علي مارد الأسدي
الحوار المتمدن-العدد: 8431 - 2025 / 8 / 11 - 10:45
المحور:
الادب والفن
في أواخر عام 2010، وبينما كانت خاصية الرسائل لا تزال متاحة على منصة "اليوتيوب"، وصلتني رسالة من امرأة مغربية تدعى لطيفة، تقيم في إسبانيا. قالت إنها وجدت في صفحتي خيط أمل ظلت تبحث عنه منذ خمسة وعشرين عامًا. لم أفهم في بادئ الأمر ما تقصده، حتى أوضحت أن ما جذبها هو ما بدا من تواصلي مع الفنان قحطان العطار، الذي كان قد عاش معهم في بيت واحد بين عامي 1982 و1985، حين كان هاربًا من بطش نظام صدام المجرم، أيام المنافي والقلق والبحث عن مأوى.
تفاجأت، لأني تذكرت أن قحطان سبق أن حدثني عن سفره من الكويت إلى المغرب، ومكوثه لثلاث سنوات هناك، وعن الدور المحوري لفتاة مغربية في حياته آنذاك، فاتصلت به وسألته إن كان يعرف امرأة تدعى لطيفة. ساد صمت قصير، ثم قال بصوت اختلط فيه الفرح بالدهشة:
ـ آه… نعم… لطيفة! الإنسانة الطيبة التي احتضنت غربتي أيام هجرتي إلى المغرب… ولكن، كيف عرفتها؟
أجبته: لقد راسلتني اليوم، تبحث عنك!
ومنذ تلك اللحظة، عاد الوصل بينهما بعد انقطاع طويل. ظلا يتواصلان، يتسامران، يلتقيان حينًا في إسبانيا، وحينًا في الدنمارك، وكانت اتصالاتهما بي مشحونة بالامتنان، يرددان أني كنت السبب في إعادة خيط النور الذي جمع روحيهما بعد طول فرقة.
لكن صباح هذا اليوم حمل لي وجعًا صامتًا أستحضر في ذهني ضحكاتها وذكريات حواراتنا الجميلة المطولة، أنا وهي وقحطان العطار، عندما قرأت أن لطيفة رحلت بسكتة قلبية مفاجئة، وأن قحطان العطار عاد من جديد إلى وحدته، إلى حزنه، إلى غربته الروحية التي كانت لطيفة طوق نجاته منها.
رحمك الله يا لطيفة… لقد كنت لعندليبنا المهاجر المأوى في الوحشة، والوطن في المنفى، والبلسم الشافي للروح الجريحة.
#علي_مارد_الأسدي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟