري في أوكرانيا. كلاهما ساحة من ساحات الحرب، التي تخوضها الولايات المتحدة للحفاظ على النظام أحادي القطبيّة. ففي أوروبا، تم دفع روسيا إلى حرب استنزافٍ طويلة، وفي الشرق الأوسط، يُستخدم الاحتلال الإسرائيلي لفتحِ جبهةٍ مع إيران ومحورها. الهدف النهائيّ واحد: عرقلة صعود أقطاب مُنافسينَ، سواء كانوا روسيا أو الصين أو قوى إقليميّة مثل: إيران.

إنها استراتيجية "الحروب الموزّعة". فبدلًا من مواجهةٍ مباشرة وشاملة مع القوى الصاعدة، تُشعل واشنطن بؤر توتُّر مُتزامنة، تربك خصومها وتستنزف طاقاتهم، وتُبقي يدها هي العليا في إدارة ميزان القوى العالمي.

هكذا، تكون غزّة قد تحوَّلت من ساحةٍ فلسطينيّة محاصرة إلى شرارة صراع عالمي. فالقضية، في بعدها المباشر، لم تعُد مرتبطةً بالحصار أو بالمقاومة وحدها، بل أصبحت جزءًا من معركةٍ كبرى لتحديد وجهة النظام الدولي. فما تفعله الولايات المُتّحدة اليوم هو إعادة إنتاج "الحرب الباردة" بطريقة أكثر عُنفًا: مواجهةٌ مع روسيا في أوروبا، مواجهة مع إيران في الشرقِ الأوسط، وفي الخلفيّة إبقاء الصين محاصرة بضغوطٍ اقتصاديّة وعسكريّة في آسيا.


إذَن، المسألةُ ليست طوفان الأقصى في ذاته، بل استثمار أميركا لهذه العملية وتحويلها إلى مدخل لصراع أوسع. لقد أشعلت واشنطن من غزة شرارة حرب القطبية الحصريّة، تمامًا كما وسّعت الحرب في أوكرانيا. وبينما تُغري إسرائيل بوعد السيطرة على كامل فلسطين، ومِن ثمّ تحقيق "إسرائيل الكُبرى"، تدفعها، أيضًا، إلى دورٍ أخطر، وهو أن تكون رأس الحربة في مواجهة إيران ومحور المقاومة.
نحن أمام لحظةٍ تاريخيّة، لا تُختصر بحدود فلسطين، بل ترتبط بمسار العالم كُلّه، وبسؤال من سيكتب قواعد النظام الدولي المقبل.



#ازهر_عبدالله_طوالبه (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غياب تونس وإيران عن التّصويت: دلالات تتجاوز الصّمت
- حين يُصبح قتل المُفاوض هدفًا استراتيجيًّا اسرائيليًّا.
- حينما تتقدَّم إسبانيا ونتأخَّر نحنُ.
- الاستقالات الهولنديّة وصمت الحكومات العربيّة.
- إسرائيل الكُبرى: المشروع الأخطر على وجود دول الطوق.
- في مواجَهة الاحتلالِ الصهيونيّ: نحو مشروع تحرُّر جديد للمِنط ...
- حين تصبح التكنولوجيا شريكًا في الجريمة: مايكروسوفت، إسرائيل، ...
- في قلب الصراع: إيران بين الضّغط الأميركيّ وخيارات القوّة.
- الأردن بينَ النيران، لكنّها لن تلتَهِمهُ.
- إسرائيل كقاعدة استعماريّة وأداة للهيمنة.
- رسالة للأشقّاء السوريين.
- الصراع في سوريا المنطقة: صفقاتٌ خفيّة وتحدّيات مصيريّة.
- الهيمنة الغربيّة على حوض المحيط الهندي: قراءة تاريخية وتحليل ...
- برغماتيّة ترامب وموالاته للحركة الصهيونيّة.
- علينا أن نّفكّر بمنطق.
- ماذا علينا أن نفعل بعد صرخَة -آرون-.
- لنُراهن على ذاتنا، ولنتوقّف عن تقديس أداة الفُرس.
- المُقاومة وتصريحات وزراء الخارجيّة العَرب..
- فرحةٌ للوطَن ومِن ثمّ لنا.
- معمعة التخبُّط والمتاهات: الكيان الصهيونيّ أنموجًا.


المزيد.....




- -أفضل صديقين للأبد-.. عودة تمثال ترامب وجيفري إبستين إلى ناش ...
- الأمير ويليام: سأُغيّر في النظام الملكي عندما أصبح ملكاً
- شرق ألمانيا .. سخط على السياسة وانتخاب للمتطرفين فما الحل؟
- مهاجرون يفكرون بمغادرة شرق ألمانيا نحو غربها.. ما الأسباب؟
- ألمانيا تحيي الذكرى الـ 35 لسقوط جدار برلين و-انتصار الحرية- ...
- بعد 35 عاما على الوحدة.. هوة كبيرة بين شرق ألمانيا وغربها!
- ألمانيا: استئناف الرحلات في مطار ميونيخ بعد تعليقها لساعات إ ...
- الاحتجاجات في المغرب: حركة -جيل زد 212- تطالب باستقالة الحكو ...
- رحلة العراق نحو الاستقلال بين التاريخ والجدل
- -لن أفعل ذلك بعد الآن-.. بوتين -يمزح- بشأن توغلات المسيرات ا ...


المزيد.....

- بصدد دولة إسرائيل الكبرى / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى أسطورة توراتية -2 / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى من جملة الأساطير المتعلقة بإسرائيل / سعيد مضيه
- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- رد الاعتبار للتاريخ الفلسطيني / سعيد مضيه


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ازهر عبدالله طوالبه - غزة من قضية محليّة إلى معركة عالمية.