أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزالدين مبارك - بورقيبة رئيسا مدى الحياة والمماة















المزيد.....

بورقيبة رئيسا مدى الحياة والمماة


عزالدين مبارك

الحوار المتمدن-العدد: 8409 - 2025 / 7 / 20 - 04:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عاش بورقيبة بالطول والعرض تقريبا على مدى القرن العشرين بالكامل من بدايته إلى نهايته وقد كان وحيد القرن لم ينازعه على زعامة تونس أي سياسي آخر حتى بعد وفاته. دخل بورقيبة بعد الدراسة بتونس في عهد الإستعمار الفرنسي وتفوقه في الحصول على شهادة البكالوريا مما أهله رغم ظروف عائلته الصعبة ماليا بالإلتحاق بجامعة السوربون لدراسة الحقوق والعلوم السياسية ثم بعد حصوله على شهادة الدراسات العليا عاد للبلاد والتحق بسلك المحاماة وبسرعة جذبته السياسة والدفاع عن مصالح البلاد فأسس الحزب الحر الدستوري الجديد على أنقاض الحزب الحر الدستوري التونسي الذي فقد فاعليته في مقاومة المستعمر الجاثم على البلاد بتواطئ من البايات الحسينيين العثمانيين والذين يتمتعون بسلطة صورية في ظل الحماية الفرنسية.فاستعمل بورقيبة بفطنة ودهاء وحنكة منقطعة النظير آلة الحزب لتوحيد الصفوف وجمع المناضلين ونشر الوعي فيهم من أجل الدخول في صراع مسلح ضد المستعمر مما ألب عليه المقيم العام الحاكم الفعلي للبلاد فأصبح بورقيبة مطاردا ومتابعا وعرضة للتتبعات القضائية ورهين العديد من السجون في الداخل والخارج ونتيجة لذلك دخلت البلاد في مرحلة ثورية دموية انتهت بعودة بورقيبة للبلاد والدخول في مفاوضات مع المستعمر وقع على إثرها حصول البلاد على استقلالها التام. وتبعا لأن بورقيبة كان له دور نضالي بارز وفعال في عملية الإستقلال فقد اختاره جميع المناضلين ليكون أول رئيس للجمهورية التونسية ليبدأ مع رفاقه مرحلة جديدة من البناء والتشييد وقد سماها بورقيبة بالجهاد الأكبر بعد مرحلة النضال ضد المستعمر الموصوفة بالنضال الأصغر. وقد طال أمد حكم بورقيبة واشتد عليه المرض ومرور البلاد بصراعات بين أجنحة الحكم لخلافة الرجل الهرم الطاعن في السن في ظل محيط دولي مضطرب وتغيرات فكرية وأيديولوجية لدى الشباب المتعلم نتيجة تطور مستوى التمدرس وانتشار الفقر لضعف الموارد المالية ودخول البلاد في أزمات متتالية مع الجار الليبي زمن القذافي والصراع مع الإتحاد العام التونسي للشغل الباحث عن استقلاليته بعد أن كان طرفا أصيلا في السياسة الإقتصادية والإجتماعية للدولة وقد زاد الطين بلة تجذر الفكر اليساري في الجامعة التونسية نتيجة تأثير التيارات الفكرية الوافدة خاصة من فرنسا مقابل انتشار الفكر الديني السلفي القادم من الشرق كنتيجة للطفرة المالية التي صنعها الريع النفطي الخليجي وبناء المساجد ودور العبادة حتى غدت تتفوق بكثير عن عدد المدارس والمعاهد والجامعات.وقد نتج عن هذا التطور المجتمعي والفكري في ظل تراخي قبضة الدولة الأمنية كنتيجة للصراع على السلطة بين رفاق بورقيبة الذي تراخت قبضته ولم يعد أمره مطاعا وحاسما في الفصل فاشتدت الصراعات والمؤامرات والمحاكمات القاسية ففر من فر وسجن من سجن وأعدم من أعدم وانسحب الكثير من الرفاق من حوله حتى زوجته وسيلة تخلت عنه بعد أن أصبح عنيدا ولا يسمع منها حتى وصل به الأمر بطلاقها وهما في أرذل العمر. وفي الأخير وبعد تغول المد الإخواني أتى بالجنرال بن علي ليكون عكازا وعصى يضرب بها المتمردين على زعامته مثلما يضرب الراعي شياهه المنفلتة فاغتنم بن على الفرصة وانقلب على بورقيبة في غفلة من الإسلاميين الطامحين للسلطة والجميع وأزاحه من الحكم وحرمه من الموت وهو على سدة الرئاسة ولم يسعفه بإطلالة ولو قصيرة على القرن الواحد والعشرين ليكون زعيما مخضرما عاش في قرنين متتاليين. ومن مكر التاريخ أن أخذ ساكن قصر قرطاج الجديد الذي قام بانقلاب طبي أبيض على الزعيم بورقيبة والقليل من أدباشه إلى منفاه الداخلي الأخير ليعود سجينا لا تزوره حتى الطيور والفراشات والكلاب السائبة وربما دار بخلده ما فعله بالأمين باي ذات يوم نحس. وتدور الأيام والتاريخ لا ينسى مكره وتقلباته العجيبة حتى يأتي غراب ما يسمى بالربيع العربي ناعقا هول الفجيعة وتغير الأحوال فيعود الإخوان المسلمون إلى المشهد من جديد وتحدث جلبة وقع إخراجها بطريقة جهنمية قل نظيرها من قبل مخابرات دول نافذة على الصعيد الدولي جعلت بن علي يخاف على نفسه وعلى عائلته ليذهب إلى المنفى دون ضجيج وكأن اتفاقا وقع معه لترك البلاد نحو تقاعد مريح وخالص الأجر والإقامة في قصر فخم. وبما أن إرث بورقيبة ظل بعد وفاته قائما ومتجذرا وسيظل كذلك لزمن طويل ومازال رئيسا مدى الحياة والمماة فقد تسلم الرئاسة الوقتية أحد وزرائه فؤاد المبزع الذي استنجد بالسياسي المخضرم الداهية الباجي قايد السبسي صاحب الوزارات المتعددة في زمن بورقيبة والذي حرم في عهده من الوصول إلى منصب الوزير الأول الذي منحه له الرئيس المؤقت المبزع على طبق به سم وقد تمكن بحكم دهائه وخبرته من تجاوز كل المطبات وقام بتبريد الحراك الإجتماعي الشديد الإلتهاب في تلك الفترة الصعبة.وقد تمكن البجبوج كما يسميه أنصاره من تكوين حزب على عجل مكنه من الوصول لمنصب رئاسة الجمهورية وهو على أعتاب الثمانين. وقد توفي في أواخر فترة رئاسته الأولى فجاء من بعده الرئيس قيس سعيد لسدة الحكم مدفوعا بشعبية جماهيرية طاغية لكن النظام السياسي البرلماني الذي تحكم من خلاله البلاد عن طريق رئيس البرلمان القادم من الأغلبية التابعة لحزب النهضة الإسلامي المدعوم من قطر وتركيا والأمريكان لم يمكنه من القيام بالإصلاحات الضورية لإنقاذ البلاد من المشاكل الإقتصادية والإجتماعية التي تردت فيها.وعندما شعر المواطنون بانسداد الأفق وغياب تحسن الأحوال وانتشار الفوضى والصراعات الهدامة قاموا بهبة شعيبة ضد الحزب الحاكم ورموزه مما حفز الرئيس إلى اقتناص الفرصة وتلبية دعوة الشعب المنتفض وحل البرلمان الذي مثل حجر عثرة أمام أي إصلاحات حقيقية تتقدم بالبلاد إلى البلاد وقد تحول إلى سيرك وعبث وهكذا عادت البلاد إلى ثوابتها البورقيبية وهي دولة ذات سيادة ذات بعد اجتماعي إنساني في خدمة الشعب والمواطن دولة قانون معتمدة على ذكاء وخبرة أبنائها وتنمية ثروتها ومواردها منفتحة على العالم الخارجي وخاصة محيطها العربي والإسلامي وهكذا يعود الفكر البورقيبي من خلال منجزات الرئيس قيس سعيد وتبعا لذلك يظل بورقيبا زعيما مدى الحياة وبعد المماة.ومما يدل على أن فكر بورقيبة مازال حيا ومتواصلا هو تبوأ إمرأتان في ظرف وجيز ولأول مرة في تونس وفي العالم العربي وربما في الكثير من الدول الغربية سدة رئاسة الحكومة وهذا ما لم يقم به بورقيبة في عصره وهو محرر المرأة بامتياز وقام بذلك الرئيس قيس سعيد كإبن من أبناء الزعيم البررة تخليدا لفكره وتحقيقا لأمنية كان بورقيبة يود تحقيقها لكن مكر التاريخ لم يسعفه القيام بذلك.



#عزالدين_مبارك (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل ستتغير الحدود والجغرافيا في الشرق الأوسط؟
- النصوص الدينية ادعاء بالباطل وتحدي للمعرفة الكلية للإله
- الغرب هو أساس مآسي العالم الحديث وبؤسه
- نهاية النظام العربي
- المتطرفون وإله الشر
- العرب ودين الذكاء الإصطناعي
- هل تتحول الورطة الإسرائيلية في إيران إلى ورطة أمريكية؟
- لهذه المعطيات ستنتصر إيران على إسرائيل
- الحرب بين إيران وإسرائيل هو صراع على زعامة المنطقة العربية
- إيران كقوة نووية في المنطقة
- إيران حصان الغرب لابتزاز العرب
- القافلة السياسية الإخوانية استعراض للخيبة والإفلاس والعجز ال ...
- الشرع وحلم الخلافة الإسلامية
- الدفاع عن الإله القادر كفر وتحايل بشري
- المواقف المتباعدة بين روسيا وأوكرانيا تؤدي لتجميد الصراع لا ...
- أيها الفقراء لا تنجبوا أطفالا يستغلهم الغير
- التمعش من ريع مواقع التواصل الإجتماعي
- الإسلام السياسي نفي للديمقراطية
- الإستثمار في العقائد
- سلطة الأمر الواقع في سورية ورفع العقوبات الدولية


المزيد.....




- ظبي بأنف غريب.. ما حكاية السايغا الذي نجا بأعجوبة من الانقرا ...
- مصدر إسرائيلي يكشف لـCNN تطورات مفاوضات وقف إطلاق النار في غ ...
- حسام أبو صفية لمحاميته: هل ما زال أحد يذكرني؟
- -إكس- و-واتساب- في قلب جدل جديد: تحقيق يرصد حسابات يمنية ترو ...
- الوحدة الشعبية: استهداف سورية العربية حلقة لاستكمال مشروع ال ...
- مبادرة -صنع في ألمانيا-: أكثر من 60 شركة ألمانية تتعهد باستث ...
- لماذا لم تكشف بغداد عن هوية المتورطين بهجمات المسيرات؟
- بدء خروج العائلات المحتجزة من السويداء -حتى ضمان عودتها-
- عاجل| وسائل إعلام إسرائيلية: سلاح الجو يهاجم أهدافا للحوثيين ...
- شاهد.. مطاردة مثيرة وثقتها كاميرا من داخل دورية الشرطة تعبر ...


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزالدين مبارك - بورقيبة رئيسا مدى الحياة والمماة