أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الخالق الجوفي - القمةُ العربيةُ الإسلاميةُ وبيانٌ ختاميٌ دونَ المُستوى حينَ يُصبحُ الصمتُ أبلغَ من الكلام















المزيد.....

القمةُ العربيةُ الإسلاميةُ وبيانٌ ختاميٌ دونَ المُستوى حينَ يُصبحُ الصمتُ أبلغَ من الكلام


عبد الخالق الجوفي

الحوار المتمدن-العدد: 8466 - 2025 / 9 / 15 - 15:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عُقدت القمةُ العربيةً الإسلاميةُ الأخيرةُ في ظلِ أوضاعٍ إقليميةٍ بالغةِ التعقيدِ حيثُ تشتعلُ الحربُ على قطاعِ غزةَ وتتصاعدُ وتيرةُ العنفِ بشكلٍ غير مسبوقٍ وتتمادى العصابة الصهيونية لحدٍ فاقَ ما يمكن تخيلهُ استهماجاً واستهتاراً بالعرب والمسلمين، حتى عُلقتِ الآمالُ وعقدت على هذا اللقاءُ ليكون فرصةً لإيصالِ صوتٍ عربيٍ وإسلاميٍ قويٍ يدافعُ عن الحقوقِ الفلسطينيةِ والعربيةِ الإسلامية بعد التدخل الصهيوني بسوريا ودخول مناطق جديدة والضربات الصهيونية بكل انحاء سوريا ولبنان وضرب ايران في استهماجٍ واستهتارٍ بالقوانين الدولية والسيادةُ للدول حتى كان اخرها الضربة الإسرائيلية على قطر للمجتمعين الفلسطينيين لمناقشة مبادرة الرئيس الأمريكي المُنحاز دوما للكيان، وايجادُ حلٍ عادل للشعب الفلسطيني ووضعُ حدٍ لمأساتهِ الإنسانية .. لكن وللأسف فما خرج به المجتمعون لم يكن سوى بيانٍ ختاميٍ ركيكٍ وباهتٍ فاقدٍ للزخمِ المطلوبِ وغير قادرٍ على مواكبةِ حجمِ التحديات.
بيانٌ يفتقرُ للجرأةِ والوضوح
جاء البيانُ الختاميُ للقمةِ مخيباً للآمالِ مليئاً بالعمومياتِ واللغةِ الدبلوماسيةِ الملتويةِ التي تفتقرُ إلى الجرأةِ والوضوحِ برغم فداحة الأمر ... وبدلاً من اعتبارِ العدوانُ على غزةَ جريمةَ حربٍ واضحةٍ اكتفى بـ الإدانة والتنديدِ دون تحديدِ المسؤولياتِ أو التهديدِ بإجراءاتٍ فعليةٍ، ولم يجعل للكيان حدٌ حقيقي للاعتداء على الدول المُشاركة بالقمة من التدخل والغارات الصهيونية والاعتداءات بل جاءَ بلغةٍ أقربُ إلى خطاباتِ الأممِ المتحدةِ التقليدية منها إلى موقفٍ عربيٍ إسلاميٍ موحدٍ وقوي.
المفارقة أن البيان تضمنَ فقراتٍ طويلةٍ حول الحلول السلمية والمفاوضات التي تضرب بها إسرائيل عرض الحائط، وفي وقتٍ يتعرضُ فيه المدنيونَ للقصفِ اليومي والتهجيرِ القسري والتجويعِ الممنهج حتى وصل البلل كما يقولون إلى ذقون الدول الأخرى كسوريا ولبنان وأخيراً قطر، هذا التناقض بين الواقعِ الميدانيِّ الدامي ولغةُ الدبلوماسيةُ الباردة هو ما دفع المواطنُ العربي إلى السخريةِ من هذه القمم ونتائجها.
غيابُ الإجراءاتِ العملية
الأكثر إحباطاً في البيان الختامي كان غيابُ أي إجراءاتٍ عمليةٍ ملموسةٍ، ولم تتضمن الوثيقة أي تهديدٍ حقيقي حتى بقطعِ العلاقاتِ الدبلوماسيةِ أو الاقتصاديةِ مع الدولِ الداعمةِ للاحتلالِ أو مع الاحتلالِ نفسهُ!
لم تُطرح عقوباتٌ محددةٌ، ولم تقدم آلياتُ تنفيذٍ واضحةٍ، وكل ما في البيان كان وعوداً عامةً ومبهمةً تاركاً المجال مفتوحاً للتفسيراتِ والتأويلاتِ المختلفة والالتفافُ على المطالب.
حتى البنودُ المتعلقةُ بالدعمِ الماليِ والإنسانيِ لغزةَ جاءت غامضةً وغير ملزمةً، ودون تحديدِ المبالغ المطلوبة أو آلياتِ صرفها... هذا الغموضُ المتعمدُ يجعلُ من البيانِ مجردَ ورقةٍ لا تحمل ُأي قيمةٍ عمليةٍ على الأرض.
ردود الفعل الشعبية.. "ليتهم ما اجتمعوا!"
علقَ الشارعُ العربي الكثير من الآمال على تلك القمة التي كانت صادمةً لهم حتى علق الشارعُ بقولهِ "ليتهم ما اجتمعوا!" تعبيرٌ عن الإحباطِ العميقِ جراءَ عجزِ القياداتِ العربيةِ والإسلاميةِ عن اتخاذِ مواقفَ حاسمةٍ حتى أضحتِ القممُ العربيةُ في نظرِ الكثيرين مجردَ مناسباتٍ للتصويرِ وتبادلِ التحياتِ والمُجاملات، وليس لمناقشةِ القضايا المصيرية.
وسائل التواصل الاجتماعي تناقلَت سخريةً واسعةً من البيانِ ذلك حيثُ وصفهُ البعضُ بـ ورقةِ التوتِ التي تحاولُ تغطيةَ العجزِ العربي والإسلامي حيال القضايا التي تمس وجود الأمة وكرامتها.
خلفيات العجز العربي
هذا الأداءُ المخيبُ لا ينفصلُ عن واقعِ الأنظمةِ العربيةِ والإسلاميةِ المعاصرةِ، فالكثير من تلكَ الأنظمة تعاني من انقساماتٍ عميقةٍ وتَعارضٍ في المصالحِ مما يجعلُ الوصول إلى موقفٍ موحدٍ أمراً شبهَ مستحيل... كما أن ارتباطَ بعض الدول العربية بعلاقاتٍ اقتصاديةٍ وأمنيةٍ مع القوى الغربية والدولِ الداعمةِ لإسرائيل بل علاقاتٍ مع الكيانِ الغاصب نفسه! جعل الأمل بالحد الأدنى قطع تلك العلاقات تماماً وفوراً لكن حتى هذا الأمل لم يتحقق!
وكانت النتيجةُ بيان ختامي يمثل مصالحَ الحكام لا مصالح المحكومين والشعوب التواقةِ للكرامةِ التي أهدرها حكامهم من أجل البقاءُ على كراسي العار والخزي إلى درجة أن تم حذف كل ما يمكنُ أن يسببَ إحراجاً لأي طرفٍ فيهم، ويتم الاكتفاءُ بأقلِ مستوى من التوافق، هذا النهج حولَ البيان الختامي إلى مجردِ بيانٍ إعلاميٍ لا يحملُ أي قيمةٍ سياسيةٍ حقيقيةٍ فلما كان الاجتماعُ أصلاً؟
نحو مستقبلٍ مختلف
إذا أرادتِ القممُ العربية والإسلامية استعادةَ مصداقيتها فلا بد من تغييرٍ جذريٍ في منهجيتها... يجبُ أن تتحول هذه اللقاءاتُ من مناسباتٍ للخطاباتِ الرنّانةِ الفارغةِ إلى منصاتٍ لاتخاذِ القراراتِ الحاسمةِ التي تحمي الأمة وتصون حقوقها وكرامتها... لا بد من وضعِ آلياتِ تنفيذٍ واضحةٍ ومحددةٍ الزمنِ مع وجودِ أنظمةٍ للمساءلةِ والمحاسبة.
البيان الختامي يجبُ أن يكونَ وثيقةَ عملٍ، وليس مجردَ بيانٍ إعلامي، يجب أن يتضمنَ إجراءاتٍ ملموسةٍ لا تقلُ عن قطعِ العلاقاتِ الدبلوماسيةِ مع كل من يتعاملُ معنا باحتقارٍ واستهتار، وفرضُ العقوباتُ الاقتصاديةُ، ودعم المقاطعةِ الشعبيةِ للدولِ الداعمة للاحتلال.
كلماتُ لا تسمنُ ولا تُغني من جوع
في النهاية كان البيانُ الختاميُ للقمةِ العربيةِ الإسلاميةِ الأخيرةِ مثالاً صارخاً على الفجوةِ بين الخطابِ الرسميِ والواقعِ المعاش وأيضاً الشعوبُ التواقة للكرامة، وبينما الفلسطينيونَ في غزة يواجهونَ الموتِ تحتِ القصفِ والتجويع كان القادةُ العربُ والمسلمين ينتجونَ وثيقةً لا تطعمُ جائعاً ولا تردعُ معتدياً.
حانَ الوقتُ لكي تدركَ الأنظمةُ العربيةُ والإسلاميةُ أن الشارعَ العربيَ لم يعد يصدقُ الخطاباتِ الجوفاء، وأن الصمتَ أصبحَ أبلغُ من الكلامِ عندما تكونُ الكلماتُ مجردَ حبرٍ على ورق... القضيةُ الفلسطينيةُ تستحقُ أكثر من مجردَ إدانةٍ لأنها قضيةُ وجودٍ وهويةٍ، ولا يمكنُ اختزالها في بيانٍ ختاميٍ ركيكِ لا يليقُ بكرامةِ الأمةِ وتاريخها.



#عبد_الخالق_الجوفي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدعوةُ القطريةُ لعقدِ قمةٍ عربيةٍ وإسلاميةٍ ... قراءةٌ في ا ...
- الدكتور إبراهيم أبو طالب الناقد والشاعر
- مأساة إنسانية في عصر الحداثة.. الهولوكوست الصهيوني تجاه الغز ...
- مصر.. ملاذ الأشقاء وقت الشدة
- الشارقة.. منارة الثقافة ورائدة النهضة الفكرية والأدبية
- أعظم معاني الوجود النفسي والإنساني
- امتداد الروح وتماثل الكيان
- مجلس الأمة الكويتي وتحديات الحكم الديمقراطي
- السياسية الكويتية وأثرها على الاقتصاد الكويتي
- عندما يتخلى الكبار.. يبكي الصغار!
- نواة العالم الجديد
- اخفاقٌ امريكي جديد ... زيارة بيلوسي لتايوان
- زيارة بايدن للمملكة العربية السعودية الأسباب والنتائج
- مظلوم يا ناس
- خصلاتٍ من شعرٍ مُلتهب
- روح الشهيد
- المرأة ركيزة المجتمع
- النافذة
- مأساة ٌ في أروِقَةِ المَحَاكِمْ .............قصة قصيرة
- أقاصيص


المزيد.....




- حادث غريب.. حفرة ضخمة تبتلع زورقين قرب قناة مائية في بريطاني ...
- الإفراج عن 30 ألف وثيقة جديدة من ملفات إبستين.. هذا ما توصلن ...
- الرويشد ويسرا والفخراني وماريا كاري.. تكريمات مؤثرة لمبدعين ...
- وزارة العدل الأمريكية تنشر آلاف الوثائق المرتبطة بقضية جيفري ...
- من -فور سيزنز- في موسكو إلى يخوت دبي.. كيف يعيش آل الأسد في ...
- السودان في كأس إفريقيا.. هوية وروح واحدة في زمن الانقسام
- إطلاق الناشطة تونبرغ في لندن بعد توقيفها في مظاهرة مؤيدة للف ...
- تواجه حكما بالإعدام... 400 شخصية نسائية عالمية تطالب طهران ب ...
- فرنسا : الجمعية الوطنية تصادق على -قانون خاص- يتيح مواصلة تم ...
- زيلينسكي يكشف عن مسودة جديدة للتسوية وروسيا تتقدم شرق أوكران ...


المزيد.....

- الوثيقة التصحيحية المنهجية التأسيسية في النهج التشكيكي النقد ... / علي طبله
- الطبقة، الطائفة، والتبعية قراءة تحليلية منهجية في بلاغ المجل ... / علي طبله
- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الخالق الجوفي - القمةُ العربيةُ الإسلاميةُ وبيانٌ ختاميٌ دونَ المُستوى حينَ يُصبحُ الصمتُ أبلغَ من الكلام