أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل الخمليشي - نبوءة الحبر














المزيد.....

نبوءة الحبر


نبيل الخمليشي

الحوار المتمدن-العدد: 8394 - 2025 / 7 / 5 - 08:21
المحور: الادب والفن
    


أجلس،
وأحدق في الورقة،
كما لو أنها محكمة أرواح،
تنتظر اعترافي بشغف مريض.
القلم ثقيل...
كأن كل ماض مر من هنا
قد علق في شراييني،
والحبر؟
دم خفيف،
يتنكر في هيئة كلمات مرتعشة،
كأنه لا يثق حتى في نفسه.
القصيدة تنوء تحت أنينها،
كقطة هرمة،
سئمت اللهاث وراء فئران الليل،
ومواء لا يسمعه أحد.
أحاول أن أكتب...
أي شيء،
مجرد شيء ينهار بصمت.
لكن المعاني
تتقيأ نفسها قبل أن تولد،
والسطر
ينكسر في منتصفه،
كـوعد بائد
في قصيدة حب قديمة.
أشعل سيجارة،
أستهزئ بالنثر،
وبالجرح معا،
وأرتشف من كأس
نسيته الطقوس،
ونسيني في العيد.
وأهمس لخيبة جالسة في الزاوية:
"لا تقلقي... لن ننجو الليلة أيضا."
أضحك على الشعراء،
الذين يعتقدون أن القصيدة
منديل مبتل بالحزن،
أو عينا امرأة في مساء ممطر،
أو وشما صغيرا على معصم الخسارة.
لا...
القصيدة
رصاصة ناعمة،
تطلقها على قلبك،
ثم تخذلك،
بلذة متعمدة،
وترحل إلى الضحية التالية
بذات الحبر.
ثم...
فتح الباب.
امرأة،
يمشط الإرهاق شعرها،
وعيناها تقولان كل ما لا يقال.
دخلت،
وضعت كوب شاي بارد
على دفتر ميت،
وقالت:
"أنت لا تحتاج إلى القصيدة،
بل إلى أن تنسى أنها كانت ممكنة."
لكنني...
لا أنام.
النوم ترف
لم يتعلمه من يسكنون الحبر.
أنا فقط
أحدق في الظل،
وأقضم الوقت كتفاحة جافة،
وأطالع فصول حياتي
كقارئ نادم
على الصفحة الأولى.
حين غادرت،
تركت عطرها معلقا
على مسمار في الجدار،
وصوتا
لا ينام،
يتجول في أرجاء صدري
كطيف فقد عنوانه.
ومنذ ذلك اليوم،
كلما كتبت عني،
عن سقوط الكلمات،
عن الخسارات،
عن تلك المسافة بين المعنى واللاجدوى،
تمد يدها من البياض،
لا لتمسح وجهي،
بل لتسحب الورقة،
وترسم وجهي من جديد،
ثم تهمس:
"اكتبني... أو مت."
وأنا أكتب.
أكتبها كما يشتهي الألم أن يروى،
لا كما يرغب الشعر أن يصفف.
أكتبها...
كأن الخلاص مؤجل،
وكأن الحياة مؤامرة جميلة
تشبه الضحك في جنازة.
أكتبها...
كأنني آخر الناجين
من مجزرة المعنى،
واللغة...
الناجية الوحيدة التي فقدت ذاكرتها.
القصيدة الآن
ليست اعترافا،
ولا عزاء،
ولا نشيدا،
بل مجرد مرآة
مكسورة،
تمنحني وجهي
بألف زاوية مشوهة.
واستفاق الجرح القديم،
أسفل بطني،
يئن ككلب جريح
نسيه صاحبه على تخوم الليل.
ليس الألم ما يخيفني،
بل ما يكتبه،
على مهل،
في صمت،
تحت صفحة جلدي،
من نبوءة.
أفكر:
هل كل قصيدة هي جراحة مؤجلة؟
وهل الحبر،
مجرد مخدر لا يكفي؟
وهل الألم
هو اليد الخفية التي تمسك بالقلم؟
أكتب...
ويدي على الجرح،
كأنني أخشى أن يسيل منه المعنى.
وكلما حاولت أن أكتب نهايتها،
تضحك،
وتدفعني خارج الورقة،
كأنها تقول:
"أنا لست قصيدتك...
أنت
قصيدتي."



#نبيل_الخمليشي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فرح بلا مقاس
- مائدة العابرين
- شيء يشبه الحلم
- كأس لابن اللعنة
- سوء تفاهم مع نديم لا ينام
- ميلاد الضوء
- حفلة النصر
- مزاد الدم
- البحر بلا أكاذيب
- مرثية ساعي البريد
- مقهى الغبار
- نخب الغياب
- هشيم الزمن
- ملامح الغائب
- أمام البحر، وحيدا
- الى رفيقي الطاهر
- قصيدتك
- حرف النجاة
- رسم الإراثة
- نقش الحناء الأخير


المزيد.....




- شعوذة.. طموح.. حب.. موسيقى وإثارة.. 9 أفلام تعرض في سبتمبر
- قصة ملك ليبيا محمد إدريس السنوسي الذي أطاح به القذافي
- كيف أصبح مشروب شوكولاتة للأطفال رمزا للاستعمار الفرنسي؟
- المخرج الأميركي جارموش مستاء من تمويل صندوق على صلة بإسرائيل ...
- قطر تعزز حماية الملكية الفكرية لجذب الاستثمارات النوعية
- فيلم -ساحر الكرملين-.. الممثل البريطاني جود تدرّب على رياضة ...
- إبراهيم زولي يقدّم -ما وراء الأغلفة-: ثلاثون عملاً خالداً يع ...
- النسخة الروسية من رواية -الشوك والقرنفل- تصف السنوار بـ-جنرا ...
- حين استمعت إلى همهمات الصخور
- تكريم انتشال التميمي بمنحه جائزة - لاهاي- للسينما


المزيد.....

- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل الخمليشي - نبوءة الحبر