أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عامر عبد رسن - العراق أمام مرحلة جديدة من الفرص النفطية والاستثمارية















المزيد.....

العراق أمام مرحلة جديدة من الفرص النفطية والاستثمارية


عامر عبد رسن

الحوار المتمدن-العدد: 8478 - 2025 / 9 / 27 - 09:42
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


في عالم الطاقة المتقلب، تظل الاكتشافات العلمية والتطورات الاستثمارية مؤشرات بالغة الأهمية على اتجاهات الأسواق، وعلى قدرة الدول المنتجة على استقطاب الشركاء الدوليين وبناء شراكات استراتيجية طويلة الأمد. العراق، بصفته ثاني أكبر منتج للنفط في منظمة أوبك، يقف اليوم على أعتاب مرحلة جديدة من الفرص الواعدة، حيث تتقاطع الأبحاث الجيولوجية الحديثة مع عودة الشركات الأجنبية الكبرى إلى الاستثمار في القطاع النفطي العراقي، وسط تطلع متبادل لزيادة الحضور الأمريكي في السوق العراقية وتعزيز مكانة بغداد كمصدر رئيسي للطاقة.

العلم في خدمة الاستثمار: قراءة في الاكتشافات الجيولوجية الحديثة
الدراسات العلمية الأخيرة، مثل تلك المنشورة في مجلة Journal of African Earth Sciences (المجلد 230، 2025)، تقدم قيمة مضافة للاستكشاف النفطي عبر تسليط الضوء على “نتائج بنيوية جديدة” في شمال العراق، وتحديدًا في نطاق عقرة–بيجيل. ورغم أن تفاصيل الأسماء الجيولوجية المستحدثة قد تبقى محصورة في النصوص الأكاديمية، إلا أن ما هو مؤكد أن هذه الأبحاث تساهم في رسم صورة أكثر دقة للبنية التحتية الجيولوجية التي تحتضن الهيدروكربونات.

الأهمية لا تكمن فقط في توصيف “الطيات المحدبة” أو الفخوخ الجيولوجية، بل في كيفية توظيف هذه المعرفة لتقليص المخاطرة الاستثمارية. فشركات النفط العملاقة تبحث دومًا عن مناطق تتوافر فيها عناصر النظام البترولي: صخور مولدة ناضجة، صخور خزان جيدة، وصخور غطاء محكمة. وعندما تكشف الدراسات عن مؤشرات إضافية أو تعيد تفسير البنى القديمة بقراءة أكثر حداثة، فإنها تمنح المستثمرين ثقة أكبر في جدوى ضخ رؤوس الأموال.
هذا البعد العلمي هو ما يجعل العراق في موقع قوة، لأنه يمتلك قاعدة موارد هائلة لم تُستثمر بعد بالقدر الكافي، وتزداد جاذبيتها كلما توفرت دراسات دقيقة ومعطيات حديثة تقلل من احتمالات الفشل الاستكشافي.

عودة الشركات الأمريكية: شيفرون مثالًا
من الجانب الاستثماري، شهد شهر أغسطس/آب 2025 حدثًا مهمًا تمثل في توقيع شيفرون اتفاق مبادئ مع وزارة النفط العراقية يشمل تطوير حقول منتجة مثل “بلد” إضافة إلى أربع رقع استكشافية في مشروع الناصرية. هذه الخطوة لا تعد عادية؛ فهي تأتي بعد أكثر من عقد على مغادرة شيفرون جنوب العراق عقب جولة التراخيص الأولى، لتتجه لاحقًا نحو استثمار نحو 500 مليون دولار في إقليم كردستان.

اليوم، تعود الشركة الأمريكية العملاقة إلى بغداد ضمن بيئة أعمال أكثر مرونة، وسط “استثناءات وتسهيلات” كبيرة من الحكومة المركزية. هذه العودة لا تعكس فقط الثقة المتجددة بالقطاع النفطي العراقي، بل أيضًا استعداد الحكومة الاتحادية لتصحيح المسار وخلق بيئة تنافسية جاذبة لكبار المستثمرين.

شيفرون ليست حالة فردية؛ بل هي جزء من موجة أوسع لشركات أمريكية ودولية بدأت في إعادة النظر إلى العراق كوجهة استثمارية موثوقة في قطاع الطاقة. فبعد سنوات من التردد بسبب التعقيدات القانونية والسياسية، تبدو الأمور في 2025 أكثر نضجًا، وأكثر اتساقًا مع متطلبات المستثمرين.

النفط العراقي في السوق الأمريكية
على صعيد السوق العالمية، يشكل الطلب الأمريكي على النفط العراقي مؤشرًا مهمًا على قوة العلاقة الاقتصادية. تشير بيانات إدارة معلومات الطاقة (EIA) إلى أن واردات الولايات المتحدة من الخام العراقي بلغت حوالي 7 ملايين برميل في أحد أشهر 2025، مع توقعات بزيادة هذا الرقم مستقبلًا مع تحسن البنية التحتية والتفاهمات بين بغداد وأربيل بشأن تصدير النفط من الشمال.
هذه الكميات ليست مجرد أرقام في جداول الاستيراد، بل هي دليل على التكامل الاستراتيجي بين أكبر اقتصاد في العالم وثاني أكبر منتج في أوبك. بالنسبة للعراق، فإن استمرار وتعزيز هذه التدفقات يعني عائدات مالية مستقرة، وفرصة لتأمين شراكات استثمارية وتقنية طويلة الأمد مع واشنطن.

بناء الثقة: مهمة الحكومة العراقية القادمة
أمام الحكومة العراقية القادمة مجموعة من التحديات والفرص الاقتصادية. أهم هذه التحديات يتمثل في استمرار بناء الثقة في القطاع النفطي، باعتباره العمود الفقري للاقتصاد الوطني. فالمستثمرون يحتاجون إلى رسائل واضحة بأن العراق يسير نحو بيئة أعمال مستقرة وشفافة، تحترم العقود وتوفر الضمانات القانونية والمالية.

تشجيع الشراكات الجديدة مع الاقتصادات العالمية الكبرى، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، يجب أن يكون محورًا أساسيًا. فالتجارب الماضية أظهرت أن وجود الشركات الأمريكية لا يقتصر على الاستثمارات المالية فحسب، بل يمتد إلى نقل التكنولوجيا، تطوير الكفاءات المحلية، وإرساء معايير عالية للسلامة والإدارة.
كما أن التوازن بين عقود الشمال والجنوب، وبين الاستثمارات الغربية والآسيوية، سيساعد العراق على تنويع شراكاته وتقليل المخاطر الجيوسياسية والاقتصادية.

الفرص المستقبلية: بين العلم والسياسة
إذا كان التشبيه البسيط الذي استخدمته احدى الصحف المهمة لزجاجة المياه الغازية يوضح كيف يُحبس النفط تحت الصخور ثم يتحرر عند الحفر، فإن الصورة الأكبر للعراق أكثر ثراءً وتعقيدًا. فالعلم يقدم الخرائط والبيانات، والسياسة توفر الإطار القانوني، بينما المستثمرون يترجمون هذه العناصر إلى مشاريع واقعية تدر مليارات الدولارات.

المرحلة المقبلة قد تشهد:
1. زيادة معدلات الإنتاج عبر استثمار الحقول غير المطورة.
2. توسيع البنية التحتية التصديرية لتقليل الاختناقات، سواء عبر الموانئ الجنوبية أو عبر الشمال.
3. تعزيز دور العراق في أوبك كفاعل رئيسي يوازن بين التزامات السوق ومصالحه الوطنية.
4. استقطاب استثمارات في قطاع الغاز لتقليل الاعتماد على الواردات ولتغذية قطاع الكهرباء المحلي.

هذه الفرص ليست بعيدة المنال؛ بل هي قريبة إذا ما تواصلت الخطوات الحالية في بناء الثقة والانفتاح على العالم.

خاتمة: عراق أكثر جاذبية للاستثمار
العراق يقف اليوم على مفترق طرق. فمن جهة، هناك تحديات كبيرة تتعلق بالاستقرار السياسي والإداري، ومن جهة أخرى هناك فرص غير مسبوقة لاستثمار ثرواته الطبيعية بشكل مستدام.
الرسالة التي تبعث بها الدراسات الجيولوجية الحديثة والاتفاقات الاستثمارية الأخيرة واضحة: العراق بلد غني بالموارد، وجاذب لرؤوس الأموال، ومستعد ليكون شريكًا موثوقًا في تأمين الطاقة للعالم.
الطريق أمام الحكومة المقبلة ليس سهلًا، لكنه معبّد بالفرص. ومع وجود شركات أمريكية كبرى تعود للعمل، وتزايد واردات الولايات المتحدة من النفط العراقي، وإرادة محلية لتعزيز الشفافية والتنافسية، يمكن القول إن المستقبل يبدو مشرقًا.
إنها لحظة تاريخية لإعادة تعريف العلاقة بين العلم والاقتصاد والسياسة في العراق. وإذا أحسن العراقيون استثمار هذه اللحظة، فإن بلدهم سيكون أحد أهم مراكز الطاقة في المنطقة، وربما في العالم، لعقود قادمة.



#عامر_عبد_رسن (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الناتو يعلن التزاماً طويل الأمد تجاه العراق: من الأمن السيبر ...
- اتفاق إيران مع الترويكا الأوروبية وتداعياته على العراق
- درع الطفل الأميركي وابتسامة الطفل العراقي: صورة متناقضة لعال ...
- أمريكا وإعادة رسم خرائط الشرق الأوسط: نظرة استقرائية في التح ...
- الدقم بوابة العراق إلى الأسواق العالمية: من تخزين النفط إلى ...
- السياحة العراقية بين الماضي الضائع والمستقبل الممكن : كيف فق ...
- شراكات استثمارية أميركية – عراقية: نحو استقرار اقتصادي وسياس ...
- توطين الصناعات الدوائية وصناعات المستلزمات الطبية في العراق: ...
- *المصارف الأميركية تعيد رسم موازين القوة… والعراق أمام فرصة ...
- القطبية الأمريكية الواحدة: برهان الحروب المعاصرة على استمرار ...
- بين سقوط الأسد وتحوّلات دروز الجولان: دروس استراتيجية للأمن ...
- من الكاش إلى الرقمنة: هل ينجح العراق في إرجاع 80% من العملة ...
- ضرورة إصلاح القطاع المالي في العراق: أولوية لتعزيز كفاءة الب ...
- إيران على أعتاب التحول: ماذا يعني ذلك لمستقبل العراق الاقتصا ...
- القطاع النفطي العراقي بين الصدارة العالمية وفرص التحول الاقت ...
- غرفةٌ واحدة، مقعدٌ واحد يتحدّث والبقية تُصغي. حين تعيد واشنط ...
- فوضى المعلومة في العراق: من يحمي الحقيقة في زمن الشائعات؟
- من الممارسات التقليدية إلى الثورة المالية: إصلاح القطاع المص ...
- الاقتصاد قبل المدفع: كيف تهدد ضغوط الأسواق الإسرائيلية مشروع ...
- الكهرباء في العراق: وفرة الموارد وغياب الإنجاز


المزيد.....




- حقبة واعدة للشراكة الاقتصادية بين تركيا وسوريا
- سويسرا تصوّت على اعتماد الهوية الوطنية وإلغاء الضريبة الإيجا ...
- حقبة واعدة للشراكة الاقتصادية بين تركيا وسوريا
- 5 إستراتيجيات للتمويل الشخصي تؤمّن مستقبلك المالي
- القضاء الاصطناعي: هل تُعيد الخوارزميات تعريف العدالة أم تعيد ...
- لماذا يهدد ارتفاع أسعار الكاكاو اقتصاد كوت ديفوار؟
- النفوذ الصيني يعرقل مشروع طريق أميركي في كينيا
- تصويت الكرة الذهبية.. بكم نقطة تغلب ديمبيلي على يامال؟
- سهم أدنوك للغاز يحقق قفزة لافتة ويتصدر نشاط السوق
- إعلام: استئناف صادرات النفط من إقليم كردستان العراق


المزيد.....

- دولة المستثمرين ورجال الأعمال في مصر / إلهامي الميرغني
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / د. جاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عامر عبد رسن - العراق أمام مرحلة جديدة من الفرص النفطية والاستثمارية