سليم نزال
الحوار المتمدن-العدد: 8477 - 2025 / 9 / 26 - 02:52
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
منذ ربع قرن انتقدتُ فى مقال أطروحة أوغست كونت صاحب فكرة المراحل الثلاث التي سعت إلى وضع قوانين عامة للتاريخ، وهي الفكرة التي تاثرت بها الماركسية لاحقًا تحت مسمى الحتمية التاريخية. رأيي كان ولا يزال أن التاريخ، بخلاف العلوم الطبيعية، لا يخضع لقوانين كونية صارمة، بل يتشكل من شبكة معقدة من العوامل المتداخلة، ما يجعل أي محاولة لتقنينه في مسار خطي أمرًا مضللًا. كثير من الأيديولوجيات الكبرى استخدمت هذه الفرضيات لتبرير سياساتها.
قريبًا من هذا الموقف جاء نقد كارل بوبر للحتمية، إذ شدد على أن التاريخ يتأثر بعوامل لا يمكن التنبؤ بها مسبقًا. ولو سُئلت اليوم مثلًا: هل توقعت الطوفان التضامني العالمي الذي شهدناه بعد أحداث السابع من أكتوبر؟ لكان جوابي: لا. لكن مسار الأحداث قاد إلى حراك عالمي ربما تجاوز حتى ما حدث في زمن حرب فيتنام.
قبل ثلاثين عامًا تناولتُ فى مقال أطروحة فوكوياما عن نهاية التاريخ. فإن استنتاجه بأن الليبرالية هي آخر ما يمكن أن يقدمه التاريخ، كان في نظري استنتاجًا يفتقر إلى الموضوعية، لأن التاريخ يظل مفتوحًا على احتمالات غير متوقعة.
أما في مقالي الأخير حول نهاية التاريخ فقد ربطتُ الفكرة بمرحلة أفول الرواية الصهيونية. فالأحداث في غزة فتحت أفقًا جديدًا في مسار التاريخ، وأظهرت أن عوامل القوة التي غذّت المشروع الصهيوني لعقود بدأت تنكفئ. صحيح أن إسرائيل ما تزال تملك قوة عسكرية شرسة، لكن القوة العسكرية وحدها لم تعد كافية، إذ تراجعت أسس دعمها الأوسع بسبب:
1. الصمود الأسطوري في غزة.
2. حرب الابادة التى ادت الى انكشاف الوجه الفاشي للمشروع الصهيوني بعد عقود من التمويه.
3. الدور الحاسم للإعلام الاجتماعي في فضح الجرائم.
4. الطوفان التضامني العالمي غير المسبوق الذى قاده الجيل الجديد اساسا .
لهذا اعتبرت أن نهاية التاريخ في هذا السياق تعني نهاية مرحلة هيمنة الرواية الصهيونية في الغرب، وبداية تشكل ذاكرة جديدة لدى جيل عالمي يرى الحقيقة مباشرة، مما يجعل عودة السيطرة الدعائية الصهيونية أمرًا مستحيلًا. ما بعد هذه المرحلة سيعتمد على التطورات القادمة و هى التى ستسرع او لا فى تلاشى الضهيونيه ، لكن المؤكد أن مرحلة هيمنة الرواية الصهيونية قد انتهت إلى غير رجعة.
#سليم_نزال (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟