أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عاهد جمعة الخطيب - الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديدة (50)














المزيد.....

الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديدة (50)


عاهد جمعة الخطيب
باحث علمي في الطب والفلسفة وعلم الاجتماع

(Ahed Jumah Khatib)


الحوار المتمدن-العدد: 8424 - 2025 / 8 / 4 - 07:49
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


بين إصلاح الذات وإصلاح المجتمع: قراءة فلسفية في الديناميكيات الاجتماعية

الملخص:
تتناول هذه المقالة سؤالاً فلسفيًا بالغ الأهمية: هل يؤدي إصلاح الذات بالضرورة إلى إصلاح المجتمع؟ وهو سؤال يتقاطع مع نظريات الأخلاق، وسوسيولوجيا التغيير، وفلسفة الوجود الإنساني. تسعى هذه الورقة إلى تفكيك العلاقة بين الفرد والمجتمع من منظور فلسفي يوضح أن التغيير الأخلاقي أو السلوكي على مستوى الأفراد لا يكفي لإحداث تحول اجتماعي شامل، إلا إذا توافر "نظام حاضن" يُمَكّن الإصلاح من التجذر والتحول إلى بنية متكاملة.

1. المقدمة: جدل الذات والمجتمع
منذ القدم، انشغل الفلاسفة بسؤال: من أين يبدأ الإصلاح؟ من الذات أم من المجتمع؟ هل صلاح الفرد مقدمة لصلاح الجماعة، أم أن المجتمع هو الذي يكوّن الأفراد؟ هذا الإشكال يعكس الطابع الجدلي للعلاقة بين الأنا والكل، وهو ما سنحاول استكشافه ضمن هذا المقال.

2. إصلاح الذات في الفلسفات الأخلاقية
اعتبرت الفلسفات الأخلاقية، منذ سقراط وحتى كانط، أن صلاح الفرد هو حجر الزاوية لأي تقدم جماعي. سقراط قال: "اعرف نفسك"، وجعل من التهذيب الذاتي طريقًا للحياة الفاضلة. أما كانط، فقد ربط الأخلاق بالعقل، مفترضًا أن الإنسان بإمكانه، عبر الإرادة الحرة، أن يقرر الخير من الشر وأن يكون مثالًا للمجتمع.

لكن هذه الرؤية، رغم عمقها، قد تفترض ضمنًا أن الفرد كيان مستقل تمامًا عن السياقات الاجتماعية والثقافية، وهو ما يتعرض للنقد في الرؤى الحداثية وما بعد الحداثية.

3. النقد الاجتماعي للفردانية الأخلاقية
يرى منظرو السوسيولوجيا النقدية، مثل بيير بورديو وزيغمونت باومان، أن الأفراد لا يعيشون في فراغ أخلاقي، بل يُشكّلون داخل حقول اجتماعية مشحونة برموز السلطة، والعادات، والتراتبيات. فالإصلاح الذاتي في بيئة فاسدة قد يتحول إلى عزلة أو إلى طاقة مهدورة.

بمعنى آخر، لا يكفي أن يسلك الإنسان طريق الفضيلة في مجتمع يكرّس الفساد أو يعاقب الصالحين. قد يصبح "الصالح" عنصرًا هامشيًا، أو حتى مهددًا بالاستئصال.

4. الإصلاح بوصفه ديناميكية شمولية
الإصلاح، بحسب الرؤية الديناميكية، لا يحدث في خط مستقيم من الذات إلى الجماعة، بل يحتاج إلى تضافر عناصر:

الوعي الفردي: وهو ما يبدأ من التأمل الذاتي والنقد الداخلي.

البنية الاجتماعية الحاضنة: مثل مؤسسات التعليم، القانون، الإعلام، والعائلة.

البيئة الثقافية: التي تكرّس القيم، وتحدد ما هو "مقبول" أو "مرفوض".

الإرادة الجمعية: التي تحوّل الإصلاح من مبادرات فردية إلى حركات جماعية.

وهنا تبرز أهمية البيئة: البيئة الفاسدة قد تفسد حتى الإرادات الصالحة، بينما البيئة الصالحة يمكن أن تُصلح حتى العناصر المترددة.

5. الإصلاح من منظور فلسفة التغيير
في فلسفة التغيير، لا يكون الفعل الإصلاحي مجرد نية طيبة، بل يحتاج إلى شروط إمكان تاريخية وثقافية. هيغل، مثلاً، رأى أن التاريخ يسير عبر "الروح الجمعية"، وليس عبر الأفراد المعزولين. ونيتشه، رغم دعوته إلى "الإنسان الأعلى"، أدرك أن تغيير الإنسان لا يحدث في مجتمع خانع.

أما في الفلسفة الإسلامية، فنجد توازنًا بين المسؤولية الفردية والجماعية: ﴿إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم﴾. الآية تُظهر العلاقة المتبادلة بين التغيير الذاتي والجمعي، وتفترض أن الإصلاح الحقيقي هو إصلاح مركّب.

6. خاتمة: من الذات إلى النسق
إن إصلاح الذات شرط ضروري لكنه غير كافٍ لإصلاح المجتمع. فالتغيير الأخلاقي، كي يتحول إلى أثر اجتماعي ملموس، يحتاج إلى نظام اجتماعي حاضن، وإلى رؤية جماعية متماسكة، وإلى شبكة من القيم والدوافع والمصالح التي تعيد صياغة ما هو مشترك بين الناس.

وبدون هذا التكامل، يظل إصلاح الذات عملاً فرديًا قد ينتهي بالإحباط أو الانعزال. أما في ظل بيئة تتبنى الإصلاح وتحميه، فيمكن للفرد أن يصبح نواة تغيير شامل.



#عاهد_جمعة_الخطيب (هاشتاغ)       Ahed_Jumah_Khatib#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...


المزيد.....




- مدرب ركوب أمواج ينقذ 3 أطفال معًا في المحيط بعد هجوم أسد بحر ...
- بريطانيا: مشروع حكومي جديد لإجلاء أطفال مصابين من غزة
- بسبب -الغرافيتي وغزة-.. عمدة أثينا يوبّخ سفير إسرائيل: لا نق ...
- مقتل فلسطينيين في غارات إسرائيلية جديدة على غزة، ومطالبات بت ...
- مدن ألمانية تدرس استقبال أطفال من غزة وإسرائيل
- دراسة صادمة: أقل من 20 بالمئة من الألمان مستعدون للقتال من أ ...
- نتانياهو يطلب من الصليب الأحمر تأمين الطعام للرهائن في غزة و ...
- تركيا.. عريس ينسى عروسه!
- المرصد السوري: أربعة قتلى على الأقل إثر تجدد الغنف في جنوب س ...
- بحسابات رياضية.. هكذا صنعت إسرائيل مجاعة غزة


المزيد.....

- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عاهد جمعة الخطيب - الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديدة (50)