أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - علي جاسم ياسين - حضارة نفتخر بها… بعد أن كفّرنا أصحابها














المزيد.....

حضارة نفتخر بها… بعد أن كفّرنا أصحابها


علي جاسم ياسين

الحوار المتمدن-العدد: 8467 - 2025 / 9 / 16 - 01:52
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إذا جئت بأحد المسلمين المتشدّدين بدليل علمي يخالف رأيه، شحذ لسانه ليقول كافر، زنديق، عميل للغرب. وكأن لسان حاله يقول: نحن أهل العلم… بشرط أن يكون العلم مطابقا لمخيّلتي
ابن رشد: الفيلسوف الذي كفّرناه ثم ورّثناه لأوروبا
ابن رشد، فيلسوف الأندلس، كتب عن العقل والمنطق، ودافع عن فكرة أن الشرع لا يتعارض مع الحكمة. فماذا كان جزاؤه؟ نُفي من قرطبة، وأُحرقت كتبه في الساحات، ووُصف بالزنديق. أنّ أوروبا التقطت كتبه، ترجمتها، وأسسّت بها العقلانية الحديثة. أما نحن، فقد اكتفينا بإضافة اسمه إلى لائحة المشبوهين. واليوم، تجد البعض يفتخر به في المؤتمرات الدولية، ناسياً أنّ أجداده كانوا أوّل من أشعل النار في كتبه.
ابن سينا: الطبيب الذي عالج أوروبا وأقلق الفقهاء
القانون في الطب ظل المرجع الأساسي في جامعات أوروبا حتى القرن السابع عشر. بينما في الشرق الإسلامي، كان صاحبه متهماً في عقيدته: فيلسوف ضال، مشكوك في دينه. المفارقة: نحن الذين رفضناه حيًا، لكننا نرفع رأسنا باسمه ميتا. أوروبا أخذت منه العلم، ونحن أخذنا منه تهمة الكفر.
الفارابي: صاحب المدينة الفاضلة الذي اتُّهم بالضلال
الفارابي حلم بمدينة تقوم على العقل والعدل، فاتهمه الفقهاء بأنه مبتدع. لعلهم ظنوا أنّ مجرد التفكير في عدالة المجتمع تهديد مباشر لمكانتهم. المفارقة أننا نلعن اليوم الفارابي ونحتفي في الوقت نفسه بيوتوبيا الغرب!
البيروني: الرجل الذي سبق عصره… لكننا تجاهلناه
في القرن الحادي عشر، حسب البيروني محيط الأرض بدقة مذهلة، وكتب عن دورانها حول محورها. بينما عندنا، لم يُمنح المكانة التي يستحقها. أوروبا احتضنت أفكاره، ونحن لم نحتضن حتى سيرته.
ابن الشاطر: الفلكي الذي ألهم كوبرنيكوس
ابن الشاطر الدمشقي قدّم نموذجًا رياضيًا ألغى تعقيدات بطليموس وفسّر حركات الكواكب بدقة. لم يقل إن الشمس مركز الكون، لكنه أوجد المعادلات التي ألهمت كوبرنيكوس بعده بقرن ونصف. النتيجة: أوروبا صنعت ثورة علمية، بينما نحن بالكاد نتذكر أن ابن الشاطر مرّ من هنا.
مفارقة الحضارة
1. نفتخر بما كفّرناه: نلعن الفلاسفة والعلماء في كتب المدارس، ثم نتباهى بهم في المؤتمرات.
2. نحتقر المنهج ونقدّس النتيجة: التفكير العقلي مرفوض، لكن نتائجه مدعاة للفخر.
3. نحن الورثة الكسالى: مثل ابنٍ عاق يتباهى بجدّه الغني، بينما يعيش عالة على الآخرين.

سخرية
1. لو عاد ابن رشد اليوم ليقول: العقل لا يتعارض مع الشرع، صُنِّف مباشرةً كزنديق في وسائل الإعلام وواجه حملة شرسة لتشويه سمعته.
2. ولو أتى ابن سينا ليصف دواءً حديثا، لسألوه أولا: هل توضأت قبل أن تكتب الوصفة؟
3. ولو جاء الفارابي بخطته للمدينة الفاضلة، لردوا عليه: مدينتنا كاملة أصلا، نحن خير أمة، فلا تزعجنا.
4. ولو ظهر ابن الشاطر بمعادلاته، لقيل له: دعك من الحسابات، المهم الإيمان بأن الأرض ثابتة كما قال فلان!

الخاتمة: حضارة الرماد
الحقيقة أننا لا نفتخر بالحضارة كما كانت، بل كما نحب أن نتخيّلها: حضارة بلا تكفير ولا إحراق كتب. نعرض على العالم صورة مثالية، بينما نحن أنفسنا طاردنا الفلاسفة وأحرقنا مؤلفاتهم. أوروبا ورثت الجوهر: العقل، البرهان، العلم. ونحن ورثنا الرماد… ثم تباهينا بأن الرماد ملكنا.



#علي_جاسم_ياسين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الآخرة مؤجلة… والعقار نقدا
- لماذا يختلف كلام الله في القرآن في الأهمية؟ تأمل نقدي
- سرديات بلا ضمير… وأتباع بلا تفكير
- وصايا النهرين في زمن اللصوص
- سفر أيوب: ملحمة المعاناة والبحث مدخل تاريخي وفلسفي
- رمزية الفقر والسلطة في قصيدة بهاء جمعة “المعطف”
- فتوى لإعادة تدوير الفساد والخراب
- التفكير المستمر.. طريقنا إلى الحقيقة
- التاريخ يعيد خطأه: الانحياز إلى الأشخاص
- العقل تحت الإقامة الجبرية منذ القرن الرابع الهجري
- نوجد أولًا… ثم نختار من نكون
- الإنسان يولد غير مكتمل


المزيد.....




- عشرات قرارات الإبعاد.. ماذا يحاك للمسجد الأقصى في الأعياد ال ...
- هل انتهت جماعة الإخوان المسلمين أم ستعود أقوى مما كانت؟
- بابا الفاتيكان يدعو لوقف إطلاق النار وإيجاد حل دبلوماسي في غ ...
- بقائي: على الدول الإسلامية قطع أو تعليق علاقاتها مع الكيان ا ...
- فكر الإخوان.. -الورم الأيديولوجي- الأخطر على المجتمعات
- بي بي سي تكشف عن جماعة أمريكية معادية للإسلام يديرون الأمن ف ...
- بابا الفاتيكان يرد على تصريح الكرملين عن -تورط الناتو في حرب ...
- ساكو يحذر من تعديل قانون ديوان أوقاف المسيحيين والايزيديين و ...
- رئيس أساقفة أربيل: احتفالات المسيحيين تثبت فشل داعش في القضا ...
- اقــــرأ: ثلاثية الفساد.. الإرهاب.. الطائفية


المزيد.....

- القرآن عمل جماعي مِن كلام العرب ... وجذوره في تراث الشرق الق ... / مُؤْمِن عقلاني حر مستقل
- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - علي جاسم ياسين - حضارة نفتخر بها… بعد أن كفّرنا أصحابها