حبيب مال الله ابراهيم
أكاديمي وباحث في مجال علوم الإعلام والصحافة
(Habeeb Ibrahim)
الحوار المتمدن-العدد: 8464 - 2025 / 9 / 13 - 13:06
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أعاد الرئيس السوري أحمد الشرع فتح ملف علاقة بلاده مع روسيا بتصريحات أثارت الكثير من التساؤلات حول مستقبل تحالفات موسكو الإقليمية. الشرع أكد، في مقابلة متلفزة على قناة الإخبارية السورية مساء الجمعة 12 / 9 / 2025، أن لسوريا روابط تاريخية مع روسيا يجب التعامل معها بهدوء ورزانة، لكنه كشف في الوقت ذاته عن اتفاق جرى بين الثوار والروس قبل سقوط النظام السابق عام 2024، وتحديداً خلال معركة تحرير حماة.
هذا الاعتراف يضع موسكو أمام تساؤلات حساسة: هل كانت بالفعل على استعداد للتفاوض مع خصوم حليفها، أم أن ما قاله الشرع يندرج في إطار المبالغات السياسية؟
أن ما طرحه الرئيس السوري يعكس صورة أوسع لطبيعة السياسة الروسية القائمة على البراغماتية القصوى، والتي تجعل من التحالفات أدوات مؤقتة قابلة للمساومة متى ما اقتضت المصالح. فروسيا سبق أن أظهرت مرونة مشابهة في السودان عبر تقاطع مواقفها مع قوات الدعم السريع، وهي قد لا تتردد في التخلي عن إيران أو كوريا الشمالية أو غيرهما من حلفائها، إذا وجدت في ذلك مكاسب مرحلية تضمن لها حضوراً قوياً على الساحة الدولية.
لا يقتصر هذا النمط على سوريا أو السودان، بل يتكرر في تجارب أخرى؛ فالدور الروسي في ليبيا عبر دعم قوات خليفة حفتر، يعكس كيف تستثمر موسكو في النزاعات المحلية لتعزيز نفوذها الإقليمي دون تقديم التزامات استراتيجية طويلة الأمد. كما أن دعمها المتنوع لحكومات في إفريقيا وأمريكا اللاتينية وآسيا الوسطى يُظهر استعدادها لاستخدام هذه العلاقات كأوراق ضغط يمكن التخلي عنها متى ما تبدلت الأولويات.
وبحسب هذا الطرح، فإن الرسالة الأهم التي تبعثها موسكو إلى حلفائها الحاليين والمحتملين هي أن الدعم العسكري والدبلوماسي الذي تقدمه ليس ضمانة دائمة، بل ورقة قابلة للطي عند تغير الظروف. وبذلك تتكشف صورة روسيا كقوة عظمى لا تتعامل بمنطق الشراكات الاستراتيجية طويلة المدى، بقدر ما تركز على تحقيق أهداف آنية قد تُترجم إلى مكاسب صغيرة لكنها ضرورية لتمكين موقعها الجيوسياسي.
تصريحات الشرع لا تقتصر على سياقها السوري، بل تفتح الباب أمام نقاش أوسع حول حدود الثقة في موسكو كحليف، وحول قدرة الدول المتحالفة معها على المراهنة على دعمها في معارك البقاء.
#حبيب_مال_الله_ابراهيم (هاشتاغ)
Habeeb_Ibrahim#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟