أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - علي ابوحبله - -اللهم أغثنا-... صرخة من تحت الركام: حين تسقط العدالة وتعلو لغة القوة














المزيد.....

-اللهم أغثنا-... صرخة من تحت الركام: حين تسقط العدالة وتعلو لغة القوة


علي ابوحبله

الحوار المتمدن-العدد: 8414 - 2025 / 7 / 25 - 14:55
المحور: القضية الفلسطينية
    


بقلم المحامي علي ابوحبله
في خطابٍ قصير لكنه بالغ التأثير، قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس أمام مجلس الوزراء الفلسطيني، وهو يرفع يديه نحو السماء:
"اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا... شعبنا يموت جوعًا، لا دواء ولا غذاء، والعالم يتفرج، ولا من مجيب".
لم يكن هذا مجرد دعاء عابر، بل صرخة مدوية تحمل معاني الهزيمة الأخلاقية للمنظومة الدولية. في لحظة تجرد من كل أدوات السلطة واللغة الدبلوماسية، اختار الرئيس أن يتحدث بلغة الإنسان، نيابة عن شعب يُذبح ويُجوّع ويُقصف على مرأى من العالم.
أولاً: الخطاب في مضمونه... انكسار السياسة أمام إنسانية الجوع
عبارة "اللهم أغثنا" لا تُقرأ فقط بوصفها دعاءً روحياً، بل كبيان سياسي عميق يلخص العجز الفلسطيني الرسمي والدولي أمام ماكينة الحرب الإسرائيلية، ويفضح التواطؤ الإقليمي والدولي، حيث:
المساعدات محتجزة، والمعابر مغلقة، والمجاعة تضرب شمال القطاع بقسوة.
المستشفيات بلا كهرباء، والمرضى يموتون بالعشرات يوميًا.
الأمم المتحدة تحذر من انهيار شامل، فيما يكتفي مجلس الأمن بـ"القلق العميق".
في ذات الخطاب، قال الرئيس:
"هل يُعقل أن يبقى أكثر من مليوني إنسان محاصرين تحت القصف والتجويع؟! إلى متى هذا الصمت؟!".
إنه تساؤل أخلاقي، لكنه في جوهره اتهامٌ صريح للمجتمع الدولي بالتقصير الممنهج والخذلان التاريخي.
ثانيًا: الانهيار الأخلاقي لمنظومة العدالة الدولية
يأتي الخطاب في ظل فشلٍ متكرر في تنفيذ قرارات مجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية. وعلى سبيل المثال:
في 26 يناير 2024، أصدرت محكمة العدل الدولية قرارًا أوليًا في قضية الفصل العنصري والإبادة الجماعية، وطلبت من إسرائيل "اتخاذ كل الإجراءات لمنع الإبادة ضد سكان غزة"، لكنها لم تلتزم.
تنص اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948 على أنه:
"يجب على الدول اتخاذ التدابير لمنع الإبادة ومعاقبة مرتكبيها، سواء كانوا حكاماً أو موظفين عامين."
ورغم ذلك، تستمر إسرائيل في قصف المدارس، وتدمير المخابز، وقصف المستشفيات، بما يمثل انتهاكًا صارخًا لاتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949، وخاصة الاتفاقية الرابعة الخاصة بحماية المدنيين وقت الحرب.
ثالثًا: الإفلات من العقاب وازدواجية المعايير
الرئيس عباس لم يسمِّ داعمي إسرائيل بشكل مباشر، لكنه أشار ضمناً في خطابه إلى:
"قوى كبرى تُمعن في الانحياز، تمنع عنّا العدالة، وتسلّح من يقتلنا."
ويأتي ذلك في ظل تزويد إسرائيل بالسلاح والذخائر من دول مثل الولايات المتحدة، رغم تحذيرات خبراء حقوق الإنسان بأن:
"أي دولة تواصل تصدير السلاح لإسرائيل تُعتبر شريكًا قانونيًا محتملاً في ارتكاب جرائم حرب." (بحسب آراء خبراء الأمم المتحدة في مارس 2024).
بل إن التقارير تؤكد أن:
إسرائيل أسقطت في غزة أكثر من 70 ألف طن من المتفجرات.
معدل القتلى من الأطفال تجاوز 15 ألفًا، بحسب تقارير اليونيسف.
رابعًا: من يستجيب للنداء؟ الشعب وحده في الميدان
خطاب "اللهم أغثنا" حمّل الجميع المسؤولية، من الحكومات العربية والإسلامية إلى المجتمع الدولي، وفي ذلك قال الرئيس:
"نحن لا نطلب سلاحاً، بل نطلب أن يُسمح لنا بإدخال الطحين، أن نُنقذ طفلًا من الموت جوعًا، هذا كل ما نريد."
وهذا الخطاب يذكّرنا بالحق الإنساني الأساسي المنصوص عليه في:
المادة 11 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية:
"لكل فرد حق في مستوى معيشي كافٍ له ولأسرته، يشمل الغذاء، والملبس، والمسكن..."
ولكن، حين تُمنع شاحنات الإغاثة من الوصول، وتُستهدف طواقم الإسعاف، ويُفرض التجويع كسلاح، فإننا أمام نظام دولي فقد شرعيته الأخلاقية بالكامل.
ونختم بالقول حين تسقط العدالة، وتبقى الكلمة سلاحًا
في ظل هذا الواقع القاتم، لا تُصبح الكلمات ترفًا بل وسيلة بقاء. خطاب "اللهم أغثنا" هو بيان سياسي وإنساني، يُدين الصمت، ويُحاكم العالم، ويُذكّر الشعوب بأن شعب فلسطين لم يعد يطلب نصراً، بل إغاثة من المجاعة.
إننا اليوم في لحظة سقوط كبرى للعدالة، حيث يتحوّل مجلس الأمن إلى منصة للعجز، والمحاكم الدولية إلى أوراق مؤجلة، وتُصبح القوة لا القانون هي التي تكتب المصير.
لكن هذا الصوت، مهما كان محاطًا بالركام، يبقى شاهدًا على أن الحق لا يموت، وأن صرخة واحدة من تحت الرماد قد تفضح ألف مجرم على منصة القرار.



#علي_ابوحبله (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قرار الكنيست بضم الضفة والأغوار: خطوة نحو الأبرتهايد الكامل ...
- التصدي الفلسطيني لقرار الكنيست الإسرائيلي بضم الضفة الغربية: ...
- **السلام المستدام في الشرق الأوسط: نحو عيش مشترك وإنهاء الصر ...
- هل نعيد فتح باب التاريخ؟ دعوة إلى الإسرائيليين لصناعة سلام ي ...
- غزة… وصمة عار في جبين الإنسانية المفقودة
- دلالات تصريحات السفير الأميركي: بين المخاوف الأميركية وانفلا ...
- سلاح المخيمات الفلسطينية في لبنان: صراع الأجنحة، المخاطر الم ...
- السويداء… كابوس سوري في قلب مخطط لتفتيت المنطقة: أين العرب؟
- إلى: فخامة الرئيس دونالد جيه. ترمب
- قلب الطاولة على مشروع الاحتلال دفاعًا عن الحقوق والسيادة
- نوبل للسلام للشجاعة: فرانشيسكا ألبانيز وفضح نفاق المجتمع الد ...
- 📰 دعوة لتحرك عربي عاجل وحوار وطني سوري قبل سقوط سوري ...
- سوريا أمام مفترق طرق: مخاطر التطرف والتفتيت تهدد استقرار الش ...
- أزمة معبر الكرامة: الاحتلال الإسرائيلي يحوّل المعبر إلى أداة ...
- سياسة البنوك الفلسطينية وتداعياتها على التجار والحركة التجار ...
- إسرائيل كقوة احتلال: المسؤولية القانونية عن الحرب على غزة وا ...
- تصريحات أولمرت : اعتراف من قلب المؤسسة الإسرائيلية بجرائم ال ...
- أزمة مالية خانقة تتطلب مقاربة شاملة ودورًا دوليًا فاعلًا
- دولة رئيس الوزراء الأردني الأكرم حفظه الله،
- نتنياهو في واشنطن: إخفاق سياسي يعيد سيناريوهات الماضي وخيارا ...


المزيد.....




- شاهد كيف يخاطر الفلسطينيون بحياتهم في بحر غزة لإطعام عائلاته ...
- محادثات إسطنبول: هل تكسر أوروبا الجمود النووي مع إيران؟
- زيلينسكي: أوكرانيا تخوض قتالا عنيفا حول مدينة بوكروفسك
- هل تصنع سيدات المغرب التاريخ بأول لقب أفريقي، أم تحقق النيجي ...
- -سفير مزيف لدولة وهمية خدع العاطلين- يقع في قبضة الشرطة الهن ...
- قيادي في -حماس- يكشف لـCNN ما دار في مفاوضات وقف إطلاق النار ...
- بالرغم من الخطر وانهيار البنى التحتية، أكثر من مليون لاجىء س ...
- كيف تحوّل الدم إلى عبء مالي في زيمبابوي؟
- حماس: لم نبلّغ بأي إشكال بشأن المفاوضات..ونستغرب تصريح ترامب ...
- محادثات إيران والترويكا الأوروبية..هل تسعى طهران لكسب الوقت؟ ...


المزيد.....

- ثلاثة وخمسين عاما على استشهاد الأديب المبدع والقائد المفكر غ ... / غازي الصوراني
- 1918-1948واقع الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين خلال فترة الانت ... / كمال احمد هماش
- في ذكرى الرحيل.. بأقلام من الجبهة الديمقراطية / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / محمود خلف
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / فتحي الكليب
- سيناريوهات إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان -دراسة استشرافية ... / سمير أبو مدللة
- تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل / غازي الصوراني
- حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية / فتحي كليب و محمود خلف
- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - علي ابوحبله - -اللهم أغثنا-... صرخة من تحت الركام: حين تسقط العدالة وتعلو لغة القوة