أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد خضير سلطان - الجدار العالي بين مجرى الدم ومسرى النفط















المزيد.....

الجدار العالي بين مجرى الدم ومسرى النفط


محمد خضير سلطان

الحوار المتمدن-العدد: 1809 - 2007 / 1 / 28 - 07:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لايستطيع المراقب ان يحدد اسباب الاشتعال الدموي المستعر في العراق دون ان يقترب من مسارين،يتوسطهما سد مريب مثل جدار عال، الدم الذي يجري، والنفط الذي يسري، وكلاهما امام اعين العالم ، يتصدران نشرات الاخبار، وكلاهما بعيدان عن اتخاذ قرار صعب من قبل الشركاء في العراق والعالم الجديدين،وكلاهما بلا خيار ان يتوقف احدهما ليستمر الآخر او ان يتوقف عنصر الملهاة ليستأنف تواصل المأساة، فلا الدم العراقي البرىء، يحمل على المسؤولية عند الادارة السياسية وليس ثمة من يدعي شيئا في عنقه أزاء ما يحدث، بل بالعكس، فقد صرح مسؤول كبير سابق بانه استطاع في عهده تحويل شلالات الدم الى اعراس،وكوابيس الخراب الى طقوس قربانية ممتزجة برضى ألهي، وهو مطمئن لما يقول ومحاوره الاعلامي وسط هالة التبجيل ابعد من ان يستشعر خزيا مهنيا ليبادره بشيىء في غمرة الادعاء بالاعلام الحر،كما ان النفط يسري فقط من اجل ترميم الاوضاع الادارية والسياسية على نحو اقتصادي-مالي لتغطية النفقات العسكرية، البرلمانية وما شئتم لا ان يتخذ كقرار حاسم في المفاصل الاساسية المرجاة منه.
والاعمق في التراجيدية العراقية، ان حالة الهدرالبشري والاقتصادي، تقوم على تحويل الادارة الى طقس شعائري تتماهى فيه حسابات الواقع الدقيقة مع صيحات الجوقة وتراتيلها المتصاعدة بحيث يفتقد الاحساس بعنصر الزمن ويضيع الحدث الآني بالدراما التاريخية المؤداة بطقس جماعي،
في جانب خفي من الظاهرة الطقسية،ووراء جدار فاصل، تقوم ماكنة الادارة الحقيقية للاستعاضة عن كل دفقة دماء بمايعادلها من تامين نفقات مؤلفي ومستشاري المسرح العراقي.
ربما يكون الدم الشاخب في كل مكان من البلاد مناورة ظلامية مضادة، تحول دون الاستقرار والتقاط الانفاس واستعادة وعي الواقع بعيدا عن مماهاة المسرح وانطلاق الاعمار وقطع الطرق على آثار الاستبداد وهو هدف اسهل من ان يصل الفعل الارهابي الى تسجيل ملحوظ في استهداف منابع البترول اكثر من منابع الدم، واذا كان كذلك فما اسرع ما تتخذ الاجراءات وتتدبر الامور للحد من الاختراق، اي ان الذهب الاسود ادعى الى اولوية الاهتمام من الدم الابيض (كناية عن البراءة) في الحسابات الاستراتيجية للادارات السياسية جميعا ، في حين من المفترض ان الاولوية الوطنية تستدعي الحفاظ بكل الاثمان على منابع الدم، والنفط الهادر الى اي مكان قد يكون ورقة بيد الآخر، شديدة الحساسية وتمنع انتقال الصراعات الى خارج البلاد وتحول دون انهيار الوضع السياسي،( محليا واقليميا ودوليا) وبين المسارين ، يرزح المجتمع العراقي في عناء اسطوري امام مزولة من عقربين، الدم والنفط، ، الوجود والارض، العقل والضمير، وكل شيىء ولاشيىء.
وتتوسط المزولة جدارا عاليا ، يقف مثل ضمان ممكن، تحتمي به الادارات الجديدة وتغالب فكرة ان تستطيع السيطرة فلا تقدر، فالنفط فكرة لاستمرار اللعبة وتغطية النفقات وطريقة للتخطي غير المامون، والدم كابوس لامجال فيه لليقظة وبالتالي فان الجدارحلبة للقفز في اية لحظة والهروب من البلاد وسخائها المر .( بالمناسبة، هذا ليس تضمينا الى الغاء هذا الجدار ولكنها دعوة الى اقامة جدار مقابل يضمن اولويات المصلحة الوطنية)
واذا ما افرز الوضع الامني والسياسي في العراق في سياقه الدرامي اليوم مظهرا ضاريا جديدا- ولنأخذ الهجرة القسرية مثالا بعد تفجير المرقدين بسامراء في شباط – فبراير عام2006 ، بغض النظر عمن وراء الحدث كائنا من كان لانه ليس من المريخ، فهذه ليست المشكلة هنا ان نعود الى قضايا المتابعة والتحقق المطلسمة فالعقدة ليست بوليسية باية حال في التراجيديا العراقية ولكن- من المتوقع بكل بساطة لدى المراقبين والناس ايضا والمهجرون منهم، هو الاحساس بضيق وانعدام مساحة الامل في توصل المؤسسات البرلمانية والحكومية نحو ايجاد أي حل مناسب مهما كان المظهر مبكرا وفي ادواره الجحيمية الاولى بل سوف يلتحق المظهر الجديد الذي افرزته الظاهرة العراقية التراجيدية سراعا في ركب المشكلة الكبرى (ملف جديد آخر يضاف الى الطاولة) لكي يشكل رعبا جديدا وعبأ مضافا ما يلبث قليلا حتى يدخل الطقس الدرامي السياسي، ويتكامل على نحو معين ، ليكون احد المفاصل الصعبة للقضية العراقية ويمسي محكوما كالملفات الآخرى بالبطء والتململ مع حالة الترحيل الدائم للحلول على امل ان يتكامل الحل الشامل يوما ما ثم ينشر جناحيه وينقض بمخالبه على التفاصيل الجانبية ليرمي بها بعيدا (اين، لااحد يدري؟) وتعود الامور الى نصابها، في بلاد دينوقراطية ، ميتا سحرية، انطلاقا من ان الحل الجذري لايكمن بالمظاهر المستحدثة وانما بما ينجم عنها (بيت الداء) ،ومع ذلك فأن القوات متعددة الجنسية لاتحتفظ بالصبركما تعلن الى الابد وهناك من يحاسبها في الرأي العام لشعوبها، وتعتقد الاستمرار بالاخطاء لابد ان يقودها الى كارثة ، وعلى اثر ذلك ، اعادت النظر في ترسيم خططها، وانطلقت من ان حدث تفجير المرقدين المقدسين في سامراء بداية الاعتراف بالاخطاء والانتقال الى خطط جديدة بعيدا عن المراوحة والتزمت، علما ان اعداء العراق من العراقيين واعداء العراقيين من العراق او اعداء العملية السياسية الجارية واعداء السياسة العملية بعد ان ولى نظام الاستبداد، سمهم ما شئت ولكن لا تسقط كلمة اعداء، كل الهؤلاء قد استفادوا كثيرا من المراوحة في الخطى والتبجح وعدم الوثوب الى الحل وعدت ستراتيجية قائمة، تحسب لهم في المزيد من كسب الوقت في سبيل ساعة صفر دولية او اقليمية، تعيد موقعة العراق بالطريقة التي تناسب الوضع الفقهسياسي العربي المستحكم من المحيط الى الخليج من جهة، ووضع المقتضيات الاقتصادية- السياسية المستحكمة في السلوك السياسي للغرب واميركا وقسم من دول آسيا المتمفصلة في ركابها من جهة آخرى،
والعراق الراهن هو عربة قادمة من المستقبل ، استجلبها العناء الاسطوري للعراقيين في ساعة صفر كونية واذا بهذا العناء يتواصل من اجل اعادة وتزويل لعقارب هذه الساعة لتعود الى الزمن المستنفد في مقاطعات الفقهاء العرب والعراقيين فيتواصل معه الدم المراق وبهذا ايضا فأن العناء الاسطوري في الواقع العراقي الراهن، يتبدى في احد وجوهه مثل مشروع امل زائف، ينشأ عنه طموح خرافي آخر لنشدان الحل ولا يرافقه تبصر واقعي في تحليل العناصر وقياس طاقة عطائها على الفعل المجدي، فالانهيار السريع في مؤسسات الدولة المستبدة وعدم اتخاذ الجهاز الدولتي الجديد شكلا تطوريا صارما او مقبولا في المؤسسات الديمقراطية الجديدة، جعل الانهيار السريع ، يتحول بانسيابية هائلة الى المكونات الاجتماعية ويستتبعه تداع عبثي في هيكلية المواقع على الخارطة السكانية والاقتصادية والثقافية في حالة مشاعية متأخرة من استنفار الاثنيات والطوائف، وبذلك فنحن ندخل مخاضات عنف اهلي لم يألفه او يدركه العالم واذا توصل الى ادراكه فسوف يغض الطرف عنه لانه سيقطع طريق برميل النفط الى اسواقه ولان الحروب الاهلية في التاريخ ، لم يشترك النفط في ضرامها، انهم يعلمون بحكم التجارب ، بان حرب الاهالي ما هي الا كمية محدودة من السلاح والطاقة البشرية ، وتعاون بالستي من الجوار، لابد ان يستنفد وتعتبرمخاضا سياسيا ، تشرق الشمس بعده حتما ولاتتعدى التحصينات ونقاط التماس المحددة بين حي سكني وآخر ومدينة وآخرى ثم تعود الطاقة البشرية والسياسية المهدورة الى رشدها، ولكن في العراق فان الامر مختلف تماما، تتقاتل الطوائف والاعراق وعيون الآخرين( الدول الكبرى) لاتخشى على الدم المراق وانما تخشى أغلاق صنبور الطاقة الاساسية في العالم( النفط) ، تخشى ان يضاف الى طوبغرافيا الصراع آبار البترول وهو سلاح جديد في تاريخ الخصومات الاهلية فأي نوع من العنف الاهلي هذا الذي يعطل البشرية كلها وفي نتيجة ذلك تتحقق احلام بعض الدول النفطية في رفع سعر البرميل الى الدرجة التي من المستحيل ان تتخيلها في اوقات السلم، وقد كانت هذه الدول النفطية تنتقل من سلاح النفط المستهلك في المعارك الجديدة الى سلاح رفع سعره الاكثر خطورة.
ولعل من المفيد القول بان سريان واستمرار تدفق النفط العراقي بعيدا عن العدادات التي ادخلت اخيرا لتنظيم وحساب كميات التصدير وبعيدا عن رفع الاسعار التي تربك- اذا ما حدثت- الجداول الاحصائية والبيانية لاقتصاديات القوات متعددة الجنسية وتؤثر سلبا في ردود افعال مؤسساتها المدنية، هو السد العالي الذي يمنع من انهيار المؤسسات السياسية والحكومية المباشر في العراق من خلال مخرجات صندوق التنمية في الامم المتحدة وليس الموازنة المالية واذا كانت المالية العراقية تعمل وفقا لحسابات اقتصادية وتبادلية دقيقة ألاانها مرتبطة جوهريا بنظام عدم الاستقرار الفعلي المتمثل في الموازنة الحقيقية في خزانة الامم المتحدة، ومن الطبيعي فان هذا السد العالي متماسك ببعده الاقتصادي الاهم وغير قابل للانفجار من قبل العمليات المسلحة ويقف خلفه الحراس العراقيون ومتعددو الجنسية وغيرهم ويستفيد من عائداته المالية المحلية كرواتب، الموظفون والشرطة والنواب واالسياسيون وذو القربى من جميع الاطراف.
ولكن ما ان ينتهي ظل الجدار العالي وتتخطاه الخطى الى الخلاء الواسع حتى نكتشف بان الخطى ماعادت كما كانت على ثباتها والرؤية اختلت بكل موازينها ومستوياتها فالجدار فكرة لاستمرار اللعبة ودريئة للاحتماء اكثر منه مركزا للامان وصندوق تنمية العراق، وجد لصيانة هذا الجدار وهو مثل الحفاظ على اموال القاصرين في المؤسسات الجديدة مع حسم ضرائب الحرب كلها حتى يظن العراقي بانه في ساحة حرب مستباحة وهو مسلوب القدرة في هذه الساحة بين النفط الذي يسري والدم الذي يجري، وخارج الجدار، يقع الحدث الحقيقي وليس له من جدار مقابل فما احوجنا الى جدار المجتمع الجديد الى جانب جدار الادارة وليس صعبا لمجتمع اسطوري ان يكتشف لحظة واقعية عبر جبهة قوى وطنية وديمقراطية ، تتخذ قرارا صعبا في اولوية الهدف العراقي وتوازنه الاقليمي والدولي على جميع الصعد.



#محمد_خضير_سلطان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المصالحة الثقافية اولا
- مقارنة بين الدستورالاتحادي والفدرالي الكوردستاني/ المركب الس ...
- تطبيقات مبكرة لهوية السرد في الذاكرة الرافدينية/ القاصان محم ...
- العلامة حسين علي محفوظ/ لم اقو على السياسة ولو بحمل عصاي بعد ...
- قراءة في مسودة مشروع قانون لهيئة الاعلام العراقي-- الطرائق ا ...
- رواية (سبت يا ثلاثاء) لزيد الشهيد/ النموذج الاخير في البناء ...
- حيوا المجازين ......نصيحتان للبرلمانيين قبل لقائهم بالناس
- تعريف وحوار المعضلة العراقية على طاولة مفكر عراقي
- الالف توقيع
- الاحساس بالزمن
- من يؤيد الاحتلال ؟من يقف ضد الفاشية؟
- تصل او لاتصل.....رسالة الى اربيل
- الوجه الغائب عن تحليل الديمقراطية العراقية/هدم الكهف واطلاق ...
- الديمقراطية العراقية -صورة اولية لصنع الذات وتحققها على الار ...
- تلازم صحة القرار السياسي مع الارتقاء الامني
- احزان مرحة
- العائدون من المقابرالجماعية/جمهورية فاضل الديمقراطية العادلة
- نسق الثقافة والمتغير الاجتماعي محاولة في نقد المفارقة
- النظر الى الاعلام العراقي
- برنامج تلفزيوني /ثالث النهرين / الحلقة الاولى محنة الاختيار


المزيد.....




- وحدة أوكرانية تستخدم المسيرات بدلا من الأسلحة الثقيلة
- القضاء البريطاني يدين مغربيا قتل بريطانيا بزعم -الثأر- لأطفا ...
- وزير إسرائيلي يصف مقترحا مصريا بأنه استسلام كامل من جانب إسر ...
- -نيويورك تايمز-: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخ ...
- السعودية.. سقوط فتيات مشاركات في سباق الهجن بالعلا عن الجمال ...
- ستولتنبرغ يدعو إلى الاعتراف بأن دول -الناتو- لم تقدم المساعد ...
- مسؤول أمريكي: واشنطن لا تتوقع هجوما أوكرانيا واسعا
- الكويت..قرار بحبس الإعلامية الشهيرة حليمة بولند سنتين وغرامة ...
- واشنطن: المساعدات العسكرية ستصل أوكرانيا خلال أيام
- مليون متابع -يُدخلون تيك توكر- عربياً إلى السجن (فيديو)


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد خضير سلطان - الجدار العالي بين مجرى الدم ومسرى النفط