أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سردار الجاف - سورمي في أروقة الخريف















المزيد.....



سورمي في أروقة الخريف


سردار الجاف

الحوار المتمدن-العدد: 8375 - 2025 / 6 / 16 - 20:18
المحور: الادب والفن
    


لفوهة القلم حيرة لن تعرف من أين تبداء، من مهاجرة الطيور خوفا من برد الشتاء أو من تساقط الأوراق کأنما أرواح البشر تفرش علی الأرض، أو من تلک الجمالية الباهية يعجز القلم و اللسان والأحرف من وصفها، هذا هو الخريف فأذن ما في ذمة قصيدة "مستقبل الخريف " للشاعرالکوردي نژاد عزيز سورمي، المنشورة في عدة مواقع و في کتابە بعنوان ( وطن في حبة رمان ) لعام ٢٠٢١، اصل القصيدة بلغة الأم اللغة الکوردية، و المترجمة من قبل السيد " محمد حسين المهندس"، مفهوم عنوان القصيدة عند عموم الناس و توقعاتهم بأن تأتي يوما ننتهي من فصل الخريف لاسيما في التحولات المتصارعة لتغيير الطقس، و الا هناک مفاهيم و دلالات أدبية بحتة و عميقة، وليس المفهوم الشکلي الباين، لابد للناقد أن يتخطی بالأتجاە نحو مفاصل النص، غالبا ما يربک القاريء و يتسرع بقراءة خاطئة لما هو موجود من مفردات القصيدة .
القاریء يتخيل مابين أحرف و أسطر هذە القصيدة يتصور بأن الشاعر هو الذي يفقد نفسە فيها و الا عند القراءة الدقيقة ندرک بأن هو الذي وقع في أخطبوط الأخطاء هو بحد ذاتە يفقد نفسە أليس الشاعر، و من هذا المنطلق المترجم أيضا أحيانا يقع في هذا الفخ الذي حفرە الشاعر، لذلک يجب أن يکون المترجم من لغة الأم الی أي لغة أخری شاعرا أو ناقدا لأن يدرک مفهوم و دلالات الشعر عند الشاعر حسب قراءتە ولم ينزلق الی اخطاء کما ورد هنا، لذلک أننا أخترنا هذە القصيدة للوقوف بصورة أبطء عن مجريات وحدة الموضوعية.
هنا نشير لمفاهيم و دلالات القصيدة، لن ولم نتطرق الی کيفية نظم و نسخ النص لکون الشاعر هو من أحد أبرز الشعراء الکورد بکوردستان العراق، ملهم و أنسان ناضج بمفاهيم وجمالية و نظم الفن الشعري و أساليبە المتعددة و مدارسه المختلفة، لذلک نتجول في قراءتنا هذە الی ما أشرنا اليها سابقا ربما نتطرق الی الشکل في هذە القصيدة أيضا.
عنوان القصيدة " مستقبل الخريف " يجذبنا نحو معان ومفاهيم عدة و دلالات متنوعة، کلمة ( الخريف ) بحد ذاتها تجرنا نحو تعقيد المفاهيم و الدلالات لاسيما لدی الشعراء، الخريف حينما ننظر اليه بعين مجردة نجد جمالية لامثيل له و هو أجمل من الربيع حينما الأوراق الصفراء و الحمر بألوانها الزاهية ترقص في سقوط جنونية لکي تعبر عن تواضعهن و يقعن تحت أقدام المارة، الخريف من بين الفصول أجملهم حامل السحاب و هو من يدير الغيوم و يرطب الأرض، و الأنسان فيە يخشی من البرد وهو أيضا عناوين الأبراج المتفائلة، الأشجار تخلع ملابسها في رقصات ورقها، لذلک يتجە الشعراء الی توظيف الخريف کدلالة لجمالية حروفهم و جملهم و نصوصهم الأدبية، و البعض الآخر يرسمە کأنە عنوان لأنهاء حيوية أوراق الأشجار ويربطه بأنهاء حياة الأنسان في آخر المطاف.
قبل شروح النص نود أن نشيڕ الی نقطة مهمة الا و هي ترجمة القصيدة مرة أخری نعتذر للقاریء و المترجم بما جاء في الترجمة اللغوية و ليس الترجمة کنص شعري من الناحية المجازية و المفاهيم و الدلالات.
أشتعل سراج من حسنک
صورة سيل بکاء الفراق
مثل هم الوطن البعيد
الظل الحزين .... موسيقی الفؤاد....
السهاد الساهر أبدا .....
کأنهم تفاحات جدي العتيقة
علی فضاضة التأريخ
ملتصقة بشعيرات
تتهزهز برهو هيف الليل
نجد في الترجمة تقطيع في هذا المقطع من القصيدة مابين السطريين " مثل هم الوطن البعيد ....و .....الظل الحزين .... موسيقی الفؤاد..." والصحيح کل ما جاء أعلاە مقطع واحد، لابد للقاريء يفکر و يسأل ما الفرق بين الربط أو الفصل بين السطرين، في هذە القصيدة الربط والفصل تعمق المعاني أکثر، لأنها القصيدة بحد ذاتها من الأساس تتکون من مقاطع و رغم ذلک الشاعر يستصحبنا معە في بداية کل مقطع الی أعادة السطر الأول من القصيدة، حسب قراءتي لمفهوم و دلالات الشعر وللمقطع الأول من القصيدة، کان علی المترجم أن ينقل لنا ‌هذا المفهوم ........
أشرق سراج من حسنک
صورة من سيل البکاء المتفاوت
کهم الوطن بعيد
الظل کئيب... موسيقی الصميم
سهر دوما سهران
کأنما تفاحات قديمة لجدي
علی رفوف التأريخ
بتلک الخصلات ملتصقة
تتهزهز بنسيم الليل
التکرار في الشعر بحد ذاتە دراسة عميقة سبق وأن أشار اليها بعض الکتاب والناقدين و أننا هنا مجرد نستذکر بما يريد أن يقول الشاعر لنا، أن أعادة الجملة البدائية أو کلمات و جمل أخری في هذە القصيدة ، من أحدی تجليات الشاعر الذي يستصحبنا نحو جمالية النص، هذا الأسلوب ليس التجديد في الشعر وأنما نجدە في الشعر الجاهلي أيضا و الا موقعية أعادة أستخدام الجمل من شطارة الشاعر، و لن يخضع لضعفە، وکذلک الحالة النفسية للشاعر أيضا يخلق لنا الدقة في قراءة القصيدة، (( التكرار يستطيع أن يعين المتلقي في الكشف عن القصد الذي يريد الشاعر أن يصل إليه، فالكلمات المكررة، ربما لا تكون عاملا مساهما في إضفاء جو الرتابة على العمل الأدبي، ولا يمكن أن تكون دليلا على ضعف الشاعرية عند الشاعر، بل إنها أداة من الأدوات التي يستخدمها الشاعر لتعين في إضاءة التجربة، وإثرائها وتقديمها للقارئ الذي يحاول الشاعر بكل الوسائل أن يحرك فيه هاجس التفاعل مع تجربته )) " ١ "
لابد للأشارة الی أن هنالک في الشعر المعاصر تکرار في الحروف وفي الکلمات مابين الأسم و الفعل، و هنا نژاد يأخذنا لمأوی ضوضاء وهذا مبني علی مفهوم النص لديه لاسيما نجد روح ثورية في قصيدتە.
(( أذا كانت الوظيفة الأولى للتكرار مقرونة بترديد النص على ضوء من التفصيل،فإن الوظيفة الثانية مرتبطة بتجسير المقاطع الشعرية عن طريق رجع الصدى الذي تتمثله الدلالة العامة، فتتوالى الصور الشعرية، وتتناثر محققة تراكما مشهديا يغني العمل الشعري لكنه في جوهره ينظم الخطاب الذي تحكمه علاقة العام بالخاص)) " ٢ “
أذا أستوعبنا النص بشکل دقيق، منطقيا نلتقي بأفکار الشاعر مرونة و هادئة عکس مايقولون بأن التکرار مأخوذة ايحائە من التعصب و العنصرين، بلغة هادئة يخاطبنا، علينا التلائم مع مفرداتە المرنة التي تستصحبنا لأضطهاد شعب علی مدار العقود والقرون.
أشتعل سراج من حسنک ....
کائنة بلا البداية و لا النهاية
لاتخشي اللە
و لا تخجلي من بني آدم
أزاء بصيرة الريح
أزاء بصيرة الثلج
أزاء بصيرة المطر
تطاردي الفراشات
کائنة بلا البداية و لا النهاية
لا تخشي اللە
و لا تخجلي من بني آدم
أظن بأن أدراکنا لن يتجهنا نحو الأنحراف کما حدث أنحراف للشاعر عند هذا المقطع، القاریء يدرک هنا لعبة دراماتيکية نحو العلی عند الشاعر دون أن يشعر الشاعر بأنە في حالة أنفعالية،(( من أهم المعايير المعروفة في الصور الشعرية الكشف عن انفعالات الشاعر نقلا لصورة واقعية مرئية، حيث يمكنها التحرر من التعميم والانغماس في رؤية تتسم في مضامينها بعمق الرؤية الموائمة لتجارب الشاعر التي قد لا تنبعث من التأمل وحده، بل من عوالم نفسية متعددة، فلابد إذا من تحرر الشعر من «اللا شعر»، إن جاز القول، بمعنى عدم ارتباطه بكلام واهن وهين يخلو من روح الشعر،)) “٣” هذە الحالات بيان واضح لأحقية التعمق في النص أو جوهر الأحداث، لئن کانت عند الطابع السياسي أو العاطفي أو الحياة الطبيعية للعاشقين، ولکن الشاعر هنا عند همجية العشق أو أستبداد الشرس في کل هذا المقطع من قصيدتە يشرح لنا بأن سراج حسنها لاتخشی من المقدسات و أمام أنظار العوالم المقدسة و الأحاسيس المرهفة تطارد الفراشات التي من أجمل الکائنات التي لها أقصر العمر و في أحلی الفصول ألا و هو فصل الربيع الا أنە يغازلنا بالأنحراف من مضمون القصيدة التي تحت وطأة الخريف، هناک تضارب مابين الربيع و الخريف، کفرق الحياة و الموت، لذلک حسب رأي لم يکن موفقا في هذا المقطع الا في الحالة الهسترية، القاریء يشعر بجمالية القراءة، لکن عند النقاد نجد قراءات متعددة.
أشتعل سارج من حسنک
هم قريب و الوطن بعيد
الضباب في بهجة بصيرة الطريق
نحو جحيم الظلام
أو يمضي صوب فردوس النور
من أين أمضي أنا ؟
السماء عمياء
السماء خرساء
من أين أمضي أنا
من بين کل الظلال هذە
أي ظل هو لي ؟
يستصحبنا الشاعر معە من هذا المقطع لکي نبحث عن الشکل في الشعر و في هذە القصيدة بالذات، الشکل في عصرنا هذا أحتل مکان بارز في الشعر الحديث، لذلک يراودنا أن نتعمق قليلا بهذا الخصوص لکي القاریء يستذکر أبعاد المفهوم أي الشکل و المضمون هنا، أذن ماهو الشکل...
الشکل من الناحية الهندسية مبني علی هياکل و مجسمات و تخطيطات هندسية معمارية، لئن سألنا أنسان مهندس عن الشکل، لخلص لنا و رسم لنا مخطوطات هندسية و بشکل يليق أن نتمتع بمشاهدة هذە الأخطبوط من الخطوط المعمارية و جمالية الأشکال المتواجدة في الصورة کتلک العمارات التي نشاهد جمالياتهن في دول مختلفة من عالم اليوم،(( أن الشکل لە بعدين فقط من الطول و العرض و الأرتفاع، وذلک علی الرغم من وجود طول و عرض فقط في الشکل ثنائي الأبعاد الا أنە يمکن قياس المساحة الداخلية لە عن طريق القوانين الهندسية التي تستخدم في قياس الطول و العرض ثم أدراجهم في قانون الحساب و کل شکل هندسي مختلف عن الشکل الآخر و أکثر التطبيقات شهرة علی الأشکال الهندسية ثنائية الأبعاد رسومات منحنية و أشکال مضلعة أي عبارة عن أضلاع متصلة ببعضها البعض ))"٤" لکن هذا الشکل کما متواجد أشکاليتە في البناء، وعلم بحت ذات تعمق و جذور متفرعة، ندرک هنا جيدا أن العمارة تتجذب أنظار الناس، والا هناک أشکال مخفية عند مجالات أخری، تشتاق لها الناس النخبوية، نجد نفس القوانين ولکن بأجتهادات أبداعية و مدارس مختلفة في الأدب، خصوصا مقومات الشکل في الشعر الحديث و المعاصر ولا يقل جماليتە من جمالية الأبنية الهندسية المتطورة، روافد هذه المقومات في الأدب ضرورية وملحة، أذن علينا البحث بما تراودنا من الأفکار حول الشکل في الشعر الحديث، والقراءات المتعددة بهذا الخصوص...
الشکل في الأدب هناک عدة محاور، منهم من ينظر الی الشعر کما موجود شکلە، نظرات کنظرة الأبنية الهندسية، و هناک تأويلات أخری لشکل الشعر کالشعر المحافظ أو الحر أو قصيدة النثر، أکيد لکل من هذه الأتجاهات تحليلات بناءة و نقدية و کذلک قراءات منطقية، في الفقرة الأخيرة الشکل في صميم أو عمق أو باطنية الشعر أو القصيدة، الأخيرة نستطيع أن نقول بأنها خصخصة شعرية بحتة، أذن نحن نتوقف عند هذە النقطة لقصيدتنا للشاعر نژاد سورمي ..
وسائل تعبيرية جديدة بعيدا عن جماليات القصيدة القديمة، الشکل هنا ندرکە في اللغة و التصوير البيانی و الأيقاع، ليومنا وعصرنا، هذا المعمول لە القرارات والنقد البناء المنطقي أذا جاز التعبير، عند بيان اللغة لهذه القصيدة، الترجمة لها دور کبير لأيصال مايراود الملتقي منە، أکيد أننا قصدنا الملتقي النخبوي، أن اللغة لدی الشاعر کما سبق لي وأن أشيرت الی المام و المعرفة التامة للشاعر وتجاوزه الفن الأبجدي للشعر لە تجربة فريدة و نادرة وهو من أحد الشعراء البارزين في أربيل و کوردستان و العراق، لذلک بحثنا ليس في هذا المنظور وأنما التعمق في الأتجاه الأخير من ثلاثية الشکل... لکن الملتقي العربي حينما لم يجد التجاوز في اللغة العامية لهذه القصيدة سبب ذلک يعود لترجمة القصيدة بالشکل الذي يشتاق الملتقي لە من حيث المفهوم .... بدأنا بحثنا هذا بحيرة و نجد الحيرة في هذا المقطع مابين الأغتراب التي يؤلمنا في ‌هم القريب والوطن البعيد، الظلام و الفرح و والنور طرق وعرة لا أظن يسلک کل ناس، في قوقعة کل هذا السماء عمياء و بکم..... برأي هنا يروي لنا الشاعر مأساة ما عانة منه شعبە من ظلم و أضطهاد لکن حينما نجد في الوسط خرسانة الفرح، دليل علی أن رغم کل الويلات نجد الحب الجميل فيما بين الأحباب و العشاق و عمياء السماء و بکمە رغم المأساة التي تعرض لە شعبە أمام أنظار العالم ولم يدافع عنهم و هم أبدوا البسالة و کانوا شامخين أمام التحديات، کذلک نقدر هذه القراءة نلخصها في مابين العشاق في النهاية يصلون للبعض رغم رفض الأهل کما شاع قبل للزواج.....
کذلک الشاعر بلغة غير مألوفة يصور لنا مجريات الأحداث فيها نوع من أساليب الفنية و الجمالية،(( تعد الصورة البيانية فنا بلاغيا وأسلوبا من الأساليب التي لها مقدرة إبداعية خاصة، فهي الطريقة المثلى لعرض الأفكار والمشاعر التي تجود بها مخيلة الشاعر، تضفي جانبا جماليا واضحا على النصوص التي توظف فيها، كما أنها تكشفت عن المواقف الشعورية والانفعالات العاطفية التي مر بها الشاعر، ))“ ٥ " في المقطع هذا الشاعر لن يصف لنا الأحداث و أنما أستنتاج ما حدث بکلمات مؤثرة نابع من الصميم المأثر و يری قصة حبيبته و يمد لنا جذور صيحات عاطفية، و لم يستنجده أحد، في نهاية مطاف المقطع يفور من بکرة أنفعالاته لمسألة العشق بالحرف الواحد يقول لنا، " السماء عمياء …. السماء خرساء " هذه دلالة الأنفعال الناجم کأنما يغرق ولن ينجو،لذلک… لن يؤمن بالمأوی الذي فيه و يستسفر بأنە أين هو ......؟
أشتعل سراج من حسنک ....
أختلطت کل الأقلام
...کل الخناجر.... کل السيوف
أختلطوا ....
النظرات صوب العلی ....
رؤوس الخيوط أنفصمت ...
الجبل ...
وطن الخريف ....
لم يسعفنا آخر خيوط الشفق !
لم يتلف النهر کي قميصه
من أجل الرقص الشائک ....!!
السماء عمياء ....
السماء خرساء .....
السماء صماء ....
من أين أمضي أنا ؟
من بين کل الظلال هذە
أي ظل هو لي ؟
مجريات القصيدة تجبرنا نعيد الی الأذهان التکرار في الشعر، في هذا المقطع أضافة الی السطر الأول يعيد الشاعر کما عودنا عليه نجد ستة سطور الأخيرة أعاده، لکي لن نبتعد عن مابحثنا في شرح المقطع السابق الا وهو الشکل. من ناحية النظر کما نشاهد الأبنية من الشکل نشاهد مافي المقطع ذاتە ولکن بدلالات أخری من التصوير البيانی و الأيقاع الا أنە من اللغة نفس الأتجاه الذي يسلکه في کتاباتە الشعرية، الشاعر .... لأستذکار الهدف في نصە يسلط الضوء علی النقطة الأساسية و يعيدنا لسابق أوانە (( عنوان القصيدة ..... سيل بکاءە لهموم الوطن )) يغرس التناص الشعري فينا و دلالاتە الشعرية مابين سطورە و مقاطعە العدة، يکشف مابجعبته أفکارا متراکمة و متحسرة، التکرار بحد ذاته دليل آخر لوحدة الموضوع في النص الا أن الباحثيين و النقاد لن يستثنوا هذه النقطة المهمة و الحساسة في النصوص، بمنظورهم التلسکوبي يرکزونه عليه لولا وحدة الموضوع لشاع الضوضاء و تواجده لا مفر منه.(( يعتبر التكرار عند النقاد والباحثين في مختلف الأزمنة من أهم ظواهر الخطاب الأدبي التي تعتبر من أبرز الظواهر الفنية والأسلوبية التي تبين لنا أبعادا دلالية وفنية تحفز المتلقي للنظر والبحث في دلالات القصيدة ومراميها، فالتكرار يعد من الأسس الأسلوبية التي تعمل على التماثل في النص الشعري خاصة وأنه يساهم في تمتين وحدة النص وتماسكه بالإضافة إلى أنه مرتبط بالحالة النفسية للشاعر بشكل مباشر، وما يريد أن يبعثه من رسائل ومضامين فكرية)) “ ٦ “. کأننا في وسط الدراما الفنية , تدريجيا نقع في جوهر أو عمق الهدف الخنجر والسيف رمز القوة والتسلط، و لهما غاية الأهمية في الصراعات، أما القلم رمزە هو الحکمة و الثقافة ، هکذا الأثنين يرمزون في الأدب والشعر، في هذه القصيدة هناک أتحاد القوة مابين الأثنين، لئن قراءنا هنا صراعات مابين القلم من جهة السيف والخنجر من جهة أخری لکانت قراءتنا لها في وادي آخر للمفاهيم و أبعاد المضمون ماکانت نحو ماهو الآن بشکله اليائس، حسب قراءتي لهذه الأسطر المتشابکة و المختلطة فيما بينهم، هناک الذات خارج أطار کل المفاهيم الأنسانية، و عندما النظرات تکون للعلی، دليل علی مناجات و دعاء لنجدة المضطهدين، واليأس يرافقە لذلک يعود الشاعر يستذکرنا بأنقصام رؤوس الخيوط، جدير بالذکر أن لکل بداية الخيوط هناک أنقطاع والا لم تکن رأس، لکن أستذکارنا لکي يقول أهل الجبل متقطعين عن بعضهم البعض.
لابد أن تکون قراءة أفتراضية للتخيل الواقعي الموجود في هذا النص، التخيلات نابع مع و من ‌هموم المجتمع و رسمها ضمن أطار وحدانية الموضوع بأفکار و آراء التخيلية للشاعر، تجاوز الجدل لأنه يتجه نحو فن المنطق و حسن التفکير للأدب. لکن سرعان ماينفعل و يعود الی تعصبه العاطفي اللامنتهي، التأثيرات السياسية تهيمن علی أفکاره، ولن يترخی عن جدلە الأنفعالي و هذه المرة السماء البکم ينضم للعمياء و الخرساء، العلاقة الحميمة مابين القلم من جهة و السيف والخنجر من جهة أخری تعني أنسداد طرق الأنفراج... و قبل نضوجها نلتقي بالنهر و أشياء أخری، حتی من ناحية الشکل هذين المقطعين الأخيرين يختلفان عن جميع المقاطع البقية. من لمحة نظرية القاریء يشعر بذلک....
وفق المقارنة مابين النص الکوردي والترجمة عربيا لابد من تصحيح مايدور في ثلاثة سطور، رغم ذلک هناک غياب لغة شعرية هنا أعيد القول بأن ترجمة الشعر لابد أن يکون شاعرا بارعا أو ناقدا جيدا، وتکون الأصح
لم يأوينا آخر خيوط الشفق
لم يتلف النهر لرقصة الشوکة
قميصه المکوي
مابين (( عدم وجود مأوی في آخر خيوط الشفق والنهر الذي لرقصة الشوکة لن يتلف قميصه المکوي )) ليست دلالات عابرة أو تهميشية و أنما عبارة عن مايعاني منه الشاعر من ويلات و مآسي رغم محاولات الأجهاض يشعر بأنە لم يصل الی مايريد يعبره، لذلک يستمر في أمتداد کينونته الفکرية، وأنه في حالة غيبوبة الکتابية الا أنه لايود أن يقع في الفشل بأيصال رسالته الشعرية المفهومية، هذه الحالة تکون موجودة ( حالة الغيبوبة ) أي حالة اللاوعي تکون موجودة عند الکثير من الشعراء أثناء الکتابة، أنا أجد ضغوطات فکرية علی أبجدية کتابتە حول هذا الموضوع الشاق، نستمر بقراءة القصيدة و نتحول الی مقطع آخر .....
أشتعل سراج من حسنک
الوجهات صوب النظرة من جديد ....
النظرة ....
أثار أقدامها فوق بساطة الأمل .....
النظرة ....
تذوق برتقالية ....
تشبه للناظر ضوء ...
النظرة ...
يأخذها النعاس عند الصباح ...
النظرة جوهر و لب المقطع المشار اليه أعلاه، النظرة هي التأمل أثناء التفکير بشیء ما و کمصطلح لها أسس و قواعد و مبادیء، لوصف شیء ما سواء کان علميا أو فلسفيا أو أدبيا، من هذا المنطلق و المفهوم لنظرة الشاعر يريد بناء ثقته و تفاءله لفکرة جديدة بموضوعه في القصيدة هذه، کما أشرنا سلفا بأنە يستمر و يقف بوجه الأجهاض الذي يختنقه يأمل في الأتجاهات التي تصحوا من بکرة أبيها نحو النظرة، هنا النظرة شغله الشاغل، کلما المراء ينظر يتلقی المزيد من الأتجاهات و أفکار متعددة و متنوعة، کل هذه الأتجاهات نحو النظرة، أذن حلقة حلزونية فيمابينها تدور، مرات علی سجادة الأمل، الأمل هنا نظرة أنعطاف الشاعر نحو التجديد والجمالية تبشر بفک الخناق و الأنفراج نحو البشائر، نظرات کطعم البرتقال هذه النظرة صوب الأنفتاح و الأنتعاش، أجل أنه وصل الی الأنتعاش أو لازال في غياب الفکرة ؟ لکونه يستمر و يقفز الی النظرة ( تذوق البرتقال، کالشمس في العين ) هذه تأملات للخروج من المأزق الذي يمسکە، لکن سرعان ما أن النظرة في الصباح الباکر ينعس و ينام و يرجع الی نقطة الصفر، أذن هناک مزاولة و الأستمرارية في القصيدة..........
أشتعل سراج من حسنک
المدينة عطشی .... مفجوعة ...
الشارع في موسم الفناء ....
هارمونيا الفاقة و مروج الخوف ....
ما کان بوسع الجراحات أن تفعل
أکثر ....

القمر
الساهد الساهر دوما ...
ما شأنه و تفاحة ....
تفاحة تنبذ کل الدنيا
ثم تجمعها .
القمر ...
ماشأنه ...
أم کان الخريف في الجبال أم المدينة ...
أن کان لە نضال دفين أم لا ؟
القمر ...
ما شأنه ...
و تلک الصواعق الحامية
أنجدتنا أبدا نيابة عن
الرغيف والدواء ...

أيتها الغمامة الدانية ...
ياجوهر الضياء ....
أيا المکرم مضياف الموت ...
سارت الجيوش من ها هنا ...
مهر ...
آثاره لم تزل باقية ...
بالحراب طعن علی هذا المسار ...
عادت الجراحات کما کانت ...
الغمامة الدانية ...
جوهر الضياء ...
مضياف الموت ...

طارحنا المجد بسويعة تحليق ...
لذا لم نر سوی شجيرة الدفلی
تحدق فينا ...
تترع کؤوسنا ...
و هکذا دواليک أبتدأنا ...
نقطع أشجارنا واحدة واحدة
الی أن جفلن من عيوننا ...
فأودعنا ( النور ) في ديجور الليل ...
الغمامة الدانية ...
جوهر الضياء ...
مضياف الموت ...

لم تکن الشمس قد غابت بعد...
کنا نحن من ارتوی من الجمال ...
کنا نحن من شربنا الأيام الی النز
الأخير ...
لن تکن الشمس قد غابت بعد ...
الغمامة الدانية ...
جوهر الضياء ...
منذئذ...
جاءت بسمة
من أعماق الجراحات ...
جاء خنجر
أستل مع نفخ الزوبعة ...
سل؛م الأمل ...
بالألحان المقموعة ...
بموسيقی الصميم ...
کما أشرنا سلفا بأن قراءتنا هذه ضمن المفاهيم والدلالات في القصيدة، و نتطرق أيضا لوحدة الموضوع، يجوز لنا بأن نقول ( أشرق سراج من حسنک ) بدلا من ماهو مکتوب في النص المترجم، عند قراءة النص ليس هناک فقط الأهتمام بتاريخ الأدب أو النص، القاریء يزاول مفهوم القراءة،الذي يقدمه بقي مرهونا بمايطرحه النص الأدبي بحد ذاته. الشاعر يروي معاناتە و آلامە لحبيبتە، الأرض و الوطن يسلخ الشاعر من لغة الحب لحبيبتە و يحترق مابين أروقة تلک الشظايا التي تعبث حيويتە (( القراءة التي تتخذ الفهم العميق للنص المقروء هدفا لها، أي أن القاریء يجب أن يحلل و يقيم مايقراءه من نصوص، کما عليه محاولة تأملها للوصول الی لب المکتوب فبعض النصوص تحتوي أکثر مما يبدوا من الوهلة الأولی )) “ ٧ “ أظن أننا في لب القصيدة، حينما يری الأشراق من سراج حسنها من جهة مابين أنتعاش حبيبته و أفکاره المحتلة من جهة آخری المدينة و الشارع و الواحة والهارمونيا، يأس و معدوم ماکان بوسع الجراحات يفعل أکثر و الا لئن فعلها، هذا هو الخريف بمعانیه المأساوية...
(( التفكير النقدي أو الناقد؛ هو القدرة على التفكير بوضوح، وتناول التفاصيل، وتحليلها وفهم العلاقة المنطقية بين الأفكار، وهو ليس وسيلة جديدة لتحديد مدى صدق أو زيف النص)) " ٨ “ من هنا يلتجأ الی القمر ليجنده و يمحوا أو يزيل همه و يدوي جراحاته اللامنتهية لکن يعود لأتعس الحالات من ضوء القمر يفکر بالتفاح، و التفاحة تأخذنا الی قراءة رموزها في الأدب، غالبا کان الشعراء القدامی يلتجأون لنمط الرموز في قصائدهم، ولکن ليس بهذه الدقة التي يلجأ لها شعراء الحداثويين أو الجدد، التفاح لە قراءة يذکرنا بأسطورة آدم و حواء و قصتهم التي تعتبر بالخطيئة، و التفاح له رائحة عطرية لطيفة وقوية بأستثناء ألوانە الجذابة من الأحمر والأصفر ومايشابه بخدود جنس اللطيف.
بعد فاجعة حلبجة أصبحت التفاحة رائحة الموت و الأبادة الجماعية لذلک الشاعر يتأکد بأنە من هذه الفاجعة يذکرنا و يروي جروحه في المدينة و الشارع و الواحة و کلها دليل لقراءتنا هذه، نود أن نقول بأننا نجد مقاطع أخری داخل هذا المقطع کأنما قصيدة داخل قصيدة جمالية الکتابة تبرز و القاریء يشعر بتحول ما ولکن لن ينتبه ما هو لنوع التحول المقاطع داخل المقطع أسلوب نادر يتبعە نژاد لکي يقول للقاریء مابين حکايات بلادي هناک مئات من القصص المأساوية ينزف الدم من جروحها ولن يتوقف النزف، ولم يلتجأ لکينونة حسنها و السراج المشرق.....
فما فائدة شعاع القمر والأجواء المشوهة و الرائحة الکريهة علی الأرض، أجل أن التفاح تنبذ الدنيا کله أي السلاح الکيمياوي الذي مغذي بهذه الرائحة، دلالة الخريف و مقارنته بالمأسآة تجاوز أفراط بالحالة الجمالية للخريف، المرء حينما يجد شعاع القمر تنبثق علی الألوان الزاهية لهذا الفصل، و تجرنا للوحات أبداعية جميلة مليئة بالتأملات لحياة أفضل و أسعد الا أن الشاعر يختبئها ضمن جروحه يبرز لنا ويلات شعبه، رؤية ضيقة لأنفاس کتابية طويلة لن يخمد، ويشاطرنا معه بأن القمر ليس له الشأن بمعالجة الجروح بل هناک صواعق حارة تسعفنا بالخبز و الدواء، الصواعق هنا أنبعاث الثورات بين الحين و الآخر،
مجمل و ملخص القصيدة بشکل عام و من خلال سياق هذا المقطع بشکل خاص، تعابير و أنفعالات تصطدم بضفاف مشاعره، القاریء بين حين و آخر يدرک مايدور بذهن الکاتب، غياب البهجة والسرور و الطمأنية و تضميد الجروح من خلال تشابک وتکاتم الکلمات و الأسطر بعضها بالبعض و أستدال ستائر الأنفراج من خلال تماسک تلک الکلمات: (( الغمامة الدانية، جوهر الضياء، مضياف الموت – و أعادتهم عدة مرات – الجيوش، الحراب، عودة الجراحات، الدفلة، النور في ديجور، البسمة من عمق الجروح، تقطيع الأشجار، فوز الزمن بسباقه عليهم حينما کانوا قبل غروب الشمس ممتلئين بالجمال، رغم تلک المعاناة هناک ألحان مکتومة و خفية في الصميم بموسيقی تود الحياة)) من هنا يطراء لنا بأن أنفعالاته ليست شديدة و أنما متوسطة، (( کلما قل الأنفعال لدی الأشخاص، قل الأداء الأبداعي و العقلي لعدم وجود أي أنفعال أو أهتمام، أما أذا کان الأنفعال مرتفع بدرجة کبيرة فأن أداء الأنسان الأبداعي والعقلي يکون أيضا منخفضا بسبب القلق والتوتر الذين يصيبانە.....أما في حالة کان الأنفعال متوسطا، فأن في تلک الحالة يکون الأداء العقلي والأبداعي مرتفعا جدا، مما يجعل معدلات النجاح تزداد لدی هذا الشخص)) "٩” الأنفعالات تؤدي دورا فعالا في حياة الأنسان فهي نتاج مع محيطه و عالمه الخارجي، لهذا نجد التأثيرات من وراء تلک الکواليس حول الشاعر تحدث علی مر التأريخ و حياته المستمرة .
أما بالنسبة للتکرار حروف أو جملة أو أسطر فهناک أنواع و قراءات عديدة لهذا المضمون، وکذلک دراسات دقيقة لشرح مفاهيم التکرار، و السطور “ أشراق سراج من حسنک “ و “ الغمامة الدانية “ و “ جوهر الضياء “ و هي بحد ذاتها أعادات تذکير کأنما تنادينا مثل، “ أيافلان أسرع أسرع “ أو النجمة ساطعة “ نستطيع القول بأن هذا التکرار أسميه تکرار ظاهري أو خارجي ، و نوع آخر من التکرار هو التکرار الداخلي من هذه القصيدة نجد کلمة “ خنجر “ هذه الکلمة ليست کتکرار أو أعادة الأسطر البقية و أنما لها دلالات و مغزی عميقة، الشاعر يذکرنا بوحدة الموضوع والألتفاف حول هدفە و الرجوع الی بداية القصيدة و ربطهما بالبعض. فعلا هنا أدرکنا بتکامل الوحدة الموضوعية في هذه القصيدة أذن الشاعر بألمامه يستمر بمداولة قصيدته ......
منذئد....
أشتعل سراج من حسنک ...
أتخم حقيبة يدي بالشوق
في مراسيم تظاهرة سلمية ...
يا للدهشة ...
ماهذا الشوق الأسود
يتلألأ من القلوب الخاوية ؟
أنظري ...
أي شوق جریء
يغرق الشفاء الحزينة ...
يبداء نژاد هذا المقطع بتغير طفيف عن المقاطع الأخری بکلمة منذئذ، لکن هذا التغير من ناحية المفهوم لها دلالات أخری الا وهي أستذکار ودوامة المقطع السابق للقاریء ليقول لە منذ ذلک الوقت أشتعال السراج أو أشراق السراج ملتصق بهدفە المنشود، أي تلک المعاناة أو بالأحری المأساة التي أشرنا اليها.
أذن من هذه الفقرة تبين لنا أتجاهين في هذه القصيدة التي يسلکها، الأتجاه الأول، الرموز و الأتجاه الثاني هو المأساة،لذلک نتوقف قليلا عند هاتين النقطتين : ...
الأتجاه الأول : لئن قلنا الشاعر أعتمد في أسلوبه هذا علی الرمز في الشعر لن نقع في الخطاء، حسب مايقال أن الرمز “ شیء ينوب عن شیء آخر “ لما الکاتب يستعين بالرمز ينبه القاریء الی الأستماع عليه بشکل غير أعتيادي، لکن الرمزية مذهب من مذاهب الأدب و الفن يعتمد عليها کثيرون من الشعراء المعاصرين، لن نتوهم أذ قلنا هناک أرتباط مابين الرمز أو الرمزين و علم النفس هناک حالات نفسية والشايع اللاشعور کثيرين يرتبطون الرمز والرمزية باللاشعور أذن الرمز والرمزية رغم أن هناک فرق فيما بينهم الا أن الشاعر أو الفنان يجعل القاریء و المشاهد للوحة ما أن يفکروا أنذاک کثيرا يقعون في اللاشعور” يرى (فرويد) أن مصدر الرمز هو الرغبة اللاشعورية. فالرمزــ عنده ــ ببساطة أداة في يد اللاشعور أو المكبوت الجنسي. ومفهوم الرمز مرتبط عند يونغ * بفهمه للاشعور الجماعي؛ فهو يرى أن الاهتمام ينصب ــ بشكل رئيس ــ على عناصر، تعد بالطبيعة منتمية إلى اللاشعور. وهكذا يتسع الأفق عنده، بشكل يختلف عن أستاذه (فرويد)، فمصدر الرموز في رأيه هو اللاشعور الجمعي . " ( ١٠ ) . تبين أن الرمز والرمزية دراسة عميقة لها أبحاث دقيقة و مذهب من مذاهب الأدب والفن لن يسمح لنا رؤيتها ببساطة، و کاتبنا نژاد عزيز سورمی هو من أهل الرموز و کتاباته البقية خير دليل علی قولنا. بهذا القدر نکفيە.
الأتجاه الثاني :(( يحاجج الفيلسوف سلافوي جيجيك أن كل إبادة تأتي كوليدة لشعر، هناك قالب جمالي مجهز يذهب عن الجريمة فظاعتها، يحتاج له القاتل ليغشى بصره، فلا يرى ضحاياه كقتلى أبرياء، إنما أنجاس تعرقل فردوسا لا يعوق تحققه إلا وجودهم. لا يأتي الشعر في صيغة أبيات منمقة ومنظمة فحسب، قد يأتي كوعد إلهي ملحمي يبرر دموية العودة، أو حب شاعري للوطن، يحضر فيه القاتل كمتيم يعبر بجرمه عن ولعه ووفائه لقوميته ))” ١١ ". لنطلب نقطة نظام و نقول أن طبع بعض الشعراء أو الکتاب هم لهم طبع تراجيدي دائما يلتلف حول المآسي أينما کانوا لأستقروا عندها، لکن شاعرنا هو بطبيعة حاله ليس من هؤلاء الکتاب والشعراء نستطيع القول هو من هؤلاء لديهم وفاء لقوميته و لديە وعي قومي ناضج ولکن لابد القول ليس من الشوفينيين المتعصبين، وأنما کأي شاعر عربي أو الفارسي أو الترکي و الأفغاني والهندي.....ألخ، هذە القصيدة تقول لنا أنه من الأوفياء لشعبه و يعبر بکلماته الرمزية معاناة و ويلات و المآسي التي تعرض لها شعبە من سلطات متعاقبة في بلده.....
برموزه المتعود عليه يلجاء الی أشواقه و أحلامه کلها في حقيبتە رغم أنها سوداء و الا لن يحمل الحقد والکراهية(( کما أسلفنا أنه ليس متعصب قوميا )) قلب خالي منه تماما و تلمع خاليته ويقول لنا تعالوا شاهدوا کل آلام علی الشفايف الحزينة و هو بصدقە يکلمنا بين أحرف و کلمات و سطور رمزية مأساوية حزينة .....
أشتعل سراج من حسنک ...
أويقات الصبح ...
کانت وردة قرنفل
من وراء سجف أشجار البطم
توقظ الأميرة
برقص أسطوري ...
المدينة عطشی ...
الشارع في موسم الفناء
هارمۆنيا الفاقة و مروج الخوف ...

لقد رحلت أنا ...
ترکت رأسي لدی دجنة سوق الذمار ...
مشيت صوب أزقة رماد أکبادان ...
وا أسفي ...
لم أر هودج السلطان ...
لم أتنشق عطر أميرات ذوات خدود وردية ...
لکني سمعت موزارت
يهزهز سجف الحرم ...
حينها أدرکت أيان يجي مستقبل الخريف ...
أدرکت ...
لم أشتعل السراج من حسنک ...
أيتها الغمامة الدانية ...
يا جوهر الضياء
في المرحلة الأخيرة لابد لنا البحث عن مضمون النص بالمفهوم العلمي.. القاریء من خلال النص يبحث عن الخطاب الکاتب و شخصيته و مايراد الشاعر أيصاله للملتقي لاسيما في الشعر أذن ماهو النص بشکل عام : (( النص هو عبارة عن ظاهرة لغوية، يزيد فيها المعنى على اللفظ، تجمع بين الجملة والكلام والقول والتبليغ والخطاب والنظم، أي مستوى التركيب، ومستوى الدلالة والخطاب الذي يحتاج إلى متكلم وسامع ورسالة ومقام خاص بهذا الخطاب، ومن جانب آخر هو التفسير والتأويل والشرح، في حالة أن النص يتمحور حول حضارة أو ثقافة خاصة بشعب عريق، وهي من الممكن أن تكون كل ما يكتب، ويعبر عن أفكار ومواضيع مختلفة، وهنا نختص بهيئات النص، الذي قد يكون نثرا، أو شعرا )) "١٢" لدی قرأتنا ل " مستقبل الخريف " تبين أن الشاعر بلغة کوردية جميلة تمکن أن يبعث أفکاره حول موضوع ما، لربما لن نکون موفقين لدی هذه الأسطر بما نبدي من قرأتنا، لأن أحيانا النقاد يکونوا ضيقة الأفکار لربما لما يدور الأحداث حولە لها عواقب وخيمة لتلک القراءة أو النقد، وهو أيضا أنسان و کائن حي، و لکل ناقد قراءة خاصة لأي نص أدبي أو لوحة فنية، لاسيما کتابات الشاعر نژاد عزيز سورمي وهو دائما يلجاء لنصوص رمزية. و لکل نص له عدة قراءات، طرح لنا کلامه و الفاظه من خلال الکتابة و هذه تعبر عن أفکاره العميقة بخصوص القراءة التي أبدينا لقصيدته، المنطق له دور فعال في کتابة أي نص أدبي، أحيانا يلجاء الشعراء لرموز أدبية و يفرطون بأقاويلهم يتجاوزون مجری النطق باللغوي الشعري، تمکن الشاعر حسب قدرته بأن تتناثر الأفکار حول عنصر المعاني عند القاریء لعدة أتجاهات متفرقة، لکن هناک أفکار ثابتة لديه من خلال تلک الصور البيانية في القصيدة الا أن تخيله لن تکن أرضية سهله لکي نعبر بماهو مطلق عن النص، من خلال کتابته و هو أيضا جاهد کثيرا ليحتضن کلمات رومانسية و تعبر عن شوقه لحبيبته الا أنه لم ينجح، وظل مکبوتا بين أحضان الهموم، أيقاعات موسيقية و تخيلات ثابته لديه و عند الناقد عکس ذلک، أذن هذه هي أساليب الکتابة الفنية و المعمول لأي نص أدبي بعصرنا هذا.
الرقص الأسطوري صورة بيانية واضحة يزيل الستار من رموز فکرية لکنه لن يتوقف عند هذا الحد و يغرسنا في الغدير يشاطرنا بأستمرارية القراءة و العودة الی السطر الذي قبله، کيف برقص أسطوري تستيقظ الأميرة، المعروف أن الناس لن و لم تصحی بحرکات و رقصات أعتيادية ولکن بحد ذاتها هي من الحالات الجمالية أي الجمال يبنی علی غرار النعومة و الدلالة و دلع و ذات جاذبية رقيق الجوانب، وأخيرا أصوات هادئة و ناعمة، دوامة الکتابة يذکرنا العطش و موسم الفناء، الذي ندرک و نشعر بە کلما يحاول نژاد أن يخرج من المآسي التي بأفکاره الا أن وحدة الموضوع يلملم أحاسيسه لکي لن تتناثر هنا و هناک کزجاجة مکسورة و سوف يفقد نفسە و فکرتە مابين ضجيج و ضوضاء کذلک الخروج من المفهوم، أنظروا کيف يترک رأسە أي “ أفکاره، نظراته، سمعه و کلامه “ في وجود السوق المظلم، هنا يغفل بمايدور حوله ويرجع للتاريخ القديم کأنما أکبادان تدوي الجراح و ينجو من الفکر و يستخلص من المأزق الذي وقع فيه .... أظن تمکن من وجود ثغرة للنهاية .... الکاتب أو الشاعر کلما يبداء في کتابة نص لابد هناک أفکار تحثه و دون الوصول للختام أو ترک النتيجة لأفکار متعددة تضع النهاية للنص، هذا هو مفرج الکاتب للفکرة التي خطط لها منذ الوهلة الأولی و الا النص يبقی ناقصا و غير مکتمل. عندما يلجاء الی أکبادان وأن لم يراود الکتابة أکثر هنا يعقد و يعمق المفاهيم للناقد أو القاریء الغموض يسيطر علی الصور واللوحة التي أمام نظرنا، الأ أنه سرعان ما عاد عن طريق عزف موسيقي موزارت و ينقذنا من تأويلات و قراءات المستطيل و المستدير و الروح الديني .... هنا يقول لنا لشاعر بأنه أدرک من أين أتی الخريف و لم يقل لنا، و لما يشتعل سراج من حسنها ..... للأسف عند مقارنتنا مع النص الکوردي لم نجد السطر الأخير في القصيدة المترجمة للغة العربية و يقول فيه الشاعر: مضيف مضياف الموت، الموت هنا کل شيء يکشف و يداوي و ينهي جوهر الفکر..
في خلاصة مختصرة لابد من القول حسب قرأتي هذه للقصيدة، هناک غياب أتجاهات و کلمات رومانسية أو الحب والحنان للحبيبة، نغرق في کبت و معاناة و ويلات يختنق القاریء و يضيق الأنفاس تتکدس الحسرات، التشاؤم تفرش جناحيها علی النص، النص يحتاج للأنفراج و الأنفتاح نحو السعادة و التفاؤل، کان عليه أن يدرک بأن کل القراءات لن تتجه نحو صوب واحد، و أنما أتجاهات متعددة و أفکار متعددة تحوم کل نص أدبي، لابد للکاتب يفکر جيدا عند کتاباته لم يقع في هذا المأزق .... لئن أعتبرنا قرائتنا هذه أصاب هدفه فأن للکورد أجمل أعياد و أفراح و طبيعة خلابة و هناک ألوان زاهية و أطياف جميلة.... أتمنی أن أن يکون للنقاد قراءات حول هذه القصيدة و يعبرون عن أفکارهم المختلفة و نعطي الأحقية للنص أعلاه .....





١ / ربابعة،موسى، 1990- التكرار في الشعر الجاهلي،دراسة أسلوبية، مؤتة للبحوث والدراسات،م5، ع1،ص170. وانظر الخرابشة، علي قاسم،2008-
٢ / فنية التكرار عند شعراء الحداثة المعاصرين - دراسة: عصام شرتح، باحث سوري، مجلة رسائل الشعر الألکترونية العدد التاسع کانون الثاني ٢٠١٧ ص ٦٦ / ٨٨ .
٣ - انفعالات الشاعر لصور واقعية، محمد حمد الصويخ، موقع(( اليوم )) الألکتروني بتاريخ ٢٣ / ٢ / ٢٠٢٢
٤ – تعرف علی أهم أنواع الأشکال الهندسية و خصائصها، منی فخرو، موقع(( أدأرابيا)) الألکتروني ٥ – التصوير البياني في شعر " محمد بلقاسم خمار " ، دراسة فنية – علي رزوق عبدالقادر، مجلة أحالات ، المجلد ٣ڤ العدد ١ في ١ / ٦ / ٢٠٢١
٦ – جمالية التکرار و دوره في بناء النص الشعري / عرجون محمد هادي ، موقع “ ديوان العرب “ ٢٣ / آيار / ٢٠٢١
٧ – العلاقة بين القراءة الناقدة و التفکير الناقد/ خولة الجابري ، موقع موضوع بتاريخ ٩ / ٨ / ٢٠٢٣
٨ - نفس المصدر السابق
٩ – تقرير عن الأنفعالات في علم النفس و أنواعها و تعريفها، کتابة حورية فە موقع مفاهيم ليوم ٦ / ١٠ / ٢٠٢٤
١٠ - الرمز الشعري ، المفهوم و الرؤية ، الدکتور عبده منصور المحمودي ، الموقع الخاص بە .
١١ – شعر المآسي، لسنا محتوی لعين لتشاهدوه، أيمن حيون ، موقع مجتمع ، الخميس ٣٠ / ١ / کو٢٠٢٥ .
١٢ – مفهوم النص، ولاء أبو داود ، موقع الموضوع . ٢٨ / ٧ / ٢٠١٨
١٣ – وطن في حبة رمان،قصائد کوردية معاصرة - نژاد عزيز سورمي، ترجمة و تقديم، محمد حسين المهندس، کوردستان ٢٠٢١

*سورمي : نژاد عەزيز سورمي، کاتب و صحفي و شاعر کوردي ولد بقصبة گلاله الجبلية التابعة لمحافظة أربيل عاصمة أقليم کوردستان، تخرج من جامعة بغداد کلية الآداب، منذ سبعينات القرن الماضي بداء بکتابة الشعر و نشر له تسع مجاميع شعرية، علی صعيد کوردستان يعد بأنه أول من مارس فن الکولاج. منذ أن کان طالبا في المتوسطة و هو يعمل في الصحافة. کان عضوا لبرلمان کوردستان بدورته الثالثة. عضو أتحاد أدباء الکورد، عضو نقابة صحفي کوردستان، عضو جمعية السجناء السياسيين، و له أکثر من خمسة و عشرون کتابا في مجالات الصحافة والترجمة والشعر ..
يونغ، كارل غوستاف Carl Gustacv Jung (ـ1875ــ1961): عالم نفس سويسري. يعتبر أحد أعظم علماء النفس في العصر الحديث. عُرف ببحوثه العميقة في حقل اللاوعي والميثولوجيا. كان أول من طَلَعَ على الناس بمفهوم الشخصية المنبسطة، والشخصية المنطوية وطوَّره



#سردار_الجاف (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آمال
- أخجل اعود
- نسمات هادئة
- عبق السديم
- غفوة صباحية
- مانفيست القساوة
- العشق في الغربة
- حب من غفوة الليل
- حينما العشق لايموت سيولد من جديد
- همساتي البدائية
- تخيلات في صورة الزورق
- العشق لايموت
- الحب مابين المد والجزر
- هزيمة سمكو محمد مابين القراءة والنقد
- قريبا داعش في أوربا
- حزن اكبر من السنة
- بعدما هزتني زلزالك
- ( الكورد وتركيا ) مصالح مشتركة
- هيجان الحب
- لهيب الحب


المزيد.....




- -الشاطر- فيلم أكشن مصري بهوية أميركية
- رحلتي الخريفية إصدار جديد لوصال زبيدات
- يوسف اللباد.. تضارب الروايات بشأن وفاة شاب سوري بعد توقيفه ف ...
- بصدر عار.. مغنية فرنسية تحتج على التحرش بها على المسرح
- مع حسن في غزة.. فيلم فلسطيني جديد يُعرض عالميا
- شراكة مع مؤسسة إسرائيلية.. الممثل العالمي ليوناردو دي كابريو ...
- -الألكسو- تُدرج صهاريج عدن التاريخية ضمن قائمة التراث العربي ...
- الطيور تمتلك -ثقافة- و-تراثا- تتناقله الأجيال
- الترجمة الأدبية.. جسر غزة الإنساني إلى العالم
- الممثل الإقليمي للفاو يوضح أن إيصال المساعدات إلى غزة يتطلب ...


المزيد.....

- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سردار الجاف - سورمي في أروقة الخريف