أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - محمود عباس - سوريا تُذبح بهوية واحدة، حين تُقصى المكونات ويُفرض الكفر باسم الدولة














المزيد.....

سوريا تُذبح بهوية واحدة، حين تُقصى المكونات ويُفرض الكفر باسم الدولة


محمود عباس

الحوار المتمدن-العدد: 8406 - 2025 / 7 / 17 - 00:22
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


القتل بالتكفير، الدروز، والعلويون، والإيزيديون، والمسيحيون، والكورد سابقا وربما لاحقا، جميعهم ضحايا الجمهورية الظلامية الجديدة.
لم تنتصر الوطنية في سوريا يومًا، كل من دخل دمشق عبر تاريخها الحديث، دخلها بوجهٍ واحد وإن تعددت الأقنعة، وبعنصريةٍ واحدة وإن اختلفت اللهجات، كلماتهم المبتذلة، وإهاناتهم الكارثية بحق الشعب، جاءت بصيغٍ عاميّة أو فصيحة، لكنها كانت دوماً تنهل من نبع الكراهية ذاته.
النظام السابق ابتذل مفاهيم المجتمع والوطن، وباع القيم بعدد القبور الجماعية. واليوم، تخرج حكومة الجولاني من رحم ذات المستنقع الآسن، لتتاجر بـ "الوطن الواحد" وتبتذل القيم والمذاهب، عبر قناعٍ سني أموي متطرف. توسعت لديهم دائرة التكفير، فلم تعد تقتصر على الانتماءات السياسية أو القومية، بل باتت تشمل المذاهب والأديان، ليُصبح كل من يخالفهم متّهماً بعدة وجوه، خائن، كافر، عميل.
هم اليوم يعملون على خياطة جسد الوطن السوري الممزق، بعد أن اقتطعوا منه الرقع العلوية والدرزية والكوردية من البعد القومي، وأزالوا المكونات المسيحية والعلوية والدرزية من الحضور الديني، والإيزيديين من الخريطة الروحية، وغيرهم من فسيفساء المجتمع السوري، تُلغى المكونات إما بتكفيرٍ صريح، أو بكراهية عنصرية مقيتة، أو بالإقصاء السياسي.
الجولاني بأوجهه المتعددة، يلبس ربطة العنق في قاعات تشرين الدبلوماسية، ويشد عمامته في مجالس التطرف، ويتعامل مع المنظمات التي تعبث بجغرافية سوريا، وهو يعلم أن خريطتها لا تحتمل هذا التمزيق، الجولاني مفقود في شوارع الساحل السوري، منسيّ في أزقة السويداء، لكنه مجبر على الحضور، ولو شكليًا، في قاعات الحوارات مع الحراك الكوردي والإدارة الذاتية.
سوريا لا تكون بدون الدروز والعلويين، وتنهار إذا غُيّب الشعب الكوردي عن تمثيله وحراكه الوطني، ولن تكون دولة تخدم أبناءها بوجود سلطة مركزية تفرض نفسها بالعنف والتكفير. المحافظات لم تعد إلا أسماء منزوعة المعنى، ومن يدّعي تمثيل "الحكومة السورية الانتقالية" فيها، يُرسل ليعدم ما تبقى من الوطن، في كل جهاته ومكوناته.
أعدموا العلويين، واليوم بدأوا إعدام الدروز معنويًا ودينيًا، ويتهمونهم بالخيانة والزندقة، كما اتُّهِم الإيزيديون والمسيحيون قبلهم، فخُطفت نساؤهم، واعتُقِل رجالهم، وسبقتهم الأكاذيب إلى ساحات الاتهام. كل من يرفض الراية السوداء وعلم الخلافة الوهمية، أصبح هدفًا للجماعات الإرهابية التي لا تزال تعبث بسوريا تحت شعارات مشوهة.
أمريكا بمبعوثها المتضارب التصريحات، وإسرائيل، رغم مشاريعهم المعلنة، لن ينجحوا في بناء سوريا جديدة إذا اعتمدوا على حكومة تمتص فكر الإسلام السياسي المتطرف، قتلة الأمس الذين ذبحوا الإيزيديين، وسبوا المسيحيين، يعيدون إنتاج أنفسهم اليوم، ويهيئون الأرضية لمحاربة الكورد تحت ذات الحجج الخبيثة التي ساقوها لتجريم العلويين والدروز، وكلما انكشفت الحقائق، برأوا أنفسهم وألقوا التهم على مجموعات "خارجة عن القانون" لا تنصاع للحكومة.

ما يحدث في السويداء اليوم هو رسالة دموية لقوات قسد، وللإدارة الذاتية، وللشعب الكوردي عامة، أن الثقة، إن وُجدت، كانت سرابًا، فالحكومة السورية الانتقالية، والجولاني، ومن يدور في فلكهم، يبيعون الأوهام ويشترون الصمت بسعر الخيانة.
نطالب قوات قسد بالدفاع عن مكونات شرق الفرات والمنطقة الكوردية، من عفرين إلى ديركا حمكو، وحتى منابع الفرات في العراق، فالجميع مستهدف، الكورد، العشائر العربية، السريان، الإيزيديون، كلهم متهمون بالتعاون مع أمريكا وقوى التحالف، كلهم إرهابيون في نظر تركيا، وهي عرابة الحكومة الانتقالية وأدواتها تمدهم بالأفكار وتلهمهم بمشاريع الإقصاء، إذن فليس الصراع مع الكورد وحدهم، بل مع كل من تبقى من وطنٍ لم يرضخ بعد للظلام.
لا مجال للحوارات بعد اليوم. فسوريا، المنهكة أصلاً، تنزلق بخطى مسرعة نحو حربٍ أهلية جديدة، أكثر وحشيةً وبشاعةً من كل ما سبقها، طالما بقي هذا النظام التكفيري الإرهابي يتسلّط على البلاد والعباد. وما نشهده في فيديوهات السويداء، وما سبقتها من مشاهد اللاذقية وطرطوس، ليست سوى نذرٍ أولى لعاصفةٍ سوداء تلوح في الأفق، تهدد ما تبقى من شظايا الوطن.
لا مخرج من هذا الجحيم إلا بالاعتراف الكامل بأن سوريا لن تُبنى من جديد إلا على أساس نظام فيدرالي لامركزي، يضمن الحقوق ويوقف نزيف الدم المتكرر.
من شبه المستحيل تصور قيام وطن تحت سطوة مجموعات تكفيرية، غارقة في مستنقعات الإرهاب والجهل والإجرام. هؤلاء لا يصنعون وطنًا، بل يُشيّدون المقابر، ويكتبون تاريخًا بلون الدم، وعقيدةً تُلغي الإنسان باسم الله.
سوريا، التي أنجبت أعظم الفلاسفة والشعراء والمفكرين، أنقى وأسمى من أن يُدنس ترابها هؤلاء الظلاميون، الجهلة، الحفاة عن الفكر، والعراة عن القيم.
د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
15/7/2025م



#محمود_عباس (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أردوغان بين انهيار الرهانات واعتراف مؤجل بالكورد
- حزب العمال الكوردستاني ما بين القداسة والعداء، جدلية أبعد من ...
- الكورد السريان هوية تتجذر لا تذوب - الجزء الثالث
- المبعوث الأمريكي الذي ضلّ الطريق
- أوجلان كما لا يراه أنصاره وخصومه، خطابٌ بين الكاريزما والواق ...
- مشهدٌ يتجاوز رمزيته ما بين إلقاء السلاح وولادة مرحلة جديدة
- توماس باراك يجمّل وجه السلطة المركزية ويزوّر حقيقة التحالف ا ...
- توماس باراك يجمّل وجه السلطة المركزية ويزوّر حقيقة التحالف ا ...
- توماس باراك وسرّ الشرق الأوسط المؤجّل 2/2
- توماس باراك وسرّ الشرق الأوسط المؤجّل 1/2
- الكورد السريان هوية تتجذر لا تذوب - الجزء الثاني
- الكورد السريان هوية تتجذر لا تذوب - الجزء الأول
- تغيير الشعار لا يغيّر القبح بل يعمّق جذور الإقصاء
- يالچين كوچوك مفكر النظام التركي العميق في ثوب ماركسي ممزّق
- سطوة التاريخ وازدواج الهيمنة في قلب الشرق
- منابر العار تهاجم مظلوم عبدي، حين يرتجف الحقد أمام الشرف
- لو أصاب القناص ترامب هل كانت أمريكا ستغزو العالم بالذكاء وال ...
- تضخيم قصف إيران يكشف صراع الاستراتيجيات بين ترامب والدولة ال ...
- تضخيم قصف إيران يكشف صراع الاستراتيجيات بين ترامب والدولة ال ...
- تضخيم قصف إيران صراع الاستراتيجيات بين ترامب والدولة العميقة ...


المزيد.....




- بالقانون.. هل يستطيع ترامب سحب الجنسية من إيلون ماسك وزهران ...
- فيديو منسوب لولي عهد السعودية حول -إرسال أسلحة ثقيلة إلى سور ...
- بقيمة 600 ألف دولار.. إسرائيل تعلن أنها بصدد إرسال مساعدات إ ...
- شحنات الأسلحة مستمرة إلى اليمن ولبنان.. إيران تعزز قوة الحوث ...
- فيديو- دروز الجولان ينتظرون أخبارًا من السويداء خلف السياج ا ...
- بودابست تستذكر الذكرى 67 لثورة 14 تموز
- إسرائيل تبدي استعدادا لإعادة رسم خرائط الانتشار العسكري في ق ...
- إقبال ضعيف بانتخابات توغو المحلية وسط توتر سياسي متصاعد
- إيران ترفض تلويح الأوروبيين بإعادة فرض العقوبات وتصفه بـ-غير ...
- لماذا تأخر تشكيل -حكومة الأمل- في السودان؟


المزيد.....

- اشتراكيون ديموقراطيون ام ماركسيون / سعيد العليمى
- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - محمود عباس - سوريا تُذبح بهوية واحدة، حين تُقصى المكونات ويُفرض الكفر باسم الدولة