أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عامر عبد رسن - غرفةٌ واحدة، مقعدٌ واحد يتحدّث والبقية تُصغي. حين تعيد واشنطن تعريف التحالفات وتفرض على أوروبا مقعد الإصغاء















المزيد.....

غرفةٌ واحدة، مقعدٌ واحد يتحدّث والبقية تُصغي. حين تعيد واشنطن تعريف التحالفات وتفرض على أوروبا مقعد الإصغاء


عامر عبد رسن

الحوار المتمدن-العدد: 8439 - 2025 / 8 / 19 - 22:10
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


طل علينا اليوم الرئيس الأميركي دونالد ترامب في المكتب البيضاوي، يجلس على كرسيه خلف المكتب الرئاسي، بينما يجلس أمامه على مقاعد متقاربة مجموعة من
قادة أوروبا (إيمانويل ماكرون، فولوديمير زيلينسكي، جورجيا ميلوني، والأمين العام لحلف الناتو).
هذا الترتيب ليس مجرد صورة بروتوكولية، بل يحمل رسائل سياسية دقيقة:
* ترامب في موضع “القاضي” أو “المرجع”، فيما يظهر القادة الآخرون في موقع “المستمعين”.
* التوازن في الكراسي يوحي أن هؤلاء القادة مجتمعون عنده في “موقع الطالب”، بينما هو في موقع “المقرر”.

‎ثانياً: 
‎الدلالات الرمزية
1. إعادة تموضع أميركا:
الصورة توضح أن أوروبا، رغم استقلاليتها الشكلية، ما تزال مرتبطة بالقرار الأميركي، خاصة في الملفات الكبرى (الحرب في أوكرانيا، أمن الطاقة، العلاقة مع روسيا).
2. مركزية ترامب:
ترامب، الذي كان طوال ولايته الأولى على خلاف مع الناتو والاتحاد الأوروبي، يظهر الآن وكأنه “المرجعية السياسية والعسكرية” لهم. هذا تحول رمزي مهم:
أوروبا تجلس لتستمع له، لا لتجادله.
3. الضعف الأوروبي:
القادة الأوروبيون يجلسون متقاربين وكأنهم وفد واحد، ما يعكس “تكتلاً مضطراً” أمام شخصية أميركية مهيمنة. هذا قد يُقرأ كدليل على ضعف الدور الأوروبي منفردًا.
4. الحرب في أوكرانيا:
وجود زيلينسكي وسط الصورة يوحي أن أوكرانيا تبقى محور الاجتماع، وأن ترامب – حتى قبل أي قرار عملي – هو مركز الثقل الذي يحدد مستقبل الحرب أو التسوية.

‎ثالثاً: 
‎الرسائل السياسية غير المباشرة
* إلى الداخل الأميركي: ترامب يرسل رسالة أنه “رئيس الأمر الواقع”، حيث يجتمع عنده العالم ليأخذ التوجيه.
* إلى روسيا: أن أوروبا ما زالت مربوطة بالموقف الأميركي، رغم تعثر الحرب.
* إلى الصين وبقية العالم: الولايات المتحدة تعود لقيادة النظام الدولي عبر “الرمزية الشخصية” لترامب، وليس عبر المؤسسات.


رابعاً:
‎قراءة في لغة الجسد


* ترامب يجلس مرتاحًا على كرسيه، في وضعية “المالك” أو “الحاكم”.
* القادة الأوروبيون في وضعية “الإنصات والانتظار”، مع تدوين ملاحظات (ماكرون مثلاً) أو صمت متأمل.
* هذا التباين يعزز صورة الهيمنة الأميركية على القرار الأوروبي.
الصورة ترسم مشهدًا رمزيًا لعودة “أحادية القطب” بقيادة أميركا – ولكن بوجه ترامب الشعبوي لا بوجه المؤسسات الأميركية. أوروبا تبدو ككتلة ضعيفة تبحث عن “مرجعية”،
فيما أوكرانيا هي الذريعة التي جمعتهم.

الرسالة واضحة للحلفاء قبل الخصوم: التحالف الأطلسي باقٍ، لكن بوصفه تحالفًا تقوده واشنطن وتُديره وفق إيقاعها، لا نادٍ متكافئًا للأنداد. في عالم يعاد ترتيبه بسرعة،
تُفضِّل القوة الأميركية الصفقات السريعة على البروتوكول، والنتائج على المجاملات.
ماذا يعني ذلك لنا كعراقيين؟
1. تصلّب المحاور: أوروبا ستنضبط أكثر تحت المظلّة الأميركية أمنياً ومالياً، ما يقلّص هامش “الحياد الأوروبي” في ملفاتنا.
2. أولوية الردع على الدبلوماسية في بيئتنا الإقليمية: لغة “الضمانات” ستسبق لغة “التفاهمات”.
3. حساسية النظام المالي: أدوات الضغط المالية (العقوبات، الامتثال، نظم المدفوعات) ستستخدم بسرعة أكبر وبتنسيق أوسع.
4. سباق التكنولوجيا: الذكاء الاصطناعي، الدفاع الجوي، والحرب السيبرانية ستصير محدّدات النفوذ الأولى حتى 2030.

أين نقف؟
* العراق يقع على خط تماس محاور متشابكة (أميركي–أوروبي، إقليمي، آسيوي).
* لدينا أصلٌ استراتيجي (الطاقة والممرّات والعمق السكاني) لكن لدينا هشاشة مؤسسية (تعدّد مراكز القوة، منظومة امتثال مالي ضعيفة، حدود رخوة).

خياراتنا حتى 2030: سياسة “الحياد النشط الذكي”
القاعدة الذهبية: عدم السماح لأي طرف بجرّ العراق إلى موقع الوكيل، مع تحويل موقعنا إلى منصة مصالح مشتركة لا ساحة تصفية حسابات.
1) أمن وسيادة
* احتكار قسر الدولة للسلاح بجدول زمني ومقايضات ذكية: دمج/إعادة هيكلة/مهنية، مع خط أحمر واضح: لا سلاح خارج قرار الدولة ولا منصات إطلاق من الأرض العراقية.
* دفاع جوي-صاروخي طبقي (كشف مبكر، تشويش، اعتراض) قائم على تنويع المصادر وتبادل البيانات الإقليمي.
* ضبط الحدود كملف سيادي–اقتصادي: تكنولوجيا مراقبة، ممرات جمركية ذكية، واتفاقات أمن حدودية “قابلة للتحقّق”.

2) مالية واقتصاد
* امتثال مالي مُحكم: وحدة وطنية للامتثال والعقوبات داخل البنك المركزي ووزارة المالية تربط المصارف والوزارات لحظيًا؛ هذا يقلّل كلفة الضغط الخارجي ويُسرّع الثقة.
* تنويع قنوات التسوية دون مغامرة بنظام الدولار: اتفاقات مقاصة ثنائية محدودة، توسيع استخدام العملات الإقليمية في التجارة غير النفطية، مع بقاء صادرات النفط بالدولار.
* تحويل النفط إلى نفوذ: تسريع البتروكيماويات، الغاز المصاحب، والتكرير؛ عقود “نفط مقابل بنى تحتية” بشروط شفافة وسقوف تكلفة.
* صندوق استقرار سيادي بسِقف قواعدي (قاعدة مالية): يجمّد فوائض الطفرات ويحقن العجز في الدورات الهابطة.


3) دبلوماسية “محاور القضايا”
* ثلاثي المسارات: مسار واشنطن/العواصم الأوروبية (أمن وتمويل وتقنية)، مسار عربي–خليجي (طاقة وربط كهربائي واستثمار)، مسار جوار (إيران–تركيا) لملفات الحدود والمياه والتجارة.
* اتفاقيات محدَّدة النتائج لا عناوين كبرى: كهرباء، مياه، ممرات لوجستية، أمن حدود، عودة أموال، تبادل سجناء… مع آليات تحكيم واضحة.

4) تكنولوجيا وحوكمة
* أمن رقمي وطني: مركز موحّد لرصد التهديدات السيبرانية للبنوك والطاقة والاتصالات مع بروتوكول استجابة خلال دقائق.
* اقتصاد بيانات: فتح البيانات الحكومية غير الحساسة وتمكين الشركات الناشئة، مع إطار خصوصية صارم.
* التعليم والمهارات: برنامج وطني عاجل لإعادة تأهيل 100 ألف شاب في الأمن السيبراني والبرمجة والذكاء الاصطناعي بحلول 2027.

ضبط الأداء: ما الذي نفعله غدًا، خلال 90 يومًا، و12 شهرًا؟
خلال 30–90 يومًا :
* ترسيخ مبدأ الحياد النشط وخارطة طريق لنزع عسكرة الداخل.
* إنشاء خلية امتثال مالي سيادي وربطها بالقطاع المصرفي فورًا.
* إقرار قواعد اشتباك حدودية وتفعيل غرفة عمليات مشتركة مع الجوار لمنع أي استخدام لأرضنا للهجوم أو الردّ.


خلال 6–12 شهرًا :
* إطلاق أول اتفاق مقاصة تجارية بالعملات المحلية للسلع غير الحساسة.
* بدء مشروع درع سيبراني للقطاعين المالي والطاقة.
* توقيع حزم خدمات مقابل طاقة مع شركاء متعدّدين (نقل، صحّة، تعليم) بعقود شفافة قابلة للتدقيق.

مصفوفة المخاطر وكيف نقلّلها
* عقوبات/تجميد مالي → علاجها: امتثال استباقي، شفافية دفعات، تتبّع آني.
* تصعيد عابر للحدود → علاجها: دفاع جوي طبقي واتفاقات عدم استخدام الأرض.
* تقلب أسعار النفط → علاجها: صندوق الاستقرار والتحوّط السعري الجزئي.
* حرب معلومات → علاجها: مركز وطني للاتصال الاستراتيجي ورسائل موحّدة للحكومة.

مؤشرات قياس النجاح
* انخفاض التحويلات المرفوضة دولياً، تقليص فجوة السعر الموازي/الرسمي، صفقة استثمار نوعية كل 6 أشهر، صفر منصات إطلاق من الداخل، وتراجع الخروقات الحدودية بنسبة 50% خلال عام.

الخلاصة: هذا النوع من المشاهد يقول إن العالم يُدار بمنطق “نتيجة أولاً”. إذا أردنا حماية حدودنا ومكاسبنا حتى 2030، فعلينا أن نتحرّك كدولة عملية، منضبطة، سريعة الامتثال،
ومتعدّدة الشراكات: حيادٌ نشط لا حيادٌ سلبي، وردعٌ للعنف الداخلي، وجرأةٌ اقتصادية محسوبة تحوّل موقع العراق من ساحة تنافس إلى منصة مصالح.



#عامر_عبد_رسن (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فوضى المعلومة في العراق: من يحمي الحقيقة في زمن الشائعات؟
- من الممارسات التقليدية إلى الثورة المالية: إصلاح القطاع المص ...
- الاقتصاد قبل المدفع: كيف تهدد ضغوط الأسواق الإسرائيلية مشروع ...
- الكهرباء في العراق: وفرة الموارد وغياب الإنجاز
- من الفلاح إلى المتقاعد: استدعاء الفئات الشعبية قبل الاقتراع ...
- بين مذكرة التفاهم ورهانات المستقبل: العراق في معادلات الأمن ...
- التضخم السلبي في الاقتصاد العراقي: تحسّن مؤقت أم نذير ركود؟
- من بغداد إلى بورصات العالم: قراءة في زيارة -Asia Frontier Ca ...
- إدارة الإدراك وصناعة الإرباك: استراتيجيات الحرب النفسية الأم ...
- التمويل المستدام: فرصة استراتيجية للاقتصاد العراقي في مواجهة ...
- سباق الممرات الإقليمية: بين جنون الجغرافيا وفرصة العراق الأخ ...
- شبكة الضمان الصحي العراقي: بين توسعة الخدمات واستدامة التموي ...
- بعد إلغاء أنقرة لاتفاقية أنبوب النفط: هل يعيد العراق رسم خرا ...
- صواريخ THAAD تحت المجهر هل تكشف CNN عن نقطة ضعف ؟ أم خطة خدا ...
- سانت ليغو المعدَّل 1.7: برلمان مكلف واقتصاد بلا إصلاح – نحو ...
- السياحة في العراق: رافعة اقتصادية استراتيجية وكنز تنموي متنو ...
- إيران تغيّر خطابها في العراق: لحظة اختبار لسيادة الدولة أم ت ...
- المخدرات في العراق: أزمة تتسارع بتأثير اقتصادي مدمر وجهود عل ...
- العقوبات الأمريكية على شبكة شمخاني: قراءة عراقية في التأثيرا ...
- تراجع الفقر متعدد الأبعاد في العراق: قراءة تحليلية في نتائج ...


المزيد.....




- إسرائيل تقر خطة زيادة إنتاج دبابات ميركافا وناقلات جند
- إيران تكشف عن إنتاجها صواريخ جديدة بقدرات متفوقة
- تجارة الفائدة.. مصر بين جذب الأموال الساخنة وتحفيز النمو
- ذرات الذهب -العملاقة- تقود ثورة في الحوسبة الكمومية
- 10 تخصصات جديدة على الجامعات العربية تدريسها
- العراق يوقع اتفاقية مع شيفرون بشأن مشروعات لاستكشاف النفط
- ستاندرد آند بورز تؤكد التصنيف الائتماني لأميركا عند AA+
- الحكومة الأميركية تعلن نيتها الحصول على حصة رئيسية من -إنتل- ...
- ما هي خيارات البرازيل في مواجهة ضغوط ترامب؟
- المركزي الكويتي يعيّن مستشارين لاندماج بنكي وربة والخليج


المزيد.....

- دولة المستثمرين ورجال الأعمال في مصر / إلهامي الميرغني
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / د. جاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عامر عبد رسن - غرفةٌ واحدة، مقعدٌ واحد يتحدّث والبقية تُصغي. حين تعيد واشنطن تعريف التحالفات وتفرض على أوروبا مقعد الإصغاء