أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بديعة النعيمي - دولة على الورق تحت الاحتلال..عبثية الاعتراف الغربي بفلسطين














المزيد.....

دولة على الورق تحت الاحتلال..عبثية الاعتراف الغربي بفلسطين


بديعة النعيمي
كاتبة وروائية وباحثة

(Badea Al-noaimy)


الحوار المتمدن-العدد: 8475 - 2025 / 9 / 24 - 12:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بالرغم من أن الاعتراف البريطاني الأخير بدولة فلسطينية يبدو للوهلة الأولى تحولا إيجابيا في مواقف القوى الغربية تجاه قضية فلسطين، إلا أن هذا الاعتراف يفتح جرحا تاريخيا أعمق مما تحاول هذه الخطوة الرمزية مداواته. فأن تأتي بريطانيا، القوة الاستعمارية التي قدمت فلسطين لليهود على طبق من خيانة، لتعترف اليوم بدولة فلسطينية، لهو مفارقة سياسية وتاريخية تستدعي منا التفكير العميق لا التصفيق والتصديق.

ذلك إن جوهر التناقض يكمن في أن هذا الاعتراف يُمنح في الوقت الذي تُمزق فيه الضفة الغربية بإقامة المزيد من المستوطنات، وتتسارع فيه وتيرة التهويد، كما وتُحاصر فيه غزة ويباد أهلها. فكيف يكون هذا الاعتراف فيما هذه الدولة، لا تملك سيادة على أرضها، ولا على سمائها، ولا تملك حتى منفذا حرا إلى العالم؟ بل كيف يمكن لهذا الاعتراف أن يكون في ظل الواقع الذي يفرضه الاحتلال بقوة السلاح، والفظائع اليومية على الأرض؟ إن أعترافا كهذا في الحقيقة ما هو إلا ذر للرماد في العيون.

فبريطانيا التي تعترف اليوم هي نفسها تلك التي منحت، عبر ما يسمى ب "وعد بلفور" عام ١٩١٧، ما لا تملك لمن لا يستحق، حين تعهدت بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، متجاهلة تماما وجود شعب تاريخي أصيل يمتد وجوده لآلاف السنين، والحق الطبيعي لهذا الشعب في تقرير المصير.
هذا الوعد الذي كان كافيا لتقويض مستقبل أمة كاملة، وأطلاق شرارة مشروع استيطاني استعماري ما زال أصحاب الأرض الشرعيين يدفعون ثمنه حتى اليوم.
بريطانيا، في كل مراحل انتدابها على فلسطين، لم تكن سوى راعية للمشروع الصهيوني، فهي التي دعمت هجرة اليهود، وهي التي وفرت الحماية القانونية والمؤسساتية لنشوء بنية تحتية لدولة الاحتلال قبل أن تُعلَن رسميا. بل إن الحركة الصهيونية تلقت دعما سياسيا وعسكريا ولوجستيا مباشرا من سلطات الانتداب البريطاني، في الوقت الذي كانت تُلاحق فيه الثورات الفلسطينية وتخمدها بالقوة، كما حدث في الثورة الفلسطينية الكبرى بقيادة الشهيد عز الدين القسام عام ١٩٣٦.

ولعل الأكثر استفزازا في هذا الاعتراف أنه يأتي بدون مراجعة نقدية حقيقية لدور بريطانيا في تفكيك النسيج الفلسطيني وتحويله إلى شتات. لذلك فهو ليس أكثر من بيان سياسي ظاهره دعم لحقوق الفلسطينيين، وباطنه، تنصل من المسؤولية التاريخية. فأن تعترف دولة مثل بريطانيا بدولة فلسطينية وهي من شرّعت ضياعها منذ البداية، فكأنما تقدم لمريض بداء عضال مسكنا بعد أن تسببت في إصابته بهذا الداء.

وكيف تكون دولة والمستوطنات اليوم، تنتشر كالأورام السرطانية في جسد الضفة الغربية؟؟. فتلك الدولة لا تقوم على أوهام الاعترافات الدولية، بل على إزالة الخلية السرطانية الأم واستعادة الأرض والسيادة الكاملة عليها من البحر الى النهر ومن الشمال إلى الجنوب والسيطرة على الموارد والمعابر، فقط بهذا تسمى الدولة دولة وغير ذلك إنما يندرج تحت الأحلام الوردية التي ما تلبث أن تتطاير عند مغادرتها.
والأسوأ من ذلك، أن المجتمع الدولي، وعلى رأسه القوى التي تدعي الاعتراف بفلسطين اليوم، يواصل علاقاته السياسية والاقتصادية والعسكرية مع دولة الاحتلال دون أن يفرض عليها أي تكلفة حقيقية لسلوكها الاستيطاني والاستعماري. فأية دولة تلك التي تولد على الورق؟؟

إن الاعتراف بالدولة الفلسطينية دون إنهاء الاحتلال، ليس سوى خطوة فخرية تضاف إلى سلسلة طويلة من التصريحات والمسكنات الدولية الواهية التي لم تغير شيئا في الواقع الفلسطيني منذ أكثر من سبعة عقود.
والحقيقة أن فلسطين اليوم ليست بحاجة إلى اعترافات كاذبة من صليبيي الأمس، فلسطين اليوم بحاجة إلى من يقتلع هذا الكيان الشاذ الذي تجبر وتمرد، والحل هو المقاومة والسلاح معا. والدول التي تدعي الاعتراف تضع شرطا لاعترافها، اجتثاث هذا السلاح من يد الفلسطينيين ، فأي شعب يقبل بهكذا شروط؟؟؟ وأي دولة حقيقية في العالم لا يكون السلاح واحدا من مقومات وجودها؟؟؟



#بديعة_النعيمي (هاشتاغ)       Badea_Al-noaimy#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خلة الضبع إنموذجا للتطهير العرقي الصامت
- غزة تنزف... ونحن نختنق بالصمت
- وحدة -الأشباح-..مرتزقة الغرب في حرب الإبادة على غزة
- الصليبيون الجدد في غزة برعاية أمريكية
- كي الوعي والقصف المتعمد..الأبراج في غزة
- الضربة في الدوحة..صاروخ صهيوأمريكي على طاولة التفاوض
- صواعق كهربائية مطورة ورصاص مطاطي في سجون الاحتلال
- لا مجاعة في غزة..-غوغل و-إكس- في خدمة البروباغاندا الصهيونية
- *عصا موسى* مقابل -جدعون ٢
- الشيخ رضوان يشهد ليلة دموية وسط صمت العالم
- ثلاثية أمنية في الزيتون والصبرة وخان يونس...جيش الاحتلال ومأ ...
- مستشفى ناصر يُقصف… والعرب في سبات عميق
- من التحذير إلى الاعتراف.. ماذا بعد إعلان المجاعة في غزة؟
- قراءة في عملية -جدعون٢
- رؤية يمينية متطرفة..-E1- كأداة لتثبيت واقع استيطاني لا رجعة ...
- اغتيال الحقيقة..أنس الشريف وشهداء الكلمة في غزة
- إنها -حرب دينية-..قالها -آريه إلداد-
- غزة لا تُحتل مرتين..التاريخ يُعيد دروسه لمن لا يقرأ
- من -الثورة- إلى -الإرهاب-..كيف يُزوَّر التاريخ وتُقلب الرواي ...
- زيارة -ويتكوف- إلى رفح،استعراض إنساني يخفي تواطؤا سياسيا


المزيد.....




- أول تعليق -رسمي- من إسرائيل بشأن المفاوضات مع سوريا
- موقع أكسيوس ينشر أجزاء من خطة ترامب لإنهاء الحرب في غزة، فما ...
- -لم يبق سوى بضع ساعات-... ماكرون يؤكد لبزشكيان أن الاتفاق بش ...
- بعد اللقاء مع ترامب.. بيان عربي-إسلامي يدعو لوقف الحرب وويتك ...
- روبيو ولافروف وجهاً لوجه في نيويورك: دعوة أمريكية للتسوية مق ...
- تقرير: تصريحات ترامب المتفائلة تخفي شكوكًا حول مستقبل الدور ...
- نتنياهو يندد بالاعترافات الغربية بدولة فلسطين
- في خطابه أمام الجمعية العامة.. الذكاء الاصطناعي الخصم الثاني ...
- موقع هيومانتيريان: تخفيض المساعدات الأميركية يعيق استجابة أف ...
- هجوم ليلي على أسطول الصمود وإصرار النشطاء على الوصول إلى غزة ...


المزيد.....

- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بديعة النعيمي - دولة على الورق تحت الاحتلال..عبثية الاعتراف الغربي بفلسطين