حبيب مال الله ابراهيم
استاذ الإعلام والصحافة
()
الحوار المتمدن-العدد: 8463 - 2025 / 9 / 12 - 00:46
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، بدا واضحاً أن روسيا ليست في عجلة من أمرها للوصول إلى تسوية توقف القتال. الأمر أبعد من مجرد حسابات عسكرية على الأرض. ما تريده موسكو اليوم هو اختبار الغرب، وقياس مدى صلابته واستعداده للذهاب إلى النهاية في مواجهة طويلة ومعقدة.
العقوبات التي فرضتها أوروبا وأمريكا وحلفاؤهما كانت الأشد في تاريخ المواجهات الاقتصادية، استهدفت البنوك والطاقة والتكنولوجيا وحتى المحيطين بالكرملين. لكن رغم ذلك، لم تنهك روسيا كما توقع البعض. وجود الصين والهند في الخلفية وفر لموسكو شريان حياة اقتصادي وسياسي. بكين اشترت النفط والغاز الروسي، ونيودلهي فتحت قنوات بديلة للتجارة، ما جعل أثر العقوبات أقل فتكاً مما كان الغرب يأمل.
ما تفعله روسيا اليوم أقرب إلى كشف أوراق في لعبة طويلة:
- إلى أي مدى يمكن أن تستمر أوروبا في تحمل التكاليف الاقتصادية؟
- هل تستطيع واشنطن موازنة دعمها العسكري والمالي لأوكرانيا مع أزماتها الداخلية؟
- وماذا عن كندا وأستراليا واليابان وكوريا الجنوبية؟ هل لديها استعداد للمضي في صراع قد يستنزفها لسنوات؟
لكن الأهم من كل ذلك أن هذه الحرب لم تعد تخص أوكرانيا وحدها. هي تحولت إلى مختبر سياسي وعسكري لمعرفة ما إذا كان الغرب قادراً على التعامل مع مواجهة أكبر في المستقبل: سيناريو تدخل الصين عسكريًا لاستعادة تايوان.
فطريقة إدارة الغرب للعقوبات على روسيا، وتوزيع أعباء الدعم العسكري والاقتصادي لأوكرانيا، كلها رسائل تقرأها بكين بدقة. إن صلابة الموقف الغربي أو هشاشته اليوم قد تحدد قرار الصين غداً. فلو رأت أن الغرب متردد ومنهك، قد تجد اللحظة سانحة للتحرك نحو الجزيرة. ولو وجدت أن العقوبات فعالة وأن الدعم العسكري متماسك، ربما تعيد حساباتها.
من هنا، يصبح الصراع الأوكراني أكثر من مجرد حرب بين موسكو وكييف. إنه حلقة في لعبة توازنات دولية أوسع، حيث تختبر روسيا الغرب على الأرض الأوروبية، بينما تراقب الصين من بعيد لترى النتيجة. بكلمات أخرى، أوكرانيا اليوم ليست مجرد ساحة حرب، بل مرآة تعكس ملامح النظام العالمي القادم.
#حبيب_ابراهيم (هاشتاغ)
#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟