أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى النبيه - ينهشني الحنين














المزيد.....

ينهشني الحنين


مصطفى النبيه

الحوار المتمدن-العدد: 8444 - 2025 / 8 / 24 - 20:29
المحور: الادب والفن
    


أسير بين الجموع في شارع النصر، ينهشني الحنين من الداخل. أكفكف دموعي وأنا أراقب تعابير الوجوه المرهقة وقد غلّفها القتام والقسوة. أتأمل صور الناس: يتساقطون جوعًا، يتحولون إلى لصوص يطاردون رغيف الخبز الهارب، فقط ليحموا أنفسهم من الموت. يرحلون نحو الجنوب بجيوب فارغة وأجساد هزيلة. الخيمة تجاوز ثمنها الألف دولار، والمواصلات ثمانمئة. أشعر بالغثيان مما وصلنا إليه.
يرن الهاتف. صديقنا عبد المجيد الهسي يخبرنا أنّ بيته قد مُسِح عن الوجود، بعد أن منحه الاحتلال دقائق معدودة للهروب مع عائلته. نجوا بمعجزة. يتطوع الصديق " إياد القرشلي " باستضافته هو وأسرته لأيام. أقول لنفسي: كم جميل لو تعلمنا أن نتضامن مع بعضنا . وسط هذه العاصفة الطاحنة والمشاهد البشعة والقلوب المتحجرة. يتحشرج صوتي، تنهمر دموعي، يشتد داخلي الاختناق، وأواصل سيري مثقلاً بالعجز والقهر.
أصغي إلى هلوسات الناس، إلى هذيانهم وحديثهم مع أنفسهم:
إلى أين سنذهب؟ هل سنُحشر في الجنوب كقطعان؟ هل سننام واقفين في مقبرة صغيرة؟ كيف سنصل؟ ومن أين سنأكل بعدما امتصّ التجار دماءنا وفرغت الجيوب؟ هل نحتمل أسعار الخيام الجنونية؟ ومن أين لنا أن نملك ما ندفعه؟
نشعر أننا تحوّلنا إلى أحجار شطرنج، تُلقى من الشمال إلى الجنوب ومن الجنوب إلى الشمال. أصبحنا كرة يتقاذفها أصحاب الكروش العفنة، عبيد الكراسي. لماذا يظن العالم أن لحمنا رخيص؟ لماذا يرفعون شأن عشرين أسيرًا إسرائيليًا بينما يتجاهل الإعلام أكثر من اثنين وستين ألف شهيد وضحية من الأطفال والنساء والشيوخ في حرب الإبادة؟ تم دفنهم تحت بيوتهم بلا ذنب.
نودّع كل شيء: الحجارة، الأشجار، الشوارع، الأبنية، الحيوانات، الطيور. نبكي على قبور آبائنا وأجدادنا، على ذكرياتنا وأحلامنا المجهضة. يغمرنا القهر ونحن نُساق إلى مقصلة الإبادة أمام العالم، وكأننا مجرد أرقام. نسأل أنفسنا: هل نحن مجرد صور في ألبوم؟ هل خُلقنا لنكون قرابين على مذبح الصمت؟
لن نسامح من تاجر بأرواحنا.
لن نسامح من حوّل أجسادنا إلى سُلّم يصعد به نحو مصالحه.
لن نسامح من ترك غزة تغرق وهو قادر على أن يمد لها يد العون.
لن نسامح من جرّنا إلى هذا الجحيم ولم يحسب عواقبه.
لن نسامح أي مسؤول ركب الموجة وتربّح من دمائنا.
إن سقطت غزة وأبيدت كما أبيدت أخواتها، فإيّاكم ثم إيّاكم أن تعودوا للحديث عن لعبة المفاوضات. لن يضرّ الشاة سلخها بعد ذبحها.
فانصرفوا جميعًا.
ليس لنا إلا الله.



#مصطفى_النبيه (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المثقف اليتيم
- المثقفون والفنانون في غزة يحتضرون
- هل للمثقف اليتيم في غزة أب شرعي؟!
- ليس بعد هذا الموت موت
- فنانو غزة: هل تسمعوننا
- المحرقة
- السينما تنتصر على الموت- مبادرة من المسافة صفر- للمخرج العبق ...
- فرضيات الحرب والإبادة
- يوميات الحرب - مملكة المعلبات
- ظل طويل
- الفن أساسه المعرفة
- تشريع قانون جمهورية الأفكار الملكية المطلقة في بناء مؤسساتنا ...
- شكرا لمن يسرقون أحلامنا
- - الصامت - رواية استقصائية صنعها الأديب المبدع شفيق التلولي
- - بورتريه قديم- رواية تاريخية تحاكي جزءاً مهما من تاريخ الثو ...
- رواية -الهليون- ثورة إنسانية توثق مرحلة جذرية في تاريخ الشعب ...
- فيلم -ماجدة- عمل فني بنكهة إنسانية عالمية للمخرج المصري المت ...
- مسلسل -بوابة القدس- تجربة إنتاجية مميزة تعتمد على أسلوب التش ...
- مسلسل - ميلاد الفجر - خطوة رائدة في صناغة سينما فلسطينية
- جزائرياً بروح فلسطينية ... فلسطينياً بروح جزائرية


المزيد.....




- خريطة أدب مصغرة للعالم.. من يفوز بنوبل الآداب 2025 غدا؟
- لقاءان للشعر العربي والمغربي في تطوان ومراكش
- فن المقامة في الثّقافة العربيّة.. مقامات الهمذاني أنموذجا
- استدعاء فنانين ومشاهير أتراك على خلفية تحقيقات مرتبطة بالمخد ...
- -ترحب بالفوضى-.. تايلور سويفت غير منزعجة من ردود الفعل المتب ...
- هيفاء وهبي بإطلالة جريئة على الطراز الكوري في ألبومها الجديد ...
- هل ألغت هامبورغ الألمانية دروس الموسيقى بالمدارس بسبب المسلم ...
- -معجم الدوحة التاريخي- يعيد رسم الأنساق اللغوية برؤية ثقافية ...
- عامان على حرب الإبادة في غزة: 67 ألف شهيد.. وانهيار منظومتي ...
- حكم نهائي بسجن المؤرخ محمد الأمين بلغيث بعد تصريحاته عن الثق ...


المزيد.....

- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت
- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى النبيه - ينهشني الحنين