نبيل الخمليشي
الحوار المتمدن-العدد: 8371 - 2025 / 6 / 12 - 03:43
المحور:
الادب والفن
لا أعرف رقم حذائي.
أشتري الأرخص،
أجربه بنعل مثقوب،
إن لم يؤلمني في أول عشر خطوات، آخذه.
ما الفرق؟
أنا لا أركض خلف أحد.
قدماي تعرفان الأرض، لا الأرقام.
أنتعل ما لا يؤذيني، وأسير…
دون نية للحاق بأحد.
ثيابي؟
لا تحب النظام،
بعضها واسع، أشده بحزام مهترئ،
وبعضها ضيق…
أنسى زرها مفتوحا أحيانا،
أو أتركها تنفرج،
كما تنفرج الحياة حين تغفل عنك.
أشدها بحلم قديم، أو أنسى الأمر كله.
معطفي؟
يعرف المطر أكثر مما يعرفني،
ظل المطر في داخله،
بقعة قديمة من النبيذ،
وأخرى من مرق العدس،
وبقايا زمن لم يغسل.
لكنه دافئ.
والدفء عملة نادرة،
عمل نادر في مناخ الروح.
الناس يقيسون كل شيء:
النجاح،
الحب،
عدد المعجبين،
عرض السجادة،
ربطة العنق،
ظلال الفساتين،
عمق تغريدة.
يزنون الضوء، ويسطحون المعنى.
وأنا؟
أقيس راحتي بمدى ما أتنفس دون أن يضايقني أحد،
أقيس غيابي بمسافة الهواء الذي لا يصطدم بي،
بيني وبين مرآة مكسورة منذ سنين،
لم أبدلها.
يكفيني أن أبلل وجهي
وأشعر أني لست حجرا.
كل ما أملك لا يصلح لمجلة أزياء،
ولا لحفلة كوكتيل،
لا يليق بالعروض الكبرى،
ولا بكتيب الأناقة،
لكنه يكفيني حين أضحك،
وأمشي كثيرا،
وأكتب شيئا اسمه شعر
على منديل
أو كيس ورق
تقاعد عن حمل المشروبات المحرمة.
ثم أطويه في جيبي
كسر لا يخص أحدا.
ربما هذا
ما لا يفهمه أصحاب المقاسات الكاملة،
والأرواح الضيقة.
أنا لا أملك ماركة،
ولا خريطة،
ولا مقاس.
لكني أمتلك
فرحا صامتا
يمشي معي كظل رقيق،
ويضيء قلبي
حين تنطفئ المدينة.
أحب صباحي كما هو،
دون قهوة محكمة،
ولا جدول صارم.
يكفيني
صوت الملعقة في الكأس،
وريح الخبز تصعد من أفران الفقراء.
ما حاجتي للمرآة؟
حين يبتسم وجهي لطفل في الزقاق،
وتضحك السماء
إذا رفعت عيني بلا خوف.
أنا ابن الأشياء الصغيرة،
أعرف كيف يزهر الغصن المهمل،
وكيف ينجو قلب
بلا ماركة،
ولا خريطة،
ولا مقاس.
#نبيل_الخمليشي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟