أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عامر عبد رسن - سانت ليغو المعدَّل 1.7: برلمان مكلف واقتصاد بلا إصلاح – نحو انتخابات 11/11/2025















المزيد.....

سانت ليغو المعدَّل 1.7: برلمان مكلف واقتصاد بلا إصلاح – نحو انتخابات 11/11/2025


عامر عبد رسن

الحوار المتمدن-العدد: 8427 - 2025 / 8 / 7 - 08:20
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية في 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2025، تتجدد الأسئلة الجوهرية حول النظام الانتخابي المعتمد في العراق: هل يعكس إرادة الناخبين فعلاً؟ وهل يتيح تمثيلاً حقيقياً لمختلف شرائح المجتمع العراقي؟
أم أنه مجرد أداة لتكريس سلطة طبقة سياسية متنفذة تُعيد إنتاج نفسها في كل دورة انتخابية؟
في قلب هذه الأسئلة يقف نظام سانت ليغو المعدَّل 1.7، وهو أكثر الأدوات الفنية إثارة للجدل في مسار الديمقراطية العراقية. هذا النظام الانتخابي، الذي يبدو في ظاهره معادلة رياضية محايدة، تحول في الواقع إلى أداة سياسية تستعمل لضبط مخرجات الانتخابات مسبقاً،
وحصر السلطة التشريعية في يد قوى سياسية بعينها.
ما هو نظام سانت ليغو المعدل ولماذا يمثل مشكلة؟ : نظام سانت ليغو هو صيغة رياضية لتوزيع المقاعد في الأنظمة النسبية، تقوم على مبدأ قسمة أصوات كل قائمة على سلسلة من الأعداد الفردية (1، 3، 5، 7...). في العراق، تم تعديل هذا النظام باستبدال
المقسوم عليه الأول (1) برقم 1.7، وهو ما يُعرف في الأدبيات الانتخابية برفع "العتبة التمثيلية الفعلية". قد يبدو التغيير طفيفاً، لكنه يُضعف فرص القوائم الصغيرة والمستقلين في الفوز بمقاعد برلمانية، ويُكرّس احتكار القوى السياسية التقليدية.
لتبسيط الصورة، لنتخيل دائرة انتخابية بخمسة مقاعد وأربعة كيانات انتخابية حصلت على الأصوات التالية:
• الكيان الأول: 100 ألف صوت
• الكيان الثاني: 60 ألف صوت
• الكيان الثالث: 30 ألف صوت
• الكيان الرابع: 15 ألف صوت
في النظام المعدل، وبعد تقسيم الأصوات على 1.7، ثم 3 و5 و7... يحصل الكيان الأول على ثلاثة مقاعد، والثاني على مقعد واحد، والثالث على مقعد واحد، بينما الكيان الرابع لا يحصل على أي مقعد. أما في النظام الأصلي (بدون تعديل 1.7)، فستكون فرص الكيان الرابع أكبر
للاقتراب من الفوز بمقعد، كما تتعزز قدرة الكيان الثالث على منافسة الثاني. النتيجة العملية هي تقليص التعددية وإضعاف فرص القوى الناشئة.
البعد الاقتصادي للنظام الانتخابي : قد يبدو النظام الانتخابي قضية سياسية بحتة، لكنه في الحقيقة قرار اقتصادي بامتياز. فكل مقعد برلماني في العراق يحمّل الموازنة العامة نفقات هائلة تشمل الرواتب والمخصصات والحماية والسفر وغيرها.
إن استمرار نظام انتخابي يعيد إنتاج نفس القوى، يعني برلماناً غير قادر على محاسبة السلطة التنفيذية أو تقديم حلول اقتصادية جذرية.
وهكذا، تبقى السياسات الاقتصادية أسيرة المصالح الحزبية، فيما تتفاقم مشكلات العجز المالي، تضخم بند الرواتب، ضعف الاستثمار، واعتماد الدولة على النفط كمورد شبه وحيد.
غياب التمثيل الحقيقي يضعف الرقابة على الإنفاق العام، ويؤدي إلى استمرار الهدر المالي والفساد، وإلى برلمان عاجز عن إقرار إصلاحات اقتصادية جريئة، مثل إصلاح منظومة الرواتب، تنويع مصادر الدخل، وتطوير القطاعات الإنتاجية.
فالعملية السياسية المكلفة وغير الفاعلة تستهلك مليارات الدنانير دون تحقيق مردود اقتصادي ملموس للمواطن.
التجربة العراقية: من 2005 إلى 2023 : منذ 2005، شهد النظام الانتخابي العراقي تعديلات متكررة، لكنها في معظمها صبت في صالح القوى التقليدية:
• 2005: اعتماد الدائرة الواحدة والقوائم المغلقة، ما أنتج برلماناً غابت عنه تمثيلية المحافظات السنية والمستقلين.
• 2010: تعديل آلية "احتساب الباقي الأقوى" وفتح القوائم، لكنه فتح الباب للتحالفات المتلاعبة بترتيب الأسماء.
• 2014 و2018: إدخال سانت ليغو المعدل لأول مرة (1.6 ثم 1.7) بحجة الاستقرار البرلماني، لكن المخرجات كانت هيمنة الكتل الكبرى وتراجع الحركات المدنية.
• 2021: تجربة مؤقتة لإلغاء سانت ليغو واعتماد دوائر متعددة صغيرة، ما سمح للمستقلين بتحقيق حضور لافت. لكن سرعان ما أقر البرلمان في 2023 العودة إلى سانت ليغو المعدل 1.7، في رسالة واضحة مفادها: "لا نريد برلماناً مليئاً بالمفاجآت".
العتبة التمثيلية: شفافية غائبة : أحد أبرز عيوب التعديل الحالي هو فرضه عتبة تمثيل غير معلنة عبر الرقم 1.7، بدل اعتماد نسبة دخول رسمية وواضحة كـ 4% أو 5%. هذا الأسلوب يُبقي القانون الانتخابي أداة مرنة بيد القوى السياسية لتشكيل برلمان يخدم مصالحها،
بعيداً عن أي معايير ديمقراطية حقيقية.
تحديات الانتخابات المقبلة 11/11/2025 : من المتوقع أن تشهد الانتخابات القادمة نسبة مشاركة منخفضة جداً، قد لا تتجاوز 20%، بسبب فقدان الثقة في النظام السياسي وجدوى الانتخابات.
استمرار العمل بسانت ليغو المعدل سيُنتج برلماناً ضعيف التمثيل، مرتفع الكلفة، عاجزاً عن مواجهة أزمات البلاد الاقتصادية العميقة، مثل:
• تضخم حجم الرواتب على حساب الإنفاق الاستثماري.
• ضعف تنويع الاقتصاد واعتماد الدولة المفرط على النفط.
• تعطل مشاريع التنمية وغياب الإصلاحات الهيكلية.
• استمرار الهدر المالي والفساد في غياب رقابة برلمانية حقيقية.
نحو إصلاح انتخابي يعزز الإصلاح الاقتصادي : الإصلاح السياسي هو المدخل لأي إصلاح اقتصادي حقيقي. فلا يمكن لبرلمان يعكس مصالح القوى المهيمنة أن يقود إصلاحات مؤلمة لكنها ضرورية. من هنا، تبرز مجموعة من المقترحات:
1. العودة إلى سانت ليغو الأصلي (1، 3، 5...) بما يمنح القوى الناشئة فرصاً أكبر.
2. تحديد عتبة انتخابية رسمية وواضحة (4–5%) بدلاً من استخدام معامل 1.7 كأداة إقصائية.
3. دمج النظام النسبي مع التمثيل المناطقي لضمان عدالة التمثيل وخفض كلفة العملية الانتخابية.
4. إعادة النظر في حجم البرلمان وتقليل النفقات المخصصة له بما ينسجم مع وضع العراق المالي.
خاتمة: استعادة الثقة تبدأ من العدالة الانتخابية : الأرقام ليست محايدة، والنظام الانتخابي ليس مجرد معادلة رياضية. إنه أداة سياسية تحدد شكل البرلمان وقدرته على إصلاح الاقتصاد. استمرار التلاعب بالنظام الانتخابي لإقصاء المستقلين وتكريس النخب سيبقي العراق
في دائرة مغلقة من الأزمات السياسية والاقتصادية.
إن استعادة ثقة الشارع العراقي تبدأ من إصلاح النظام الانتخابي. فالعدالة الانتخابية ليست رفاهية سياسية، بل شرط أساسي لبناء برلمان فاعل قادر على معالجة التحديات الاقتصادية الهائلة التي تواجه البلاد، من عجز الموازنة إلى ضعف الاستثمار وتدهور الخدمات العامة.
والانتخابات المقبلة تمثل فرصة حقيقية، إن استُغلت، لكسر حلقة الاحتكار وإعادة بناء النظام السياسي على أسس تمثيلية عادلة تعيد الاعتبار لصوت المواطن وتضع الاقتصاد على سكة الإصلاح الحقيقي.



#عامر_عبد_رسن (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السياحة في العراق: رافعة اقتصادية استراتيجية وكنز تنموي متنو ...
- إيران تغيّر خطابها في العراق: لحظة اختبار لسيادة الدولة أم ت ...
- المخدرات في العراق: أزمة تتسارع بتأثير اقتصادي مدمر وجهود عل ...
- العقوبات الأمريكية على شبكة شمخاني: قراءة عراقية في التأثيرا ...
- تراجع الفقر متعدد الأبعاد في العراق: قراءة تحليلية في نتائج ...
- من غزة إلى الضفة: رهانات نتنياهو ومآلات السلطة الفلسطينية وس ...
- من تابع إلى شريك: العراق يعيد صياغة موقعه الاقتصادي إقليمياً ...
- العراق ونظام الشرق الأوسط الجديد: من الردع الاستراتيجي إلى ا ...
- الخليج يقود التوازنات الجديدة: من التقرير السنوي إلى خريطة ا ...
- جمهورية الرواتب: كيف تُفرغ الدولة العراقية موازنتها في جيوب ...
- العراق بين توازن الردع وفوضى الاستثناء: قراءة استراتيجية في ...
- من الجبال إلى الطاولات: العراق وتركيا على أعتاب شراكة ما بعد ...
- الاقتصاد العراقي مكشوف جويًا ورقميًا: الحرب الصامتة على المو ...
- وصفة إنقاذ: نحو علاج اقتصادي مستدام لسوق الأدوية في العراق
- العراق بين ظلال التحذير وإشراق الفرصة: دبلوماسية الفرص في لح ...
- تحولات السياسة الإيرانية: من -الشيطان الأكبر- إلى شريك أقتصا ...
- فرصة استراتيجية عبر الأطلسي: دعوة اقتصادية من الرئيس الأمريك ...
- صُنّاع العراق: نداء إلى الدولة من أجل نهضة العمالة الماهرة و ...
- الدين كسلاح جيوسياسي: الحروب المقدسة الجديدة في الشرق الأوسط
- العجز المائي والعجز المالي كيف يقود سوء إدارة المياه إلى نزي ...


المزيد.....




- رئيس الإمارات: نتطلع لمضاعفة التبادل التجاري مع روسيا
- الرسوم الجمركية على صادرات الاتحاد الأوروبي إلى الولايات الم ...
- قرار -ميرسك- بوقف الشحن المباشر يهدد تنافسية صادرات جنوب أفر ...
- تويوتا تتوقع خسارة 9.5 مليارات دولار جراء رسوم ترامب الجمركي ...
- اتفاق لتزويد مصر بالغاز من حقل ليفياثان في أكبر صفقة صادرات ...
- الليثيوم والذهب في مالي.. كيف أخضع غويتا شركات التعدين؟
- حياد سويسرا على المحك.. صدمة اقتصادية بسبب الرسوم الأميركية ...
- سوريا توقع اتفاقات استثمارية بقيمة 14 مليار دولار
- تويوتا تخفض توقعات الأرباح السنوية بسبب التعرفات الأميركية
- رسوم ترامب الجمركية الجديدة على عشرات الدول تدخل حيز التنفيذ ...


المزيد.....

- دولة المستثمرين ورجال الأعمال في مصر / إلهامي الميرغني
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / د. جاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عامر عبد رسن - سانت ليغو المعدَّل 1.7: برلمان مكلف واقتصاد بلا إصلاح – نحو انتخابات 11/11/2025