أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - أبية الريح - سفر النفس إلى شوقها الأول (3)














المزيد.....

سفر النفس إلى شوقها الأول (3)


أبية الريح

الحوار المتمدن-العدد: 8380 - 2025 / 6 / 21 - 10:49
المحور: قضايا ثقافية
    


أين الإنسان من بيئته الأصلية؟
_______________________


ثمة لحظة لا تأخذ شكل الزمن، تنفصل فيها الروح عن النَفَس الأول، وتُلقى في ساحةٍ مكلومةٍ بالصوت، بالفقد، بالضياع. منذ تلك اللحظة يبدأ الانقراض .. انقراض المعنى من الكينونة ليس كما يتوهم داروين. فالإنسان مذ سقط في النزاع لم يعد يعرف أن بيئته هي (الله). ولم تعد الأرض تشبهه، أصبحت صورة مبتورة لروحه المطرودة من الحضرة الإلهية كأنما كل هذا الكون مسرحٌ للتشويه، أصوات متشظية من العداوة والتعصب والتقديس المشوه. البشرية اليوم تهرب. لا تفكر ، تُبرمج. وما يُسمى بالسير الحثيث نحو "التقدم" هو سقوط مرحلي من منحدر الروح إلى هاوية الرغبة. أضاع الإنسان بيئته الأصلية ونصّب بدلها بيئات مصطنعة: القومية، الدين المؤسسية، السوق، الهوية المشروخة. فالبيئة الإلهية تُرى ببصيرة متطهّرة من الغرض. هي الأصل الذي وُجد الإنسان فيه نقيًا، سليمًا، قبل أن تلتف عليه قيود الرغبة، قبل أن يُحشر في مسألة الهوية ويُطالبه العالم بثمن انتمائه. في لحظة ما، تخلّى الإنسان عن الله كبيئة، واتّخذ "التقديس" بديلاً هزيلًا. تقديس الجغرافيا، الأشخاص، الرموز، التعصب للنصوص لا للروح. وأُفرغت الحضرة الإلهية من معناها لتُختزل في مراسم، وصارت الأصالة تُقاس بالحفاظ على تراث العنف وليس على نقاء السلوك. أينما التفتّ، ترى بشرية تخاف الفناء فتخترع الخلود الصناعي، تخاف العزلة فتُكرّس التشويه، تخاف الموت فتُجرّم الحياة. ومع هذا، لم تعد ترى أن الفناء نفسه لا يعني شيئًا إن لم يكن الإنسان واعيًا للفناء. فالفناء الذي يحدث في غفلة عن الأصل هو اختفاء لا موت، والموت بلا وعي بالبيئة الإلهية موتٌ بلا ولادة، ظلمة لا يعقبها نور. المأساة أن ملكة التعبير التي كانت في الأصل تجلٍّ من تجليات الوعي الإلهي، صارت وسيلة للتسويق، للدفاع عن الانحطاط، لتمويه التشويه. وما يُكتب اليوم ليس سوى رغبة مموّهة، والفكر الذي لا يُرشدك إلى البيئة الأولى، هو ضلال أنيق. البيئة حالة من الصفاء المطلق تُستعاد بانفصال جذري عن الصخب، لهذا كان الانقراض الأكبر وجوديا، انقراض القدرة على الإحساس بالحضرة. انقراض العين التي ترى، القلب الذي يتقن الإصغاء. الإنسان بحاجة إلى العودة، إلى إدراك أن الظفر لا يكون خارج الله. وأن كل ما نظنه تقدّمًا، ما لم يُعِدنا إلى أصلنا هو تأخّر مقنّع. المنطلق في تفكيك الداخل، في تحطيم الأصنام التي بُنيت داخل الوعي. حين تُزال طبقات التشويه
ينكشف الجوهر وتتجلى البيئة التي لم تغادرنا أبدا، نقاءٌ يُغسل فيه القلب من دنس الاصطفاف، وعيٌ يُحرّر الفكر من الثمن، السلوك من القيد، الفناء من الرعب. وحدها البيئة الإلهية تجعلنا بشراً. وحدها تُعيد لنا الحق دون مقابل .. تجعل من الفضيلة طبيعة.



#أبية_الريح (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نزهة القتلى في عيد الحياة
- خارج اتفاقية الطاعة
- طقس انقراض طوعي
- بنتُ وَهمِكِ
- نرجسية المطر
- طيف ينهض من أقبية الرماد
- سفر النفس إلى شوقها الأول (2)
- سفر النفس إلى شوقها الأول (1)
- السودان والمشروع المعاكس


المزيد.....




- كوريا الشمالية تُعلّق على ضربات أمريكا لمنشآت نووية إيرانية ...
- شاهد.. طاقم CNN يضطر للإخلاء أثناء البث المباشر تزامنًا مع إ ...
- رحلة اللقالق تحت المجهر: رومانيا تطلق مشروعًا علميًا فريدًا ...
- أهداف الناتو الجديدة أعباء وتحديات جديدة للجيش الألماني
- خبراء يحذرون من -سلبيات- العمل قبل السابعة صباحاً!
- 7 بدائل طبيعية للسكر تقلل استهلاكك دون التخلي عن حلاوة المذا ...
- قائد الجيش الإيراني: نقاتل اليوم من أجل النصر
- شمخاني يؤكد: اليورانيوم الإيراني المخصب لا يزال موجودا
- عراقجي يجري في موسكو محادثات -جادة ومهمة- مع بوتين
- واشنطن تحذر رعاياها بالداخل والخارج وتقلص بعثتيها في لبنان و ...


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - أبية الريح - سفر النفس إلى شوقها الأول (3)