أسامة خليفة
الحوار المتمدن-العدد: 8408 - 2025 / 7 / 19 - 15:43
المحور:
القضية الفلسطينية
كاتب فلسطيني
في المفاوضات الجارية في الدوحة للتوصل إلى اتفاق إطار لإنهاء الحرب وتبادل أسرى، أصرت إسرائيل على خريطة للانسحاب تبقي 40% من القطاع تحت سيطرتها العسكرية، وهو ما رفضته حركة حماس، واعتبرته إعادة انتشار وإعادة تموضع للجيش الإسرائيلي فحسب، وليس انسحاباً، وقال مسؤول في حركة حماس في تصريح: إن موقف إسرائيل من إعادة الانتشار هو العقبة الحقيقية في المفاوضات، تعثرت مفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى وواجهت عراقيل، تبين خريطة الانسحاب التي قدمتها إسرائيل لحركة حماس أنها تريد إبقاء قواتها العسكرية في مناطق هامة وواسعة من مساحة قطاع غزة، بإبقاء السيطرة على محور فيلادلفيا أي منطقة الشريط الحدودي بين قطاع غزة ومصر بطول 13 كيلومتراً بالإضافة إلى محور موراج الذي يفصل بين خان يونس ورفح ويعزل الثانية عن باقي مناطق القطاع، كما تريد إسرائيل أيضاً إبقاء السيطرة على معظم أراضي بلدة بيت حانون في شمال القطاع، وإبقاء مواقع ونقاط عسكرية في منطقة فاصلة على امتداد المناطق الشرقية لقطاع غزة بعمق ما بين 1200 الى 3000 متراً. تهدف خريطة الانسحاب هذه إلى بناء معسكر اعتقال كبير في رفح يسميه جيش الاحتلال «المدينة الإنسانية» تُحشر فيها مئات الآلاف من النازحين في منطقة ملاصقة للحدود مع مصر، تمهيداً لتنفيذ تهجير المواطنين إلى مصر أو بلدان أخرى، وقد رفضت حركة حماس هذا المخطط الذي يجعل قطاع غزة مقطع الأوصال، كما هو حال الضفة الغربية، ولن يقبل وفد حماس المفاوض الخرائط الإسرائيلية للانتشار العسكري المقدمة لأن قبولها بمثابة اعتراف بشرعية احتلال ما يقارب حوالي نصف مساحة القطاع، وجعل جزء من قطاع غزة منطقة محاصرة معزولة كمعسكر نازي، الداخل إليه يُفتش ويمنع من الخروج، وقد تتحول «المدينة الإنسانية» إلى مصيدة للقتل كما هي مراكز توزيع المساعدات الغذائية الأميركية.
طالبت حركة حماس بشروط معينة لانسحاب إسرائيل، حيث قال مسؤول مطلع إن حماس طالبت بانسحاب القوات الإسرائيلية من كافة المناطق التي تم إعادة السيطرة الإسرائيلية عليها بعد انهيار هدنة استمرت لشهرين في 2 آذار/مارس الماضي. وطالبت بضمانات بعدم استئناف القتال خلال المفاوضات، وعودة نظام توزيع المساعدات عبر منظمات الأمم المتحدة.
أبدت حركة حماس مرونة معينة، في مطلبها السابق بالانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من القطاع، والذي تمسكت به خلال مراحل التفاوض، وتشير المعلومات إلى أن حماس وافقت على توسيع منطقة العازل الحدودي مع إسرائيل، حيث تطالب إسرائيل بمنطقة عازلة تتراوح بين 2 و3 كيلومترات في منطقة رفح، وبين 1 و2 كيلومتر في باقي المناطق الحدودية مع القطاع.
وأوضح مسؤول في الحركة: «نحن ملتزمون بانسحاب جزئي بناء على خرائط 19 كانون الأول/يناير 2025 مع تعديلات طفيفة»، وأشار إلى أن الوسطاء القطريين والمصريين طلبوا من الطرفين تأجيل التفاوض حول الانسحاب إلى حين وصول المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف للدوحة، موضحاً: تعهد الوسطاء مواصلة العمل لجسر الهوة وتقريب وجهات النظر من أجل التوصل إلى اتفاق.
كذلك طلبت الولايات المتحدة من حماس تأجيل مناقشة مسألة حجم انسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة إلى نهاية المفاوضات، والانتقال إلى بحث قضايا أخرى مثل قائمة الأسرى الذين سيتم الإفراج عنهم ضمن الصفقة، ومسألة توزيع المساعدات الإنسانية، في محاولة لمنع انهيار مفاوضات صفقة تبادل الأسرى، وبحسب المقترح الأميركي، يعود الطرفان لمناقشة مسألة حجم انسحاب الجيش الإسرائيلي من القطاع فقط بعد التوصل إلى تفاهمات نهائية حول جميع القضايا الأخرى.
تعثرت المفاوضات، ولم تنهار، تعثرت ولا يزال الفريق التفاوضي الإسرائيلي في الدوحة، وأوضح المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري أن هناك «انخراطاً إيجابياً»، وأن استمرار وجود فريقي التفاوض في العاصمة القطرية «دائما ما يكون مؤشراً جيداً ».
بما يعني أن المحادثات في الدوحة مستمرة، ويؤكد فريق التفاوض الإسرائيلي أنه يعمل مع الوسطاء المصريين والقطريين، وعلى اتصال دائم مع رئيس الوزراء ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، وأكد ماجد الأنصاري استمرار المناقشات، والسؤال: هل يتحول التفاوض لأجل التفاوض بعد الجولة الأخيرة التي دامت 14 يوماً.
رغم تعثر المفاوضات يعلن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو ليس فقط أن المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف متفائل، بل الولايات المتحدة متفائلة بشأن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة. وقال في قمة رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) في ماليزيا: « أعتقد أننا أقرب، وربما أقرب مما كنا عليه منذ فترة طويلة ».
ومصدر تفاؤل وتكوف نابع من أنه تم حل ثلاث من أصل أربع نقاط عالقة خلال أيام من المحادثات غير المباشرة في الدوحة. مما جعله يأمل في قرب التوصل إلى اتفاق خلال أيام، وأوضح: أنه يعمل على تقليص الخلافات في مفاوضات غزة ومع الوقت يتحقق ذلك، لكن المبعوث الأميركي، قرر تأجيل رحلته التي كانت مقررة إلى العاصمة القطرية الدوحة، حيث تجري محادثات، وقال الأنصاري في مؤتمر صحافي بالدوحة رداً على سؤال حيال إمكانية التوصل إلى اتفاق «لا أعتقد أن بإمكاني تحديد إطار زمني في الوقت الحالي، لكن يمكنني القول إن الأمر سيستغرق وقتاً». وكان من المفترض أن يتوجه المبعوث الأميركي ويتكوف إلى قطر، لكنه أجّل زيارته في إشارة إلى أن الاتفاق لم يصبح جاهزاً بعد، وأبلغ ويتكوف الوسطاء أنه لا يزال يخطط لزيارة الدوحة للمساعدة في إتمام الصفقة، ثم أعلن أنه سيصل إلى الدوحة في الأسبوع القادم للإعلان عن الهدنة، فهل يؤجل هذه الخطوة مرة أخرى لإعطاء إسرائيل مزيداً من الوقت للضغط العسكري على المفاوض الفلسطيني من خلال حرب إبادة جماعية والمجازر الرهيبة التي تحصد يومياً ما يقارب من مئة ضحية؟. ويقدر البعض بوفاة 400 فلسطيني يومياً لأسباب مختلفة نتيجة الحصار والجوع والمرض وعدم توفر العلاج والدواء، ويؤكد نتنياهو دعم ترامب له بقوله: «أعربت للرئيس ترامب كذلك عن تقدير مواطني إسرائيل لدعمهم لنا، وللإجراء الحازم الذي اتخذه، وللجهد المشترك الذي نبذله اليوم لتحقيق مستقبل عظيم للشرق الأوسط ومستقبل عظيم لدولة إسرائيل». وعلى أي أساس يستندون في تفاؤلهم المزعوم وفي كل تصريح يؤكد نتنياهو استمرار حرب الإبادة: «لن نتراجع ولو للحظة، ومن الممكن تحرير الرهائن بفضل الضغط العسكري لجنودنا البواسل».
وتزامن بدء المحادثات الأخيرة في قطر مع زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى الولايات المتحدة. وفي وقت سابق، وصل وفد قطري إلى البيت الأبيض وأجرى محادثات استمرت عدة ساعات مع كبار المسؤولين، ربما بسبب أن الوفد المفاوض الإسرائيلي ليس لديه إجابات، ولا يملك صلاحيات.
والتقى نتنياهو ترامب للمرة الثانية خلال أقل من 24 ساعة، يوم الثلاثاء 8/7، في اجتماع استمر 90 دقيقة في البيت الأبيض، من دون الكشف عن أي تفاصيل. لكنه قال إن محادثاته مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب انصبت على «تحرير الرهائن» المحتجزين في قطاع غزة، وقال عن المفاوضات: بإن «رد حماس على مسودة اقتراح وقف إطلاق النار المدعومة من الولايات المتحدة، والتي نُقلت عبر وسطاء، تضمنت مطالب غير مقبولة».
وتبادل الطرفان الاتهامات عن المسؤولية في تعثر المفاوضات، وعدم التوصل إلى اتفاق لوقف القتال، وتبادل الأسرى، ادعت إسرائيل أنها قبلت مقترحاً قطرياً لوقف إطلاق النار في غزة في حين قوبل برفض من حركة حماس ولو أنها قبلته لأمكن التوصل لاتفاق. وقال مصدر اسرائيلي: «إن حماس تثير الصعوبات من أجل تخريب المفاوضات ولا تسمح بإحراز تقدم، بينما أظهر الوفد الإسرائيلي مرونة».
في المفاوضات الجارية منذ 6/7 تتلاعب إسرائيل بمسألة المحاور، للمساومة عليها وتظهر مرونة غير حقيقية، حين تقدم خريطة تتضمن محوراً جديداً يقسم خان يونس من المنتصف يمكنها من السيطرة على بني سهيلة وعبسان وقرارة وغيرها، وتقترح التنازل عن البقاء في بيت حانون شمال غزة مقابل البقاء في محور فيلادلفيا. بينما صرح أبو عبيدة: إن المقاومة ترقب ما يجري من مفاوضات وتأمل أن تسفر عن صفقة تضمن وقف حرب الإبادة وانسحاب الاحتلال وإغاثة أهل غزة، ولكن «إذا تعنت العدو بجولة المفاوضات فلن نضمن العودة مجددا لصيغة الصفقات الجزئية ولا لمقترح الأسرى الـ10».
#أسامة_خليفة (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟