أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ازهر عبدالله طوالبه - حين يُصبح قتل المُفاوض هدفًا استراتيجيًّا اسرائيليًّا.














المزيد.....

حين يُصبح قتل المُفاوض هدفًا استراتيجيًّا اسرائيليًّا.


ازهر عبدالله طوالبه

الحوار المتمدن-العدد: 8461 - 2025 / 9 / 10 - 04:50
المحور: القضية الفلسطينية
    


في كُلّ الصِّراعات المُمتدّة، هناكَ لحظاتٌ تُفتح فيها أبواب التّفاوض ؛ لتجريبِ إمكانيّة العُبور مِن ساحةِ الدَّم إلى طاوِلة الكلام. لكن، ثمّةَ قوى لا تتحمَّل هذا الانتِقال. فتعمَل على قتلِ المُفاوِض الآخر. ليسَت هذه جريمةٌ معزولة، بل هي فعلٌ سياسيّ بامتياز، يستهدِف قتل الفكرةِ لا الشَّخص، وإغلاق الباب أمامَ احتِمالاتِ التّسوية.

هذا النَّوع مِن القَتل، ليسَ وليدَ الصّراعاتِ الحديثة. فمنذُ القُرون الوسطى، شهدَت أوروبا والعالَم الإسلاميّ حوادثَ تُظهِر أنَّ قتلَ المُفاوِض لم يكُن صدفَة، بل هو أداةٌ تاريخيّة. حيثُ كانَ سلاحًا لقطعِ الطّريق على التّفاهُمات. ففي الحُروب الصليبيّة، كثيرًا ما جرى استهداف الرُّسل أو الوسطاء بحجّةِ الخيانة أو "التّخابُر مع العدو" ؛ ليُسقطَ بقتلِهم أيّ أملٍ في وقفِ النّزاع. والهدَف المؤكّد من ذلك، واضِحًا: إدامَة الحَرب، وإبقاء راية الدّم مرفوعةً. وفي الممالِك الأوروبيّة، لم يكُ غريبًا أن يغتالَ مبعوث ملك أو دبلوماسيٍّ في الطُّرقات ؛ حتى لا يُنصت الآخرونَ إلى "صوتِ السّلام" الّذي قد يُضعِف الحماسةَ للقِتال.


أمّا في العصرِ الحديث. فإنَّ اسرائيل تُعَد من أكثر الكياناتِ الّتي وظّفت هذا النَّمط من القتل بشكلٍ منهجيّ. فهي لم تكتَفِ بقتلِ المُقاومين في ساحاتِ المواجهة، بل عمِلَت بوعيٍ على استهدافِ القادة السياسيينَ الّذينَ يُمثّلونَ خطّ المُفاوضة مِن داخل حركاتِ المُقاومة الفلسطينيّة، وعلى رأسها حركة "حماس".

فالاغتيالاتِ الّتي طالَت قادة سياسيين مثِل: أحمد ياسين، عبدالعزيز الرنتيسي، اسماعيل هنيّة، لم تكُن موجّهة ضدّ "عسكريين" فحَسب، بل ضدّ رموزٍ قادرينَ على الجَمع بينَ "المُقاومة" و"السياسة"، وعلى نقلِ صوت الحرَكة إلى ميدانِ التّفاوُض. كانَت الرسالة الإسرائيليّة مِن ذلك واضِحة: لا تفاوض مع حماس، بل يجِب ألّا يبقى لها لسان سياسيّ أصلًا.

حتّى في المساراتِ الّتي شهدِت مفاوضاتٍ غيرَ مُباشرة - مثل مفاوضاتِ التّهدئة عبرَ وُسطاء إقليمييّن أو دوليين- كانَت إسرائيل تُحاول تصفية مَن يمتَلك وزنًا سياسيًّا داخل الحرَكة، وكأنّها تُريد أن تتركَ الفلسطينيينَ بلا قياداتٍ يُمكِن أن تُمسكَ بملفّ التّفاوض، بل فقط واجهاتٍ عسكريّة ميدانيّة، يسهُل اتّهامها ب"الإرهاب" لعزلها عن الشرعيّة الدوليّة.


ومِن هُنا، فإنَّ قتل المُفاوض، بالنّسبة لإسرائيل، هو "استراتيجيّةٌ للهَيمنة". إذ لا يُراد منه الانتصارَ في المعركةِ العسكريّة بقدَر ما يُراد منهُ ضبط المشهَد السياسيّ وفقَ مقاسِ القوّة المُهيمِنة. اسرائيل، أي القاتِل، يُريد أن يقول: لا مكانَ ل"لغةٍ" أُخرى غير لُغتي. فلا يبقى في ساحةِ الصِّراع سوى صوت السّلاح، لتبقى اليد العُليا لمَن يمتَلك ترسانَة "الحديد والنّار".

ولو نظرنا للحالة بشكلٍ مُعمّق، سنلحَظ تضاعُفًا كبيرًا في المعنى: فالمُفاوِض الفلسطينيّ الّذي يجرّ الإسرائيليّ إلى طاولةٍ حقيقيّة، ويطرَح عليهِ أسئلةً تتعلَّق ب"الحُقوق والشرعيّة والاعتِراف"، هو أخطَر مِن مقاتلٍ يحمِل بُندقيّة. فالمُقاتِل يُمكِن شيطَنته، أمّا المُفاوِض الّذي يُتقِن لُغة السياسة والشرعيّة الدوليّة، فهو تهديدٌ وجوديّ لسرديّة الإحتِلال.

وأيضًا، في هذه الحالَة، ثمّة مُفارَقة قاتِلة، تتمثَّل بأنَّ قتل المُفاوِض لا يُنهي التّفاوض، بل يؤبّده في شكلٍ مُستحيل. فكُلّ اغتيالٍ يخلِق قناعةً عند الطّرفِ الآخر، بأنَّ الحِوارَ مُجرَّد فخ، وأنَّ القوّةَ وحدها هي اللُّغة الّتي يفهمها العدو. وبذلك، يُكرّس القاتِل، أي إسرائيل، حلقة العُنف، الّتي يدّعي أنّهُ يُريد أن يكسِرها.


حين تقتُل إسرائيل الآخر المفاوضَ لها، فإنّها في الحقيقة تقتُل إمكانيّة الاعتراف، وتغتال فكرَة الحل. من القرون الوسطى حتى الرَّاهن الفلسطينيّ، يبدو أنَّ هذه الاستراتيجية لم تفقد صلاحيّتها. إذ يُفضَّل عند بعض القوى، ومِنها إسرائيل، بقاء الدّم جاريًا على أن تُفتح طاولة حوار قد تُغيّر موازين التاريخ والحاضِر والمُستقبَل.



#ازهر_عبدالله_طوالبه (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حينما تتقدَّم إسبانيا ونتأخَّر نحنُ.
- الاستقالات الهولنديّة وصمت الحكومات العربيّة.
- إسرائيل الكُبرى: المشروع الأخطر على وجود دول الطوق.
- في مواجَهة الاحتلالِ الصهيونيّ: نحو مشروع تحرُّر جديد للمِنط ...
- حين تصبح التكنولوجيا شريكًا في الجريمة: مايكروسوفت، إسرائيل، ...
- في قلب الصراع: إيران بين الضّغط الأميركيّ وخيارات القوّة.
- الأردن بينَ النيران، لكنّها لن تلتَهِمهُ.
- إسرائيل كقاعدة استعماريّة وأداة للهيمنة.
- رسالة للأشقّاء السوريين.
- الصراع في سوريا المنطقة: صفقاتٌ خفيّة وتحدّيات مصيريّة.
- الهيمنة الغربيّة على حوض المحيط الهندي: قراءة تاريخية وتحليل ...
- برغماتيّة ترامب وموالاته للحركة الصهيونيّة.
- علينا أن نّفكّر بمنطق.
- ماذا علينا أن نفعل بعد صرخَة -آرون-.
- لنُراهن على ذاتنا، ولنتوقّف عن تقديس أداة الفُرس.
- المُقاومة وتصريحات وزراء الخارجيّة العَرب..
- فرحةٌ للوطَن ومِن ثمّ لنا.
- معمعة التخبُّط والمتاهات: الكيان الصهيونيّ أنموجًا.
- خذلناهم، لكنّهم سينتَصرون، وسيعيدون رسم خريطة العالَم.
- مِن جريمةٍ إلى أُخرى.


المزيد.....




- في هذا الموعد.. سلوم حداد يقدم -الزير سالم- على مسرح أبوظبي ...
- أجواء تشاؤم تسود في إسرائيل إزاء نتيجة غارتها في قطر.. إليكم ...
- ولي العهد السعودي يوجه رسائل شديدة اللهجة بشأن هجمات إسرائيل ...
- ضربات إسرائيلية في اليمن.. والحوثيون يتوعدون بـ-رد قوي-
- رافضة -فرض الأمر الواقع-.. مصر تشكو إثيوبيا في مجلس الأمن بع ...
- ماذا نعرف عن خليل الحية الذي حاولت إسرائيل اغتياله في قطر؟
- صراعات وتضامن وآلاف الضحايا - كواليس بناء سد النهضة الإثيوبي ...
- إدانات دولية متواصلة ضد الضربات الإسرائيلية على العاصمة القط ...
- غموض يلف مصير قادة حماس في الدوحة بعد الضربات الإسرائيلية وم ...
- أعضاء من البرلمان الأوروبي يتضامنون مع غزة وتدابير أوروبية ج ...


المزيد.....

- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- رد الاعتبار للتاريخ الفلسطيني / سعيد مضيه
- تمزيق الأقنعة التنكرية -3 / سعيد مضيه
- لتمزيق الأقنعة التنكرية عن الكيان الصهيو امبريالي / سعيد مضيه
- ثلاثة وخمسين عاما على استشهاد الأديب المبدع والقائد المفكر غ ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ازهر عبدالله طوالبه - حين يُصبح قتل المُفاوض هدفًا استراتيجيًّا اسرائيليًّا.