أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد خضير سلطان - فكرة مسرح الحياة وسط جلبة الموت/ طقس الصلاة في طاحونة حرب















المزيد.....

فكرة مسرح الحياة وسط جلبة الموت/ طقس الصلاة في طاحونة حرب


محمد خضير سلطان

الحوار المتمدن-العدد: 1828 - 2007 / 2 / 16 - 06:03
المحور: الادب والفن
    



هل كان الظلام قيمة فنية من خصائص الفن المسرحي، ولاتكتمل مشاهدته بدون العتمة ، ولن ينبثق ضوء ألا في حضوره المطبق، وهل يختل المشهد باضواء النهار الفيضية فيفقد عنصرا فنيا لازمه طوال عصور هذا الفن وماذا اذا كان ظلام الليل بغداديا هذه الايام، تنكفيء له الاضواء، وتغلق فيه ابواب المقاهي والبيوت، ولاتبرق في سمائه ألا ومضات الرصاص ، ولن تسمع منه ألا زعيق سيارات الاسعاف وهزيم الانفلاقات، انه ليل الاضواء الشاحبة على ابواب المستشفيات ومراكز الطب العدلي المفتوحة.
في تجربة مسرحية متفردة، يخترق الفنان جبار محيبس ليل المسرح، وينشىء فكرة نهار المسرح وسط الناس حين يستوقف المارة والعربات على رصيف مرأب باب المعظم ، ويشارك بعمله المسرحي بمناسبة افتتاح ملتقى المستقبل التابع لمنظمة ( اين حقي ) الثقافية

ادوار
ثمة من يعتقد، ان الليل وسدوله المعتم هو الحيز الزماني لانبثاق انوار المسرح، وهو المجال الحيوي للفعالية المسرحية ومن دون اضاءة العتمة باطياف درامية لا ننشد فنا مؤثرا ولا نحقق تكاملا مأمولا في هدفية هذا الفن الانساني الفائق، والمسرح تبعا لهذا الاعتقاد ، يحتاج دوما الى ظلام لكي تنبثق انواره وهو مثل شمعة اجمل ما في مشهدها ان تكون وسط العتمة حتى تزيح جزءا منها، ولعل هذا الاعتقاد يعود الى تجذر الفن المسرحي في الكيان الانساني حين كان الانسان لاينشد اويروي ألا من خلال حضوره الجماعي، الطقوسي، الاحتفالي وكان الظلام جزءا من العالم ، وكل شيىء في الاناشيد والصلوات هو محاولة جمعية لتبديد الخوف والابهام في الطبيعة حتى جاء المسرح كوسيلة عقلانية للانتصار على المخاوف ومحاولة لحل ازمة في الوجود، لقد نقل هذا الفن الاسطورة الانسانية الى منصة المسرح واجرى نقلة تجريدية للاحتفال والطقس بواسطة الفرجة بعد ان كانت الشعائروالطقوس تؤدى في الحياة قبل اكتشاف المنصة او الخشبة.
ومن غير المعقول ألا يبعث هذا الاعتقاد على التشكيك بعد ان قطعت الانسانية اشواطا عديدة من الارتقاء، رافقها خروج الشعر من الاسطورة مثل خروج الرواية من المسرح الاسطوري فضلا عن نمو المعرفة وانتقالها من ثنائيتها المشروطة بالظلام تعبيرا عن المجهول والابدي الى جدلها القائم على سيرورتها العلمية المشروطة بالانوارتعبيرا عن النسبي والمعرفي ، لذا اجريت بعض التغييرات على هذا التصور في العصور الحديثة حين بدد العلم ظلام المخاوف الانسانية وتمكن الانسان من الشروع في السيطرة الاولية على العالم، وصار يعد الليل حيزا زمانيا للاستعادة، وهو ليس جزءا من فكرة اسطورية متجذرة قدر ما يكون فسحة هادئة لاستعادة واقعة العمل الانساني في النهار فلا يمكن مزاحمة النهار في دراماه الواسعة وعلى ذلك قيل ما يكتب على عناوين الصحف في الصباح، تجده على المسرح في المساء.
دراما الحياة، مسرح حقيقي
الواقع ان المساء في ضوء ذلك، لابد ان يحل تزامنه مع المسرح ويغدو عنصرا بصريا يحتاجه هذا الفن كما تحتاج الشاشة مصدر الضوء...... ولكن، السؤال اليوم في وضعنا العراقي الراهن ابعد من مدار الفكرة ، وينظر اليها بمدار آخر، يضع الحياة كلها امام المسرح، اذن ... كيف يربط الفن المسرحي تزامنه مع الحياة اذا كانت حياتنا دراما حقيقية لايستطيع الفن ان يعادل بشاعتها بالصوت الانساني المخنوق في جلبة الحرب والقتل والفناء، كيف يتزامن مع حياتنا العراقية التي كما يقال، لايحيا فيها ألا الموت، هل يغدو المسرح( نداء الى الاحياء) ، من يشاهد اذا كانت المأساة مطبقة، وكيف نجد صوت التاريخ في النص اذا كان الموت ذاته الحق بهوراشيو ايضا، من يبق على كراسي النظارة سوى النعيب القادم من مقابر بعيدة وقريبة.
نهار مسرحي
وقبل ان يكتمل المشهد، شرع المسرحي العراقي جبار محيبس في تجربته الجديدة الحية بايقاف المارة في احد جوانب مرأب وسوق باب المعظم الكبيرين، وقطع طريق السيارات وناقلات الجنود المدرعة وشاحنات الخضار، وصاح يرافقه ممثلان(عقيل الربيعي وقصي حاتم) دعونا نستوقفكم قليلا حتى نستوقف القتل ، نحن في مداك ايها القاتل، تمرون من هنا وتموتون، وفي كل الاحوال نستعيد المشهد ونموت ، نؤدي طقس الصلاة في طاحونة حرب، وضع الفنان محيبس كمامة رقيقة على وجهه ، تقيه غشايا القتلى، وقفازين على كفيه ولبس معطفا ابيض واستبعد في المشهد ان يتناول بين يديه مشرط الطب العدلي ولكنه حين اراد ان ينثر بعض التوابيت ، هرع الى سطوح محلات الخضار الخفيضة فجلب جمعا من صناديق البرتقال او التفاح، وادخلها في دلالة الموت.
يدور حدث المسرحية حول ثلاث شاحنات حاملة الموتى ، وتجوب العالم، لماذا ، لأن الموتى بلا وطن لايستقبلهم احد حتى المدافن، فاقدو الهوية ومن شدة الموت لاتعرفهم حتى امهاتهم وحين تكل الشاحنات من الدوار حول العالم، لاتفرغ حمولاتها ألا في دياجير الطب العدلي، تصرخ جوقة الممثلين، طوبى لوطن لايدرك ألا على مشرط الطب العدلي او سيف الجلاد.
ما هذا ،سأل احد المارة بعد ان دفعه الاطمئنان الى ان يقطع طريقه الى بوابة المراب ويقترب من اصوات المسرح الحي، لم يجبه احد ولم يكن بحاجة الى الجواب حين اخذ مكانه بين الواقفين.
يتساءل الممثل، هل تطمس هوية القتيل هويتنا الوطنية، يتهكم ، لماذا لانعيد الرؤوس المقطوعة الى اصحابها غير الحقيقيين، لندع امام كل عراقي رأس آخر قتيل ولننظر من هو الاكثر قتلا، تأملوا اذا لم نعرف القتيل، هل يعني انعدام القاتل....يا لهذا الوطن الحزين كجثة في مقتبل الموت.
وحين استطاع الفريق المسرحي للفنان جبار محيبس ان ينجح في مغامرته الفنية الصعبة، ارادها ان تتسق مع الايقاع الحذر لمرأب باب المعظم وحركة المارة والمتبضعين السريعة خشية انهمار رصاص في مكان ما من السوق ، لذا عمل على تنفيذ مسرحيته كمعركة خاطفة في حركات سريعة يتسع لها رصيف المرأب وتداع لغوي اسرع في زمن حي مشدود بتوقع انفجار او اطلاق بنادق.
وجاء هذا العمل المغامرة قرينا بمغامرة آخرى لاتقل اندفاعا عن محاولة محيبس بل ان محاولة محيبس هي بمناسبة افتتاح ملتقى المستقبل ( منظمة مجتمع مدني ) التابع الى منظمة ( اين حقي) قرب مرأب باب المعظم حيث اتخذ هذا الملتقى من احدى المقاهي مقرا له واستأنف نشاطه الثقافي كل اسبوع.



#محمد_خضير_سلطان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تنازل الدولة عن الاعلام
- ما الذي لا يحدث لكي لا ننتبه /الى الشاعر الراحل خال حمرين
- صانع الجرار التي لاتتحطم
- الجدار العالي بين مجرى الدم ومسرى النفط
- المصالحة الثقافية اولا
- مقارنة بين الدستورالاتحادي والفدرالي الكوردستاني/ المركب الس ...
- تطبيقات مبكرة لهوية السرد في الذاكرة الرافدينية/ القاصان محم ...
- العلامة حسين علي محفوظ/ لم اقو على السياسة ولو بحمل عصاي بعد ...
- قراءة في مسودة مشروع قانون لهيئة الاعلام العراقي-- الطرائق ا ...
- رواية (سبت يا ثلاثاء) لزيد الشهيد/ النموذج الاخير في البناء ...
- حيوا المجازين ......نصيحتان للبرلمانيين قبل لقائهم بالناس
- تعريف وحوار المعضلة العراقية على طاولة مفكر عراقي
- الالف توقيع
- الاحساس بالزمن
- من يؤيد الاحتلال ؟من يقف ضد الفاشية؟
- تصل او لاتصل.....رسالة الى اربيل
- الوجه الغائب عن تحليل الديمقراطية العراقية/هدم الكهف واطلاق ...
- الديمقراطية العراقية -صورة اولية لصنع الذات وتحققها على الار ...
- تلازم صحة القرار السياسي مع الارتقاء الامني
- احزان مرحة


المزيد.....




- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد خضير سلطان - فكرة مسرح الحياة وسط جلبة الموت/ طقس الصلاة في طاحونة حرب