عبد الخالق الجوفي
الحوار المتمدن-العدد: 8035 - 2024 / 7 / 11 - 13:15
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تعود جذور مجلس الأمة الكويتي إلى بدايات نضال الكويت من أجل الاستقلال والسيادة، فبعد تحرير الكويت من الحماية البريطانية عام 1961، أصدر أمير البلاد الشيخ عبد الله السالم الصباح مرسوما بإنشاء مجلس الأمة كهيئة تشريعية تمثل إرادة الشعب الكويتي، ومنذ ذلك الحين تطور مجلس الأمة ليصبح حجر الزاوية في التجربة الديمقراطية الكويتية، ونجاته من العواصف السياسية والتغيرات المجتمعية.
حيثُ تأسس مجلس الأمة الكويتي عام 1962، وهو من أقدم الهيئات التشريعية في العالم العربي، حيث يجسد مبادئ التمثيل والمساءلة والمشاركة العامة، ويعتبر المجلس أحد أقدم المجالس التشريعية في العالم العربي، وهو جزء أساسي من النظام السياسي في دولة الكويت، ويتألف المجلس من عدد من الأعضاء يتم انتخابهم بطرق ديمقراطية، ويلعب دوراً هاماً في صياغة السياسات والقوانين والمراقبة على أداء الحكومة.
ويتألف مجلس الأمة من ممثلين منتخبين، مما يعكس المصالح ووجهات النظر المتنوعة للمجتمع الكويتي، ويتكون هيكله من مجلسين: البرلمان المنتخب (مجلس الأمة) والحكومة المعينة (مجلس الوزراء)، ويتكون مجلس النواب من 50 عضوا يتم انتخابهم بالاقتراع العام والاقتراع السري، في حين يضم مجلس الوزراء وزراء يعينهم أمير البلاد، ويضمن هذا الهيكل المزدوج توازن القوى بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، مما يعزز الضوابط والتوازنات الضرورية للحكم الرشيد.
أحد الجوانب البارزة لمجلس الأمة الكويتي هو دوره في تمثيل الشعب الكويتي والدفاع عن مصالحه، حيث يعتبر منبراً للنقاش العام والتعبير عن الآراء المختلفة، ويتمتع المجلس بسلطة كبيرة في مناقشة القضايا المهمة واتخاذ القرارات التي تؤثر على مستقبل البلاد، أما عن الوظيفة الأساسية لمجلس الأمة فهي سن القوانين واللوائح التي تحكم البلاد، ويشارك أعضاء البرلمان في المناقشات، ويقترحون مشاريع القوانين، ويدققون في التشريعات الحكومية لضمان توافقها مع الدستور ومصالح الشعب، ومع ذلك، فقد شابت عمل المجلس فترات من الاضطراب السياسي، اتسمت بالمقاطعة البرلمانية، والأزمات الدستورية، والصراعات التنفيذية والتشريعية ، وغالباً ما تنبع هذه الاضطرابات من التوترات الكامنة بين النخبة الحاكمة وفصائل المعارضة والجهات الفاعلة المجتمعية التي تتنافس على السلطة والنفوذ.
على الرغم من الدور الإيجابي الذي يقوم به مجلس الأمة في تعزيز الديمقراطية وتحقيق التوازن بين السلطات في الكويت، إلا أنه يواجه تحديات عدة، من بين هذه التحديات الصراعات والانقسامات السياسية الداخلية التي كثيراً ما تؤدي إلى الجمود والشلل في عملية صنع القرار ، و يؤدي تضارب المصالح والاختلافات الأيديولوجية والطائفية والقبلية إلى تغذية الاستقطاب السياسي داخل مجلس الأمة، مما يعيق بناء التوافق والتعاون، حيثُ تعطي بعضَ الفصائل المتنافسة الأولوية للمصالح الحزبية على الوحدة الوطنية، مما يوصل بنهاية الأمر إلى طريق مسدود وخلل في الإجراءات التشريعية و إعاقة بناء الإجماع وعرقلة تمرير التشريعات الحيوية، ويتسبب في إعاقة قدرة الجمعية على معالجة القضايا الملحة التي تواجه الأمة ، مما قد يؤثر على قدرة المجلس على القيام بواجباته بفعالية، كما يتعرض المجلس أحياناً لانتقادات بشأن فعالية أدائه وقدرته على التعامل مع التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه البلاد.
كما وتلجاء بعض فصائل المعارضة والنواب المستقلون إلى المقاطعة والاستقالات الجماعية للاحتجاج على الظلم أو المخالفات الانتخابية أو السياسات الحكومية مما يعطل النصاب البرلماني، وتعرقل العمل التشريعي، وتقوض شرعية الجمعية الوطنية ، وتؤدي المقاطعة الدورية للبرلمان إلى تفاقم التحديات التي تواجه الجمعية الوطنية ، وتؤدي المقاطعة التي تكون مدفوعة في كثير من الأحيان بالتظلمات بشأن القوانين الانتخابية، أو السياسات الحكومية، أو الظلم المتصور، إلى عدم اكتمال النصاب القانوني وتعطيل إجراءات الجمعية، ولا تؤدي هذه المقاطعة إلى تقويض شرعية الجمعية فحسب، بل تعيق أيضا قدرتها على الوفاء بواجباتها ومسؤولياتها الدستورية، وتعدُ السجالات والمواجهات الساخنة بين النواب والتي تصل أحياناً إلى مشادات جسدية ومشاجرات نيابية، تشويهاً لصورة المجلس ومضعفاً لمصداقيته كهيئة تداولية ونيابية!
كما وتسعى السلطة التنفيذية بقيادة الأمير الحاكم وحكومته المعينة، في بعض الأحيان إلى ممارسة نفوذ غير مبرر على مجلس الأمة، مما يقوض استقلاله، وأدت محاولات التلاعب بنتائج الانتخابات البرلمانية وخنق المعارضة والتحايل على التدقيق التشريعي، إلى تآكل ثقة الجمهور في المؤسسات الديمقراطية.
علاوة على ذلك يمكن للإصلاحات المؤسسية التي تهدف إلى تعزيز الشفافية والمساءلة والكفاءة البرلمانية أن تساعد في التخفيف من مخاطر الاضطرابات المستقبلية وتعزيز مرونة المؤسسات الديمقراطية في الكويت، ومن خلال التمسك بالمبادئ الديمقراطية، واحترام القواعد الدستورية، وتعزيز بناء الإجماع، تستطيع الكويت التغلب على تحدياتها السياسية وإعادة تأكيد التزامها بالحكم الديمقراطي.
وفي حين أن الاضطرابات داخل مجلس الأمة الكويتي تشكل عقبات هائلة أمام ترسيخ الديمقراطية، فإنها توفر أيضا فرصا للتفكير والإصلاح والتجديد من خلال معالجة الأسباب الجذرية للسياسة
بصورة عامة، يعتبر مجلس الأمة الكويتي مؤسسة هامة في النظام السياسي للكويت، ويواجه تحديات مستمرة في سبيل تحقيق أهدافه في خدمة الشعب وتحقيق التنمية والاستقرار في البلاد، ويشكل الاستقطاب السياسي، والجمود البيروقراطي، والتدخل الحكومي في بعض الأحيان، عقبات أمام بناء الإجماع وصنع القرار، علاوة على ذلك فإن الانقسامات المجتمعية على أسس قبلية وطائفية وأيديولوجية غالباً ما تعيق التماسك والتعاون البرلماني.
ومع ذلك، يظل مجلس الأمة منارة للديمقراطية في الكويت، ويرمز إلى التزام البلاد بالتعددية وسيادة القانون والمشاركة المدنية، ومع الإصلاحات المستمرة التي تهدف إلى تعزيز الإجراءات البرلمانية، وتعزيز العمليات الانتخابية، وتعزيز الشمولية، تسعى الكويت جاهدة إلى تعزيز مؤسساتها الديمقراطية وضمان الحيوية الدائمة لمجلس الأمة.
ويعدُ مجلس الأمة الكويتي شاهدا على التطلعات الديمقراطية للبلاد ورحلتها نحو الحكم الشامل، وفي حين تواجه الكويت تعقيدات التحديث والانتقال السياسي، يظل مجلس الأمة ثابتا في مهمته المتمثلة في دعم مبادئ الديمقراطية والعدالة والوحدة الوطنية.
#عبد_الخالق_الجوفي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟