أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فتحي البوكاري - الإبحار الأخير للقارب -الدولفين-















المزيد.....


الإبحار الأخير للقارب -الدولفين-


فتحي البوكاري
كاتب

(Boukari Fethi)


الحوار المتمدن-العدد: 8424 - 2025 / 8 / 4 - 20:12
المحور: الادب والفن
    


(مقتطف من رواية توماس بيلي ألدريتش "قصة ولد شقيّ"، يرويها توم بيلي بطل الحكاية)
إقتباس: فتحي البوكاري .
كلُّ صبيٍّ من أبناء ريفرماوث يرى في البحر قَدَرَه، أو شيئًا مرتبطا بمصيره ارتباطا وثيقًا. فمنذ أن يكون رضيعًا في مهده، يَسمع هدير الموج المتكسّر من بعيد، كصوت الطبل المغمغم في عباب الأزرق اللامتناهي، وعندما يكبر ويشتدّ عوده، يُمضي ساعاته على الشاطئ الرملي، يرقب الأمواج التي تتهادى نحو الشاطئ كجياد بحرية بيضاء، كما وصفها ثورو. ويتابع بصره الأشرعة وهي تتلاشى في الأفق الأزرق، ويتوق إلى اللحظة التي سيقف فيها بفخر على ظهر سفينته، ويبحر بفخر عبر تلك المياه الهادرة الغامضة.
ثم إنّ المدينة نفسَها مُشبعةٌ بروائح البحر ونكهاته. فأسقفُ البيوت المواجهة للشرق تتغطى بصدإٍ أحمر، كأنها بقايا مراسي قديمة، ويعبق الجوّ بعبيرٍ مالح، وتزحف الضبابات الكثيفة الرمادية، أنفاس البحر نفسه، إلى الشوارع الهادئة، فتغشى كلَّ شيء. العواصف العاتية التي تضرب الساحل، وعيدان الطحالب وحطام السفن، وأجساد الغرقى التي تقذف بها أحيانا الأمواجُ العاتية إلى الشاطئ، وأحواض بناء السفن، والأرصفة، وأسطول قوارب الصيد الصغيرة التي تُجهَّز سنويًا في ريفرماوث—كلُّ هذه الأشياء ، وسواها، تُغذي خيالَ كلِّ فتى سليم الفطرة، وتملأ ذهنه بأحلام المغامرة. يتعلّم السباحة بمجرد أن يصبح قادرا على المشي تقريبًا، ويشرع في التمرّن على استخدام المجذاف منذ نعومة أظافره؛ فهو منذور ليكون بحّارًا، وإن ساقته الأقدار إلى غير ذلك لاحقًا.
وطموحٍ الفتى الأوّلُ الذي يراود هو أن يمتلك قارب تجديف كاملا أو جزءًا منه. فلا عجب إذن، وقد وُلدتُ في هذه البيئة، وعُدت إليها بأعذب الحنين، أن أصاب بالعدوى السائدة. ولا غرابة إذن في أن أتوق لشراء سهم من القارب الشراعي الأنيق "الدولفين" الذي صادف عرضه آنذاك للبيع. وكان ذلك في أواخر شهر ماي.
كان ثلاثةُ صبيةٍ قد اشتروا ثلاثة أسهم بالفعل، بخمسة أو ستة دولارات للسهم الواحد: فيل آدامز، وفريد لانغدون، وبيني والاس. . أما السهم الرابع والأخير، فقد بقي معلّقا في انتظار مشترٍ له. وما لم يُعثر عليه فإنّ الصفقة لن تتمّ.
ولم أكن، والحق يُقال، بحاجة إلى كثيرٍ من الإقناع لألحق بالركب. كان لديّ أربعة دولارات وخمسون سنتًا، وأتمّ لي أمين صندوق أخويّة الحربشات (وهي جمعية سرية مؤلفة من اثني عشر طالبا من تلامذة مدرسة تمبل في ريفرماوث) المبلغَ المتبقي، بعد أن سلّمته حافظة أقلامي الفضية كضمان استردّها عند استرجاع المبلغ. ويا لها من لحظةٍ سامقة، عندما وقفتُ مع شركائي على الرصيف نُعاين قارب الدولفين الراسي عند أسفل مدرج زلق للغاية. كان مطليًّا بالأبيض، مع خط أخضر على جانبه، وعلى مؤخرته، وكان هناك دلفين أصفر، فاغرٌ فاه القرمزيّ، يرمقُ انعكاس صورته في الماء بدهشةٍ لا تخلو من طرافة. لقد كان القارب صفقةً رابحة!
لوّحتُ بقبعتي في الهواء، وهَممْتُ بنزول المدرج إلى أسفل الرصيف، وإذا بيدٍ قد امتدت برفق على كتفي. التفتُّ، فإذا هو القبطان نوتر جدّي، وما رأيتُ في حياتي من يُجيد قراءة الوجوه بعينيه الحادتين مثله.
كنتُ أعلم أنه لن يغضب من شرائي لقاربٍ بالمجاذيف، لكنّي كنتُ أُدرك في الوقت ذاته أنّ الصاري النحيف، ومقدمة القارب التي توحي بشراعٍ صغير، لن يكونا محلّ رضاه. أما بالنسبة للتجديف في النهر، بين الأرصفة، فقد كفّ عن منعه منذ أن خرج معي غير مرة، وتيقّن أنّي أجيد استخدام المجاديف كأيّ بحّارٍ خبير.
وقد صدق حدسي. إذ أوصاني القبطان، بلهجةٍ حازمةٍ لا تقبل الجدل، ألّا أُبحر بهذا القارب دون ترك صاريه في بيت القوارب. وهذا وإن ضيّق عليّ متعتي المُنتظرة ومساحة تسليتي، إلا أن متعة الإبحار بالمجداف متى شئتُ كانت لا تزال قائمة. ولم أُخالف أوامره قطّ بشأن الشراع، وإن كنتُ أحيانًا أتجاوز النطاق الذي رسمه لي.
وكان النهر خطرًا على المراكب الشراعية. فكثيرًا ما تهبّ الزوابع بلا إنذار، وقلّما تمرّ سنة دون أن يغرق فيها ثلاثة أو أربعة أشخاص تحت أعين أهل المدينة، والغريب أنّ هؤلاء الغرقى كانوا غالبًا من قباطنة السفن، إما لجهلهم بخفايا النهر، أو لافتقارهم مهاارات قيادة القوارب الصغيرة.
وكان في معرفة مثل هذه الكوارث، وقد شهدتُ واحدةً منها بعينيّ، عزاءٌ لي حينما كنتُ أرى فيل آدامز يمخر الماء في نسيمٍ طيّب، وقد نشر كلّ شراعه. وما من أحدٍ كان أقدر منه على قيادة قارب. وكان غالبًا ما يُبحر وحيدًا، إذ كان كلٌّ من لانغدون وبيني والاس يخضعان لنفس القيود التي كنت أخضع لها.
وبعد شرائنا القارب بزمنٍ وجيز، خطّطنا لرحلة إلى جزيرة ساندبيب، آخر جزيرةٍ في الميناء. كنا نعتزم الانطلاق في الصباح الباكر، والعودة مع ارتفاع المدّ في ضوء القمر. وكانت مشكلتنا الوحيدة التي واجهناها هي الحصول على إعفاء ليوم كامل من الدراسة، إذ إنّ النصف يوم المعتاد لا يكفي لمثل هذه النزهة. وقد عجزنا عن تدبير ذلك... ولكنّ القدر دبّر لنا الأمر! ويجدر بي القول هنا، أنّه مهما كان الأمر، فأنّي لم أتغيب عن المدرسة قطّ.
وذات مساء، تبادل مالكو قارب الدولفين الأربعة نظراتٍ ذات مغزى حين أعلن الأستاذ غريمشو من على المكتب أن لا دراسة في الغد، بعد أن تلقى لتوه نبأ وفاة عمه في بوسطن. ولقد كنتُ متعلقًا جدًا بالسيد غريمشو، لكنني أخشى أن وفاة عمه لم يُحزنني كما كان ينبغي.
وفي صباح اليوم التالي، كنا قد استيقظنا قبل شروق الشمس لنغتنم المدّ، الذي لا ينتظر أحدًا. وكنا قد أعددنا كلّ شيء في الليلة السابقة. فبخصوص المؤن خزّننا في مؤخرة القارب كيسًا مليئًا بالبسكويت المقرمش، وقطعة من شحم الخنزير لقلي السمك، وثلاث فطائر تفاح ضخمة، وست حبات ليمون، وبرميلًا صغيرًا من مياه الينابيع، وقد علقناه إلى جانب القارب ليظلّ باردًا متى أبحرنا. أما الصحون والطوب التي سنبني بها موقدنا، فقد وضعناها في مقدمة القارب، مع سائر الأغراض، من سكر وفلفل وملح وزجاجة الخلّ. وأحضر فيل آدامز خيمةً صغيرة من قماش قطني، فقد كنا نعتزم قضاء ظهيرة اليوم تحتها.
فككنا الصاري، وأضفنا مجذافًا إضافيًا، وكنا على أتمّ استعدادٍ للإبحار. وأجزمُ أن كريستوفر كولومبس نفسه، عندما بدأ رحلته الاستكشافية الشهيرة، لم يشعر بمقدار المسؤولية والأهمية التي أحسستُ بها وأنا جالس على المقعد الأوسط في قارب الدولفين، ممسكًا بمجذافي. تُرى، وأتساءل إن كان كريستوفر كولومبس قد خرج متسلّلا من بيته دون أن يُخبر أهلَه بما كان يخطّط له؟!
تقدّم إلينا تشارلي ماردن الذي توعّده والده بالضرب بالعصا إذا وطأت قدماه أي قارب، جاءنا مكرها لتوديعنا الوداع الأخير لأنه لا يتوقّع أن يرانا أحياءً مرةً أخرى، ولا نيّة له في الابحار معنا ولو أغريناه بذلك! لقد حاول أن يفسد علينا رحلتنا بكلماته.
قال تشارلي وهو يحرّر القارب من الحبل: "يبدو أنكم ستُعانون من عاصفةٍ عاتية!"، ثم أضاف مازحًا: "سأمرّ على مكتب نيوبي، متعهد دفن الموتى، وأعلمه ليهيّئ نفسه!"
تمتم فيل آدامز وهو يغرس خطاف القارب في حافة الرصيف، ويدفع الدولفين مسافة في مجرى النهر: "هراء!"
ما أروع هدوء النهر وجماله! صفحة زجاجية بلا تموّج، لم يُكدّرها سوى قاطع الأمواج الحادّ لقاربنا الصغير. والشمس، مستديرةً وحمراء كليلة بدر في شهر أوت تطل علينا في ذلك الوقت من فوق خط الماء.
ابتعدت المدينة شيئًا فشيئًا، ودخلنا بين مجموعة الجزر. أحيانًا، كنّا نكاد نلمس الضفاف بخطاف القارب. وحين اقتربنا من مدخل الميناء، هبّت نسمات خفيفة، فجعّدت صفحة الماء الزرقاء، ونفضت عن الأشجار قطرات الندى، ورفعت برفق ضباب الصباح الذي لا يزال متشبّثًا بالشاطئ. وكان صوت المجاديف المنتظم، وتغريد الطيور الناعسة، يزيد المكان سحرًا بدل أن يُنقصه.
تعود إليّ الآن رائحة البرسيم الطازج، لا يزال عبيره عالقًا في أنفي وأنا أتذكر ذلك الصباح البهي حين سبحنا في قارب كالأسطورة في نهر كالحلم!
كانت الشمس قد أشرقت عندما لامس مقدّم الدولفين رمالَ جزيرة ساندبيب الناصعة البيضاء. وكما ذكرتُ سابقًا، هذه الجزيرة هي آخر الجزر، حيث يغمر ماءُ البحر أحد جوانبها. رَسَوْنا على ضفة النهر، حيث وفرت لنا الرمال المنحدرة والماء الساكن مكانًا مناسبًا لإنزال الأغراض.
استغرق نقلُ مؤننا إلى المكان الذي اخترناه للتخييم ساعةً أو يزيد، ثم نصبنا خيمتنا، مستخدمين المجاديف الخمسة لدعم القماش، ثم أخذنا صنّاراتنا، ونزلنا إلى الصخور المواجهة للبحر لنصطاد. كان الوقت مبكرًا على سمك البرغال، لكن الحظّ أسعفنا بصيد وافر، وظفرنا بسمكة قدّ لذيذة لم نرَ مثلها من قبل، لم يكن الحصول عليها للحساء سهلًا، حتى اصطادها بيني والاس، سمكةٌ ممتلئة، تتلألأ بقشورٍ فضية.
ثم شمرت السواعد، فقشّرنا الأسماك ونظّفناها، ونصبنا الموقد وأشعلناه، وطبخنا الحساء، في عملٍ استغرق منا ساعتين كاملتين.
وكان الهواء الطلق والحركة قد ألهبا جوعنا، فكُنّا كمن لم يذق طعامًا منذ دهر، حين صار الحساء جاهزًا في أوانينا الصدفية.
ولا أرى فائدة في سردِ لذة الحساءٍ الذي يُحضّر ويؤكل على طريقة روبنسون كروزو لأبناء السواحل، فهم أعلمُ بلذّته. أما أولئك الذين يعيشون في المناطق الداخلية، الذين لا يعرفون مثل هذه الولائم البحرية، فقلبي يفيض أسًى عليهم! ما أشقاها من حياة!
كم كنّا سعداء، نحن الأربعة، جالسين متربّعين على العشب المالح النضر، والنسيم البحريّ ينعش أجسامنا ويبعثر خصلات شعرنا! يا لها من حياةٍ مبهجة! كم بدا الموت وقتها بعيدًا عنّا، الموت الكامن في أجمل الأماكن، وكان قريبًا جدًا!
بعد أن انتهت المأدبة، أخرج فيل آدامز من جيبه حفنة من سيجار السرخس، لكنه لم يجد منا من يشاركه، إذ كنّا نعلم خطره على صحّتنا. فاعتذرنا جميعًا، لسبب أو لآخر، وبقي فيل يدخّن وحده.
وفي هذه الأثناء، هبّت الرياح بنسيم منعش، فارتدينا ستراتنا التي كنا قد نزعناها في في وقت الظهيرة بسبب الحرّ. وتمشّينا على الشاطئ، وجمعنا كمياتٍ كبيرة من طحالب آيسلندا الناعمة التي تبدو كأنّ الجنيات قد نسجن خيوطها، والتي تُلقيها الأمواج على الشاطئ في مواسم معيّنة، ثم لعبنا لعبة رمي الحصى فوق سطح الماء، وبعد أن مالت الشمس نحو الغروب، نزلنا لنسبح في البحر.
وقبل أن نُتمّ سباحتنا، طرأ تغيّرٌ طفيف على الطقس إذ أخذت غيومٌ بيضاء كالصوف تنزلق في السماء، وتناهى إلى أسماعنا من حين إلى آخر أنينٌ مكتوم من هدير الأمواج. وبينما كنّا نرتدي ملابسنا، تساقطت قطراتٌ مزعجة من المطر، فآوينا إلى الخيمة، ريثما تمرّ العاصفة.
قال فيل آدامز: "نحن بخيرٍ على كل حال، لن تكون عاصفةً شديدة، وسنكون مرتاحين كدودة في نسيجها، هنا في الخيمة، لا سيّما إذا تناولنا عصير الليمون الذي وعدتم بصنعه."
لكنّ الليمون، للأسف، كنّا قد نسيناه في القارب. فتطوّع بيني والاس بالذهاب لإحضاره.
قال آدامز، وهو يناديه: "ضع حجرًا إضافيًا على الحبل، يا بيني، سيكون من المحرج أن يقلع الدولفين ويعود إلى الميناء دون ركّابه!"
فأجابه بيني، وهو يهبط الصخور: "نعم، سيكون ذلك أمرًا مشينا حقًا!"
وكانت جزيرة "ساندبيب" على هيئة الماسة، رأس منها يمتدّ إلى البحر، والآخر يتجه نحو البلدة. وكانت خيمتنا منصوبةً في الجهة المطلة على النهر، وكذلك القارب، وإنْ كان راسيا بعيدًا عن الأنظار، على الشاطئ في أقصى الجزيرة.
مضت خمسُ أو ستُّ دقائق على ذهاب بيني، وإذا بنا نسمعه ينادينا بأسمائنا، بصوتٍ تنوس بين الفزع والدهشة. أول ما تبادر إلى أذهاننا: "لا بد أن القارب قد جرفه التيّار!"
قمنا واقفين على أقدامنا وأسرعنا إلى الشاطئ، وحين اجتزنا الهضبة الصغيرة التي كانت تحجب القارب عنّا، وجدنا ما توقّعناه أن يحدث قد حدث. لم يكن الدولفين طافيا فحسب، بل كان بيني والاس المسكين واقفًا في مقدّمته، وذراعاه ممدودتان نحونا في عجز مطلق والقارب ينجرف به نحو البحر!
صاح فيل آدامز: "وجّه القارب إلى الشاطئ!"
فأسرع بيني إلى الدفّة، لكنّ ذاك القارب الصغير ما لبث أن استدار بانحراف، وجرفه التيار على جانبه. آه، لو كنّا تركنا مجذافًا واحدًا على ظهر الدولفين!
صرخ آدامز يائسا، مستخدمًا يديه بوقًا للصوت، وقد اتّسعت المسافة بين القارب والجزيرة شيئا فشيئا: "هل تستطيع أن تسبح إلينا؟!"
نظر بيني والاس إلى الأمواج الثائرة، ولوّح بيده بإشارة يائسة، لقد أدرك، كما أدركنا، أن أمهر سبّاح لا يستطيع الصمود في تلك المياه الهائجة لأكثر من أربعين ثانية.
وبرقت في عيني فيل آدامز نظرة جنونية يائسة، وهو واقفٌ حتى ركبتيه في الزبد المتلاطم، وكأنّه همّ، في لحظة تهوّر، أن يُلقي بنفسه في الماء ليلحق بالقارب الهارب، ولكنّ السماء ازدادت ظلمة، وخيم على صفحة البحر وجهٌ كالح.
رفع بِيني والاس نفسه قليلا، ولوّح لنا مودّعًا. وعلى الرغم من المسافة التي كانت تتزايد كل لحظة، استطعنا رؤية وجهه بوضوح، لقد زال منه تعبير القلق الذي كان عليه في البداية، بدا الآن شاحبًا وهادئًا، وكان يُخيّل إليّ أن هالةً كتلك التي يضعها الرسامون حول جبين القديسين قد حفّت جبينه. وهكذا انسحب منّا، وانجرف بعيدًا.
وازدادت السماء ظلمةً، ولم نعد نرى القارب إلا إذا حدّقنا بأبصارنا في الغلس الذي سبق العاصفة. ثم تلاشى شكل بِيني، ولم نعد نرى من الدلفين إلا نقطةً بيضاء صغيرة على وجه الماء المظلم تغيب عنّا ثم تعود فتطلّ على قمة موجة. وأخيرًا انطفأت النقطة كالشرارة، واختفى القارب ولم نعد نراه. فتبادلنا النظرات، ولم يجرؤ أحدٌ منا على الكلام.
انغمسنا في تتبع مسار القارب، ولم ننتبه إلى السحب المتراصة السوداء التي تلبّدت حولنا، تتخلّلها من حين لآخر ومضات البرق. ثم فجأة دوّى الرعد، يهزّ الأرض تحت أقدامنا، وهاجت عاصفة عاتية، تشقّ البحر أخاديد بيضاء عميقة، وفي تلك اللحظة علا صوتٌ صارخ، يخترق العاصفة، صرخة مُرعبةٌ لنورس مذعور يحلّق فوق الجزيرة. كم أرعبتنا تلك الصيحة!
لم يعد من الممكن لنا البقاء على الشاطئ، فالريح والموج كادا يقتلعاننا لولا أننا تشبّثنا ببعضنا كالغرقى. وفي لحظة سكونٍ عابرة انتهزناها، زحفنا على أيدينا وركبنا صاعدين، واسترحنا خلف صخرة من الغرانيت نستجمع أنفاسنا، ثم عدنا إلى المخيّم، حيث وجدنا العاصفة قد مزّقت كلّ أوتاد الخيمة ما عدا واحدًا، وكان قماشها المنتفخ يتمايل كالمنطاد في الهواء، ولم يكن من السهل علينا تثبيتها ثانيةً، ولم نفلح بذلك إلا بعد أن طرحناها أرضًا، وثبّتناها بالمجاذيف.
وبعد عدّة محاولات، نجحنا في نصب الخيمة على الجانب المحمي من الصخرة. كنا شبه عميان من أعمتنا ومضات البرق الساطعة، ومبلّلين حتى العظام من المطر الغزير، فزحفنا، شبه موتى من الرعب والأسى، إلى داخل الخيمة المتواضعة. لم يكن قلقنا ولا خوفنا على أنفسنا، فقد كنّا في مأمن نسبيًا، بل كان على المسكين بيني والاس، ذلك الصبيّ الصغير الذي ساقته العاصفة في قارب هشّ إلى مصيره المجهول، لقد ارتعدت أوصالنا من تصوّره هناك ينجرف نحو القاع الأخضر الهائل، والسماء تشقها الصواعق فوق رأسه. فانفجرنا في بكاءٍ مرير، لا ندري كم طال.
وفي تلك الأثناء، اشتدت العاصفة بعنف متزايد، حتّى إنّنا قد اضطررنا إلى التمسّك بالحبال لئلا تقتلع الرياح الخيمة وتطير بها، وارتفع رذاذ النهر أذرعًا في الهواء فيرتطم بالصخور ويترامى علينا كأنما يستهدفنا عن عمد، بل إن الجزيرة نفسها كانت ترتجّ تحت ضربات البحر، حتى خُيِّل إليّ أحيانًا أنها قد انفصلت عن أساسها، وراحت تسبح بنا في الماء. وكانت الأمواج المتكسّرة، الموشّاة بفوسفور الغضب، تثير في النفس رهبة لا توصف، واشتدت الرياح أكثر فأكثر، وشقّت قماش الخيمة، فتدفّق المطر علينا من الثقوب بلا انقطاع. ولاستكمال بؤسنا، حلّ الليل كستارٍ أسود انقطع فجأة، يعزل جزيرة ساندبيب عن العالم أجمع.
كانت ليلةً قذرة، كما يقول البحّارة. وكان الظلام محسوسًا لا يُرى فحسب، يكاد يخنق الأنفاس بلمسته الباردة. وبينما كنّا نتطلّع إلى الفراغ، تراءت لنا أشكالٌ غريبة، وألوانٌ زاهية، ونجومٌ وخيوطٌ مضيئة، وأضواءٌ راقصة، وما أكثر ما يُخيّل للفتى، في وحدته المظلمة، من أطيافٍ ينسجها بصره في ظلمة الليل.
همس لي فريد لانغدون، وهو يمسك بيدي: "أترى ما أرى هناك في الظلام؟"
قلت مرتعشًا: "نعم... نعم... وجه بيني والاس!"
وزاد ما تلفظتُه من اضطرابي، فقد كنت، خلال الدقائق العشر الماضية، لا أرى سوى ذلك الوجه الشاحب، المشرق كالنجوم، بشعره الملائكيّ وحاجبيه الطاهرين. في البداية، تشكلت دائرة صفراء رفيعة، كالهالة التي تحيط بالقمر المعتّم، وازدادت حدةً في مواجهة الظلام، ثم تلاشت تدريجيًا، وظهر الوجه ذاته، بنفس النظرة الحزينة الحانية التي ودّعنا بها عندما لوّح بيده إلينا عبر الماء المخيف. وقد ظلت تلك الصورة تتراءى لي مرارًا.
قال آدامز: "وأنا أيضًا! أراه من حين لآخر، يقف خارج الخيمة. ماذا كنت سأفعل لو كان والاس المسكين ينظر إلينا حقًا! يا أولاد، كيف سنعود إلى البلدة بدونه؟ لقد تمنّيتُ مئة مرة، ونحن هنا، لو كنتُ مكانه، حيًا كان أو ميتًا!"
كنا نخشى اقتراب الصباح بقدر ما كنا نتوق إليه. فالصباح وحده كفيلٌ بأن يُنبئنا بمصيره. هل يعقل أن يكون الدولفين قد تجاوز عاصفة كهذه؟ كانت هناك منارة عند شعاب الماكريل، تقع مباشرة في المسار الذي سلكه القارب عندما اختفى، فإن ارتطم بتلك الشعاب المرجانية، لربّما كان بيني والاس في مأمن، ولعلّه استنجد بحارس المنارة، الذي يملك قارب نجاة، وقد أنقذ عدّة أشخاص قبل ذلك، من يدري؟!
كانت هذه هي الأسئلة التي طرحناها على أنفسنا مرارًا وتكرارًا، ونحن متكدّسون في الخيمة، ننتظر بزوغ الفجر؟ ويا لها من ليلةٍ لا نهاية لها! لقد عرفتُ شهورًا لم تَبدُ لي بهذا الطول.
أما نحن، فلم يكن وضعنا خطيرا، وإن كان بائسًا، فالصباح لا بدّ أن يجلب إلينا نجدة من البلدة، إذ لا شكّ أن غيابنا الطويل، مع العاصفة، قد يثير القلق في النفوس، لكن البرد والظلمة والترقّب كان كلّه أشدّ من أن يُحتمل.
كانت ستراتنا المبلّلة قد جمّدت عظامنا، حتى صرنا للتدفئة نضطجع متلاصقين، إلى درجة نسمع فيها دقّات قلوبنا أعلى من ضجيج البحر عصف الريح.
وبعد وقتٍ طويل، بدأ الجوع ينهشنا، إذ أنّنا لم نذق طعامًا منذ الصباح الباكر، وكان المطر قد حوّل البسكويت عجينًا، لكنه كان أفضل من لا شيء.
ولطالما سخرنا من فريد لانغدون لأنه كان يحمل دائمًا في جيبه قارورة صغيرة من خلاصة النعناع أو الصّفصاف، يقطّر منها بضع قطرات على مكعبات السكّر، ويعتبرها أفخرَ طعام، ولا أدري ماذا كان سيحلّ بنا في تلك المحنة العصيبة، لولا ذاك الشراب الساخن الذي دفأنا به أجسادنا بجرعات متكررة منه.
وبعد أربع أو خمس ساعات، توقّف المطر، وهدأت الرياح حتى صارت كأنّها تنوح، وراح البحرالذي أعيته العاصفة يئنّ أنينا بشريا حزينا على طول الساحل. وقد يكون محقًّا، فقد غرق اثنا عشر قاربًا من أسطول غلوستر للصيد، بكلّ من فيها، قبالة المنارة مباشرةً، فتخيّل الحزن العميق الذي يخلّفه كارثة الغرق، وتخيّل النسوةٍ منهاراتٍ وهنّ يصرخن ويولولن صباح اليوم التالي؟!
ورغم ما بلغناه من وهن، لم نقدر على النوم من شدّة البرد. وقد غفوتُ لحظة في نعاسٍ مضطرب، فرأيتُ كأنّ البحر نفسه يردّد كلمات تشارلي ماردن وهو يودّعنا. وبعدها، كنتُ أطرد النوم كلّما باغتني.
وكان فريد لانغدون أوّل من لمح في السماء خيطًا باهتًا من النور، يُبشّر بالصباح.
قال: "أنظروا! يكاد الصبح يُشرق!"
وفيما نحن نُحدّق في الجهة التي أشار إليها، بلغ سمعنا صوت مجاديف بعيدة!
أصغينا بكل حواسّنا، ومع اقتراب الصوت، لاح لنا ضوءان ضبابيّان كخيوط خافتة، يطفوان على سطح النهر.
فأسرعنا إلى حافة الماء، وصرخنا بأعلى أصواتنا. وقد بلغ النداء مسامعهم، إذ توقّفت المجاذيف لحظة، ثم عاود المسير نحو الجزيرة.
كان قاربان من البلدة، يقتربان. وفي القارب الأوّل استطعنا تمييز صورتي الكابتن نوتر ووالد بيني والاس. فتراجعنا إلى الوراء خجلًا. إلّا أنّ السيّد والاس صرخ وهو يهبط من الزورق قبل أن يلامس الشاطئ: "الحمد لله!"
ولكن عندما رأى ثلاثة فتيان فقط يقفون على الرمال، جالت عيناه بقلق باحثًا عن الرابع، ثم غطى ملامحه شحوبٌ قاتل.
وسردنا له قصّتنا، فعمّ صمتٌ مهيبٌ بين الرجال المتحلّقين، لم يُقطعه إلا نشيجٌ مكبوت من شيخٍ وقورٍ وقف وقفَ مُنعزلاً عن البقية.
كان البحر لا يزال هائجًا، لدرجةٍ لا تسمحُ لأيِّ قاربٍ صغيرٍ بالمُغامرة، فتقرّر أن يعيدنا الزورق إلى البلدة، بينما يبقى القاربَ الآخر مع طاقمٍ مُختارٍ، في الجزيرةِ حتى الفجر، ثمَّ ينطلقَ بحثاً عن الدلفين.
وحين بلغنا البلدة، كان النهار قد بزغ بالكاد، غير أنّ جمعًا غفيرًا من الناسِ قد احتشد عند الرصيف، يتقصون أخبار القارب المفقود. فقد خرجت مجموعتانِ للنزهة قبيل العاصفة العاتيةِ، ولم يُسمعَ عنهما شيءٌ. ثم تبيّن أن الركّاب قد أدركوا الخطر في الوقتِ المُناسب، فأرْسوا على إحدى الجزر الأقلّ تعرّضًا قضوا فيها ليلتهم. وبعدَ وصولنا بقليل، ظهروا قبالةَ ريفرمَوث في زورقين محطّمين، فكان في ذلك فرجٌ لأهليهم.
لكنّ بعد انقضاء لحظات الإثارة، وجدتُ نفسي في حالٍ يُرثى لها، جسديًّا ونفسيًّا. فأخذني القبطان نوتر ووضعني في السرير بين بطانيات دافئة، ثم أرسل كيتي كولِنز تستدعي الطبيب. وكنتُ أهذي، فأحسبني ما زلت في جزيرة ساندبيب: تارةً نبني الموقد من الطوب لنطهو الحساء، فأضحك في هذياني وأنادي على رفاقي، وأخرى يكسو السماء ظلام مفاجئ وتضرب العاصفة الجزيرة، فأصرخ على والاس لأوجهه كيف يدير القارب، ثم أبكي لأن المطر يتساقط عليّ من ثقوب الخيمة.
وبحلول المساء، اشتدّت عليّ الحمّى، ومضت أيّام طويلة قبل أن يرى جدي أن الوقت قد حان ليخبرني بأن قارب الدولفين قد عُثر عليه، مقلوبًا على ظهره، على بُعد أربعة أميال جنوب شرق شعاب الماكريل.
آه، يا بيني والاس المسكين! كم بدا الأمر غريبًا حين عدتُ إلى المدرسة، ورأيت مقعده الشاغر في الصفّ الخامس! كم بدا الفناء موحشًا، وقد افتقد وجهه الحييّ الرقيق!
وذات يوم، انزلقت ورقة مطويّة من دفتري في الجبر، كانت آخر رسالةٍ كتبها إليّ، ولم أستطع قراءتها من فرط البكاء.
ويا للوجع الذي اخترق قلبي، عصر ذلك اليوم الذي همس فيه أهل المدينة بخبر العثور على جثة جرفها البحر إلى ذلك المكان الذي كنّا نستحم فيه! ولم أعد أعوم فيه بعد ذلك قط. وما زلتُ أذكر جنازته جيدًا، وكم كان الألم مضاعفا حين رأيتُ لاحقًا اسمه منقوشًا على شاهد قبر صغير في مقبرة الجنوب القديمة!
آه، يا بيني والاس المسكين! ما زلت في عيني كما كنت دومًا. أما نحن، فقد كبرنا جميعًا وأصبحنا رجالاً أقوياء، مشغولين بشؤون الدنيا، نخوض غمار الحياة وصراعها. وأنت... أنت باقٍ كما كنت: صغير، طاهر، بريئ، جزء من طفولتي لا يذبل ولا يشيخ، دائمًا ذاك الصبيّ الصغير... دائمًا ذلك المسكين الصغير، بِيني والاس!



#فتحي_البوكاري (هاشتاغ)       Boukari_Fethi#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أطلقوا قارب النجاة! (ج1)
- حوار مع الفنان التشكيلي عمّار بوكيل: حين يتكلم الجدار بلغة ا ...
- ميراث البحر
- الفصل الأول من رواية ماري جونستون -1492-
- بئر السّاراسين
- تحطُّم منارة وينستانلي
- منارة إدستون: تاريخ هندسي ومغامرة بشرية
- في حضرة السرد وسحر الحكاية: قراءة في الخصال الأدبيّة لمحسن ب ...
- كنز القراصنة، مذكرات طبيب سفينة هولندي، لجورج غارتنر ج2
- كنز القراصنة، مذكرات طبيب سفينة هولندي، لجورج غارتنر - ج1
- وما زال الصوت يصرخ عاليا
- التعبير عن المقاومة الثقافيّة والبيئيّة في شعر محمد العروسي ...
- الشعبويّة في السلطة: تهديد أم تصحيح للديمقراطية؟
- أدب الأطفال في العصر الرقمي: دراسة السرد التفاعلي في كتب الأ ...
- مناورة
- في موقد تحت التحميص
- الأدب في عصر العلم والتكنولوجيا
- علاقة المثقّف بالسّلطة السياسية: رواية الكاتب البوهيمي المتع ...
- غربة
- تأثير أفكار ابن خلدون في الحضارة العربية والغربية


المزيد.....




- تناقض واضح في الرواية الإسرائيلية حول الأسرى والمجاعة بغزة+ ...
- تضامنا مع القضية الفلسطينية.. مجموعة الصايغ تدعم إنتاج الفيل ...
- الخبز يصبح حلما بعيد المنال للفلسطينيين في غزة
- صوت الأمعاء الخاوية أعلى من ضجيج الحرب.. يوميات التجويع في غ ...
- مقتل الفنانة العراقية ديالا الوادي بدمشق
- لبنان: المسرح.. وسيلة للشفاء من الآثار النفسية التي خلفتها ...
- -طحين ونار وخوف وأنا أحاول أن أكون أمًا في غزة الجائعة-
- وفاة الفنانة ديالا الوادي في حادثة سرقة بدمشق
- مشروع قانون فرنسي لتعجيل استعادة الممتلكات الثقافية المنهوبة ...
- أكثر 10 لغات انتشارا في العالم بعام 2025.. ما ترتيب اللغة ال ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فتحي البوكاري - الإبحار الأخير للقارب -الدولفين-