أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بديعة النعيمي - خلة الضبع إنموذجا للتطهير العرقي الصامت














المزيد.....

خلة الضبع إنموذجا للتطهير العرقي الصامت


بديعة النعيمي
كاتبة وروائية وباحثة

(Badea Al-noaimy)


الحوار المتمدن-العدد: 8469 - 2025 / 9 / 18 - 12:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إن اقتلاع حياة قرية خلة الضبع في مسافر يطا جنوب الخليل، هو استكمال لمسلسل ممنهج من التهجير وتفريغ الأرض من أهلها بحجج "مناطق التدريب العسكرية"، لذلك فقد أقدمت جرافات الاحتلال أمس على مسح القرية عن الوجود، وشردت بذلك، ما تبقى من أهلها البالغ عددهم نحو ١٢٠ نفسا، وهدمت كهوفا يسكنونها، وعروشا ومستودعات بدائية، وخياما، وخزانات مياه، ومراحيض متنقلة.

وتجدر الإشارة أن أهل القرية سبق أن فقدوا منازلهم ال ٢٥ قبل شهور، ومع غياب المأوى، اضطروا للعودة إليها، والعيش في الخيام والكهوف، ليأتي الهدم الثاني ليقضي على ما تبقى من مأوى واستقرار.

أما الادعاءات التي تبرر الإخلاء بحجة أن المنطقة منطقة "تدريب عسكري"، فسرعان ما تكشف زيفها. فوفقا لتقارير بتسيلم وهيومن رايتس ووتش فأن هذه المناطق نادرا ما تستخدم فعليا لأغراض تدريبية، بل تستعمل كأداة قانونية لمنع الوجود الفلسطيني وتجميد أي إمكانية لتوسع سكاني أو عمراني.

وقد اعترفت دولة الاحتلال عام ٢٠١٢ أمام ما تسمى "محكمة العدل العليا" أن بعض القرى داخل منطقة إطلاق النار كانت مأهولة قبل الإعلان عنها كمناطق عسكرية، ومع ذلك أصرت على الإخلاء بحجة “ضرورات أمنية تشغيلية”.

أما قادة الاحتلال فإنهم لا يخفون هذه النوايا. فها هو الجنرال "آفي مزراحي"، القائد السابق للمنطقة الوسطى، عام ٢٠١٣ بقوله "علينا أن نبقي السيطرة على جنوب جبل الخليل لتفادي التمدد الفلسطيني نحو مناطقنا الأمنية".

هذه "السيطرة" تعني ببساطة إفراغ الأرض من أصحابها الشرعيين.
أما وزير الأمن القومي "إيتمار بن غفير"، من جهته، فقد عبر بصراحة عن رؤيته حين قال في تصريح له على صحيفة "هآرتس" "مسافر يطا يجب أن تكون تحت الحكم الإسرائيلي الكامل، والوجود العربي فيها تهديد ديموغرافي يجب التعامل معه."

غير أن هذه التصريحات لم تحرك المجتمع الدولي، ببساطة لأنه متواطئ. ولم تستنفر "الأمم المتحدة" لأنها لولا دولة الاحتلال لما كانت. أما حكام العرب فهم قصة أخرى، فقد أثبتوا منذ زمن بعيد، أن لا علاقة لهم بشيء، عدا الطاعة التي أضاعت فلسطين. فكيف باليوم وتحديدا بعد السابع من أكتوبر.
وأستغرب ممن يتساءلون عن الدم العربي الذي لا ينتفض لما يحصل من كوارث في فلسطين عامة وغزة خاصة، وأذكرهم بمقولة "جولدا مائير" التي قالتها صراحة "سيتفاجأ العرب ذات يوم أننا أوصلنا أبناء إسرائيل إلى حكم بلادهم". فلا غرابة إذن.

وبموجب الاتفاقيات الكاذبة ومع علمنا بأنها ليست ذات فائدة وأن فلسطين لطالما كانت ولا تزال مستثناه منها، فإن التهجير القسري، حتى وإن كانت خيمة أو خزان ماء، هو جريمة حرب بموجب المادة ٤٩ من اتفاقية "جنيف الرابعة". ولكن كما يقال *لمن أشكو همي والقاضي غريمي؟*.

في النهاية، ما حدث في خلة الضبع من مسح وتطهير عرقي ليس إلا تنفيذ حرفي لمخطط قديم يتسارع بهدوء هذه الأيام. فدولة الاحتلال تدرك أن التهجير التدريجي والبطيء لا يثير الإعلام. وطالما أن عمليات الهدم تتم بدون إراقة نقطة دم، فلن تتصدر العناوين. لهذا، فإن القرى الصغيرة تمحى، لا بصاروخ، إنما بمعادلة صهيونية واضحة مفادها أن "الأرض لنا، والفلسطينيون زوائد يجب التخلص منها".

هكذا مسحت خلة الضبع عن الوجود. ولم يبقى من المشهد الحزين سوى عائلة تحمل خيمتها الممزقة على ظهر حمار، وأطفال بلا مدارس، وأصحاب حق ينظرون إلى الجرافات وهي تبتلع ما تبقى من أمان.



#بديعة_النعيمي (هاشتاغ)       Badea_Al-noaimy#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غزة تنزف... ونحن نختنق بالصمت
- وحدة -الأشباح-..مرتزقة الغرب في حرب الإبادة على غزة
- الصليبيون الجدد في غزة برعاية أمريكية
- كي الوعي والقصف المتعمد..الأبراج في غزة
- الضربة في الدوحة..صاروخ صهيوأمريكي على طاولة التفاوض
- صواعق كهربائية مطورة ورصاص مطاطي في سجون الاحتلال
- لا مجاعة في غزة..-غوغل و-إكس- في خدمة البروباغاندا الصهيونية
- *عصا موسى* مقابل -جدعون ٢
- الشيخ رضوان يشهد ليلة دموية وسط صمت العالم
- ثلاثية أمنية في الزيتون والصبرة وخان يونس...جيش الاحتلال ومأ ...
- مستشفى ناصر يُقصف… والعرب في سبات عميق
- من التحذير إلى الاعتراف.. ماذا بعد إعلان المجاعة في غزة؟
- قراءة في عملية -جدعون٢
- رؤية يمينية متطرفة..-E1- كأداة لتثبيت واقع استيطاني لا رجعة ...
- اغتيال الحقيقة..أنس الشريف وشهداء الكلمة في غزة
- إنها -حرب دينية-..قالها -آريه إلداد-
- غزة لا تُحتل مرتين..التاريخ يُعيد دروسه لمن لا يقرأ
- من -الثورة- إلى -الإرهاب-..كيف يُزوَّر التاريخ وتُقلب الرواي ...
- زيارة -ويتكوف- إلى رفح،استعراض إنساني يخفي تواطؤا سياسيا
- عسقلان موعدنا..والأكلة على القصعة


المزيد.....




- حادث غريب يفضح سائقًا ويورطه مع الشرطة.. والصدمة مما وجدوه ف ...
- برج جديد في دبي بكلفة 1.6 مليار دولار يجسد الطموح العقاري نح ...
- هل تتحدث أثناء نومك ولا تعرف ما الأسباب؟
- بعد وقف برنامج جيمي كيميل.. ترامب يقول إن شبكات البث تخاطر ب ...
- هيندل يؤسس حزب -الاحتياط- في إسرائيل: خدمة إلزامية ولجنة تحق ...
- المتظاهرون يتجمعون في القدس مطالبين بإنهاء الهجوم على غزة
- المتظاهرون يتجمعون خارج استوديو جيمي كيميل بعد تعليق العرض
- توقيف مشتبه به في هجوم باريس 1982.. وماكرون يشيد بتعاون السل ...
- برلين تجدد عزمها -إصلاح- دولة الرفاه وسط صعود المعارضة الشعب ...
- ماكرون: الاعتراف بدولة فلسطينية هو -أفضل طريقة لعزل حماس-


المزيد.....

- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بديعة النعيمي - خلة الضبع إنموذجا للتطهير العرقي الصامت