رحمة يوسف يونس
الحوار المتمدن-العدد: 8409 - 2025 / 7 / 20 - 00:56
المحور:
الادب والفن
لا أخفيكم سرًا أنني صرت أحن إلى أن أقرأ نصوصًا فيها أخطاء لغوية! إي نعم، أنا أحن إلى أن أقرأ نصًا يُكتَب فيه الهاء بدل التاء، والضاد بدل الظاء، وفيه أخطاء مطبعية أيضًا😅.
فالمثالية التي باتت تشيع اليوم في كتابة النصوص، من الدقة في النحو والصرف والبلاغة نتيجة الاعتماد على آلة ذكية، أفقدتني متعة الاطلاع على أساليب متنوعة، فأنا لا أكتفي بقراءة الفكرة بتقنية كتابية صحيحة، أنا اقرأ لكي أستمتع أيضًا. وقد أمل من قراءة فكرة لدى كاتب، وأقرأها نفسها لدى كاتب آخر دون ملل، بل ربما أعيد قراءتها، والسر في ذلك الأسلوب.
صحيح أنه ليس من العار الاستعانة بالذكاء بالاصطناعي كما يقول المهتمون بهذا المجال، إذ هو أداة متطورة لا بد من تعلمها والاستعانة بها كوننا أبناء هذا العصر، وأن الذكاء الاصطناعي لا يفكر ولا يكتب إن لم نمده بالأفكار نحن، إلا أن هذا الاعتماد الكلي عليه في طريقة التعبير تفقدنا تنوع الأساليب. فأن نقرأ الأفكار - حتى لو تنوعت - بأسلوب واحد وهو أسلوب الآلة، هذا يدعو إلى الملل والنفور. الأسلوب الآلي معروف ولا يخفى على مستخدم الذكاء الاصطناعي، وهو أسلوب مستهلَك مهما كانت كلماته بليغة وفصيحة.
"الأسلوب هو الرجل" عبارة معروفة في فن الكتابة والأدب، وتعني طريقة تعبير الكاتب عن أفكاره ومشاعره، فأسلوبه يعكس شخصيته وهويته في نصوصه، ويسكب به روحه على الورق.
أذكر صديقة مقربة مني أهديتها نسخة من كتابي، بعدها أخبرتني عن انطباعها عن الكتاب، قالت لي عبارة اختصرت بها الكتاب : " كتابكِ كله أنتِ، مثلما أعرفكِ تمامًا ".
الأفكار وحدها ليس ما يميز الكاتب، وبإمكان أي كاتب أن يشترك مع غيره من الكُتاب في عرض الفكرة بتقنيات الكتابة وقواعد اللغة، لكنه يتفرد بأسلوبه. الأسلوب لا يُقلَد، ولا يُستنسَخ، ولا يُسرَق، الأسلوب ليس تقنيات كتابة وزخرفة لفظية وتكلف وتصنع، الأسلوب هو الإنسان.
#رحمة_يوسف_يونس (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟