ايت وكريم احماد بن الحسين
مدون ومراسل
(Ahmad Ait Ouakrim)
الحوار المتمدن-العدد: 8465 - 2025 / 9 / 14 - 18:01
المحور:
كتابات ساخرة
في زمن يتسابق فيه المسؤولون على افتعال النقاشات الجانبية لإشغال الرأي العام، يخرج علينا وزير العدل المغربي، بين الفينة والأخرى، بخرجات إعلامية يلهب بها المنابر حول "القوانين المنظمة للعلاقات الرضائية" و"الحريات الفردية"، وكأن القضاء المغربي حلّ جميع معضلاته البنيوية ولم يتبقَّ سوى هذه القضايا "الاستعراضية" ليكمل بها صورة الإصلاح المزعوم.
لكن خلف الستار، تختبئ أعطاب كبرى تنخر جسد العدالة. فكم من أسرة تفرّق دمها بسبب تعنّت بعض الورثة في إنجاز رسوم الإراثة، ليظلّ باقي الورثة محرومين من حقوقهم الشرعية لسنوات، فقط لأن القانون لا يتدخّل بحزم في مواجهة هذا العناد الممنهج.
ثم هناك ظاهرة شهود الزور الذين صاروا جزءاً من ديكور المحاكم، يحضرون جلسة بعد جلسة دون أن تطالهم أي متابعة زجرية حقيقية. أليس من الأولى لوزارة العدل أن تنظّف فضاء المحاكم من هذه "الحالات الطفيلية" التي تضرب في الصميم هيبة القضاء وصدقيته؟
ولا يقف المشهد عند هذا الحد، بل تمتد المأساة إلى التنفيذ القضائي، حيث تصدر الأحكام لكن تبقى معلّقة، خصوصاً في مواجهة الإدارات العمومية وشبه العمومية وشركات التأمين. مواطن ينتظر سنوات لينال حقاً باتراً بحكم قضائي نهائي، لكن التنفيذ يصطدم بجدار المماطلة والتسويف… فأي عدالة هذه التي تُنصف على الورق وتخذل في الواقع؟
إن انتقاء القضايا التي يُسلّط عليها الضوء ليس بريئاً. فالتلويح بملفات الحريات الفردية قد يبدو براقاً إعلامياً للعالم، لكنه لا يمسّ جوهر معاناة الناس اليومية أمام المحاكم. المواطن البسيط لا ينتظر من وزير العدل أن ينظّر له عن "العلاقات الرضائية"، بل ينتظر منه أن يضمن له محكمة نزيهة، تنفيذ حكم عادل، وردع شاهد زور، وحماية من تعنّت وريث جائر.
إن إصلاح العدالة يبدأ من تنظيف البيت الداخلي، لا من تلميع الواجهة بخطابات براقة لكسب تعاطف بعض الجرائد والمجلات العالمية.
#ايت_وكريم_احماد_بن_الحسين (هاشتاغ)
Ahmad_Ait_Ouakrim#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟