أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - حميد كوره جي - ما وراء الذكاء الاصطناعي: دوافع اقتصادية وأيديولوجية














المزيد.....

ما وراء الذكاء الاصطناعي: دوافع اقتصادية وأيديولوجية


حميد كوره جي
(Hamid Koorachi)


الحوار المتمدن-العدد: 8434 - 2025 / 8 / 14 - 13:06
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


إن الجدل الدائر اليوم حول الذكاء الاصطناعي يتجاوز مجرد الحديث عن التكنولوجيا نفسها. في الحقيقة، ينصب التركيز الحقيقي على الدوافع الاقتصادية والسياسية التي تحرك هذه التكنولوجيا وتشكّل رواياتنا عنها

لا يمكن إنكار أن الذكاء الاصطناعي والأتمتة يثيران قلقًا حقيقيًا بشأن مستقبل الوظائف. تاريخيًا، كانت الثورات التكنولوجية دائمًا ما تُحدث تغييرات جذرية في طبيعة العمل. في حين يرى البعض أن الذكاء الاصطناعي سيخلق وظائف جديدة تتطلب مهارات متقدمة، يخشى آخرون من أن يؤدي إلى استبدال وظائف حالية، خاصة في القطاعات التي تعتمد على المهام المتكررة. هذا النقاش ليس بجديد، فقد عايشناه مع ظهور الآلات الصناعية في القرن التاسع عشر وتطور الحوسبة في القرن العشرين.
يشهد عالم الاستثمار حاليًا ما يمكن تسميته بـ "فقاعة الذكاء الاصطناعي". يستثمر المستثمرون مبالغ طائلة في شركات الذكاء الاصطناعي، ليس بناءً على أرباحها الحالية، بل على توقعات هائلة لأرباحها المستقبلية. هذا يرفع من قيمة هذه الشركات بشكل غير واقعي، مما يخلق نوعًا من المضاربة المالية التي تعتمد على الأمل أكثر من الأداء الفعلي. هذا السيناريو يذكرنا بفقاعات مالية سابقة، مثل فقاعة الدوت كوم في التسعينيات، التي انفجرت وأدت إلى خسائر فادحة.
هناك تساؤل مهم يطرح نفسه بقوة: هل الذكاء الاصطناعي مجرد تطور تكنولوجي طبيعي، أم أنه مشروع أيديولوجي مدفوع برأس المال لتعزيز أجندة معينة؟ الإجابة قد تكون مزيجًا من الأمرين.

من الناحية التقنية، فإن نماذج اللغة الكبيرة مثل ChatGPT تمثل قفزة نوعية. إن قدرتها على معالجة وتوليد النصوص هي نتاج سنوات طويلة من البحث العلمي في علوم الكمبيوتر واللغويات. هذه النماذج هي تتويج لجهود علمية متواصلة.

في الوقت نفسه، لا يمكن تجاهل الدوافع الأيديولوجية والاقتصادية. يُستخدم هذا التطور التكنولوجي كأداة لزيادة أرباح نخبة قليلة من الشركات والأفراد. من خلال خلق وهم الأتمتة الكاملة، يتم الضغط على العمال لتقبل شروط عمل أسوأ وأجور أقل، مما يزيد من قوة أصحاب العمل. هذا المشروع يتطلب أيضًا جمع كميات هائلة من البيانات، مما يؤدي إلى تآكل مفهوم الخصوصية وانتهاكها.

الذكاء الاصطناعي ليس ذكاءً حقيقيًا: آلات لتركيب النصوص
من المهم التأكيد على أن نماذج الذكاء الاصطناعي الحالية هي في الأساس آلات لتركيب النصوص. إنها لا تمتلك وعيًا أو إدراكًا بالمعنى الإنساني، ولا يمكنها إنتاج معلومات جديدة بالكامل. ما تفعله هذه النماذج هو تحليل كميات هائلة من النصوص والبيانات لتعلم الأنماط اللغوية، ثم تستخدم هذه الأنماط لتوليد نصوص تبدو متماسكة وذات معنى. لذا، فإن فكرة أن هذه النماذج تنتج معلومات "جديدة" بالمعنى الإبداعي أو الفكري هي فكرة خاطئة.

بعيدًا عن التصورات المأخوذة عن سيناريوهات الخيال العلمي التي كثيرًا ما نشاهدها في أفلام مثل "ترميناتور"، فإن ما ينبغي أن ننتبه إليه حقًا ليس احتمال أن يتطور الذكاء الاصطناعي إلى شكل واعٍ قادر على السيطرة على البشرية، بل يكمن التهديد الأعمق في الطريقة التي يُستخدم بها الذكاء الاصطناعي لأغراض تخدم مصالح بشرية محددة. إن الضجة الزائدة والمبالغة التي تُثار حول الذكاء الاصطناعي ليست سوى شكلاً من أشكال الدعاية تهدف إلى تعزيز أوهام الأتمتة.

من خلال تقديم هذه الصورة الزائفة لتقنيات الذكاء الاصطناعي، يتم خلق ضغوط على العمال لدفعهم لقبول ظروف عمل أقل إنصافًا، مما يعزز نفوذ أصحاب العمل ويزيد من قوة هيمنتهم الاقتصادية. بالإضافة إلى ذلك، تعتمد هذه النماذج بشكل أساسي على كميات ضخمة جدًا من البيانات التي تتطلب جمعها في غالب الأحيان دون الحصول على موافقة واضحة من أصحابها، وهو ما يشكل تهديدًا كبيرًا لخصوصية الأفراد ويؤدي إلى تقويض حقهم في حماية معلوماتهم الشخصية.

في نهاية المطاف، الهدف الأساسي من هذه التقنيات لا يبدو أنه يسعى إلى تحقيق تطور حقيقي يخدم البشرية جمعاء، بل يعكس اتجاهًا لإعادة إنتاج أنماط توزيع الثروة والسلطة التاريخية، مما يرسخ سيطرتها في أيدي أقلية تتمتع بأكبر قدر من النفوذ الاقتصادي والسياسي. بالإضافة إلى ذلك، تتطلب تشغيل نظم الذكاء الاصطناعي بنى تحتية ضخمة تستهلك كميات هائلة من الطاقة، مما يؤدي إلى تفاقم أزمة المناخ العالمية ويزيد من الضغوط المستمرة على الموارد المحدودة لكوكبنا.

الذكاء الاصطناعي أداة تتميز بقدراتها الهائلة، إلا أنه يظل في النهاية مجرد وسيلة. الإشكالية الكبرى تكمن في الطريقة التي يُستخدم بها وما الجهات التي تتحكم فيه. التهديد لا ينحصر في فكرة أن الذكاء الاصطناعي قد "يدمرنا"، بل يظهر الخطر الحقيقي في إمكانية أن يستغل من يروجون له فوائده لتحقيق مصالحهم الخاصة، مما قد يُلحق ضررًا بالمجتمعات من خلال تقويض فرص العمل، والتعدي على الخصوصية، وإضعاف جودة الخدمات العامة، وكل ذلك يتم تبريره باسم "التقدم".



#حميد_كوره_جي (هاشتاغ)       Hamid_Koorachi#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ميشيل فوكو والثورة الإسلامية بقيادة الخميني
- هل توجد -الخروتشوفية-؟
- الوطن الحقيقي خبز وحرية وقيمة إنسانية
- على شفا الأفق الأحمر
- الماركسية: تحليل علمي لا نبوءة حتمية سقوط الرأسمالية
- ستيغ داغرمان: شاعر القلق وساعي النجاة
- غرفة المراقبة
- يوميات السرطان: صرخة من الألم إلى الأمل
- هل الإيرانيون يكرهون العرب؟
- لماذا لم تنهار الصين مثل الاتحاد السوفييتي؟
- مم تخاف الجمهورية الإسلامية الإيرانية؟
- مهاجرون غدت الدنيا لهم جزيرة العذاب
- حين يترشح متهمون بجرائم الحرب لجائزة السلام
- مراجعة نقدية لمقال -أي شرق أوسط جديد يخدم مصالح شعوب المنطقة ...
- الأوليغارشيا الروسية في التسعينيات: طبقة مستحدثة أم امتداد ل ...
- الرسائل المطوية في خطاب -النصر- للمرشد الأعلى خامنئي
- وجه الحرب الحقيقي: دعوة إلى الصمت والتأمل
- الاقتصاد السوفيتي: نموذج فريد يتجاوز التصنيفات التقليدية
- مثقفات ايرانيات والصراع بين الكوجيتو والوحدة في زمن الحداثة، ...
- الهولوكوست الجديد لنتنياهو: من الإبادة الجماعية المباشرة في ...


المزيد.....




- بعد 26 عامًا على رحيلهما: صور نادرة من -حفل الزفاف السرّي- ل ...
- حراشفه مميزة.. كيف صمد هذا الحيوان في وجه الصيد الجائر؟
- تركي الفيصل بعد صورة نتنياهو التوراتية لإسرائيل: هل سيمضي لا ...
- غزة تسجل 4 وفيات جديدة بسبب الجوع و100 منظمة دولية تتهم إسرا ...
- غضب لا يهدأ في صربيا: اشتباكات وأعمال عنف خلال مظاهرات بين م ...
- العمل أربعة أيام في الأسبوع مفيد للصحة، فلماذا لا يتم اعتماد ...
- سوريا: حصان هارب في شوارع دمشق
- السلطات الأميركية تثبّت أجهزة تتبُّع في شحنات شرائح الذكاء ا ...
- تنديد فلسطيني وعربي بمشروع سموتريتش الاستيطاني وحماس تدعو لل ...
- ترامب وبوتين يلتقيان الجمعة في ألاسكا وزيلينسكي بلندن لبحث إ ...


المزيد.....

- نبذ العدمية: هل نكون مخطئين حقًا: العدمية المستنيرة أم الطبي ... / زهير الخويلدي
- Express To Impress عبر لتؤثر / محمد عبد الكريم يوسف
- التدريب الاستراتيجي مفاهيم وآفاق / محمد عبد الكريم يوسف
- Incoterms 2000 القواعد التجارية الدولية / محمد عبد الكريم يوسف
- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - حميد كوره جي - ما وراء الذكاء الاصطناعي: دوافع اقتصادية وأيديولوجية