احمد موكرياني
الحوار المتمدن-العدد: 8402 - 2025 / 7 / 13 - 22:47
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
أُطلق اسم "اليمن السعيد" على اليمن منذ العصور القديمة وكان يُعرف باسم: "Arabia Felix" باللغة اللاتينية، أي "العربية السعيدة". أطلقه الإغريق والرومان تعبيرًا عن غِنى المنطقة الزراعي والتجاري مقارنةً ببقية الجزيرة العربية القاحلة.
اليمن بلد ذو عمق حضاري يعود إلى آلاف السنين، ويُعتبر من أقدم مراكز الحضارة في شبه الجزيرة العربية، بالإضافة إلى صهاريج عدن وناطحات السحاب الطينية في حضرموت، فإن هناك العديد من الآثار والمظاهر الحضارية الأخرى التي تُميز اليمن وتؤكد مكانته التاريخية ومنها:
• معبد أوام معبد بلقيس في مأرب، أحد أقدم المعابد في جنوب الجزيرة.
• عرش بلقيس: بقايا قصر الملكة بلقيس في مأرب.
• معبد نقش النبيذ في الجوف.
• بقايا ممالك قتبان، أوسان، وحضرموت القديمة.
هذه المواقع تدل على تطور عمراني وديني وسياسي متقدم منذ القرن العاشر قبل الميلاد.
وتعتبر مدينة صنعاء القديمة إحدى أقدم المدن المأهولة بالسكان في العالم، تعود إلى أكثر من 2500 عام.
• تتميز بعمارة فريدة من الطوب اللبن الطين المجفف، ونوافذ الزجاج الملون القمريات.
• أدرجتها اليونسكو في قائمة التراث العالمي عام 1986.
• دعمت الحكومة الهولندية بسخاء لصيانة مدينة صنعاء القديمة وزارها الأمير كلاوس زوج الملكة بياتركس الذي توفي 6 أكتوبر 2002، فكان معجبا بها وطلب المحافظة عليها، وقال انصح اليمنيين ان لا يسمحوا للسيارات دخول مدينة صنعاء القديمة للمحافظة عليها.
• بُني الجامع الكبير في صنعاء في عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم أوائل الإسلام.
• ويعتبر من أقدم المساجد في الإسلام.
• اكتُشفت فيه مخطوطات قرآنية نادرة محفوظة في جدرانه.
• مدينة شبام حضرموت: تُعرف بـ"مانهاتن الصحراء"، وهي أول مدينة في التاريخ تُبنى بناطحات سحاب طينية، ناطحاتها تعود للقرن 16، وتصل إلى 8 طوابق، بنيت لحماية السكان من الغزوات والسيول.
• صهاريج عدن: وهو نظام عبقري لجمع وتخزين مياه الأمطار في جبل صيرة بعدن، يعود تاريخه إلى القرن الخامس قبل الميلاد، استخدم لأغراض الشرب والزراعة، ويعد شاهدًا على الهندسة المائية اليمنية القديمة.
• الموانئ التاريخية والتجارة العالمية
• اليمن كان مركزًا هامًا لتجارة البخور واللبان والمرّ، ومن أشهر موانئه:
o ميناء قنا شبوة
o ميناء عدن
o ميناء المخا: الذي اشتُهر بـ"موكا كوفي"، وصدّر البن اليمني إلى أوروبا.
التدخلات الخارجية في شؤون اليمن:
1. السعودية:
• تعتبر السعودية من الد أعداء اليمن وذلك وفق وصية ملوكهم لأولادهم (ورثتهم في الحكم) ❝قوتكم في ضعف اليمن، ولا تسمحوا بقيام دولة قوية فيه❞.
• كانوا يطلبون من الشركات النفط العالمية عدم استكشاف عن النفط في اليمن بالرغم من معرفة الشركات النفطية العالمية بوجود النفط في اليمن الى ان جاءت شركة هنت بعد خسارتها في تجارة الفضة في عهد الرئيس كارتر وقاربت الشركة اعلان أقلاسها، خسرت عائلة هنت أكثر من مليار دولار في 1980 في محاولة لاحتكار سوق الفضة. فتجاوزت الحضر السعودي في تطوير ابار النفط في مارب لإنقاذ نفسها.
• وتدخلت السعودية في الحرب الأهلية في اليمن سنة 1994 داعما الحزب الاشتراكي اليمني ضد الحكومة الوحدة والشرعية في صنعاء حتى ان وزير خارجية السعودية زار الأمير سعود الفيصل مدينة المكلا، التي كانت تحت سيطرة قوات الجنوب (الانفصاليين) في ذلك الوقت.
2. الإمارات العربية المتحدة: ان الإمارات تحارب اليمن ولا تسمح في تطوير ميناء عدن كميناء حر تنافس دبي.
• ميناء عدن كان يُعد في النصف الأول من القرن العشرين أحد أهم الموانئ في العالم، ونافس ميناء هونغ كونغ، بل وتفوق عليه من حيث عدد السفن العابرة، وموقعه الاستراتيجي، وخدمات التزود بالوقود.
• تخشى دبي ان تخسر التجار مع أفريقيا إذا تطور ميناء عدن كميناء تجاري حر.
3. قطر: صراع حول تسويق الغاز القطري على حساب تأخير ومنافسة مشروع الغاز اليمني، التي كلفت خسائر لليمن تقدر بـ 70 مليار دولار، من خلال تعاون مع شركة توتال الفرنسية في خداع شركة أنرون الأمريكية، فقد نشرت بعض الصحف اليمنية عن عمولات كبيرة قدمتها قطر الى مسؤولين اليمنيين.
• في أحد الأيام، وبينما كنت في مكتبي بصنعاء، فاجأني شيخ قطري بزيارته دون موعد مسبق، وكان قادمًا في سيارة تابعة للسفارة القطرية بصنعاء، برفقة شيخ يمني لم أكن أعرفه. لم أفهم سبب الزيارة في البداية، إلا أنني بعد فضيحة شركة توتال، أدركت أن الغرض من الزيارة كان محاولةً لرشوتي، لكنه لم يجرؤ على طرح موضوع الرشوة، لأنني لم أُتح له فرصة الحديث بحرية، نتيجة شكوكي تجاه زيارته المفاجئة وغير المبرمجة.
4. فساد شركة توتال في مشروع الغاز اليمني: قدمت حكومة قطر وشركة توتال الفرنسية رشاوي مغرية الى بعض المسؤولين اليمنيين، وخدعت شركة توتال شركة أنرون من خلال اتفاقية الشراكة التي لم تشمل على بند عدم التنافس بينهما، لتأخير مشروع الغاز اليمني الى ان تسوق توتال الغاز القطري.
• في بداية المباحثات حول تطوير المشروع الغاز اليمني، كانا هيثم العيني والشيخ حميد الأحمر يتصدران الواجهة في دعم شركة توتال ضد أنرون، وقد دعم الشيخ حميد الأحمر بصفته رئيس لجنة التنمية والنفط (اللجنة الاقتصادية) اتفاقية شركة توتال بعقد 26 جلسة لمناقشة الاتفاقية خلال شهر واحد، وكان هيثم العيني يوعد الناس بمشاريع في حالة فوز توتال بالمشروع الغاز اليمني، ولكن يحيى محمد عبدالله صالح ومحمد عجينة سلب منهما المشروع الغاز اليمني رغم نفوذ الشيخ حميد الأحمر، وسطوته السياسية، والعشائرية والتجارية.
• لعب محمد عجينة دور الوسيط بين شركة توتال الفرنسية والسلطة اليمنية، ولم يكن يحمل مؤهلات علمية عليا، إلا شهادة ثانوية، وذلك خلال تعاونه مع شركة الماز اليمنية التي كانت مملوكة ليحيى محمد عبدالله صالح، وأصبح محمد عجينة "مدير عام توتال يمن" أو ممثّل شركة توتال في مشروع الغاز اليمني: YLNG.
• نظام العمولات كان قانوني في فرنسا حتى عام 2000، قبل توقيع فرنسا على اتفاقية مكافحة الرشوة التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD).
o والغريب ان الشركات الفرنسية والحكومة الفرنسية كانت تفضح العمولات بعد عقد الاتفاقيات، كما حدث في فضح الرئيس الفرنسي جاك شيراك لعمولة 720 مليون دولار لمسؤولين سعوديين في صفقة البواخر الحربية، وأمر بحجز مبلغ العمولة كمقدمة لصفقة تالية للسفن، ولكنه لم يعاقب الشركة التي قدمت الرشى.
5. إيران: بعد زيارة حسين بدرالدين الحوثي إلى إيران ولبنان، تبني الفكر الإثني عشري او مذهب الشيعي الصفوي، تدخلت إيران في اليمن من خلال دعم الحوثيين اللذين كانوا يمثلون المذهب الزيدي المعتدل وأقرب طرف من شيعة آل البيت الى المذاهب السنية، دعمت إيران جماعة الحوثي كجزء من مشروعها التوسعي في المنطقة، حيث تلقت القيادات الحوثية الدراسة لتحريف المذهب الزيدي في قم في إيران ليتبعوا المذهب الشيعي الصفوي، وأرسلت إيران دعاة ومدربين عسكريين وفكريين إلى اليمن، وتم طباعة كتب ومناهج دينية شيعية إمامية باللغة العربية وتوزيعها في صعدة ومناطق الحوثيين، كما هو الحال في العراق وسوريا ولبنان.
الشعب اليمني مقسم الى عدد من جبهات، حتى الشرعية تتألف من أكثر من جبهة متنافسة، حتى الرئاسة مقسمة:
1. رشاد محمد العليمي هو رئيس مجلس القيادة الرئاسي، معترف به دوليا.
2. مهدي المشاط هو رئيس المجلس السياسي الأعلى (السلطة التنفيذية للحوثيين)، ويدير مناطق سيطرة الحوثي في شمال وغرب اليمن، معترف به من قبل إيران.
لا يمكن حل مشكلة الحكم في اليمن حتى بعد القضاء على الحوثيين بحكم مركزي كما كان قبل التمرد الحوثيين، لأسباب عديدة منها:
1. من أهم مسبّبات عدم الاستقرار الأمني في اليمن وجود قبائل مسلّحة، بعضها لا تخضع لسلطة الحكم المركزي. فقد تجوّلتُ في اليمن في الماضي، وكانت الأوضاع آمنة؛ بل في بعض الأحيان كنت أسافر بمفردي بالسيارة.
• في بعض المناطق، تجد أن آخر نقطة تفتيش عسكرية تمثل نهاية نفوذ الحكومة المركزية، وبعدها يبدأ نفوذ القبائل. بعض تلك القبائل كانت تمتلك كميات كبيرة من الأسلحة، تصل إلى حد امتلاك صواريخ.
• لقد تم، ولا يزال، تسليح بعض القبائل من قبل أكثر من دولة، إلى جانب وجود تجارة سلاح نشطة تديرها شركات يمنية خاصة. ويُعتبر حمل السلاح من أساسيات الشخصية القبلية اليمنية، بل جزءًا من هويتها الاجتماعية.
• حتى البيوت في القرى النائية تُبنى بطريقة تجعلها محصّنة للدفاع عنها؛ حيث يُشيَّد بعضها على حواف الجبال المطلّة على الوديان، كخطة دفاعية لحمايتها من أي هجوم مباغت.
• لا أنسى ليلة قضيتها في بلدة "شاهل"، حيث كانت غرفة نومي تطل على وادٍ عميق، ولم أستطع النوم خوفًا من أي اهتزاز أو انهيار ترابي قد يقذفني إلى عمق الوادي.
• ومن خلال كتب التاريخ، نعلم أن الأيوبيين جاؤوا إلى اليمن بناءً على طلب من القبائل اليمنية المتصارعة آنذاك، فحكموا اليمن لمدة 56 عامًا. وقد ساهموا في نشر المذهب الشافعي من خلال دعمهم للعلماء الشافعية، وتأسيسهم للمدارس في مناطق مثل زبيد، وتعز، وعدن.
• ثم تولّى الحكم بعدهم نور الدين عمر بن علي الرسولي عام 1229م، وكان نائبًا لآخر حكّام الأيوبيين في اليمن، وهو المعز إسماعيل بن علي الأيوبي. ولأن الأخير لم يكن له وريث، فقد أوصى بأن يتولى نور الدين عمر الحكم من بعده، فأسّس بذلك الدولة الرسولية في اليمن.
2. الخلافات القبلية والاجتماعية:
• مذهبي: زيدي في الشمال والشافعي في الجنوب وفي الغرب.
• قبلي: تنافس بين قبائل الشمال والجنوب.
• طبقي: السادة، القضاة، القبائل، المهمشون.
• مناطقي: شماليون وجنوبيون.
• فكري: إسلاميون، حوثيون، قوميون، يساريون.
• اجتماعي/اقتصادي: فجوة بين المدن والريف، وبين الأغنياء والفقراء.
كلمة أخيرة:
الحل الوحيد في اليمن، كما في معظم الدول العربية، هو تطبيق نظام فدرالية المحافظات، وذلك للأسباب التالية:
1. أثبت هذا النموذج نجاحه في دول مثل سويسرا، وألمانيا، والولايات المتحدة الأمريكية، وكندا، والإمارات العربية المتحدة.
2. تُعد سويسرا من أنجح الدول الفدرالية، حيث تضم أربع قوميات مختلفة: الإيطالية، والألمانية، والفرنسية، والرومانشية (ذات أصل لاتيني)، وقد حافظت على حيادها في الحروب.
3. يساهم هذا النظام في التخلص من تسلّط الحكم المركزي، أو الإقليمي الحزبي، أو الطائفي، أو العائلي على إدارة الدولة.
4. يعزز من التنافس الإيجابي بين المحافظات لتطوير ذاتها من خلال جهود أبنائها.
5. يمنح كل محافظة حرية ممارسة شعائرها الدينية والثقافية والوطنية، دون فرضها على المحافظات الأخرى.
#احمد_موكرياني (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟