إضاءة؛ روميو مورغا… نظرات غائبة (2-3)/ إشبيليا الجبوري- ت: من الإسبانية أكد الجبوري

أكد الجبوري

الحوار المتمدن-العدد: 8385 - 2025 / 6 / 26 - 10:07
المحور: الادب والفن
    

II. روميو مورغا وروح الشعري التشيلي الطليعي؛
عندما بدأ روميو مورغا نشر أولى قصائده حوالي عام 1922()، منضمًا إلى الحركة "الجديدة"() - كما كان يُطلق على شباب تلك الحقبة - كان بيدرو برادو (1886 - 1952)()، [كاتبًا ومهندسًا معماريًا تشيليًا. فاز بالجائزة الوطنية التشيلية للأدب عام 1949](). الذي سبق له نشر قصيدتيه الرائعتين ("الطيور الضالة". 1915)() و("البيت المهجور". 1912)() (كان أيضًا شاعر مورغا المفضل، وفقًا لأخته بيرتا)()، وغابرييلا ميسترال (1889-1957)()، أكثر الشعراء التشيليين تأثيرًا وشهرةً. أما أشهرهم وأكثرهم ترديدًا (في ذلك الوقت، كان إلقاء الشعر على ما يبدو يُمارس في كل منزل تقريبًا) فكانا المنبر فيكتور دومينغو سيلفا إنديزا (1882-1960)() [شاعرًا وصحفيًا وكاتبًا مسرحيًا وكاتبًا تشيليًا. ينحدر من أصول باسكية من جهة والدته. وُلد سيلفا في عائلة مثقفة غرست فيه حب الأدب.]() ودانيال دي لا فيغا (1892-1971)()، الذي بدأ يُغني للمقاطعات، بأسلوب مبتذل وعاطفي.

سبق أن ذكرنا في موضع آخر من هذه المقالة أن فيسنتي هويدوبرو (1893-1948)()، على الرغم من نشره أكثر من اثني عشر كتابًا، لم يُعترف به في تشيلي إلا نادرًا. يقول روبين أزوكار(1901-1965)() في مقدمة مختاراته ("الشعر التشيلي الحديث". 1931)(): "حتى عام 1920، لم نكن نعرف شيئًا عن الخلقية"(). بدأ تأثير هويدوبرو يظهر بعد عام 1920، وبلغ ذروته بلا شك بين عامي 1935 و1940.

إلى جانب فيسنتي هويدوبرو، فيما سنسميه، بمصطلح عام جدًا بلا شك، "الطليعة الشعرية"، كان بابلو دي روكا (1894-1968)()، الذي أثار الأجواء بقصيدة ("الآهات" 1922)() بين (1920-1922)(). لاحقًا، بدأ شعراء آخرون أقل شأنًا في دمج عناصر مأخوذة بسذاجة، كما يبدو لنا الآن، من المستقبلية، مثل بعض أبيات ديوان ("الحلقات". 1929)() لخوان مارين (1900-1963)():
"تشريح مُفكك
كلوحة بيكاسو
سجين حضارتنا المُعذب
يرفعك البحارة الشقر
بضحكاتهم الويسكي
بأذرعهم الرياضية. حسنًا حسنًا".()

يمكن للمرء أيضًا أن يعتبر ظهور مجموعة من الشعراء، بقيادة سلفادور رييس (1899-1970)() (مع ديوانه "السفينة المخمورة" عام 1923)()، الذين بحثوا عن زخارف في غرائبية الرحلات البحرية الكبرى، وقراءات اللورد دونساني (1878-1957)()، والفرنسي كلود فاريير (1876-1957)()، و ماك أورلان (1882-1970)()، أمرًا جديدًا.

وبطبيعة الحال، هذه النظرة العامة الموجزة ليست سوى مقدمة لتحديد موقع شعر روميو مورغا، الذي ينتمي إلى المجموعة التي ذكرناها سابقًا عدة مرات: المجموعة التي يرأسها بابلو نيرودا (1904-1973)()، والتي تضم روخاس خيمينيز (1900-1934)()، وخواكين سيفوينتس سيبولفيدا (1899-1929)()، وأرماندو أولوا (1899-1928)()، وفيكتور باربيريس()، وروبين أزوكار (1901-1965)()، وبعد ذلك بقليل، جيراردو سيغيل (1906-1950)()، وتوماس لاغو (1903-1975)()، ولويس إنريكي ديلانو (1907-1985)()، وصمويل ليتيلير ماتورانا (1903 - ؟)، وأنطونيو روكو ديل كامبو (1903-1951)(). مجموعة من الشعراء الذين يتبنون في الغالب نبرة رومانسية متصاعدة، بأسلوب رثائي وحزين، يهتمون بالغناء بطريقة مباشرة وعاطفية - شعرٌ مبني على المشاعر لا على المنطق - ويُعتبر روميو مورغا (كما نعتقد، إلى جانب نيرودا في مؤلفاته الأولى) أبرز ممثلي هذا التوجه.

فيما يتعلق بموقف مورغا الشعري، نجد مقالًا توضيحيًا بعنوان "نقاشات حول الشعر"() نُشر في مجلة "البيان"(). يُوضح مورغا فيه انحرافه عن الاتجاهات الشعرية الجديدة، التي يُشبّهها بوضوح بمستقبلية مارينيتي (1876-1944)() (على ما يبدو، كانت التجارب السريالية الناشئة لا تزال مجهولة، وكانت آخر طليعة شعرية هي مُسلّمات مارينيتي) [فيليبو توماسو إميليو مارينيتي شاعر إيطالي، ومحرر، ومنظر فني، ومؤسس الحركة المستقبلية. ارتبط بجماعة "إعلان البيان السريالي"() الفنية والأدبية الطوباوية والرمزية بين عامي 1907 و1908](). لا ينكر مورغا إمكانية غناء جمال الطائرة أو السيارة، لكنه يُعارض الميل إلى احتواء الشعر في مواجهة تنامي التقدم المادي في القرن الجديد. يُشير إلى بودلير، وقبله فيرلين، كشاعرين أساسيين، ويعتبرهما أعظم ممثلي الروح الشعرية الحقيقية، التي تتجاوز العصور والأذواق، مُعبّرةً عما يُسمى بالموضوعات الخالدة: الحب، والألم، والغيرة، والموت، وغيرها. كما يُقدّم ملاحظاتٍ مثيرة للاهتمام حول التقنية الشعرية، مُشيرًا إلى فيرلين كنموذجٍ للشعر المُرتبط بموسيقى الكلمة؛ وفي مواجهة الاتجاهات الجديدة التي تُدمّرها بشعرٍ حرٍّ مُتطرف، يُعارض انحلال الأشكال.

إن قراءة هذه المقالة الحذرة والمدروسة، التي يُحدد فيها روميو مورغا (الذي لم يتجاوز التاسعة عشرة من عمره) برنامجه الشعري بدقة متناهية، تؤكد في رأينا أن الشاعر (والمجموعة التي نناقشها) لا يزال يحافظ على نهج شعري لا يختلف جوهريًا عن النهج المناهض للحداثة للشعراء التشيليين، الذين يمثلهم ممثلون مثل غابرييلا ميسترال (1889-1957)()، وأنخيل كروتشاغا (1893-1964)()، وماكس جارا (1886-1965)() (الذي يُعجب به نيرودا بشكل خاص)، وكارلوس مونداكا (1881-1928)(). تكمن السمة المميزة لمورغا في اندماجه الرائع بين الشكل والمضمون، في تعبير لم يُحقق حتى ذلك الوقت عن روح المراهقة الكئيبة.

فيما يتعلق بتوجه مورغا الشعري، نسترشد أيضًا بمقال كتبه صديقه بابلو نيرودا عن "الشفق" (1923)(). في المقال المذكور، يذكر أن نيرودا "بحث عن المواضيع الخالدة العظيمة وغرس فيها جميعًا أصالةً"()؛ ثم يشير إلى أنه "عاش كثيرًا، وبالتالي عانى كثيرًا"() (كلمات يمكن تطبيقها على مورغا نفسه. ومن الجدير بالملاحظة كيف أن شاعرًا في التاسعة عشرة من عمره فقط يُشير إلى أنه عاش كثيرًا. مع أن حياة الشاعر تبلغ حدًا من الكثافة يُمكّنه من احتواء التجارب الطويلة في فترة قصيرة)().

إذا لخصنا ملاحظاتنا، نرى كيف يقع مورغا ضمن المجموعة التي اجتمعت حول "البيان" في مسار رومانسي بحت (يمكننا تقريبًا أن نقول ذلك بمعنى عاطفي)، غريبًا عن التجربة الشعرية الطليعية، التي تتبع تيار أساتذة الشعر الفرنسي في القرن التاسع عشر. وهنا ظاهرة تستحق دراسة منفصلة، ولا يسعنا إلا التطرق إليها بشكل جانبي في الوقت الحالي: إن تأثير الشعر الإسباني المعاصر يكاد يكون معدومًا في مجموعة الشعراء الذين ندرسهم، والذين يُعجبون بدلًا من ذلك ببودلير (1821-1867)() وفيرلين (1844-1896)(). ونلاحظ هذا الميل للغة الفرنسية لدى روميو مورغا تحديدًا، الذي ترجم أعمال بول فورت (1872-1960)() (التي ترجمها سابقًا الشاعر إنريكي بونس، 1916)()؛ وشارل نوديير (1780-1844)()، وهنري باربوس (1873-1935)()، وأناتول فرانس (1844-1924)()، ومارسيل شووب (1867-1905)(). ومن بين شعراء اللغة المعاصرين، كان لدى روميو مورغا ميل خاص، ليس لإسباني (لأن غارسيلاسو دي لا فيغا (1503-1536)()، كما هو معروف، شاعر من عصر النهضة)، بل للشاعر العظيم روبين داريو(1867-1916)()، كما يشير نوربرتو بينيلا (1902-1946)(). لم يعد تأثير الشعراء الإسبان المعاصرين، الذي كان قويًا في الجيل الذي سبق مورغا من خلال خوان رامون خيمينيث (1881-1958)() وشاعر أقل شأنًا مثل أندريس غونزاليس بلانكو (1886-1924)() (الذي أثر بشكل خاص على دانيال دي لا فيغا)، إلا بعد عقد من الزمان مع غارسيا لوركا (1898-1936)()، الذي أثار مثاله غزوًا لـ"عازفي القيثارة" في الشعر التشيلي. إن شئتم.


يتبع…. (3-3): عزف سفوح شعرية: نظرة إلى قصائد روميو مورغا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Copyright © akka2025
المكان والتاريخ: آوكسفورد - 06/22/25
ـ الغرض: التواصل والتنمية الثقافية
ـ العينة المستهدفة: القارئ بالعربية (المترجمة).

#أكد_الجبوري (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل