رحمة يوسف يونس
الحوار المتمدن-العدد: 8410 - 2025 / 7 / 21 - 01:27
المحور:
قضايا ثقافية
من المعروف أن الحسد أول إثم ارتكبه بنو آدم بعد هبوط أبيهم من الجنة، وهو ما دفع قابيل لقتل هابيل حين تقبل الله تعالى قربان هابيل ورفض قربانه. الحسد حقيقة أكدها القرآن، ويؤكدها الواقع، إلا أن المفهوم الشائع للحسد تحول إلى سوء ظن بالآخرين داخل المجتمع الواحد، بل والعائلة الواحدة، فصار يتوجس الناس بعضهم من بعض، ويخفي البعض أخباره السعيدة خشية العين، أو يتهم ضيفه عند وقوع أي مصيبة بعد رحيله.
هذه السلوكيات تناقض القرآن، فهو يدعونا إلى حسن الظن بالآخرين وبناء مجتمع متماسك، ويحذرنا من الحسد عندما تتحول المشاعر السلبية إلى أفعال مؤذية، ففي قوله تعالى: "ومن شر حاسد إذا حسد" المقصود بالحاسد الحقيقي هو من يبغض نعمة الآخرين ويتمنى زوالها، ويترجم مشاعر حسده إلى أفعال ضارة، كمنع الخير أو إلحاق أذى أو اغتيال المحسود معنويًا بالإساءة إلى سمعته، أو اغتياله حقيقة ربما.
رغم هذا الايمان الشائع بالحسد، ومحاولة تجنبه بأي وسيلة حتى لو أدى ذلك إلى قطع العلاقات بالآخرين، لا يفكر هؤلاء المؤمنون بضرره على مستوى أوسع من المستوى الشخصي، فالحسد لا يقتصر على الأفراد، بل يكون بين الأمم. أي نعم، فالدول يقودها أشخاص وهم بشر، وما تقوم به إسرائيل في غزة بدعم أمريكي هو دليل على حسد، إسرائيل تقتل وتستند إلى خرافة دينية لتبرر قتلها، ولكنها في الحقيقة تحسد كصاحبها قابيل. أمريكا وإسرائيل تحسدان فلسطين والدول العربية على موقعها الجغرافي وثرواتها. فإسرائيل تسعى لتحقيق حلم "إسرائيل الكبرى"، وتهدف أمريكا إلى مصالح اقتصادية، وكلاهما يستفيد من الأوضاع المتوترة في منطقتنا.
بحفاظنا على أرضنا، وتمسكنا بالقانون والعمل على تطبيقه، وباختيار حكام أكفاء ونزيهين، ونشر ثقافة المسؤولية الوطنية لكل فرد حسب موقعه ودوره، وسعينا نحو التقدم لبناء دولة قوية اقتصادياً وعسكرياً، يمكننا أن نحمي وطننا من الحسد، ونستعيذ بالله من عين أمريكا وإسرائيل.
#رحمة_يوسف_يونس (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟