أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شمخي جبر - النيابية البرلمانية: مفهومها وفاعليتها في العملية السياسية















المزيد.....

النيابية البرلمانية: مفهومها وفاعليتها في العملية السياسية


شمخي جبر

الحوار المتمدن-العدد: 1825 - 2007 / 2 / 13 - 11:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إقترن ظهور البرلمانية بظهور النظام الرأسمالي ، وتحول القوة(السلطة) بسلطة النبلاء والاقطاعيين وظهور الطبقة البرجوازية ، التي تحولت الى قوة قائدة للعمل ضد العلاقات الإقطاعية ، فأخذت على عاتقها قيادة الثورات التي قادت أوربا ، وإن كانت البرجوازية قد ساندت الحكم المطلق فمن أجل خدمة مصالحها في تصفية الإقطاع وإقامة الدولة القومية ونشوء الاسواق. ومن هنا كان تأكيد الباحثون على التلازم بين وجود الديمقراطية الليبرالية ووجود الطبقة البرجوازية ، ويرى الدكتور عامر حسن الفياض(ان هذا التلازم يقوم على افتراض أن المرتكزات الفكرية التي تعتمدها الديمقراطية الليبرالية لاتؤمنها إلا الطبقة الوسطى واذا تابعنا الأمر على المستوى التاريخي سنرى صحة هذا الإفتراض ، فالفردية مع النزعة الطبيعية والنزعة العقلانية ليست نزعات ناضجة ومتكاملة فقط وإنما مهيمنة أيضا على المستوى الثقافي تلازمت في وجودها مع وجود الطبقة الوسطى في المجتمعات المتمدنة ).
والبرلمانية كما يقول الدكتور حسان محمد شفيق تشير من الناحية اللغوية الى الجذر اللاتيني (بارلي ) الذي يعني( يتكلم ) ثم إنسحبت لتعني المكان الذي يجري فيه الحديث ، ولحقبة طويلة استعملت للتعبير عن مجلس ينتخب ليتولى موضوعات ذات اهتمامات عامة ، وتدرج تطور هذا المفهوم الى ان اصبح بمثابة نظام سياسي يدعى النظام البرلماني .
ويعد إتفاق الملك (جان سانتير) مع النبلاء الذين وعدهم بإعادة حقوقهم بحيث يكونوا هم أصحاب الملكية في حصونهم وأملاكهم ولا يتدخل أحد فيما يخص املاكهم وحصونهم ، تضمن الاتفاق على ( 65) فقرة سميت (Magnacarta ) أي العهد الأعظم ، ولكن ماحصل ان الملوك استمروا بنهجهم وهم انهم أصحاب الرقاب وأصحاب المال ، ولم يسمحوا لأي طرف أن يشاركهم سلطانهم المطلق ،فأحتج النبلاء والفرسان وعقدوا اجتماعا في أسقفية قديمة في لندن مطالبين بتفعيل مضامين هذه الوثيقة.
وينقل الدكتور عامر حسن فياض عن( عزيز السيد جاسم) إن الحقوق التي كانت لهذا المجلس قبل ان يتحول الى برلمان هي حقوق تشريعية ، والبرلمانية عملية تاريخية تطورت بشكل متراكم ولم تظهر بالشكل الذي نعرفه اليوم ، ومن الحقوق او الوظائف التي مارسها البرلمان هو حق التسجيل الذي يقصد به تسجيل القرارات والاوامر التي كان يصدرها الملك وحفظها في سجل خاص ، علما ان قرار الملك لايعد نافذا إلا بعد تسجيله في هذا المجلس ، وهذا اول قيد وان كان ضعيفا على صلاحيات الملوك ، علما ان سلطة الملوك في القرن(الثالث عشر، الرابع عشر ،الخامس عشر) كانت مطلقة وللحد منها يتم تأخير تسجيل القرارات والأوامر ريثما تتعرض للتداول والتقاش ومن ثم اقناع الملك لاعادة النظر فيها.
عملية الانتقال من سلطة الملك الى سلطة البرلمان استغرقت الكثير من الصراعات بين الطرفين ، ولابد من التأكيد إن بداية البرلمان كانت تتم بالتعيين من أقرباء الملك والفرسان و الوردات و الإقطاعيين ، وكانت وظيفتهم إستشارية وليست تشريعية،وإذا كانت نصوص ( الماكناكارتا) كتبت عام (1215) فقد اضيفت اليها لائحة الحقوق ( الاوفرايس)1629 ، وبقيت السلطةفي البرلمان بيد اللوردات ولم يظهر مجلس العموم كقوة تمثل الشعب الا عام ( 1832).
عناصر النظام البرلماني كما يؤكد الكثير من الباحثين وجدت في انكلترا مع ظهور الثورة الصناعية التي بدأت عام ( 1720 )وظهو طبقة جديدة اكثر حيوية وحركة وتمتلك راسمال جعل الاقطاع يعترف بحقوقها وان لم تنتمي الى النظام الملكي او الوردات، مايبرهن على اهمية العامل الاقتصادي في دخول فئات جديدة تطالب بالمشاركة في الحياة السياسية، ويؤكد الدكتور عامر حسن فياض ان التجربة البرلمانية عملية تاريخية ذات ابعاد تراكمية واجتماعية لاقترانها بفئة معينة، وبعد اقتصادي، وبعد ثقافي يتمثل بانتشار العقلية العلمية والنزعة العقلانية والنزعة الفردية .
ويرى الدكتور حسان شفيق ان إنتشار البرلمانية في أوربا لم يكن متساويا بين المناطق الكاثوليكية والبروتستانتية والأرثوذكسية، وقد اشار ماكس فيبر الى ذلك اذ قال ان البرلمانية إنتشرت في المناطق البروتستانتية قبل الكاثوليكية والأرثوذكسية ، لان البروتستانتية نشات على افكار ليبرالية كحرية الفرد وحرية التصرف .
يقول الدكتور عامر حسن فياض ان هناك محددات للبرلمانية وهي التمثيل والانتخاب فلابد ان يكون هناك تمثيل عن طريق الانتخاب والمحددالثاني هو المؤسسية ،اذ لابد ان تكون هناك مؤسسة هي البرلمان والمحدد الاخر هو وظيفة التشريع والالزام فكل تسريعات وفقرارات هذه المؤسسة تكون ملزمة .لكن لو انتقلنا الى واقعنا فيماضيه وحاضره ماذا نجد ؟
التطور الأول في المنطقة باتجاه تبني البرلمانية جاء على إثر الحركة المشروطية في تركيا وايران وموقف المؤسسة الدينية ،بل انقسامها بين مؤيد ورافض لها ،فلم يكن هناك موروثا برلمانيا الا ان مفكري عصر النهضة( محمد عبدة ، النائيني ، الكواكبي ) وكان النائيني رجل الدين الشبعي المقيم في النجف قد اصدر كتابه المهم انذاك كتابه ( تنبيه الامة وتنزيه الملة)الذي دعى فيه الى الدستورية التي تتحدد من سلطات الحاكم او الوالي او الملك؛ وهذه الافكار تعتبر افكار جاءت من خارج السياق الاسلامي؛ متاثرة بمبادىء الثورة الفرنسية وافكار العقد الاجتماعي (لجان جاك روسو) وكان التنويريين في هذه الفترة ولمواجهة الاستبداد العثماني قد استحضروا مبدأ الشورى ومحاولة تحديثه باتجاه قبول الحياة البرلمانية، واثبات ان هناك اجواء صالحة لاستقبال الوافد الثقافي الجديد ومن ثم تهيئة الترية الصالحة لاستنباته حين ظهر عند بعض الفقهاء...وعي فقهي وخصوصا لدى نخب منهم جعلت همها تحويل الدولة العثمانية والدولة الصفوية من حكم فردي رعوي إلى حكم دستوري مقيد حيث جرت في الأذهان كما يقول وجيه كوثراني (عملية إنزياح وتداخل في المعنى بين مصطلحات تراثية /إسلامية ومصطلحات حديثة غربية فتم استذكار الشورى من خلال الديمقراطية، وأصحاب الحل والعقد من خلال البرلمان والجمعيات التمثيلية والعهود والمواثيق من خلال الدساتير واجماع الأمة من خلال سيادة الشعب) ، . ويقول الدكتور عبد الجبار احمد عبد الله ان الاسلام لم يعرف البرلمان ، وهذا شيء طبيعي لان البرلمانية عبارة عن مؤسسة ، والاسلام لم يوجد مؤسسة حاكمة تستطيع ان تتطور ، وهوليس قصور بالاسلام بل في رجالات الاسلام .
البرلمانية حين نقلت الى العراق فقد نقلت النسخة الانكليزية لوجود هم كمحتلين وقائمين على الامر السياسي وشؤونه ، فكان مجلس الامة العراقي مكون من مجلس النواب ومجلس الاعيان الذي يشبة مجلس اللوردات .
لم تكن الحياة البرلمانية ناجحة في العراق بل عانت الكثير من العثرات ( الانحراف البرلماني في العراق ) حيث كانت السلطة التنفيذية على الدوام متسلطة على البرلمان. ولو تم القياس على اساس المحددات التي ذكرت لوجدنا ان البرلمانية لم تكن مقبولة حتى من قبل النخب الحاكمة التي عطلتها في الكثير من حياتها ، فقد حل نوري السعيد البرلمان لان فيه عشرة معارضين من مجموع (134) . وتعرض البرلمان للحل (16) للفترة من 1925ـ 1958 ولم يستطع البرلمان ان يحجب الثقة عن الحكومة ولامرة واحدة .
لكن مع كل مايقال عن الحياة البرلمانية في العهد الملكي الا انها تبقى تجربة رائدة كان يمكن ان تتطور لو لم تتعرض لما اسماه الدكتور احمد انقطاع الدائرة الكهربائية لهذه التجربة عام (1958) منع التجربة البرلمانية من ان تستمر لكي تدعم نفسها وتكمل بنائها، واذا كان هناك ايجابية ضمن منظومة الصيرورة الديمقراطية ولكن بعض القصور في الماكنة البرلمانية وهذا ماتتحمله النخب السياسية او الضغوطات البريطانية او العلاقات الاقطاعية.
ويقارن الدكتور عبد الجبار التجربة البرلمانية الحالية مع اختها الملكية فيقول ( ان البرلمان في النظام الملكي الوراثي في ظل عدم وجود محاصصة هو افضل كثيرا لبناء وعي سياسي من برلمان خارج عن الاطر الملكية الوراثية لكنه مبني على المحاصصة .وماحدث في التجربة العراقية الراهنة يمكن تسميته ب(مقلوبية البرلمان) اذ ان الحكومة هي التي شكلت البرلمان منذ تشكيل القوائم الانتخابية وقانون الانتخابات وكل شيء تم بايحاء من ماسكي القرار الذين يمكن تسميتهم الحكومة، وبالتالي اصبح البرلمان غير قادر على محاسبة الحكومة في حال تقصيرها ، بدليل ان البرلمان لايستطيع ان يحجب الثقة عن وزير واحد من وزرائها . والسبب ان طبيعة تشكيل الحكومة جاءت عبر المحاصصة، والنائب في البرلمان يمثل الحزب وهو مسنود ومدعوم من قبله، والحكومة هي حاصل ارادات الاحزاب وليس البرلمان.ويرى الدكتور عامر حسن فياض ان العقل السياسي العراقي يشتغل على اساس المعاندة السياسية وليس المشاركة السياسية والمبدأ المعتمد هو مبدأ المحاصصة وليس المشاركة ، وبفتقد العقل السياسي العراقي الى :
ــ موضوعة الاولويات ، الان الاولويات في العراق هو بناء الدولة المؤسساتية القوية ، وبون هذا لاتستطيع الفئات المجتمعية ومنظمات المجتمع المدني والاحزاب ان تحقق اهدافها .
ــ الافتقار للتفكير ذو البعد المستقبلي ، ففي السياق العراقي هناك احياء محكومون من قبل اموات ، او مرضى يعالجون بادوية نافذة المفعول (اكسباير) ، فالعقل السياسي ( وقعي) وليس واقعي ، ماضوي وليس مستقبلي .
ــ التعاطي مع الاشياء من منطلق التحدي والمقاومة وليس من منطلق التعامل معها ، ونحن بحاجة الى ثقافة تعامل وليس ثقافة تحدي، وعندما تفد الينا اشياء جديدة فيجب ان نفكر بكيفية التعامل والتفاعل معها وليس بكيفية التصدي لها ومقاومتها .
......................................................................................
ملاحظة:
استفادت هذه المقالة من الحلقة النقاشية التي أقامها مركز مدارك للبحوث والدراسات والتي ساهم فيها الكاتب ، والتي نشرت في مجلة مدارك العدد الرابع 2006



#شمخي_جبر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رجل لكل العصور
- في سيرة وطن اسمه العراق
- هكذا تكلمت مدينة الصدر.. حين يلقي الصابرون الدرس الديمقراطي ...
- الفيدرالية بين جدلية الرفض والقبول
- دور منظمات المجتمع المدني في المصالحة الوطنية
- امريكا ليست هبلة
- الثقافة العراقية جدل الوطنية والهويات الفرعية
- من يشكل الراي العام في العراق؟
- قراءة أولية في ثقافة العنف ومرجعياته
- صباح العزاوي آخر العنقود
- حول اغلاق مركز اوجلان للبحوث والدراسات
- هل تطيرالديمقراطية العراقية بأجنحة أمريكية؟
- الإسلام والغرب ....الصدام والحوار
- المصالحة الوطنية ... المشروع الوطني العراقي ؟
- السياسيون يقلدون عبد الملك بن مروان ،فمن يقلد عمر بن الخطاب؟
- الطوائف المنصورة والوطن المذبوح
- أنا فرح أيها الإخوة ........... الساسة يقرأون
- الهوية القتيلة... الهوية القاتلة
- حكومة المالكي بين الاستحقاقات الوطنية والتجاذبات الفئوية
- الطفل والتسلط التربوي - الجزء الثاني


المزيد.....




- إيران:ما الذي ستغيره العقوبات الأمريكية والأوروبية الجديدة؟ ...
- الرئيس السابق للاستخبارات القومية الأمريكية يرد على الهجوم ا ...
- وزير خارجية الأردن لنظيره الإيراني: لن نسمح لإيران أو إسرائي ...
- وسائل إعلام: إسرائيل تشن غارات على جنوب سوريا تزامنا مع أنبا ...
- حرب غزة| قصف مستمر على القطاع وأنباء عن ضربة إسرائيلية على أ ...
- انفجارات بأصفهان بإيران ووسائل إعلام تتحدث عن ضربة إسرائيلية ...
- في حال نشوب حرب.. ما هي قدرات كل من إسرائيل وإيران العسكرية؟ ...
- دوي انفجارات قرب مطار أصفهان وقاعدة هشتم شكاري الجوية ومسؤول ...
- أنباء عن -هجوم إسرائيلي محدود على إيران- وسط نفي إيراني- لحظ ...
- -واينت-: صمت في إسرائيل والجيش في حالة تأهب قصوى


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شمخي جبر - النيابية البرلمانية: مفهومها وفاعليتها في العملية السياسية