أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعمة المهدي - قصة حب واحدة… وحياة كاملة














المزيد.....

قصة حب واحدة… وحياة كاملة


نعمة المهدي

الحوار المتمدن-العدد: 8437 - 2025 / 8 / 17 - 09:05
المحور: الادب والفن
    


في ليلةٍ هادئة، كان القمر يسكب ضوءه الفضي على الطرقات، والنجوم تتلألأ كعيونٍ تراقب سرًّا مقدّسًا. هناك، التقت عيناي بعينيكِ للمرة الأولى. لم يكن لقاءً عابرًا، بل كان قَدَرًا يُكتب بخيوط العشق الأزلية.

اقتربتُ منكِ وقلبي يرتجف كطائرٍ يواجه الريح، وقلتُ بصوتٍ متقطع:
– "عيناكِ يا حبيبتي ليستا مجرد عيون… إنهما بحر أغرقني، ووطنٌ طالما بحثت عنه."

ابتسمتِ بخجلٍ، احمرّت وجنتاكِ، وهمستِ بصوتٍ يكاد يذوب حبًّا:
– "أما أنا… فلم أعرف طعم الأمان إلا حين التقت عيناي بعينيك."

مددتُ يدي نحو يدكِ، فالتقت أصابعنا في أول عهدٍ بالحب، ومنذ تلك الليلة لم نفترق. سرنا تحت ضوء القمر، نتقاسم الحلم والرجاء، ونبني عالمًا لا يعرفه سوانا.

مرت الأعوام، وتحولت اللحظة إلى عمرٍ كامل. خمسون سنة عشناها معًا… خمسون سنة كانت كقصيدة طويلة من الوفاء. كنا نتقاسم فيها الخبز البسيط، والضحكة الصافية، وحتى الدموع حين تثقل الأيام. كنتِ ابتسامتي حين أحزن، ودفئي حين يبرد العالم، وكنتُ لكِ سندًا وظلًا وأمانًا. كبرنا معًا، كما وعدنا، خطوةً بخطوة، وعمرًا بعمر.

لكن القدر الذي جمعنا تحت القمر، شاء أن يفرّقنا تحت التراب. رحلتِ عني بعد نصف قرنٍ من الحب، رحلتِ إلى بارئكِ، وتركتني شيخًا وحيدًا يتجرع مرارة الفقد.

أجلس اليوم في البيت الذي كان يمتلئ بضحكاتكِ، فلا أسمع إلا الصمت. أمرّ بجانب مقعدكِ الفارغ، فأمدّ يدي فلا أجد سوى الهواء. أنظر إلى صوركِ على الجدار، وأخاطبكِ كأنكِ تسمعينني:
– "أما قلتِ إنكِ لن تتركيني؟ أما وعدتِ أن نكبر معًا حتى النهاية؟"

أبكي، ولا يسمعني أحد. حتى الوسادة التي كانت تسند رأسكِ ما زالت تحتفظ برائحة عطركِ، والشال الملقى على الكرسي كأنه يرفض أن يغادركِ. الليل صار أطول بلا همساتكِ، والقمر صار أبرد بلا عينيكِ، والنهار خواءٌ بلا خطواتكِ.

لقد أخذوكِ مني، لكنهم لم يأخذوا قلبي… فقلبي ما زال معكِ هناك. أعيش بجسدٍ أثقله العمر، لكن روحي رحلت معكِ. يراني الناس شيخًا صامتًا، لكنهم لا يعلمون أنني جنازة تمشي على قدمين، وأنني منذ رحيلك لم أذق طعم الحياة.

هكذا أعيش يا حبيبتي… أتنفس ذكراكِ، وأتجرع لوعة الفقد مع كل صباحٍ ومساء. أكتب اسمكِ على الورق، أذكركِ في صلاتي، وأنتظر لقاءً آخر في عالمٍ لا يعرف الفراق.

حتى ذلك الحين… سأبقى حيًّا بجسدٍ يتآكل، وقلبٍ لا يزال ينبض باسمكِ. وسأبقى عاشقًا، وحيدًا، يذوق مرارة الغياب حتى آخر أنفاسه.



#نعمة_المهدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صويحبتي
- حين يغسل المطرُ الوجوه
- مرثيّة نصف عام
- رحيلٌ مؤجَّل
- حين انكسر الجدار
- الحمار الذي زأر
- نعلُ الجدِّ الذي أنقذَ الحفيد
- حُجَّةٌ... وَلَكِنْ إِلَى أَيْنَ؟
- بيت لا يقبل القسمة


المزيد.....




- العمارة التراثية.. حلول بيئية ذكية تتحدى المناخ القاسي
- صدور -الأعمال الشعرية الكاملة- للشاعر خلف علي الخلف
- القدس تجمع الكشافين.. فعاليات دولية لتعزيز الوعي بالقدس وفلس ...
- زوار المتنزهات الأميركية يطالبون بسرد الوقائع الحقيقية لتاري ...
- استجابة لمناشدتها.. وفد حكومي يزور الفنانة المصرية نجوى فؤاد ...
- -أنقذ ابنه من الغرق ومات هو-.. تفاصيل وفاة الفنان المصري تيم ...
- حمزة شيماييف بطل العالم للفنون القتال المختلطة.. قدرات لغوية ...
- لتوعية المجتمع بالضمان الاجتماعي .. الموصل تحتضن اول عرض لمس ...
- -شاعر البيت الأبيض-.. عندما يفتخر جو بايدن بأصوله الأيرلندية ...
- مطابخ فرنسا تحت المجهر.. عنصرية واعتداءات جنسية في قلب -عالم ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعمة المهدي - قصة حب واحدة… وحياة كاملة