مصطفى النبيه
الحوار المتمدن-العدد: 8452 - 2025 / 9 / 1 - 16:26
المحور:
الادب والفن
ونحن نودع زملائي الصحافيين والصحافيات، الذين يتساقطون واحدًا تلو الآخر وهم ينقلون الحقيقة، بينما الاحتلال يفرح بما يظنه نصرًا حين يسكت صوت إعلامي.
هذا الصراع الإعلامي الذي نخوضه اليوم هو معركة وجود، معركة رواية، ومعركة صورة.
لقد شوّه الاحتلال صورة الفلسطيني طويلًا، مستغلًا هيمنته على الإعلام وضعف أدواتنا البصرية والفكرية. لكن السينما نجحت، وبشكل غير طبيعي، في تعديل هذه الصورة عالميًا، وفي جعل المتلقي يرى الفلسطيني بإنسانيته لا كما أراد له الاحتلال أن يبدو.
صحيح أننا نعاني في غزة من الجوع والدمار وانعدام أبسط مقومات الحياة، لكن يبقى السؤال: لماذا لا تمنح المؤسسات العامة والخاصة، ورؤوس الأموال، مساحة أكبر للإنتاج السينمائي؟
غزة وهي تُساق إلى المقصلة تحمل مليارات الحكايات البصرية التي يمكن أن تغيّر وجه العالم إن وُثّقت
أتذكر ابن صديقي حين تدمر بيتهم ورأى والده يبكي وهو ينقلهم من مكان إلى آخر، فسألني:
"هل يرانا الله؟ هل هو فوق عرشه يراقب ما يحدث؟ وهل سيغضب بعد قليل لينصر الضعفاء؟"
خرجت من خيمتهم ومشيت في حي الشيخ رضوان. كان شاب يسأل رجلًا عجوزًا:
– متى ستنزح؟
فأجابه العجوز مطأطئ الرأس:
– لن أنزح. سأهرب من الموت من مكان إلى آخر حتى يكتب لي النجاة. لا أملك قوت يومي، فأين أذهب من هذا الجوع؟
قاطعه الشاب وقال له: الكفيف الذي كان يصرخ في الحارة بالأمس.
."من يخرج من داره يقل مقداره"
في ذلك الصباح استشهد. وكانت شهادته رسالة لكل من يرفض الاستسلام.
واصلت سيري، وأنا أعيش حالة هذيان واحتضار، وأصغي لأصوات الناس وهم يحدثون أنفسهم ويشكون وجعهم علنًا. رفعت رأسي إلى السماء وصرخت:
"يا الله، أبصرنا، هل ستنصر عبيدك الضعفاء؟"
ثم انفجرت باكيًا، خائفًا على نفسي وعلى شعبي، قلت لنفسي: حتى لو كُتب لنا النجاة، أخشى ما أخشاه أن نصبح جميعًا أمواتًا ونحن على قيد الحياة.
من هذه التجربة الشخصية المؤلمة أعود للتأكيد:
السينما ليست ترفًا. إنها ضرورة وجودية، وسلاح بصري قادر على حمل وجع غزة إلى الضمير العالمي.
#مصطفى_النبيه (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟