أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمدي سيد محمد محمود - المستعربون العرب: جسرٌ مُزيّف يعيد إنتاج السردية الإسرائيلية في الوعي العربي















المزيد.....

المستعربون العرب: جسرٌ مُزيّف يعيد إنتاج السردية الإسرائيلية في الوعي العربي


حمدي سيد محمد محمود

الحوار المتمدن-العدد: 8453 - 2025 / 9 / 2 - 11:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


المستعربون العرب ظاهرة مثيرة للجدل في المشهد السياسي والثقافي المستعربون العرب ظاهرة مثيرة للجدل في المشهد السياسي والثقافي والفكري العربي، فهم يمثلون حالة من الاغتراب الداخلي والانفصال عن الجذور والهُوية، حين يتبنون طوعًا أو عن قصدٍ واعٍ السردية الإسرائيلية ويعملون على إعادة إنتاجها داخل الفضاء العربي. هؤلاء لا يقفون عند حدّ الدفاع عن وجود إسرائيل أو تبرير سياساتها، بل يسعون إلى إعادة صياغة الوعي الجمعي العربي ليصبح أكثر تقبّلًا للتطبيع وأقل رفضًا للاحتلال، عبر خطاب يموّه الحقائق، ويُعيد تعريف المفاهيم المركزية كالتحرير والمقاومة والعدالة. إن خطورة المستعربين العرب لا تنبع فقط من أفكارهم، بل من موقعهم في الوسط العربي ذاته؛ فهم جزء من نسيجنا الثقافي والاجتماعي، وبالتالي تأتي رسائلهم مغلّفة بلغة مألوفة وأسلوب أقرب إلى القبول، مما يضاعف أثرهم في عقول الشرائح المترددة أو الباحثة عن حلول سريعة في مواجهة واقع معقد.

هذا الدور يتجلى في محاولاتهم المستمرة تفكيك صورة العدو الصهيوني باعتباره كيانًا استعماريًا، وإعادة تقديمه كـ"جار طبيعي" أو "شريك محتمل"، في حين يُصوَّر الرافضون لهذه السردية وكأنهم أسرى أوهام الماضي أو دعاة عنف غير عقلاني. وهكذا، يصبح المستعربون العرب أداةً فعّالة في إعادة تشكيل الإدراك السياسي، عبر استخدام مفردات السلام والحداثة والتعايش، لكن على أرضية مُشوّهة تُغفل جذور الصراع وحقائقه التاريخية. والنتيجة أن الخطاب العربي يبدأ تدريجيًا بفقدان بوصلته الأخلاقية والتاريخية، ليقف على مسافة واحدة بين الضحية والجلاد، وهو ما يخدم استراتيجيات الاحتلال الرامية إلى تثبيت الأمر الواقع.

أما على مستوى المجتمعات العربية، فإن أثر هؤلاء المستعربين يتجاوز دائرة النخب الفكرية أو الإعلامية، ليصل إلى الجمهور العام من خلال وسائل الإعلام التقليدية والجديدة، ومنابر التواصل الاجتماعي، ومراكز الأبحاث التي تتلقى الدعم الموجّه. هذا التدفق الخطابي يُحدث شرخًا في الوعي الجمعي، إذ يتبنى البعض – بدافع اليأس أو الانبهار بالغرب – ما يُقدَّم له من "حلول سهلة" على حساب الثوابت. وهنا تكمن الخطورة الحقيقية: فبدل أن تتماسك الجبهة الداخلية العربية في مواجهة الاحتلال والاستعمار، يتحول جزء منها إلى حامل لخطاب الآخر، يضعف الممانعة ويُربك التصورات الجماعية للمستقبل.

إن المستعربين العرب لا يمكن النظر إليهم بمعزل عن السياق الأشمل لمشاريع الاختراق الثقافي والسياسي التي تنتهجها إسرائيل والقوى الداعمة لها. فهم امتداد لسياسة قديمة تقوم على "اختراق العقول قبل اختراق الحدود"، ومحاولة تحويل الخصوم إلى رواةٍ لقصتها ومسوّغين لوجودها. وبذلك يصبح المستعربون العرب جزءًا من أدوات القوة الناعمة الإسرائيلية، حيث يتحولون إلى "جسور مزيّفة" بين العالم العربي وإسرائيل، تُقدّم صورة مضللة عن واقع الاحتلال وتُسهم في إضعاف أي مقاومة جدية له.

وفي النهاية، فإن مواجهة هذا التيار لا تكون بمجرد التشهير أو الرفض الانفعالي، بل بوعي نقدي عميق يعيد الثقة بالذات العربية والإسلامية، ويكشف تناقضات الخطاب المستعرب، ويؤسس لسردية أصيلة متماسكة تستند إلى التاريخ والعدالة وحق تقرير المصير. فالمعركة اليوم لم تعد عسكرية فقط، بل أصبحت معركة سرديات ووعي، ومن يكسبها يحدد ملامح المستقبل.

العربي، فهم يمثلون حالة من الاغتراب الداخلي والانفصال عن الجذور والهُوية، حين يتبنون طوعًا أو عن قصدٍ واعٍ السردية الإسرائيلية ويعملون على إعادة إنتاجها داخل الفضاء العربي. هؤلاء لا يقفون عند حدّ الدفاع عن وجود إسرائيل أو تبرير سياساتها، بل يسعون إلى إعادة صياغة الوعي الجمعي العربي ليصبح أكثر تقبّلًا للتطبيع وأقل رفضًا للاحتلال، عبر خطاب يموّه الحقائق، ويُعيد تعريف المفاهيم المركزية كالتحرير والمقاومة والعدالة. إن خطورة المستعربين العرب لا تنبع فقط من أفكارهم، بل من موقعهم في الوسط العربي ذاته؛ فهم جزء من نسيجنا الثقافي والاجتماعي، وبالتالي تأتي رسائلهم مغلّفة بلغة مألوفة وأسلوب أقرب إلى القبول، مما يضاعف أثرهم في عقول الشرائح المترددة أو الباحثة عن حلول سريعة في مواجهة واقع معقد.

هذا الدور يتجلى في محاولاتهم المستمرة تفكيك صورة العدو الصهيوني باعتباره كيانًا استعماريًا، وإعادة تقديمه كـ"جار طبيعي" أو "شريك محتمل"، في حين يُصوَّر الرافضون لهذه السردية وكأنهم أسرى أوهام الماضي أو دعاة عنف غير عقلاني. وهكذا، يصبح المستعربون العرب أداةً فعّالة في إعادة تشكيل الإدراك السياسي، عبر استخدام مفردات السلام والحداثة والتعايش، لكن على أرضية مُشوّهة تُغفل جذور الصراع وحقائقه التاريخية. والنتيجة أن الخطاب العربي يبدأ تدريجيًا بفقدان بوصلته الأخلاقية والتاريخية، ليقف على مسافة واحدة بين الضحية والجلاد، وهو ما يخدم استراتيجيات الاحتلال الرامية إلى تثبيت الأمر الواقع.

أما على مستوى المجتمعات العربية، فإن أثر هؤلاء المستعربين يتجاوز دائرة النخب الفكرية أو الإعلامية، ليصل إلى الجمهور العام من خلال وسائل الإعلام التقليدية والجديدة، ومنابر التواصل الاجتماعي، ومراكز الأبحاث التي تتلقى الدعم الموجّه. هذا التدفق الخطابي يُحدث شرخًا في الوعي الجمعي، إذ يتبنى البعض – بدافع اليأس أو الانبهار بالغرب – ما يُقدَّم له من "حلول سهلة" على حساب الثوابت. وهنا تكمن الخطورة الحقيقية: فبدل أن تتماسك الجبهة الداخلية العربية في مواجهة الاحتلال والاستعمار، يتحول جزء منها إلى حامل لخطاب الآخر، يضعف الممانعة ويُربك التصورات الجماعية للمستقبل.

إن المستعربين العرب لا يمكن النظر إليهم بمعزل عن السياق الأشمل لمشاريع الاختراق الثقافي والسياسي التي تنتهجها إسرائيل والقوى الداعمة لها. فهم امتداد لسياسة قديمة تقوم على "اختراق العقول قبل اختراق الحدود"، ومحاولة تحويل الخصوم إلى رواةٍ لقصتها ومسوّغين لوجودها. وبذلك يصبح المستعربون العرب جزءًا من أدوات القوة الناعمة الإسرائيلية، حيث يتحولون إلى "جسور مزيّفة" بين العالم العربي وإسرائيل، تُقدّم صورة مضللة عن واقع الاحتلال وتُسهم في إضعاف أي مقاومة جدية له.

وفي النهاية، فإن مواجهة هذا التيار لا تكون بمجرد التشهير أو الرفض الانفعالي، بل بوعي نقدي عميق يعيد الثقة بالذات العربية والإسلامية، ويكشف تناقضات الخطاب المستعرب، ويؤسس لسردية أصيلة متماسكة تستند إلى التاريخ والعدالة وحق تقرير المصير. فالمعركة اليوم لم تعد عسكرية فقط، بل أصبحت معركة سرديات ووعي، ومن يكسبها يحدد ملامح المستقبل.



#حمدي_سيد_محمد_محمود (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العدالة الاقتصادية في عصر الذكاء الفائق: نحو عقد اجتماعي جدي ...
- النفوذ الرقمي: إعادة تشكيل خرائط القوة في القرن الحادي والعش ...
- الوجودية: من قلق الفرد إلى عبء الحرية وصناعة المعنى
- إسرائيل كذراع استراتيجية للولايات المتحدة: بين المصالح العمي ...
- القيادة التحويلية في زمن الأزمات: من احتواء التحديات إلى صنا ...
- هندسة الجاذبية: إدارة القوة الناعمة كرافعة للنفوذ الدولي
- الجغرافيا الجديدة للنفوذ: أمن الطاقة وإعادة تشكيل التوازنات ...
- المؤثرون: بين بناء الثقة وتحديات الشهرة
- ما بعد الإيمان: تحولات فلسفة الدين في العصر الحديث
- السيادة في عصر الشبكات: الأمن الرقمي كدرع للأمن القومي
- أشباه الموصلات وصياغة ملامح القوة في القرن الحادي والعشرين
- حدود العلم بين رؤية كارل بوبر وتأملات محمود كيوان: نحو فلسفة ...
- التخيل الاجتماعي في زمن الذكاء الاصطناعي: صراع السرديات وإعا ...
- اقتصاد الجليد: سباق القوى الكبرى على كنوز القطب وأسرار المست ...
- الحوسبة الاجتماعية: البنية الرقمية الجديدة لسلوك الإنسان الج ...
- من الإنسان إلى الإله: جدلية لاهوت المسيح في القرون الثلاثة ا ...
- الذكاء الاصطناعي والاقتصاد النفسي: عقل بشري في قبضة خوارزمية ...
- الإقناع الخفي في عصر الذكاء الفائق: استعمار اللاوعي وتحرير ا ...
- إمبراطورية الانقسام: كيف أعادت بريطانيا رسم العالم بالصراعات
- إعادة رسم النفوذ: أوروبا و أمريكا في معترك التوازنات الجديدة ...


المزيد.....




- مشروب يكشف عن مصيرك..طقوس القهوة التركية تتحدى الزمن
- بعد استكماله فترة النقاهة.. ماجد المهندس يعود لاستئناف نشاطه ...
- هيفاء وهبي تتألق بفستان زفاف على ضفاف بحيرة كومو في إيطاليا ...
- موضة ورقص..ديمة قندلفت تخطف الأنظار بإطلالة فلامنكو اسبانيّة ...
- خوف يسود شوارع غزة.. شاهد ما حدث لحظة فرار أم مع طفليها وسط ...
- حصيلة زلزال أفغانستان ترتفع إلى 1200 قتيل وتحذيرات من تأثر م ...
- بتبني سرديتهم.. دعم ماسك لشعبويي ألمانيا في انتخابات كولونيا ...
- -لن يبقى أحد لنقل ما يحدث في غزة-.. جوناثان داغر يتحدث عن رس ...
- شركة -نستله- تقيل رئيسها التنفيذي لإقامته -علاقة عاطفية غير ...
- قرويون في أفغانستان ينتظرون المساعدات بعدل زلزال مدمر راح ضح ...


المزيد.....

- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمدي سيد محمد محمود - المستعربون العرب: جسرٌ مُزيّف يعيد إنتاج السردية الإسرائيلية في الوعي العربي