أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى النبيه - -من يسمع دموع الياسمين؟-














المزيد.....

-من يسمع دموع الياسمين؟-


مصطفى النبيه

الحوار المتمدن-العدد: 8450 - 2025 / 8 / 30 - 20:20
المحور: الادب والفن
    


بعد العاشرة ليلًا، اتصل بي الفنان علي أبو ياسين، صوته كان باكيًا وهو يفكر بالنزوح إلى الجنوب. قرار يفرض عليه ترك البيت، الأصدقاء، الذكريات، أعراس أولاده، وميلاد الأحفاد وعمره في المكان. صوته المرتجف كان كأن غزة كلها تختبئ بين حروفه. تلك اللحظة لخصت واقعًا لا يحتاج إلى بلاغة، بل إلى من يشهد ويسجل.
تزاحمت في رأسي الأفكار وهرب النوم من عيني وكنت أقفز بين كل قصف وتدمير بيت، وفي الصباح تدفقت برأسي الأحداث. نزلت لشوارع غزة، الناس تائهة لا تعرف أين المفر؛ هناك من يهرب إلى الجنوب وهناك من يعود للشمال بعد أن يأسوا بالبحث عن مكان. في طريقي توقفت أمام خيمة زميل ينتظر عربة يجرها حمار ليأخذ ما تبقى له من عفش وينزح.. دموعِ المحبوسة انفجرت: من يستطيع أن ينتزع غزة من روحي؟ إن سقطت غزة فكلنا أموات.
غزة تبكي وهي تتحول إلى أثر بعد عين. سؤال يفرض نفسه: هل يدرك الذي يحتسي قهوته ويدخن سيجارته أمام شاشة التلفاز معنى هذا الحزن؟ هل يسمع أنين البيوت المهدمة وصراخ الأطفال ويشعر بخوف الأمهات؟ على مدار التاريخ، اعتاد البعض أن يجعلوا من معاناة الفلسطينيين وسيلة للصعود. وعود كثيرة، بيانات وشعارات، لكن الواقع بقي على حاله. لا جدوى من أن نطرق جدار الخزان فلن نجد من يسمع. تكررت المشاهد وبشاعة الصور أيقظت الأموات، ولكنها لم تغيّر شيئًا في الأحياء.
القضية لم تعد محصورة بالفلسطيني، بل هي صورة مكثفة لكل المستضعفين في الأرض الذين طرقوا أبواب الخزان ولم يسمعهم سوى المقهورين مثلهم. ما نراه اليوم أن العالم يغرق في قوانينه وشعاراته الكاذبة، فقاعات لا أكثر وُلدت لتكون حجر عثرة في وجه أي محاولة حقيقية لتغيير الواقع. وبينما يستمر القصف والنزوح، يتجول الفلسطيني في طرقات مدمرة، بيوت خاوية، شوارع يسيطر عليها غبار الركام. كل زاوية تحمل ذكرى، وكل ذكرى تُمحى بالقوة.
من موقعي ككاتب ومخرج، وزعت نفسي بين المرئي والمسموع والمقروء. حاولت أن أوثق حياة الناس، وأن أروي قصصهم، لعل كلمة واحدة تنصرهم. لكن الحقيقة المؤلمة أن ما يجري أكبر من الجهد الفردي. المستضعفين في العالم قد يتأثر بصورة طفل باكٍ، أو بيت مهدم لكنه يعود سريعًا إلى صمته، لا حول له ولا قوة ، تاركًا الضحايا وحدهم في مواجهة مصيرهم.
اليوم لا أكتب لأكرر الألم، بل لأضع شهادة. نحن هنا، نكتب بالدمع ونصرخ في الفراغ. غزة تُساق إلى المجهول، والناس بين نزوح وضياع. يبقى السؤال مفتوحًا: من يسمع دموع الياسمين؟



#مصطفى_النبيه (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تتساقط أرواحنا مع تساقط بيوتنا
- بكائيات يوم جديد لوحة سوداء في قاموس الانتكاسات
- ينهشني الحنين
- المثقف اليتيم
- المثقفون والفنانون في غزة يحتضرون
- هل للمثقف اليتيم في غزة أب شرعي؟!
- ليس بعد هذا الموت موت
- فنانو غزة: هل تسمعوننا
- المحرقة
- السينما تنتصر على الموت- مبادرة من المسافة صفر- للمخرج العبق ...
- فرضيات الحرب والإبادة
- يوميات الحرب - مملكة المعلبات
- ظل طويل
- الفن أساسه المعرفة
- تشريع قانون جمهورية الأفكار الملكية المطلقة في بناء مؤسساتنا ...
- شكرا لمن يسرقون أحلامنا
- - الصامت - رواية استقصائية صنعها الأديب المبدع شفيق التلولي
- - بورتريه قديم- رواية تاريخية تحاكي جزءاً مهما من تاريخ الثو ...
- رواية -الهليون- ثورة إنسانية توثق مرحلة جذرية في تاريخ الشعب ...
- فيلم -ماجدة- عمل فني بنكهة إنسانية عالمية للمخرج المصري المت ...


المزيد.....




- تكريم انتشال التميمي بمنحه جائزة - لاهاي- للسينما
- سعد الدين شاهين شاعرا للأطفال
- -جوايا اكتشاف-.. إطلاق أغنية فيلم -ضي- بصوت -الكينج- محمد من ...
- رشيد بنزين والوجه الإنساني للضحايا: القراءة فعل مقاومة والمُ ...
- فيلم -ساحر الكرملين-...الممثل البريطاني جود لو لم يخشَ -عواق ...
- معبر رفح بين الرواية المصرية الرسمية والاتهامات الحقوقية: قر ...
- رواية -رجل تتعقّبه الغربان- ليوسف المحيميد: جدليّة الفرد وال ...
- وحش الطفولة الذي تحوّل إلى فيلم العمر.. ديل تورو يُطلق -فران ...
- جود لو يجسّد شخصية بوتين.. عرض فيلم -ساحر الكرملين- في فينيس ...
- الآلاف يتظاهرون تضامنا مع غزة على هامش مهرجان البندقية السين ...


المزيد.....

- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى النبيه - -من يسمع دموع الياسمين؟-