زهير دعيم
الحوار المتمدن-العدد: 8456 - 2025 / 9 / 5 - 18:16
المحور:
الادب والفن
لطالما ارتبط الشِّعر العربيّ في الوعي الجمعيّ بالوزن والقافية ، حتى خُيّل للكثيرين أنَّ ما لا يلتزم بهذه الأطر لا يُعدُّ شعرًا . لكنَّ الحقيقة الأعمق تقول بصريح العبارة :
إنَّ الشِّعر لا يُقاس فقط بما يُطرب الأذن ، بل بما يُلامس القلب والوجدان . فالشِّعر في جوهره تجربة شعورية صادقة ، وانفعال داخليٍّ يُسكب في كلمات ، ويجري في مشاعر ، بغضّ النظر عن شكله الخارجي .
لقد برز هذا المفهوم في الشعر الحديث ، حيث تمرَّد كثيرٌ من الشُّعراء على القوالب التقليدية ، وراحوا يكتبون قصيدة النثر أو الشِّعر الحُرّ ، لا حبًّا في كسر القواعد والقوانين ، بل لأنَّ الإحساس لديهم تجاوز الوزن والقافية ، وسعى إلى التعبير الحرّ والعميق عن الذات والواقع .
فمتى كانت القافية وحدها كافية لتصنع قصيدة ؟!!!
ومتى كان الوزن ضمانًا لجودة الشِّعر ؟!
قد تجد يا صاحبي العزيز في بيت موزون مقفّى كلماتٍ باردةً ، خاليةً من الرُّوح ، في حين يهزّك نصّ نثريّ بسيط ، لأنه خرج من قلب صادق ، وتجربة إنسانية حقيقيّة .
الشِّعر في حقيقته وكينونته هو نبضُ الإنسان ، وهو ما يجعل قارئه يشعر بأنه ليس وحده . إنَّه اللغة التي تتجاوز اللغة ، والجرس الذي يرنّ في الروح والنّفس قبل الأذن .
من هنا يصبح الشّعرُ الحقيقيُّ هو ذاك الذي يجمع بين الإحساس المُرهف والمضمون العميق الغامر ، سواء التزم بالوزن أو لم يلتزم ، لأن الشَّكل يبقى وسيلة ، أمّا الجوهر فهو في الصِّدق ، وفي الجَمال ، وفي زرع الدهشة والانفعال ، والاهمّ في الرؤية المختلفة للحياة .
وخلاصة القول هو : أنّ الشّعر الجميل لا يسكن في بحور العروض ويسبحُ هناك فقط ، بل في البِّحور التي تفيض في داخلنا ، فكلّ ما يُكتب من القلب ، يصل إلى القلب ، ويصبح شِعرًا مؤثّرًا أخّاذًا .
#زهير_دعيم (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟