أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل الخمليشي - شفرة العدم














المزيد.....

شفرة العدم


نبيل الخمليشي

الحوار المتمدن-العدد: 8401 - 2025 / 7 / 12 - 08:39
المحور: الادب والفن
    


لا أثر… لا ظل… لا صدى،
محض طيف،
وارتعاشة معلقة
في عنق الضوء،
كأن الحياة
تعثرت في أول نبض لها
وسقطت
كفكرة لم يكتمل نزيفها،
كظل تسلل من أصابع القدر
ولم يجد جسدا يأويه.
أراوغ اليوم الموعود،
أفر من القميص الورقي المهترئ،
المفتوح من الخلف
كفضيحة بلا شهود،
حتى لا أكون
نكتة أخيرة
في مسرح بلا جمهور،
في مشهد بلا تصفيق.
سأدخل…
لا بخطاي،
بل كشق مرتجف
في نسيج الحياة،
بصوت لا يثق بفمه،
وبجسد يتفقد ملامحه
كلما مر أمام مرآة الندم.
السرير سيئن قبلي،
والممرضة؟
ستطوي اسمي
مع حرارة جبيني،
تخزنه في ملف رمادي،
لا يحمل وجهي
بل صورتي كما يتخيلها الخوف.
ستنظر إلي
بعين شهدت ألف وجه يهوي،
وما نجا من ليلها أحد،
ثم تقول،
كأنها تحفظ نصا مملا:
"كل شيء سيكون بخير"،
لكننا نعرف جميعا
أنها الكذبة الأولى
في طابور الانكسار الطويل.
أمي…
آخر دعاء لم يكتمل،
صوتها الآن
ملح يسري من جرحي
إلى غيابي.
كانت تقول لي:
"لا تخف من الغياب،
أنا دائما حيث يكون قلبك"،
وتخبئ تفاحة في حقيبتي
كل صباح،
قبل أن تعلمني كيف أودع،
وقبل أن أكتب لها
رسالتي الأخيرة.
وهي…
هي التي غابت
في الجراحة السابقة،
حين اختلط الدم بالفاتورة،
والسكين بالأمل،
ورحلت…
تركتني أتذوق الحياة
بطعم الأسى المر،
وبقيت كلماتها
مذبوحة في حلقي،
كالدمعة بلا أجفان.
أنا لا أخشى الموت،
ولا أكره الأطباء،
رغم أن المشرط
يفتح أكثر مما يغلق،
ويطلب من اللحم
أن يعترف عما أخفاه القلب.
لكني أكره
رائحة التخدير،
صفير الأجهزة،
وضغط الأصابع على النبض.
أقول للمشرط:
لا تغمدني دفعة واحدة،
مررني برفق،
كما يمر الليل
يده على جبين محتضر.
ذاك اليوم قادم…
سأقف أمامه
كظل مكسور،
كنت أظنني أكتب القصائد،
لكن الحبر
كان يكتبني
كوصية مرتعشة
على حافة الغياب.
صوت داخلي يهمس:
"هذه المرة…
لن تصحو كما كنت،
إما أن تعود ناقصا،
أو لا تعود أبدا."
أفكر في "كايا"،
كلبتي الوحيدة،
التي لا تثق بالوجوه،
لكنها ستجلس عند الباب،
تنتظرني
وكأنني مهم،
فقط لأنها… تتذكر رائحتي.
أفكر في طعم الجعة الأخيرة،
وفي امرأة
أحببتها مرتين:
حين نظرت إلي،
وحين اختفت.
أفكر في التفاحة الأولى،
قضمتها كمن
يقتص من العالم
بابتسامة لا تعتذر،
ورأس مرفوع
كقصيدة تنسى نهايتها.
كانت وحشية،
لكن بترف الملكات،
تمحوك من الذاكرة
وتترك عطرك في الريح.
قالوا:
"أي حب هذا؟"
فقلت:
هي التي قضمت التفاحة،
ولم تلتفت…
حتى لتتأكد إن كنت حيا.
أفكر في اللقاء الأخير،
حين انهمر المطر
خجلا من أعيننا،
وعرفنا أن العالم
لم يخلق لنا،
وأن الوداع
حرفة العاشقين المهزومين.
يا حبيبتي…
إن ناداك عطري ذات مساء،
فاعلمي أنني مررت،
كسحابة لم تمطر،
لكنها تركت ظلا مبتلا
على كتف الليل.
وإن لم أعد،
فلتسر هذه القصيدة حافية
خلف نعشي،
تبكي لغتي التي
لم تشف من نزيفها.
وإن عدت،
سأكتب على ندبتي:
"هذه حدودي الجديدة."
وإن لم أعد،
فقولوا:
"لم يمت،
بل توارى في اللغة،
واختبأ في بياض القصيدة،
كصرخة
نقشت على شفرة العدم."
ذاك اليوم…
لا يستأذن، لا يتأخر،
يأتي كما يشاء،
عار من كل عزاء،
ولا يحمل وعدا،
ولا حتى كذبة صغيرة
نختبئ خلفها.
هو ليس نهاية،
بل سؤال بلا جواب،
وموعد كتب علينا أن نحضره
ولو كنا نحلم بالفرار.
هو المشرط المنتظر،
والسرير الذي لا يغفر،
والظل الذي يلحقنا
مهما أطفأنا الأضواء.
لذلك، حين يجيء،
سأستقبله
بقلب مرتجف،
وروح تعرف
أن الوداع
هو البرهان الوحيد
على أننا كنا هنا،
حقا،
ولو ليوم واحد فقط.



#نبيل_الخمليشي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نبوءة الحبر
- فرح بلا مقاس
- مائدة العابرين
- شيء يشبه الحلم
- كأس لابن اللعنة
- سوء تفاهم مع نديم لا ينام
- ميلاد الضوء
- حفلة النصر
- مزاد الدم
- البحر بلا أكاذيب
- مرثية ساعي البريد
- مقهى الغبار
- نخب الغياب
- هشيم الزمن
- ملامح الغائب
- أمام البحر، وحيدا
- الى رفيقي الطاهر
- قصيدتك
- حرف النجاة
- رسم الإراثة


المزيد.....




- مليون مبروك على النجاح .. اعتماد نتيجة الدبلومات الفنية 2025 ...
- الإعلام الإسباني يرفض الرواية الإسرائيلية ويكشف جرائم الاحتل ...
- صدور نتيجة الدبلومات الفنية برقم الجلوس 2025 تجاري وصناعي وز ...
- بسرعة “هنا” نتيجة الدبلومات الفنية كافة التخصصات على مستوى ا ...
- ظهور نتيجة الدبلومات الفنية 2025.. أعرض نتيجتك بسرعة من “هنا ...
- عاجل.. ظهور نتيجة الدبلومات الفنية emis.gov.eg جميع التخصصات ...
- عاجل.. ظهرت نتيجة الدبلومات الفنية جميع التخصصات “هنا” بسرعة ...
- “رابط مباشر” نتيجة الدبلومات الفنية صنايع وزراعي وفندقي وتجا ...
- ظهور نتيجة الدبلومات الفنية جميع التخصصات الأن على بوابة الت ...
- “الرابط اشتغل” نتيجة الدبلومات الفنية 2025 جميع التخصصات على ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل الخمليشي - شفرة العدم